المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) فِي الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة والعقيقة. الْهَدْي مَا يهدي الْمحرم - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) فِي الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة والعقيقة. الْهَدْي مَا يهدي الْمحرم

3 -

(فصل)

فِي الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة والعقيقة. الْهَدْي مَا يهدي الْمحرم من نعم وَغَيرهَا. وَيجب بِنذر، وَمن النّذر قَوْله: إِن لبست ثوبا من غزلك فَهُوَ هدي، فلبسه وَقد ملكه فَيصير هَديا وَاجِبا يلْزمه إيصاله إِلَى مَسَاكِين الْحرم، وَسن أكل شَيْء وتفرقته من هدي تطوع كأضحية لَا من وَاجِب وَلَو بِنذر أَو تعْيين غير دم مُتْعَة وقران فَيجوز الْأكل مِنْهُمَا. وَالْأُضْحِيَّة بِضَم الْهمزَة وَكسرهَا وَتَخْفِيف الْيَاء وتشديدها، وَيُقَال ضحية كسرية وَالْجمع ضحايا، وَيُقَال أضحاة وَالْجمع أضحى كأرطاة وأرطى نَقله الْجَوْهَرِي عَن الْأَزْهَرِي، وَهِي مَا يذبح من إبل وبقر وغنم أَهْلِيَّة أَيَّام النَّحْر يَوْم الْعِيد وتالييه بِسَبَب الْعِيد تقربا إِلَى الله تَعَالَى. وَهِي سنة مُؤَكدَة لمُسلم، وَتجب بِالنذرِ وَيكرهُ تَركهَا أَي الْأُضْحِية لقادر عَلَيْهَا نَص عَلَيْهِ وَوقت الذّبْح لأضحية وَهدى نذر أَو تطوع ومتعة وقران بعد

ص: 336

أسبق صَلَاة عيد بِالْبَلَدِ، أَو بعد قدرهَا لمن بِمحل لَا تصلي فِيهِ كَأَهل الْبَوَادِي، وَلَو قبل الْخطْبَة، وَبعدهَا أفضل، وَيسْتَمر وَقت الذّبْح نَهَارا وليلا إِلَى آخر ثَانِي أَيَّام التَّشْرِيق، فَإِن فَاتَ الْوَقْت قضى الْوَاجِب وَسقط التَّطَوُّع. وَلَا يجوز أَن يعْطى جازر أجرته مِنْهَا أَي الْأُضْحِية، فَلهُ إِعْطَاؤُهُ صَدَقَة وهدية. وَلَا يُبَاع جلدهَا وَلَا جلها وَلَا شَيْء مِنْهَا أَي يحرم ذَلِك، بل ينْتَفع بِهِ الْجلد وَنَحْوه وَيتَصَدَّق بِهِ اسْتِحْبَابا أفضل هدي وَأفضل أضْحِية إبل ثمَّ بقر إِن أخرج كَامِلا فيهمَا ثمَّ غنم وَالْأَفْضَل من كل جنس أسمن فأغلى فأشهب وَهُوَ الأملح وَهُوَ الْأَبْيَض النقي الْبيَاض قَالَه ابْن الْأَعرَابِي، أَو مَا بياضه أَكثر من سوَاده فأصفر فأسود، وجذع ضَأْن أفضل من ثنى معز، وشَاة أفضل من سبع بَدَنَة أَو بقرة، وَسبع شِيَاه أفضل من بَدَنَة أَو بقرة لِكَثْرَة إِرَاقَة الدِّمَاء، وَلَا يجزى فِي هدي وَاجِب وأضحية إِلَّا جذع ضَأْن وَهُوَ مَاله سِتَّة أشهر كوامل وَإِلَّا ثني غَيره أَي غير الضَّأْن من معز وإبل وبقر فثني من معز مَاله سنة كَامِلَة وَثني إبل مَاله خمس سِنِين وَثني بقر مَاله سنتَانِ كاملتان وتجزىء الشَّاة عَن وَاحِد وَعَن أهل بَيته وَعِيَاله نصا، وتجزىء الْبَدنَة وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَيعْتَبر ذَبحهَا عَنْهُم نصا، وَسَوَاء أَرَادوا كلهم قربَة أَو بَعضهم قربَة وَبَعْضهمْ لَحْمًا أَو كَانَ بَعضهم ذِمِّيا، وَلكُل امرىء مِنْهُم مَا نوى.

