المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَاب) صفة الصَّلَاة وَمَا يُبْطِلهَا وَمَا يكره فِيهَا وأركانها وواجباتها وسننها. الْبَاب - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: ‌ ‌(بَاب) صفة الصَّلَاة وَمَا يُبْطِلهَا وَمَا يكره فِيهَا وأركانها وواجباتها وسننها. الْبَاب

(بَاب)

صفة الصَّلَاة وَمَا يُبْطِلهَا وَمَا يكره فِيهَا وأركانها وواجباتها وسننها.

الْبَاب مَا يدْخل مِنْهُ إِلَى الْمَقْصُود ويتوصل بِهِ إِلَى الِاطِّلَاع عَلَيْهِ، وَيجمع على أَبْوَاب. يسن خُرُوج أَي الْمُصَلِّي إِلَيْهَا أَي إِلَى الصَّلَاة متطهرا بسكينة بِفَتْح السِّين وَكسرهَا وَتَخْفِيف الْكَاف ووقار بِفَتْح الْوَاو. قَالَ النَّوَوِيّ: الظَّاهِر أَن بَينهمَا فرقا، أَن السكينَة التأني فِي الحركات وَاجْتنَاب الْعَبَث، وَالْوَقار فِي الْهَيْئَة كغض الطّرف وخفض الصَّوْت وَعدم الِالْتِفَات، مَعَ قَول مَا ورد مِنْهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق السَّائِلين عَلَيْك وبحق ممشاي هَذَا فَإِنِّي لم أخرج أشرا وَلَا بطرا وَلَا رئاء وَلَا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أَسأَلك أَن تنقذني من النَّار وَأَن تغْفر لي

ص: 127

ذُنُوبِي، إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت. اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أوجه من توجه إِلَيْك وَأقرب من توسل إِلَيْك وَأفضل من سَأَلَك وَرغب إِلَيْك. اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا وَفِي قَبْرِي نورا وَفِي لساني نورا وَفِي سَمْعِي نورا وَفِي بَصرِي نورا وَعَن يَمِيني نورا وَعَن شمَالي نورا وأمامي نورا وَخَلْفِي نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وَفِي عصبي نورا وَفِي لحمي نورا وَفِي دمي نورا وَفِي شعري نورا وَفِي بشرى نورا وَفِي نَفسِي نورا وَأعظم لي نورا واجعلني نورا، اللَّهُمَّ اعطني نورا وزدني نورا. وَيسن قيام إِمَام فقيام مَأْمُوم غير مُقيم الصَّلَاة إِلَيْهَا أَي إِلَى الصَّلَاة عِنْد قَول مُقيم الصَّلَاة: قد قَامَت الصَّلَاة إِن رأى إِمَامه وَإِلَّا فَمَتَى يرَاهُ، فَيَقُول الْمُصَلِّي إِمَامًا كَانَ أَو غَيره، الله أكبر مُرَتبا متواليا وجوبا وَهُوَ قَائِم مَعَ قدرَة فِي فرض لَا يُجزئ غَيرهَا من الذّكر كَقَوْلِه: الله الرَّحْمَن وَنَحْوه، فَإِن أَتَى بِالتَّكْبِيرِ أَو ابتدأه أَو أتمه غير قَائِم صحت نفلا إِن اتَّسع الْوَقْت.

