المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) السّلم بِفَتْح السِّين وَاللَّام لُغَة أهل الْحجاز، وَالسَّلَف - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) السّلم بِفَتْح السِّين وَاللَّام لُغَة أهل الْحجاز، وَالسَّلَف

3 -

(فصل)

السّلم بِفَتْح السِّين وَاللَّام لُغَة أهل الْحجاز، وَالسَّلَف لُغَة أهل الْعرَاق، فهما لُغَة شَيْء وَاحِد، وَسمي سلما لتسليم رَأس المَال بِالْمَجْلِسِ، وسلفا لتقديمه. وَيُقَال السّلف للقرض. وَشرعا عقد على مَوْصُوف فِي الذِّمَّة مُؤَجل بِثمن مَقْبُوض بِمَجْلِس عقد، وَيصِح بِلَفْظِهِ كأسلمتك هَذَا الدِّينَار فِي كَذَا من الْقَمْح، وبلفظ سلف كأسلفتك كَذَا فِي كَذَا، وبلفظ بيع كابتعت مِنْك قمحا، صفته كَذَا وَكيله كَذَا إِلَى كَذَا، وَبِكُل مَا ينْعَقد بِهِ البيع لِأَنَّهُ نوع مِنْهُ إِلَّا أَنه يجوز فِي الْمَعْدُوم. وَله شُرُوط أَخذ المُصَنّف يتَكَلَّم عَلَيْهَا فَقَالَ: وَيصِح لسلم بسبعة شُرُوط فَإِن اخْتَلَّ شَرط مِنْهَا لم يَصح: أَحدهَا أَن يكون الْمُسلم فِيهِ فيمايمكن ضبط صِفَاته لِأَنَّهُ مَالا تنضبط صِفَاته يخْتَلف كثيرا فيفضي إِلَى الْمُنَازعَة والمشاقة وَعدمهَا مَطْلُوب شرعا وَذَلِكَ كمكيل من حب ودهن وتمر وَلبن وَنَحْوه أَي الْمكيل كموزون من خبز وَلحم وَلَو مَعَ عظمه إِن عين مَوضِع الْقطع فَإِن لم يعين لم يَصح، وكمذروع من ثِيَاب وخيوط، وكمعدود من حَيَوَان وَلَو آدَمِيًّا كَعبد صفته كَذَا لَا فِي أمة وَوَلدهَا أَو أُخْتهَا وَنَحْوه لنذرة جَمعهمَا فِي الصّفة، وَلَا فِي حَامِل، لَا فِي فواكه مَعْدُودَة كرمان وخوخ واجاص

ص: 408

وكمثري وَلَو أسلم فِيهَا وزنا لاختلافها صغرا وكبرا بِخِلَاف نَحْو عِنَب وَرطب، وَلَا فِي بقول وجلود ورؤوس وأكارع وبيض وَنَحْوهَا، وَأَوَان مُخْتَلفَة رؤوسا وأوساطا كقماقم وأسطال، فَإِن لم تخْتَلف رؤوسها وأوساطها صَحَّ السّلم فِيهَا، وَلَا فِيمَا لَا يَنْضَبِط كجوهر وَلَو بعد وَنَحْوهَا، وَلَا فِيمَا يجمع أخلاطا غير متميزة كمعاجين وند وغالية وَنَحْوهَا لعدم ضَبطهَا بِالصّفةِ وَالشّرط الثَّانِي ذكر جنس الْمَبِيع فَيَقُول مثلا، تمر وَذكر نَوعه فَيَقُول مثلا: برني أَو معقلي وَذكر كل وصف يخْتَلف بِهِ أَي الْوَصْف الثّمن غَالِبا لِأَن السّلم عوض يثبت فِي الذِّمَّة فَاشْترط الْعلم بِهِ كَالثّمنِ فَفِي نَحْو بر يُقَال: صعيدي أَو بحيري بِمصْر، وحوراني أَو شمَالي بِالشَّام، وصغار حب أَو كباره وَذكر حَدَاثَة وَذكر قدم فَإِن أطلق الْعَتِيق وَلم يُقَيِّدهُ بعام أَو أَكثر أَجْزَأَ أَي عَام كَانَ لتناول الِاسْم لَهُ مَا لم يكن مسوسا أَو حشفا وَهُوَ رَدِيء التَّمْر أَو متغيرا فَلم يلْزم الْمُسلم قبُوله. وَإِن شَرط عَتيق عَام أَو عَاميْنِ فَهُوَ على مَا شَرط. وَذكر سنّ حَيَوَان، وذكرا أَو سمينا ومعلوفا أَو ضدها، وصيد أحبولة أَو كلب أَو صقر أَو شبكة أَو فخ. وَفِي رَقِيق ذكر نوع كرومي أَو حبشِي أَو زنجي بشبر، قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : يَقُول خماسي أَو سداسي يَعْنِي خَمْسَة أشبار أَو سِتَّة أعجمي أَو فصيح، ذكر أَو أُنْثَى كحلا أَو دعجا، بكارة أَو ثيوبة وَنَحْوهَا.

