الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الْجَنَائِز)
(كتاب الْجَنَائِز)
. وَهُوَ بِفَتْح الْجِيم جمع جَنَازَة بِكَسْرِهَا، وَالْفَتْح لُغَة. وَقيل بِالْفَتْح للْمَيت، وبالكسر النعش عَلَيْهِ ميت، وَقيل عَكسه، فَإِن لم يكن عَلَيْهِ فَلَا يُقَال نعش وَلَا جَنَازَة وَإِنَّمَا يُقَال سَرِير. ترك الدَّوَاء للْمَرِيض أفضل نصا لِأَنَّهُ أقرب إِلَى التَّوَكُّل، وَلَا يجب وَلَو ظن نَفعه، إِذْ النافع فِي الْحَقِيقَة والضار هُوَ الله سبحانه وتعالى، والدواء لَا ينجع بِذَاتِهِ. وَيحرم تداو بِمحرم، وَيجوز ببول إبل نصا، وَيُبَاح وَيجوز كتب قُرْآن وَذكر بِإِنَاء لحامل لعسر الْولادَة ولمريض ويسقيانه نصا. وَسن استعداد للْمَوْت بِالتَّوْبَةِ وَالْخُرُوج من الْمَظَالِم وَسن إكثار من ذكره أَي الْمَوْت لقَوْله (أَكْثرُوا من ذكر هاذم اللَّذَّات) وَسن عِيَادَة مَرِيض مُسلم غير مُبْتَدع يجب هجره كرافضي، قَالَ فِي النَّوَادِر: تحرم عيادته. أَو يسن هجره كمتجاهر بِمَعْصِيَة (هَذِه الْكَلِمَة غير مَوْجُودَة فِي هَذِه الْفَقْرَة فِي الْكتاب: يُعَاد) فَلَا تسن
عيادته ليرتدع وَيَتُوب، وَعلم مِنْهُ أَن غير المتجاهر بالمعصية يُعَاد. وَالْمَرْأَة كَرجل مَعَ أَمن الْفِتْنَة. وتشرع العيادة فِي كل مرض حَتَّى الرمد وَنَحْوه، وَحَدِيث:(ثَلَاثَة لَا يعادون) غير ثَابت، قَالَه فِي شرح الْمُنْتَهى. وَتسن غبا وَهُوَ يَوْم دون يَوْم، قَالَ فِي الْفُرُوع: اختلافه باخْتلَاف النَّاس وَالْعلم بالقرائن وَظَاهر الْحَال. وَتَكون من أول الْمَرَض بكرَة وَعَشِيَّة وَفِي رَمَضَان لَيْلًا نصا، لِأَنَّهُ أرْفق بالعائد. وَقد ذكر ابْن الصير فِي نوادره الأبيات الْمَشْهُورَة فَقَالَ:
لَا تضجرن عليلا فِي مساءلة
إِن العيادة يَوْم بَين يَوْمَيْنِ
بل سَله عَن حَاله وادع الْإِلَه لَهُ
واجلس بِقدر فوَاق بَين حلبين
من زار غبا أَخا زَادَت محبته
وَكَانَ ذَاك صلاحا للخليلين
ويخبر الْمَرِيض: مَا يجده وَلَو لغير طَبِيب بعد أَن يحمد الله تَعَالَى، وَيسْتَحب لَهُ أَن يصبر، وَالصَّبْر الْجَمِيل صَبر بِلَا شكوى للمخلوق، والشكوى للخالق لَا تنافيه بل مَطْلُوبَة، وَيحسن ظَنّه بِاللَّه لحَدِيث (أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي إِن ظن خيرا فَلهُ وَإِن ظن شرا فَلهُ)