ص: 337

وتجزى الْجَمَّاء الَّتِي لَا قرن لَهَا خلقَة، والبتراء الَّتِي لَا ذَنْب لَهَا خلقَة أَو مَقْطُوعًا، والخصى وَهُوَ مَا قطعت خصيتاه أَو سلتا أَو رضتا، فَإِن قطع مَعَ ذَلِك ذكره لم يجز، نَص عَلَيْهِ، وتجزىء أَيْضا الْحَامِل وَمَا خلق بِلَا أذن والصمعاء بصاد وَعين مهملتين صَغِيرَة الْأذن وَالَّتِي بِعَينهَا بَيَاض لَا يمْنَع النّظر، وَلَا تُجزئ هزيلة وَهِي الَّتِي لَا مخ فِيهَا وَلَا بَيِّنَة عور أَو أَي وَلَا تجزىء بَيِّنَة عرج وَلَا بَيِّنَة مرض وَلَا قَائِمَة الْعَينَيْنِ مَعَ ذهَاب إبصارها، وَلَا تجزىء ذَاهِبَة الثنايا أَي من أَصْلهَا وَتسَمى الهتماء أَو أَي وَلَا تُجزئ ذَاهِبَة أَكثر أذنها أَو أَكثر قرنها وَتسَمى العضباء، وَتكره معيبتهما بخرق أَو شقّ أَو قطع نصف فَأَقل قَالَه فِي الْمُنْتَهى، وَلَا تجزىء جداء أَي جدباء الَّتِي شَاب ونشف ضرْعهَا، لِأَنَّهَا فِي معنى الهزيلة وَأولى وَلَا عصماء وَهِي مَا تكسر غلاف قرنها قَالَه فِي الْمُسْتَوْعب وَالتَّلْخِيص. وَالسّنة نحر إبل قَائِمَة يَدهَا الْيُسْرَى فَيَطْعَنُهَا بِنَحْوِ حَرْبَة فِي الوهدة وَهِي بَين أصل الْعُنُق والصدر. وَالسّنة ذبح غَيرهَا الْإِبِل من بقر وغنم، وَيجوز عَكسه لِأَنَّهُ لم يتَجَاوَز مَحل الذَّكَاة، وَيَقُول الذَّابِح بعد توجيهها إِلَى الْقبْلَة على جنبها الْأَيْسَر حِين تحرّك يَده بِالْفِعْلِ باسم الله وجوبا وَالله أكبر اسْتِحْبَابا. اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك. وَلَا بَأْس بقول ذابح اللَّهُمَّ تقبل من فلَان. ويذبح وَاجِب قبل نفل.