ص: 409

وَفِي طير نوع كحمام وكركي ولونه وَكبره. وَلَا يَصح اشْتِرَاطه أَجود أأردأ وَله أَخذ دون مَا وصف لَهُ من جنسه، وَأخذ غير نَوعه من جنسه، وَيلْزمهُ أَخذ أَجود مِنْهُ من نَوعه. وَالشّرط الثَّالِث ذكر قدره أَي الْمُسلم فِيهِ بِالْكَيْلِ فِي الْمكيل وَالْوَزْن فِي الْمَوْزُون وَالْعدَد فِي الْمَعْدُود والذرع فِي المذروع وَلَا يَصح أَن يسلم فِي مَكِيل كلبن وتمر وزيت وشيرج وزنا، وَلَا يَصح عَكسه أَي يسلم فِي مَوْزُون كَيْلا نصا، لِأَنَّهُ مَبِيع يشْتَرط معرفَة قدره فَلَا يجوز بِغَيْر مَا هُوَ مُقَدّر بِهِ فِي الأَصْل كَبيع الربويات بَعْضهَا بِبَعْض وَلِأَنَّهُ قدره بِغَيْر مَا هُوَ مُقَدّر بِهِ قي الأَصْل فَلم يجز كَمَا لَو أسلم فِي المذروع وزنا أَو بِالْعَكْسِ. وَلَا يَصح شَرط صنجة أومكيال أَو ذِرَاع لَا عرف لَهُ، لَكِن لَو عين مكيال رجل بِعَيْنِه أَو مِيزَانه أَو صنجته أَو ذراعه صَحَّ العقد دون التَّعْيِين. وَالشّرط الرَّابِع ذكر أجل مَعْلُوم نصا، لَهُ وَقع فِي الثّمن عَادَة لِأَن اعْتِبَار الْأَجَل لتحَقّق الرِّفْق لَا يحصل بِمدَّة وَلَا وَقع لَهَا فِي الثّمن عَادَة كشهر وَنَحْوه كنصفه كَمَا فِي الْكَافِي فَإِن أسلم إِلَى أجل قريب كَالْيَوْمِ واليومين وَالثَّلَاثَة لم يَصح السّلم لفَوَات شَرطه، وَهُوَ أَن مثل ذَلِك لَا وَقع لَهُ فِي الثّمن إِلَّا إِذا أسلم فِي نَحْو خبز وَلحم ودقيق وَيَأْخُذ مِنْهُ كل يَوْم جُزْءا مَعْلُوما فَيصح سَوَاء بَين ثمن كل قسط أَولا لدعاء الْحَاجة إِلَيْهِ.