ص: 128

ولتكبيرة الْإِحْرَام اثْنَا عشر شرطا: الأول إِيقَاعه بعد الانتصاب الْفَرْض، وَالثَّانِي أَن يَقُولهَا بعد الِاسْتِقْبَال حَيْثُ شَرط، وَالثَّالِث لفظ الْجَلالَة، الرَّابِع أَن تكون بِالْعَرَبِيَّةِ للقادر، الْخَامِس لفظ الله أكبر، السَّادِس عدم مد همزَة الْجَلالَة، السَّابِع عدم مد همزَة أكبر، الثَّامِن عدم وَاو قبل الْجَلالَة، وَالتَّاسِع التَّرْتِيب بَين الْجَلالَة وأكبر، الْعَاشِر أَن يسمع نَفسه جَمِيع حروفها إِذا لم يكن مَانع، الْحَادِي عشر دُخُول وَقت الصَّلَاة وَإِبَاحَة النَّافِلَة، الثَّانِي عشر تَكْبِيرَة الْمَأْمُوم بعد فرَاغ إِمَامه من رَاء أكبر. وجهر الْمُصَلِّي بهَا وَبِكُل ركن وواجب بِقدر مَا يسمع نَفسه فرض. وتنعقد إِن مد اللَّام لَا إِن مد همزَة أكبر أَو قَالَ: أكبار، أَو الْأَكْبَر. وَيلْزم جاهلها تعلمهَا فَإِن عجز أَن ضَاقَ الْوَقْت كبر بلغته، وَإِن عرف لُغَات فِيهَا أفضل كبر بِهِ وَإِلَّا خير وَكَذَا كل ذكر وَاجِب، وَإِن أحسن الْبَعْض أَتَى بِهِ. حَال كَونه رَافعا يَدَيْهِ فِي ابْتِدَاء التَّكْبِير حَال كَونهمَا ممدودتي الْأَصَابِع مضمومتيها مُسْتَقْبلا ببطونها إِلَى حَذْو مَنْكِبَيْه بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، والمنكب بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْكَاف مجمع عظم الْعَضُد والكتف. وينهيه مَعَ انتهائه اسْتِحْبَابا، وَكَذَا سَائِر الِانْتِقَالَات ثمَّ يقبض

ص: 129

بيمناه كوع يسراه ويجعلهما تَحت سرته وَمَعْنَاهُ ذل بَين يَدي عز وَينظر مَسْجده فِي كل صلَاته اسْتِحْبَابا ثمَّ يستفتح فَيَقُول سرا سُبْحَانَكَ أَي أنزهك تنزيهك اللَّائِق بجلالك اللَّهُمَّ أَي يَا ألله وَبِحَمْدِك، وتبارك فعل لَا يتَصَرَّف فَلَا يسْتَعْمل مِنْهُ غير الْمَاضِي اسْمك أَي دوَام خَيره وَكَثْرَة بركاته وَهُوَ مُخْتَصّ بِهِ تَعَالَى وَتَعَالَى جدك بِفَتْح الْجِيم أَي علا جلالك وَارْتَفَعت عظمتك وَلَا إِلَه غَيْرك أَي لَا إِلَه يسْتَحق أَن يعبد وترجى رَحمته وَتخَاف سطوته غَيْرك. وَلَا يكره الاستفتاح بِغَيْرِهِ مِمَّا ورد ثمَّ يستعيذ فَيَقُول: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم. وكيفما تعوذ من الْوَارِد فَحسن. وَمعنى أعوذ أَي ألجأ، والشيطان اسْم لكل متمرد وعات ثمَّ يبسمل فَيَقُول: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سرا فِيهَا والبسملة لَيست من الْفَاتِحَة بل آيَة من الْقُرْآن فاصلة بَين كل سورتين، فَلَو ترك الاستفتاح حَتَّى تعوذ، أَو التَّعَوُّذ حَتَّى بسمل، أَو الْبَسْمَلَة حَتَّى شرع فِي الْقِرَاءَة سقط ثمَّ يقْرَأ الْفَاتِحَة تَامَّة مرتبَة مُتَوَالِيَة وجوبا، هِيَ ركن فِي كل رَكْعَة وفيهَا إِحْدَى عشر تشديدة فَإِن ترك غير مَأْمُوم ترتيبها، أَو سكت سكُوتًا طَويلا يقطعهَا، أَو تشديدة وَاحِدَة مِنْهَا، أَو حرفا، وَلم يَأْتِ بِمَا ترك عمدا لم تصح صلَاته إِن انْتقل عَن محلهَا بِأَن ركع وَلم يَأْتِ بِمَا تَركه عمدا، أما لَو تَركه سَهوا لغت الرَّكْعَة وَقَامَت الَّتِي تَلِيهَا مقَامهَا.