وَعَن أبي مُوسَى (وَمن أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه) قَالَ فِي الْفُرُوع: ويغلب رجاؤه وَفِي الصِّحَّة يغلب الْخَوْف لحمله على الْعَمَل. وَنَصه يَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يكون خَوفه ورجاؤه وَاحِدًا. زَاد فِي رِوَايَة: فَأَيّهمَا غلب صَاحبه هلك. قَالَ الشَّيْخ 16 (تَقِيّ الدّين) : هَذَا الْعدْل. وَيكرهُ الأنين وتمني الْمَوْت إِلَّا لخوف فتْنَة فِي دينه، وَإِلَّا تمنى الشَّهَادَة وَلَا سِيمَا عِنْد وجود أَسبَابهَا فَإِنَّهُ مُسْتَحبّ وَسن تذكيره الْمَرِيض التَّوْبَة وَيَأْتِي تَعْرِيفهَا فِي آخر الْحُدُود فِي حكم الْمُرْتَد، لِأَنَّهَا وَاجِبَة على كل وَاحِد من كل ذَنْب فِي كل وَقت، وَلِأَنَّهُ أحْوج من غَيره وَسن تذكيره الْوَصِيَّة وَالْخُرُوج من الْمَظَالِم ويرغبه فِي ذَلِك وَلَو كَانَ مَرضه غير مخوف، وَلَا بَأْس بِوَضْع الْعَائِد يَده عَلَيْهِ، وَالسّنة لَا يُطِيل الْجُلُوس عِنْده لإضجاره ولمنع تَصَرُّفَاته، فَإِذا نزل بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول بِهِ أَي نزل الْملك لقبض روحه سنّ تعاهد بل حلقه الْمَرِيض من أرْفق أَهله بِهِ وأعرفهم بمداواته وأتقاهم إِلَى الله بِمَاء أَو شراب، وَسن تندية شَفَتَيْه
بقطنة لإطفاء مَا نزل بِهِ من الشدَّة وتسهيل النُّطْق بِالشَّهَادَةِ، وَسن تلقينه الْمَرِيض لَا إِلَه إِلَّا الله مرّة، وَلَا يُزَاد على ثَلَاث إِلَّا أَن يتَكَلَّم بعد الثَّلَاث فيعاد التَّلْقِين ليَكُون آخر كَلَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَيكون بِرِفْق لِأَن الرِّفْق مَطْلُوب فِي كل شَيْء وَهنا أولى، وَذكر أَبُو المعالى: يكره التَّلْقِين من الْوَرَثَة بِلَا عذر وَسن قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَقِرَاءَة يسن عِنْده لِأَنَّهُ يسهل خُرُوج الرّوح نَص عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعب، وَيقْرَأ تبَارك الْملك وَسن تَوْجِيهه أَي الْمَرِيض إِلَى الْقبْلَة غير جنبه الْأَيْمن مَعَ سَعَة الْمَكَان وَإِلَّا فعلى ظَهره. وَسن أَن يشْتَغل بِنَفسِهِ بِأَن يستحضر فِي نَفسه أَنه حقير من مخلوقات الله تَعَالَى وَأَنه تَعَالَى غَنِي عَن عِبَادَته وطاعته، وَأَنه لَا يطْلب الْعَفو وَالْإِحْسَان إِلَّا مِنْهُ، وَأَن يكثر مَا دَامَ حَاضر الذِّهْن من الْقِرَاءَة وَالذكر، وَأَن يُبَادر إِلَى أَدَاء الْحُقُوق برد الْمَظَالِم والودائع والعواري وَاسْتِحْلَال نَحْو زَوْجَة وَولد قريب وجار وَصَاحب وَمن بَينه وَبَينه مُعَاملَة، ويحافظ على الصَّلَاة وَاجْتنَاب النَّجَاسَات ويصبر على مشقة ذَلِك ويجتهد فِي ختم عمره بأكمل الْأَحْوَال، ويتعاهد نَفسه بِنَحْوِ تقليم أظفار وَأخذ عانة وشارب وإبط، ويعتمد على الله فِيمَن يحب ويوصي للأرجح فِي نظره من قريب وأجنبي. وَإِذا مَاتَ سنّ تغميض عَيْنَيْهِ وَيُبَاح التغميض من محرم ذكر أَو أُنْثَى، وَيكرهُ من جنب وحائض وَأَن يقرباه وَسن قَوْله: باسم الله وعَلى وَفَاة رَسُول الله، نصا. وَلَا يتَكَلَّم من حَضَره إِلَّا بِخَير.