ص: 410

وَمن أسلم أَو بَاعَ أَو أجر أَو شَرط الْخِيَار مُطلقًا أَي غير موقت أَو لأجل مَجْهُول كحصاد وجذاذ ونزول مطر أَو إِلَى عيد أَو ربيع أَو جُمَادَى بالتنكير أَو إِلَى النَّفر لم يَصح من هَذِه الْعُقُود إِلَّا البيع فَيصح حَالا، فَإِن عين الْأَضْحَى أَو الْفطر أَو ربيعا الأول أَو الثَّانِي أَو جمادي كَذَلِك أَو النَّفر الأول وَهُوَ ثَانِي أَيَّام التَّشْرِيق أَو الثَّانِي وَهُوَ ثَالِثهَا صَحَّ لِأَنَّهُ مَعْلُوم. وَيصِح تَأْجِيله

بِشَهْر وَعِيد روميين إِن عرفا. وَيقبل قَول مَدين حَيّ قدر الْأَجَل ومضيه وَمَكَان التَّسْلِيم بِيَمِينِهِ. وَإِن أَتَى بِمَا عَلَيْهِ من سلم أَو غَيره قبل مَحَله وَلَا ضَرَر فِي قَبْضَة لزم رب الدّين قبُوله نصا فَإِن أَبى الْقَبْض قَالَ لَهُ الْحَاكِم إِمَّا أَن تقبض أَو تبرىء فَإِن أباهما قَبضه الْحَاكِم لَهُ أَي رب الدّين وَمن أَرَادَ قَضَاء دين عَن غَيره فَأبى ربه، أَو أعْسر بِنَفَقَة زَوجته فبذلها أَجْنَبِي فَأَبت لم يجْبر أَو ملكت الْفَسْخ وَيَأْتِي فِي النَّفَقَات. وَالشّرط الْخَامِس أَن يُوجد الْمُسلم فِيهِ غَالِبا فِي مَحَله بِكَسْر الْحَاء أَي وَقت حُلُوله لوُجُوب تَسْلِيمه إِذا، سَوَاء كَانَ الْمُسلم فِيهِ مَوْجُودا حَال العقد أَو مَعْدُوما كالسلم فِي الرطب وَالْعِنَب زمن الشتَاء إِلَى الصَّيف بِخِلَاف عَكسه لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ تَسْلِيمه غَالِبا عِنْد وجوب أشبه بيع الْآبِق بل أولى. وَيصِح إِن عين نَاحيَة تبعد عَنْهَا آفَة كتمر الْمَدِينَة لَا صَغِيرَة أَو بستانا وَلَا من غنم زيد أَو نتاج فَحله أَو فِي مثل هَذَا الثَّوْب. وَإِن أسلم إِلَى مَحل يُوجد فِيهِ مُسلم عَاما فَانْقَطع وَتحقّق بَقَاؤُهُ لزمَه تَحْصِيله وَلَو شقّ