ص: 338

وَسن إِسْلَام ذابح وتولي صَاحب الذَّبِيحَة ذَبحهَا بِنَفسِهِ، نصا. ويحضر إِن وكل ندبا، وَيعْتَبر نِيَّة إِذن إِلَّا مَعَ التَّعْيِين، أَي إِذا كَانَ الْهَدْي معينا وَالْأُضْحِيَّة مُعينَة فَلَا تعْتَبر النِّيَّة وَلَا تعْتَبر تَسْمِيَة المهدى مِنْهُ أَو المضحي عَنهُ، وَأفضل الذّبْح أول يَوْم من دُخُول وقته وَتقدم ذكره أول الْفَصْل. وَوقت ذبح هدى وَاجِب بِفعل مَحْظُور من حِينه، وَيتَعَيَّن بقول: هَذَا هدى، أَو بتقليده النَّعْل والعرى وآذان الْقرب، وإشعاره وَهُوَ شقّ الصفحة الْيُمْنَى من سَنَام أَو مَحَله مِمَّا لَا سَنَام لَهُ من إبل أَو بقر حَتَّى يسيل الدَّم مَعَ النِّيَّة فيهمَا لَا بشرَاء وَلَا سوقة مَعَ النِّيَّة فيهمَا. وتتعين الْأُضْحِية بقوله: هَذِه أضْحِية. وَإِن عينهَا أَو هَديا فَسرق بعد الذّبْح فَلَا شَيْء عَلَيْهِ. وَإِن عين عَن وَاجِب فِي الذِّمَّة مَا يجزىء فِيهِ وتعيب أَو تلف أَو ضل أَو عطب أَو سرق وَنَحْوه لم يُجزئهُ وَلَزِمَه بدله. وَسن للمضحي أَن يَأْكُل وَيهْدِي وَيتَصَدَّق أَثلَاثًا أَي يَأْكُل هُوَ وَأهل بَيته الثُّلُث وَيهْدِي الثُّلُث وَيتَصَدَّق بِالثُّلثِ مُطلقًا أَي وَاجِبَة كَانَت أَو لَا، وَيجوز الإهداء لكَافِر من تطوع. وَإِن ضحى ولي يَتِيم عَنهُ لم يتَصَدَّق وَلم يهد شَيْئا. وَيسْتَحب أَن يتَصَدَّق بأفضلها وَيهْدِي الْوسط وَيَأْكُل الأدون، وَكَانَ من شعار الصَّالِحين تنَاول لقْمَة من كَبِدهَا أَو غَيره تبركا وخروجا من خلاف من أوجب الْأكل. (فِي بداية هَذِه الصفحة فِي الْكتاب وَردت كلمة: سنّ وَلَيْسَ يسْتَحبّ)

ص: 339

وَيسْتَحب الْحلق بعْدهَا أَي الْأُضْحِية وَإِن أكلهَا أَو أهداها كلهَا إِلَّا أُوقِيَّة تصدق بهَا جَازَ، فَإِن لم يتَصَدَّق بِشَيْء ضمن مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم اللَّحْم. يعْتَبر تمْلِيك الْفَقِير فَلَا يَكْفِي إطعامه، وَحرم على مريدها أَي الْأُضْحِية أَخذ شَيْء من شعره وَمن ظفره وَمن بَشرته فِي الْعشْر أَي عشر ذِي الْحجَّة إِلَى الذّبْح وَلَو لوَاحِدَة لمن يُضحي بِأَكْثَرَ. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: وَحِكْمَة تَحْرِيم الْأَخْذ من الشّعْر وَالظفر كَمَا قَالَ الشَّيْخ الْمَنَاوِيّ تَشْمَل الْمَغْفِرَة وَالْعِتْق من النَّار جَمِيع أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ يغْفر لَهُ بِأول قَطْرَة من دَمهَا. وَقَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: فَإِن فعل أَي أَخذ شَيْئا مِمَّا تقدم تَابَ إِلَى الله تَعَالَى لوُجُوب التَّوْبَة من كل ذَنْب. قلت وَهَذَا إِذا كَانَ لغير ضَرُورَة وَإِلَّا فَلَا إِثْم كالمحرم وَأولى. انْتهى. وَلَا فديَة عَلَيْهِ إِجْمَاعًا سَوَاء فعله عمدا أَو سَهوا.

وَتسن الْعَقِيقَة وَهِي الَّتِي تذبح عَن الْمَوْلُود وَتسَمى نسيكة، فِي حق الْأَب، فَلَا يَفْعَله غير سَوَاء كَانَ غَنِيا أَو فَقِيرا مُعسرا ويقترض، وَقَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : إِذا لم يكن عِنْده مَا يعق فَاسْتقْرض رَجَوْت أَن يخلف الله عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحْيَا سنة. قَالَ ابْن الْمُنْذر: صدق الإِمَام أَحْمد، إحْيَاء السّنَن واتباعها أفضل.