وَسن شدّ لحيته بعصابة وَنَحْوه تجمع لحييْهِ ويربطها فَوق رَأسه، لِئَلَّا يبْقى فَمه مَفْتُوحًا فتدل الْهَوَام ويتشوه خلقه.
(فَائِدَة) إِذا غفل عَن إغماض الْمَيِّت فليمسك رجل بعضديه وَآخر بإبهامي رجلَيْهِ فَإِنَّهَا تغمض عَيناهُ بِإِذن الله تَعَالَى.
وَسن تليين مفاصله بِأَن يرد ذِرَاعَيْهِ إِلَى عضديه ثمَّ يردهما، وَيرد أَصَابِع يَدَيْهِ إِلَى كفيه ثمَّ يبسطهما، وَيرد فَخذيهِ إِلَى بَطْنه وساقيه إِلَى فَخذيهِ ثمَّ يمدها. وَفَائِدَة ذَلِك سهولة الْغسْل لبَقَاء الْحَرَارَة فِي الْبدن عقيب الْمَوْت وَلَا يُمكن تليينها بعد برودته. وَسن خلع ثِيَابه لِئَلَّا يحمى جسده فيسرع إِلَيْهِ الْفساد، وَرُبمَا يخرج مِنْهُ شَيْء فيلوثه، وَسن ستره الْمَيِّت بِثَوْب يستره، وَسن وضع حَدِيدَة أَو نَحْوهَا كمرآة الَّتِي ينظر فِيهَا أَو سيف أَو سكين أَو قِطْعَة طين على بَطْنه لِئَلَّا ينتفخ بَطْنه، وَقدر وَزنه قدرهم عشْرين درهما، ويصان عَنهُ مصحف وَفقه وَحَدِيث وَعلم نَافِع، قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى. قَالَ ابْن عقيل وَهَذَا لَا يتَصَوَّر إِلَّا وَهُوَ على ظَهره. انْتهى. إِذا لَو كَانَ على جنبه لم يثبت على بَطْنه. وَظَاهر كَلَامهم هَذَا أَن الْمَيِّت يكون بعد مَوته على ظَهره ليتصور وضع الحديدة وَنَحْوهَا. وَسن جعله الْمَيِّت على سَرِير غسله بعدا لَهُ عَن الْهَوَام حَال كَونه مُتَوَجها إِلَى الْقبْلَة على جنبه الْأَيْمن كَمَا يدْفن منحدرا نَحْو رجلَيْهِ فَيكون رَأسه أَعلَى لينصب عَنهُ مَا يخرج مِنْهُ وَمَاء غسل. وَسن إسراع فِي تَجْهِيزه أَي الْمَيِّت. وَيجب إسراع فِي
نَحْو تَفْرِيق وَصيته وَقَضَاء دينه لِأَن فِي تَعْجِيل إِخْرَاج وَصيته تَعْجِيل أجره وَفِي قَضَاء دينه تَخْلِيص لنَفسِهِ لقَوْله (نفس الْمُؤمن معلقَة بِدِينِهِ حَتَّى يقْضى عَنهُ) . وَسن ذَلِك قبل الصَّلَاة عَلَيْهِ إِن مَاتَ غير فَجْأَة وَإِلَّا فالينظر هُوَ وَمن شكّ فِي مَوته لاحْتِمَال أَن يكون عرض السكتة حَتَّى يتَيَقَّن مَوته بانخساف صدغيه وميل أنفسه. وَيعلم موت غَيرهمَا بذلك وَبِغَيْرِهِ كانفصال كفيه واسترخاء رجلَيْهِ. وَلَا بَأْس بتقبيله وَالنَّظَر إِلَيْهِ وَلَو بعد تكفينه نصا. وَيكرهُ تَركه فِي بَيت وَحده بل يبيت مَعَ أَهله. وَيكرهُ النعي وَهُوَ الندابة نَص عَلَيْهِ. وَنقل صَالح: لَا يُعجبنِي. لحَدِيث (إيَّاكُمْ والنعي، فَإِن النعي من عمل الْجَاهِلِيَّة) .