ص: 130

فَإِن لم يعرف إِلَّا آيَة كررها بِقدر الْفَاتِحَة مراعيا عدد الْحُرُوف والآيات، فَإِن لم يحسن إِلَّا بعض آيَة لم يكرره وَعدل إِلَى غَيره، فَإِن لم يحسن قُرْآنًا حرم تَرْجَمته، وَلزِمَ قَول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، فَإِن لم يعرف إِلَّا بعض الذّكر كَرَّرَه بِقَدرِهِ مراعيا عدد الْحُرُوف كَمَا سبق، فَإِن لم يعرف شَيْئا مِنْهُ وقف بِقدر الْفَاتِحَة كالأخرس. وَمن امْتنعت قِرَاءَته قَائِما صلى قَاعِدا وَقَرَأَ، لِأَن الْقيام لَهُ بدل وَهُوَ الْقعُود بِخِلَاف الْقِرَاءَة وَإِذا فرغ من قِرَاءَة الْفَاتِحَة قَالَ: آمين بعد سكتة لَطِيفَة ليعلم أَنَّهَا لَيست من الْقُرْآن وَإِنَّمَا هِيَ من طَابع الدُّعَاء، مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ استجب. وَقيل اسْم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى. قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَالْأولَى فِي همزَة آمين الْمَدّ، ذكره القَاضِي وَغَيره وَظَاهره أَن الإمالة وَعدمهَا سيان. وَيجوز الْقصر فِي آمين لِأَنَّهُ لُغَة فِيهِ، وَيحرم تَشْدِيد الْمِيم لِأَنَّهُ يصير بِمَعْنى قَاصِدين. قَالَ فِي الْمُنْتَهى: وَحرم وَبَطلَت إِن شدد ميمها. انْتهى. يجْهر بهَا أَي بآمين إِمَام ومأموم مَعًا فِي صَلَاة جهرته لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ) مُتَّفق عَلَيْهِ. ويجهر بهَا غَيرهمَا أَي غير الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَهُوَ الْمُنْفَرد فِيمَا

ص: 131

يجْهر فِيهِ تبعا للْقِرَاءَة أَي إِن جهر بِالْقِرَاءَةِ جهر بقول آمين إِذْ هُوَ مُخَيّر فِي الْقِرَاءَة بَين الْجَهْر والإخفات كَمَا يَأْتِي قَرِيبا وَيسن جهر إِمَام بِقِرَاءَة فِي صَلَاة صبح وَصَلَاة جُمُعَة وَصَلَاة عيد وَصَلَاة كسوف وَصَلَاة استسقاء وأولتي مغرب وأولتي عشَاء. وَيكرهُ الْجَهْر لمأموم لِأَنَّهُ مَأْمُور بالإنصات وَيُخَير مُنْفَرد وَنَحْوه كقائم لقَضَاء مَا فَاتَهُ بَين جهر واخفات وَتقدم قَرِيبا لَا بَأْس بجهر امْرَأَة لم يسْمعهَا أَجْنَبِي، وَخُنْثَى مثلهَا، قَالَه فِي الْإِقْنَاع، وَيسر فِي قَضَاء صَلَاة جهر نَهَارا وَلَو جمَاعَة كَصَلَاة سر ثمَّ يقْرَأ بعْدهَا أَي الْفَاتِحَة سُورَة فَيقْرَأ فِي صَلَاة الصُّبْح من طوال الْمفصل بِكَسْر الطَّاء وَيقْرَأ فِي الْمغرب من قصاره وَيقْرَأ فِي الْبَاقِي من الصَّلَوَات الْخمس من أوساطه أَي الْمفصل. وَيكرهُ لغير عذر قِرَاءَة فِي فجر من قصاره لَا فِي مغرب من طواله نَص عَلَيْهِ وأوله ق، وَفِي الْقُنُوت الحجرات، وَآخره آخر الْقُرْآن، وطواله على مَا قَالَ بَعضهم إِلَى عَم، وأواسطه إِلَى الضُّحَى وَالْبَاقِي قصاره ذكره فِي شرح الْمُنْتَهى