ص: 340

وَقَالَ الشَّيْخ 16 (تَقِيّ الدّين) طيب الله ثراه: مَحَله لمن لَهُ وَفَاء وَإِلَّا لَا يقترض لِأَنَّهُ إِضْرَار بِنَفسِهِ وغريمه. وَلَا يعق الْمَوْلُود عَن نَفسه إِذا كبر، فَإِن فعل لم يكره، وَاخْتَارَ جمع أَنه يعق عَن نَفسه وَهِي أَي الْعَقِيقَة عَن الْغُلَام شَاتَان متقاربتان سنا وشبها فَإِن عدمهما فَوَاحِدَة. وَعَن الْجَارِيَة شَاة وَلَا تجزىء بَدَنَة أَو بقرة إِلَّا كَامِلَة نصا، قَالَ فِي النِّهَايَة: وأفضله شَاة تذبح يَوْم السَّابِع من مِيلَاد بنية الْعَقِيقَة، ويحلق رَأس الْمَوْلُود فِيهِ وَيتَصَدَّق بوزنه ورق فضَّة. وَكره لطخه من دَمهَا، وَيُسمى فِيهِ. وَفِي الرِّعَايَة: يَوْم الْولادَة. وَالتَّسْمِيَة حق للْأَب، وَيسن أَن يحسن اسْمه، وَأحب الْأَسْمَاء إِلَى الله تَعَالَى عبد الله وَعبد الرَّحْمَن رَوَاهُ مُسلم مَرْفُوعا، وكل مَا أضيف إِلَى اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى كَعبد الرَّحِيم وَعبد الرازق وَنَحْو ذَلِك فَحسن. وَحرم أَن يُسمى بِعَبْد لغير الله كَعبد الْكَعْبَة وَعبد النَّبِي وَعبد الْعُزَّى، وَتكره بِحَرب ويسار ومفلح ومبارك وَخير وسرور ورباح ونجيح. وَلَا تكره بأسماء الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة كموسى وَجِبْرِيل. فَإِن فَاتَ الذّبْح فِي سابعه فَفِي أَرْبَعَة عشر يسن فَإِن فَاتَ فِي أَرْبَعَة عشر فَفِي أحد وَعشْرين من وِلَادَته يسن ثمَّ لَا تعْتَبر الأسابيع بعد ذَلِك فيعق فِي أَي يَوْم أَرَادَ كقضاء أضْحِية وَغَيرهَا.

ص: 341

وَيسن أَذَان فِي أذن الْمَوْلُود الْيُمْنَى حِين يُولد ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، وَإِقَامَة فِي أُذُنه الْيُسْرَى. روى عَن عَليّ مَرْفُوعا:(من ولد لَهُ ولد فَإِذن فِي أُذُنه الْيُمْنَى وَأقَام فِي أُذُنه الْيُسْرَى دفعت عَنهُ أم الصّبيان) وَتقدم فِي الْأَذَان. ويحنك بتمرة بِأَن تمضغ يدلك بهَا دَاخل فَمه ويفت فَمه يصل إِلَى جَوْفه مِنْهَا شَيْء وَحكمهَا أَي الْعَقِيقَة ك حكم أضْحِية فَلَا يجزىء فِيهَا إِلَّا مَا يجزىء فِي أضْحِية. وَكَذَا فِي مَا يسْتَحبّ وَكره فِي أكل وهدية وَصدقَة لِأَنَّهَا نسيكة مَشْرُوعَة أشبهت الْأُضْحِية. وَينْزع أعضاؤها ندبا وَلَا يكسر عظمها تفاؤلا بالسلامة، وطبخها أفضل نصا، وَيكون مِنْهَا بحلو تفاؤلا بحلاوة أخلاقه، لَكِن يُبَاع جلد وَرَأس وسواقط مِنْهَا وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ بِخِلَاف أضْحِية. وَلَا تخْتَص الْعَقِيقَة بالصغر بل يعق الْأَب عَن الْمَوْلُود وَلَو بعد بُلُوغه لِأَنَّهُ آخر لوَقْتهَا. وَإِن اتّفق وَقت عقيقة وأضحية أَجْزَأت إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى كَمَا لَو اتّفق يَوْم عيد وجمعة فاغتسل لأَحَدهمَا. وَكَذَا لَو ذبح متمتع شَاة يَوْم النَّحْر فتجزىء عَن الْوَاجِب وَعَن الْأُضْحِية.

ص: 342