ص: 411

فَإِن تعذر مُسلم فِيهِ أَو تعذر بعضه صَبر مُسلم إِلَى وجوده فيطالبه بِهِ أَو فسخ فِي المتعذر كلا كَانَ أَو بَعْضًا أَو أَخذ رَأس مَاله إِن فسخ لتعذره كُله أَو أخذعوضه إِن عدم لتعذر رده. وَإِن أسلم ذمِّي إِلَى ذمِّي فِي خمر فَأسلم أَحدهمَا رَجَعَ الْمُسلم فَأخذ رَأس مَاله. وَالشّرط السَّادِس قبض الثّمن أَي رَأس مَال السّلم قبل التَّفَرُّق من الْمجْلس لِئَلَّا يصير بيع دين بدين، فَإِن قبض الْبَعْض ثمَّ افْتَرقَا صَحَّ فِيمَا قبض وَبَطل فِيمَا لم يقبض وَيشْتَرط كَون رَأس مَال السّلم وَمَعْلُوم الصّفة وَالْقدر لَا بَصِيرَة مُشَاهدَة وَلَا بِمَا لَا يُمكن ضَبطه كجوهر وَنَحْوه فَإِن فعلا فَبَاطِل وَيرجع إِن كَانَ بَاقِيا وَإِلَّا فَقيمته أَو مثله فَإِن اخْتلفَا فِي قدر قيمَة فَقَوْل مُسلم إِلَيْهِ فَإِن قَالَ لَا أعلم قدر ذَلِك فقيمة مُسلم فِيهِ مُؤَجّلا الْأَجَل الَّذِي عَيناهُ. وَالشّرط السَّابِع إِن يسلم فِي الذِّمَّة وَلم يذكرهُ بَعضهم للاستغناء عَنهُ بِذكر الْأَجَل إِذْ الْمُؤَجل لَا يكون إِلَّا فِي الذِّمَّة فَلَا يَصح السّلم فِي عين كدار وشجرة نابتة وَلَا فِي ثَمَرَة شَجَرَة مُعينَة وَنَحْوهَا لِأَنَّهُ يُمكن بَيْعه فِي الْحَال فَلَا حَاجَة إِلَى السّلم فِيهِ وَيجب الْوَفَاء أَي وَفَاء الْمُسلم فِيهِ مَوضِع العقد إِذا كَانَ مَحل إِقَامَة لِأَن مُقْتَضى العقد التَّسْلِيم فِي مَكَانَهُ إِن لم يشْتَرط الْوَفَاء فِي غَيره أَي غير مَكَان العقد فَيلْزم، أَو مَا لم يعْقد ببرية أَو دَار حَرْب أَو بَحر أَو جبل غير مسكون فَيشْتَرط ذكره لتعذر الْوَفَاء مَوضِع العقد فَيكون مَحل التَّسْلِيم فَاشْترط تَعْيِينه بالْقَوْل كالزمان، وللمسلم أَخذه فِي غير

ص: 412

مَكَان العقد إِن رَضِيا لَا مَعَ أُجْرَة حمله إِلَيْهِ كَمَا لَا يجوز أَخذ بدل السّلم وَلَا يَصح بيع مُسلم فِيهِ قبل قَبضه وَلَو لمن هُوَ عَلَيْهِ وَلَا هبة دين غَيره لغير من هُوَ فِي ذمَّته لِأَن الْهِبَة تَقْتَضِي وجود معِين وَهُوَ مُنْتَفٍ هَهُنَا وَلَا تصح الْحِوَالَة بِهِ أَي بِمُسلم فِيهِ، لِأَنَّهَا مُعَاوضَة بِمُسلم فِيهِ قبل قَبضه فَلم تجز كَالْبيع وَلَا تصح الْحِوَالَة عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تصح إِلَّا على دين مُسْتَقر وَالسّلم عرضة الْفَسْخ، وَلَا يَصح أَخذ رهن بِهِ وَلَا أَخذ كَفِيل بِهِ أَي بِمُسلم فِيهِ وَلَا يَصح أَخذ غَيره عوضا عَنهُ وَيصِح بيع دين مُسْتَقر من ثمن وقرض وَمهر بعد دُخُول وَأُجْرَة استوفى نَفعهَا وَأرش جِنَايَة وَقِيمَة متْلف وَنَحْوه لمدين فَقَط، لَكِن إِن كَانَ الدّين من ثمن مَكِيل أَو مَوْزُون بَاعه بِالنَّسِيئَةِ أَو بِثمن لم يقبض فَإِنَّهُ لَا يَصح أَن يَأْخُذ عوضه مَا يُشَارك الْمَبِيع فِي عِلّة رَبًّا فضل أَو نَسِيئَة فَلَا يعتاض عَن ثمن مَكِيل مَكِيلًا وَلَا عَن ثمن مَوْزُون مَوْزُونا حسما لمادة رَبًّا النَّسِيئَة. وَإِن بَاعه بِمَا لَا يُبَاع بِهِ نَسِيئَة كذهب بِفِضَّة وبر بشعير، أَو بموصوف فِي الذِّمَّة اشْترط قبض عوضه فِي الْمجْلس قبل التَّفَرُّق. وَمن أسلم وَعَلِيهِ سلم فَقَالَ لغريمه: اقبض سلمى لنَفسك لم يَصح لنَفسِهِ، إِذْ هُوَ حِوَالَة بسلم، وَلَا للْآمِر لِأَنَّهُ لم يُوكله فِي قَبضه والمقبوض بَاقٍ على ملك الدَّافِع، وَصَحَّ إِن قَالَ: اقبض لي ثمَّ لَك فَيصح قبض وَكيل من نَفسه لنَفسِهِ نصا إِلَّا مَا كَانَ من غير جنس مَاله فَلَا يَصح.