ص: 132

وَيحرم تنكيس الْكَلِمَات وَتبطل بِهِ الصَّلَاة لَا السُّور والآيات بل يكره، قَالَ ابْن نصر الله: وَلَو قيل بِالتَّحْرِيمِ فِي تنكيس الْآيَات كَمَا يَأْتِي من كَلَام الشَّيْخ تَقِيّ الدّين أَنه وَاجِب لما فِيهِ من مُخَالفَة النَّص وتغيير الْمَعْنى كَانَ متجها. وَدَلِيل الْكَرَاهَة فَقَط غير ظَاهر، والاحتجاج بتعليمه فِيهِ نظر، فَإِنَّهُ كَانَ للْحَاجة لِأَن الْقُرْآن كَانَ ينزل بِحَسب الوقائع. قَالَ الشَّيْخ 16 (تَقِيّ الدّين) : تَرْتِيب الْآيَات وَاجِب لِأَن ترتيبها بِالنَّصِّ إِجْمَاعًا وترتيب السُّور بِالِاجْتِهَادِ لَا بِالنَّصِّ فِي قَول جُمْهُور الْعلمَاء مِنْهُم الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة فَيجوز قِرَاءَة هَذِه السُّورَة قبل هَذِه السُّورَة، وَكَذَا فِي الْكِتَابَة، وَلِهَذَا تنوعت مصاحف الصَّحَابَة فِي كتَابَتهَا. وَتحرم الْقِرَاءَة وَلَا تصح الصَّلَاة بِقِرَاءَة تخرج عَن مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه قَالَ صَاحب الطّيبَة:

فَكل مَا وَافق وَجها نحوى

وَكَانَ للرسم احْتِمَالا يحوى

وَصَحَّ إِسْنَادًا هُوَ الْقُرْآن

فَهَذِهِ الثَّلَاثَة الْأَركان

وحيثما يخْتل ركن أثبت

شذوذه لَو أَنه فِي السَّبْعَة

ثمَّ بعد الْفَاتِحَة وَالسورَة يرْكَع مكبرا أَي قَائِلا فِي هويه لركوعه: الله أكبر، حَال كَونه رَافعا يَدَيْهِ كرفعهما الأول عِنْد الِافْتِتَاح ثمَّ يضعهما أَي يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ حَال كَونهمَا مفرجتي الْأَصَابِع ملقما كل يَد ركبة

ص: 133

وَيُسَوِّي ظَهره وَيجْعَل رَأسه حياله أَي بِإِزَاءِ ظَهره، لَا يرفعهُ وَلَا يخفضه ويجافي مرفقيه عَن جَنْبَيْهِ. والمجزىء من الرُّكُوع بِحَيْثُ يُمكن شخصا وسطا مس رُكْبَتَيْهِ بيدَيْهِ نصا وَمن قَاعد مُقَابِله وَجهه مَا قُدَّام رُكْبَتَيْهِ من الأَرْض أدنى مُقَابلَة. وينويه أحدب لَا يُمكنهُ الرُّكُوع وَيَقُول فِي رُكُوعه سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم مرّة وَاحِدَة وجوبا وَالسّنة ثَلَاثًا فِي قَول عَامَّة أهل الْعلم وَهُوَ أدنى الْكَمَال وَأَعلاهُ لإِمَام عشر ولمنفرد الْعرف، وَسكت عَن مَأْمُوم لِأَنَّهُ تبع لإمامه ثمَّ يرفع رَأسه من الرُّكُوع وَيرْفَع يَدَيْهِ مَعَه أَي مَعَ رَأسه حَذْو مَنْكِبَيْه، فرضا كَانَت الصَّلَاة أَو نفلا وَسَوَاء صلى قَائِما أَو جَالِسا، قَائِلا إِمَام ومنفرد سمع الله لمن حَمده مُرَتبا وجوبا، وَمعنى سمع أجَاب ثمَّ إِن شَاءَ أرسل يَدَيْهِ، وَإِن شَاءَ وضع يَمِينه على شِمَاله نصا وَبعد انتصابه أَي الإِمَام وَالْمُنْفَرد - من الرُّكُوع يَقُول رَبنَا وَلَك الْحَمد مُرَتبا وجوبا ملْء السَّمَاء وَالْأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد اسْتِحْبَابا أَي حمدا لَو كَانَ أجساما لملأ ذَلِك، وَيَقُول مَأْمُوم رَبنَا وَلَك الْحَمد، فَقَط وجوبا فَلَا يزِيد على ذَلِك، وَيَأْتِي بِهِ حَال رَفعه وجوبا كَسَائِر الِانْتِقَالَات. وللمصلي قَول: رَبنَا لَك الْحَمد بِلَا وَاو وَبهَا أفضل كَمَا قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى، وَإِن شَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد بِلَا وَاو وَهُوَ أفضل، وَإِن شَاءَ بواو. ذكره فِي الْإِقْنَاع. وَإِن عطس حَال رَفعه فَحَمدَ لَهما جَمِيعًا لم يُجزئهُ نصا، وَلَا تبطل بِهِ

ص: 134

ثمَّ بعد الِاعْتِدَال يكبر حَال هويه وَيسْجد وَلَا يرفع يَدَيْهِ على الْأَعْضَاء السَّبْعَة، فَيَضَع أَولا رُكْبَتَيْهِ ثمَّ يَدَيْهِ ثمَّ جَبهته وَأَنْفه وَالسُّجُود على هَذِه الْأَعْضَاء السَّبْعَة بالمصلى بِفَتْح اللَّام ركن مَعَ الْقُدْرَة، فَلَا يجب على الساجد مُبَاشرَة الأَرْض بِشَيْء مِنْهَا، وَكره ترك الْمُبَاشرَة باليدين والجبهة وَالْأنف بِلَا عذر من نَحْو برد وحر وَمرض، وَيُجزئ بعض كل عُضْو، وَمن عجز بالجبهة لم يلْزمه بغَيْرهَا وَأَوْمَأَ مَا أمكنه وجوبا لِأَن الْجَبْهَة الأَصْل وَغَيرهَا تبع لَهَا فَإِذا سقط الأَصْل سقط التبع. وَسن كَونه أَي السُّجُود على أَطْرَاف أَصَابِعه أَي أَصَابِع رجلَيْهِ. وَسن للْمُصَلِّي حَالَة السُّجُود مجافاة عضديه عَن جَنْبَيْهِ ومجافاة بَطْنه عَن فَخذيهِ ومجافاة فَخذيهِ عَن سَاقيه مَا لم يؤذ جَاره، وَيَضَع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه فِي سُجُوده. وَسن تَفْرِقَة رُكْبَتَيْهِ وأصابع رجلَيْهِ وَيَقُول فِي سُجُوده سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى مرّة وَاحِدَة وجوبا، وَالسّنة ثَلَاثًا وَهُوَ أدنى الْكَمَال أَيْضا كَحكم الرُّكُوع، وَله أَن يعْتَمد بمرفقيه على فَخذيهِ إِن طَال سُجُوده ليستريح ثمَّ يرفع رَأسه من السُّجُود مكبرا وَيكون ابتداؤه مَعَ ابْتِدَائه وانتهاؤه مَعَ انتهائه وَيجْلس مفترشا أَي يفرش رجله الْيُسْرَى وَيجْلس عَلَيْهَا وَينصب الْيَمين ويخرجها من تَحْتَهُ وَيجْعَل بطُون أصابعها على الأَرْض مفرقة مُعْتَمدًا عَلَيْهَا لتَكون أَطْرَاف أصابعها إِلَى الْقبْلَة باسطا يَدَيْهِ على فَخذيهِ مضمومتي الْأَصَابِع، وَيَقُول الْمُصَلِّي بَين السَّجْدَتَيْنِ: رب اغْفِر لي مرّة وَاحِدَة وجوبا وَالسّنة ثَلَاثًا وَهُوَ أكمله إِمَامًا كَانَ أَو غَيره، وَمحل ذَلِك فِي غير الْكُسُوف لما