ص: 413

فصل. الْقَرْض بِفَتْح الْقَاف وَحكى كسرهَا مصدر قرض الشَّيْء يقْرضهُ بِكَسْر الرَّاء إِذا قطعه وَمِنْه: المقراض، وَالْقَرْض اسْم مصدر بِمَعْنى الِاقْتِرَاض، وَشرعا دفع مَال إرفاقا لمن ينْتَفع بِهِ وَيرد بدله، وَيصِح بِلَفْظ قرض وَسلف وكل مَا أدّى مَعْنَاهُمَا. وَشرط علم قدره وَوَصفه وَكَون مقرض يَصح تبرعه، وَمن شَأْنه أَن يُصَادف ذمَّة فَلَا يَصح على مَا يحدث ذكره فِي الِانْتِصَار. قَالَ ابْن عقيل: الدّين لَا يثبت إِلَّا فِي الذمم. وَفِي الموجز يَصح قرض حَيَوَان وثوب لبيت المَال ولآحاد الْمُسلمين. انْتهى. وَلَا يثبت فِيهِ خِيَار وَهُوَ من الْمرَافِق الْمَنْدُوب إِلَيْهَا لما فِيهِ من الْأجر الْعَظِيم لقَوْله (من كشف عَن مُؤمن كربَة من كرب الدُّنْيَا فرج الله عَنهُ كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة) وَحَدِيث أنس أَن

ص: 414

النَّبِي صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا وكرامة قَالَ: (رَأَيْت لَيْلَة أسرى بِي على بَاب الْجنَّة مَكْتُوبًا: الصَّدَقَة بِعشر أَمْثَالهَا وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر. فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة قَالَ: لِأَن السَّائِل يسْأَل وَعِنْده، والمقترض لَا يستقرض إِلَّا عَن حَاجَة) . رَوَاهُ ابْن مَاجَه. وَهُوَ مُبَاح للمقترض، وَلَا إِثْم على من سُئِلَ فَلم يقْرض وَلَيْسَ من الْمَسْأَلَة المذمومة، كل مَا صَحَّ بَيْعه صَحَّ قرضه من مَكِيل وموزون وَغَيره وجوهر وحيوان إِلَّا بني آدم لِأَنَّهُ لم ينْقل قرضهم وَلَا هُوَ من الْمرَافِق. وَلَا يَصح قرض مَنْفَعَة. وَيتم الْقَرْض بِقبُول وَيملك وَيلْزم بِقَبض فَلَا يملك مقرض استرجاعه إِلَّا إِن حجر على مقترض فَيملك الرُّجُوع فِيهِ بِشَرْطِهِ. وَإِن شَرط رده بِعَيْنِه لم يَصح وَيجب على الْمُقْتَرض رد مثل فلوس وَلَو تغير سعرها بِنَقص أَو كسدت وَيجب رد مثل مَكِيل وَمثل مَوْزُون لَا صناعَة فِيهِ مُبَاحَة يَصح السّلم فِيهِ. قَالَ فِي الْمُبْدع: إِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ يضمن فِي الْغَصْب والإتلاف بِمثلِهِ فَكَذَا هُنَا مَعَ أَن الْمثل أقرب شبها بِهِ من الْقيمَة مَا لم يتعيب الْقَرْض أَو يكن فُلُوسًا أَو دَرَاهِم مكسرة فيحرمها السُّلْطَان فَلهُ قيمَة وَقت قرض نصا من غير جنسه إِن جرى بَينهمَا رَبًّا فضل فَإِن فقد الْمثل ف عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم فَقده لِأَنَّهُ يَوْم ثُبُوتهَا فِي ذمَّته