ص: 135

فِيهَا من اسْتِحْبَاب التَّطْوِيل وَيسْجد السَّجْدَة الثَّانِيَة كَذَلِك أَي كالأولى فِي الْهَيْئَة وَالتَّكْبِير وَالتَّسْبِيح لفعله ثمَّ ينْهض بعد السَّجْدَة الثَّانِيَة مكبرا قَائِما على صُدُور قَدَمَيْهِ مُعْتَمدًا على رُكْبَتَيْهِ بيدَيْهِ فَإِن شقّ فبالأرض. قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَلَا تسْتَحب جلْسَة الاسْتِرَاحَة هِيَ جلْسَة يسيرَة صفتهَا كالجلوس بَين السَّجْدَتَيْنِ بعد السَّجْدَة الثَّانِيَة من كل رَكْعَة بعْدهَا قيام، وَالْقَوْل بِعَدَمِ استحبابها مُطلقًا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور عِنْد الْأَصْحَاب. انْتهى. فَيَأْتِي بِرَكْعَة مثلهَا أَي مثل الأولى غير النِّيَّة والتحريمة والاستفتاح والتعوذ إِن كَانَ تعوذ فِي الرَّكْعَة الأولى ثمَّ بعد إِتْيَانه بالركعة يجلس مفترشا وَسن وضع يَدَيْهِ على فَخذيهِ وَسن قبض الْخِنْصر والبنصر من يمناه وَسن تحليق إبهامها أَي الْيُمْنَى مَعَ الْوُسْطَى وَسن إِشَارَة بسبابتها أَي الْيُمْنَى عَن غير تَحْرِيك، سميت بذلك لِأَنَّهَا يشار بهَا للسب. وسباحة لِأَنَّهُ يشار بهَا للتوحيد فِي تشهد وَدُعَاء عِنْد ذكر لفظ الله تَعَالَى تَنْبِيها على التَّوْحِيد مُطلقًا أَي فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا، لَو سنّ بسط الْيَد الْيُسْرَى مَضْمُومَة الْأَصَابِع ثمَّ يتَشَهَّد وجوبا، سرا اسْتِحْبَابا فَيَقُول: التَّحِيَّات جمع تَحِيَّة وَهِي العظمة لله، والصلوات قيل الْخمس، وَقيل الْمَعْلُومَة فِي الشَّرْع، وَقيل الرَّحْمَة. قَالَ الْأَزْهَرِي: الْعِبَادَات كلهَا، وَقيل الْأَدْعِيَة، أَي هُوَ المعبود بهَا. والطيبات أَي الْأَعْمَال الصَّالِحَة روى عَن ابْن عَبَّاس، أَو من الْكَلَام قَالَه

ص: 136

ابْن الْأَنْبَارِي السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي بِالْهَمْزَةِ وَبلا همزَة هُوَ الْأَكْثَر وَتقدم فِي الْخطْبَة وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته جمع بركَة وَهِي النَّمَاء وَالزِّيَادَة وَالسَّلَام علينا أَي الْحَاضِرين من إِمَام ومأموم وملائكة وعَلى عباد الله الصَّالِحين جمع صَالح وَهُوَ الْقَائِم بِحُقُوق الله تَعَالَى وَحُقُوق عباده أشهد أَي أَقُول بلساني وأذعن بقلبي أَن لَا إِلَه معبود بِحَق فِي الْوُجُود إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. وَإِن قَالَ: أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. بِإِسْقَاط أشهد فَلَا بَأْس بِهِ. وَهَذَا التَّشَهُّد الأول ثمَّ ينْهض قَائِما فِي صَلَاة مغرب وَفِي صَلَاة ربَاعِية مكبرا وَلَا يرفع يَدَيْهِ وَيُصلي الْبَاقِي وَهُوَ رَكْعَة من مغرب وثنتان من ربَاعِية كَذَلِك أَي كالركعة الثَّانِيَة سرا إِجْمَاعًا أَي يسر الْقِرَاءَة فِيهَا بعد الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين مُقْتَصرا على الْفَاتِحَة وَلَا تكره الزِّيَادَة ثمَّ يجلس بعد إتْيَان بَاقِي صَلَاة متوركا بِأَن يفرش رجله الْيُسْرَى وَينصب الْيُمْنَى ويخرجهما أَي رجلَيْهِ من تَحْتَهُ عَن يَمِينه وَيجْعَل الألية على الأَرْض فَيَأْتِي بالتشهد الأول سرا ثمَّ يَقُول سرا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم أَي إِبْرَاهِيم وَآله وَإنَّك حميد مجيد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَهَذَا التَّشَهُّد أولى من غَيره وَسن أَن يتَعَوَّذ فَيَقُول أعوذ بِاللَّه من عَذَاب جَهَنَّم وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات أَي الْحَيَاة وَالْمَوْت وَمن فتْنَة الْمَسِيح بِالْحَاء الْمُهْملَة على الْمَعْرُوف الدَّجَّال.

اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المأثم والمغرم، وَإِن دَعَا بِغَيْر ذَلِك مِمَّا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة أَو عَن الصَّحَابَة

ص: 137

وَالسَّلَف أَو بِأَمْر الْآخِرَة وَلَو لم يشبه مَا ورد أَو دَعَا لشخص معِين بِغَيْر كَاف الْخطاب فَلَا بَأْس مَا لم يشق على مَأْمُوم أَو يخف سَهوا بَاطِلَة. وَتبطل الصَّلَاة بِدُعَاء بِأَمْر الدُّنْيَا كَقَوْلِه: اللَّهُمَّ ارزقني جَارِيَة حسناء ودابة هملاجة. ودارا وسيعة وحلة خضراء وَنَحْوه، وبتقدم الْمَأْمُوم على إِمَامه، وببطلان صَلَاة إِمَامه، وبسلامه عمدا قبل إِمَامه أَو سَهوا وَلم يعد بعده، وبتعمد زِيَادَة ركن فعلي، وبتعمد تَقْدِيم بعض الْأَركان على بعض، وبتعمد السَّلَام قبل إِتْمَامهَا، وبتعمد إِحَالَة الْمَعْنى فِي الْقِرَاءَة، وبوجود ستْرَة بعيدَة وَهُوَ عُرْيَان، وَيفْسخ النِّيَّة فِي أثْنَاء الصَّلَاة، وبالتردد فِيهِ، وبالعزم عَلَيْهِ، وبشكه هَل نوى فَعمل مَعَ الشَّك عملا من أَعمال الصَّلَاة كركوع وَنَحْوه ثمَّ ذكر أَنه نوى، فَإِن شكّ فِي تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَجب عَلَيْهِ اسْتِئْنَاف الصَّلَاة، وبكاف الْخطاب لغير الله تَعَالَى وَرَسُوله أَحْمد ثمَّ يَقُول الْمُصَلِّي عَن يَمِينه أَي ملتفتا إِلَى جِهَة يَمِينه: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله، ثمَّ يَقُول أَيْضا عَن يسَاره: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله، مُرَتبا مُعَرفا وجوبا فيهمَا، وَسن التفاته عَن شِمَاله أَكثر من عَن يَمِينه، وَحذف السَّلَام وَهُوَ أَن لَا يطوله وَلَا يمده فِي الصَّلَاة وَلَا على النَّاس إِذا سلم عَلَيْهِم، وجزمه بِأَن يقف على كل تَسْلِيمَة، وَنِيَّته بِهِ الْخُرُوج من الصَّلَاة. وَلَا يُجزئ إِن لم يقل: وَرَحْمَة الله، فِي غير جَنَازَة، وَالْأولَى أَن لَا يزِيد (وَبَرَكَاته) لعدم وُرُوده. وَامْرَأَة فِي حكم مَا تقدم فِي صفة الصَّلَاة كَرجل، لَكِن تجمع نَفسهَا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود وَجَمِيع أَحْوَال الصَّلَاة وتجلس متربعة أَو

ص: 138

تجْلِس مسدلة رِجْلَيْهَا عَن يَمِينهَا وَهُوَ أفضل من التربع، وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ. وينحرف الإِمَام إِلَى الْمَأْمُوم جِهَة قَصده يَمِينا أَو شمالا، وَإِن لم يكن لَهُ جِهَة قصد فينحرف عَن يَمِينه إِكْرَاما لليمنى، قبل يسَاره فِي انحرافه الْقبْلَة. وَيسْتَحب للْإِمَام أَن لَا يُطِيل الْجُلُوس بعد السَّلَام مُسْتَقْبل الْقبْلَة، وَأَن لَا ينْصَرف الْمَأْمُوم قبله إِلَّا إِن طَال الْجُلُوس، وَسن أَن يسْتَغْفر الله تَعَالَى عقيب الْمَكْتُوبَة ثَلَاثًا وَأَن يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام وَأَن يَقُول ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة، سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر، ويفرغ من عدد الْكل مَعًا. وَكره فِيهَا أَي الصَّلَاة الْتِفَات يسير وَنَحْوه بِلَا حَاجَة من نَحْو خوف وَمرض، وَتبطل إِن اسْتَدَارَ بجملته، أَو يستدبر الْقبْلَة مَا لم يكن فِي الْكَعْبَة، وَلَا تبطل لَو الْتفت بصدره مَعَ وَجهه. وَكره رفع بَصَره إِلَى السَّمَاء. لَا حَال التجشي فِي جمَاعَة، وتغميضه وَكره إقعاء وَهُوَ أَن يفرش قَدَمَيْهِ وَيجْلس على عَقِبَيْهِ أَو بَينهمَا ناصبا قَدَمَيْهِ، وَكره افتراش ذِرَاعَيْهِ حَال كَونه سَاجِدا، وَكره عَبث لِأَنَّهُ رأى رجلا يعبث فِي الصَّلَاة فَقَالَ:(لَو خشع قلب هَذَا لخشعت جوارحه) .