ص: 415

وَيجب قيمَة غَيرهَا أَي الْفُلُوس والمكيل وَالْمَوْزُون كجوهر وَنَحْوه مِمَّا لَا يَنْضَبِط بِالصّفةِ يَوْم قَبضه لاخْتِلَاف قِيمَته فِي الزَّمن الْيَسِير بِكَثْرَة الرواغب وقلتها فتزيد زِيَادَة كَثِيرَة فيتضرر الْمُقْتَرض وتنقص فيتضرر الْمقْرض. وَتعْتَبر قيمَة غير الْجَوْهَر وَنَحْوه كمذروع ومعدود يَوْم قرض لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تثبت فِي ذمَّته. وَيرد مثل كيل مَكِيل دفع وزنا لِأَن الْكَيْل هُوَ معياره الشَّرْعِيّ، وَكَذَا مثل وزن مَوْزُون دفع كَيْلا. وَيجوز قرض المَاء كَيْلا كَسَائِر الْمَائِعَات. ولسقي أَرض إِذا قدر بأنبوبة. يجوز قرضه مُقَدرا بِزَمن عَن نوبَة غَيره ليرد عَلَيْهِ مثله فِي الزَّمن من نوبَته نصا قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : وَإِن كَانَ فِي غير مَحْدُود كرهته لِأَنَّهُ لَا يُمكن رد مثله. وقرض الْخبز والخمير عددا ورده عددا بِلَا قصد زِيَادَة. وَيثبت للقرض الْبَدَل حَالا وَلَو مَعَ تَأْجِيله وَيحرم الْإِلْزَام بتأجيله وَكَذَا كل دين حَال، وَيجوز شَرط رهن وضمين فِيهِ لَا شَرط نقص وَفَاء، وَلَا شَرط أَحدهمَا على الآخر أَنه يَبِيعهُ أَو يؤجره أَو يقْرضهُ كَشَرط زِيَادَة وهدية وَيحرم كل شَرط فِي الْقَرْض يجر نفعا نَحْو أَن يسكنهُ دَاره مجَّانا أَو رخيصا أَو يعيره دَابَّته أَو يَقْضِيه خيرا مِنْهُ أَو بِبَلَد أخر، قَالَ فِي المغنى وَالشَّرْح: إِن لم يكن لحمله مُؤنَة جَازَ وَإِلَّا حرم وَإِن وفاه أَي وَفِي الْمُقْتَرض الْمقْرض أَجود مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ أَو أَكثر أَو دون مَاله عَلَيْهِ بتراضيهما فَلَا بَأْس أَو أهْدى الْمُقْتَرض إِلَيْهِ أَي

ص: 416

الْمقْرض هَدِيَّة بعد وَفَاء أَو علمت زِيَادَته لشهرة سخائه وَفعل ذَلِك بِلَا شَرط وَلَا مواطأة فِي الْجَمِيع نصا فَلَا بَأْس بِهِ وَقبل وَفَاء وَلم ينْو مقرض احتسابه من دينه أَو مكافأته لم يجز، إِلَّا أَن جرت عَادَة بَينهمَا بِهِ قبل قرض، فَإِن كَانَت جَارِيَة فَلَا بَأْس. قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه. وَإِن زَادَت الْهَدِيَّة على الْعَادة فَالزِّيَادَة حرَام كَذَا قَرَّرَهُ شَيخنَا التغلبي انْتهى. فَإِن استضافه حسب لَهُ مَا أكل نصا. وَمن طُولِبَ بِبَدَل قرض أَن غصب بِبَلَد آخر لزمَه أَدَاؤُهُ إِلَّا مَا لحمله مُؤنَة وَقِيمَته بِبَلَد الْقَرْض أَو الْغَصْب انقص وَلَو بذل الْمُقْتَرض أَو الْغَاصِب مَا عَلَيْهِ بِغَيْر بلد الْقَرْض أَو الْغَصْب وَلَا مُؤنَة لحملة لزم ربه قبُوله مَعَ أَمن الْبَلَد وَالطَّرِيق.

ص: 417