ص: 139

وَكره تخصر وَهُوَ وضع يَدَيْهِ على خاصرته. وَكره تمط لِأَنَّهُ يُخرجهُ عَن هَيْئَة الْخُشُوع، وَفتح فَمه، وَوَضعه فِيهِ شَيْئا، واستقبال صُورَة مَنْصُوبَة وَوجه آدَمِيّ ومتحدث ونائم ونار وَمَا يلهيه، وَمَسّ الْحَصَى وتسوية التُّرَاب بِلَا عذر وَتَروح بمروحة، وَكره فرقعة أَصَابِع وَكره تشبيكها وَهُوَ فِي الصَّلَاة قَالَ 16 (ابْن عمر) فِي الَّذِي يصلى وَقد شَبكَ أَصَابِعه: تِلْكَ صَلَاة المغضوب عَلَيْهِم. رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَكَونه أَي الْمُصَلِّي حاقنا بالنُّون أَو مَعَ ريح محتبسة وَنَحْوه كحاقب أَي محتبس الْغَائِط، أَي فتكره صلَاته وَكَونه تائقا لطعام وَنَحْوه كشراب وجماع. وَإِن تثاءب وَهُوَ فِي الصَّلَاة كظم ندبا، فَإِن غَلبه اسْتحبَّ وضع يَده على فَمه وَإِذا نابه أَي الْمُصَلِّي أَي عرض لَهُ شَيْء فِي الصَّلَاة كاستئذان عَلَيْهِ وسهو إِمَامه عَن وَاجِب سبح رجل وَلَا يضر إِن كثر، وَكَذَا لَو كَلمه إِنْسَان فسبح ليعلم أَنه فِي صَلَاة وصفقت امْرَأَة بِبَطن كفها على ظهر الْأُخْرَى وَتبطل إِن كثر. وَكره تَنْبِيه بنحنحة وصفير وتصفيقة وتسبيحها لَا بِقِرَاءَة وتهليل وتكبير وَنَحْوه ويزيل الْمُصَلِّي بصاقا بالصَّاد وَيُقَال فِيهِ بِالسِّين وَالزَّاي وَنَحْوه كمخاط ونخامة بِثَوْبِهِ وحك بعضه بِبَعْض أذهابا لصورته. وَيُبَاح البصق

ص: 140

وَنَحْوه فِي غير مَسْجِد عَن يسَاره وَتَحْت قَدَمَيْهِ وَيكرهُ أَمَامه وَيَمِينه وَلزِمَ حَتَّى غير باصق إِزَالَته من مَسْجِد. وَتسن الصَّلَاة إِلَى ستْرَة مُرْتَفعَة قريب ذِرَاع فَأَقل وعرضها أعجب إِلَى الإِمَام أَحْمد، وَسن قربه مِنْهَا نَحْو ثَلَاث أَذْرع من قَدَمَيْهِ، وَسن انحرافه عَنْهَا يَسِيرا، وَإِن تعذر غرز عَصا وَنَحْوهَا ووضعها بَين يَدَيْهِ، وَلَا تُجزئ ستْرَة مَغْصُوبَة. قَالَه فِي الْإِقْنَاع. وَقَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: وسترة مَغْصُوبَة ونجسة كَغَيْرِهَا، وَيصِح الستْرَة بِمَا اعتقده ستْرَة وَلَو بخيط، فَإِن لم يجد شيئاخط خطا كالهلال وَصلى إِلَيْهِ، وسترة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه.

ص: 141