المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) . وَالْخيَار اسْم مصدر اخْتَار يخْتَار اخْتِيَارا، وَهُوَ - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) . وَالْخيَار اسْم مصدر اخْتَار يخْتَار اخْتِيَارا، وَهُوَ

3 -

(فصل)

. وَالْخيَار اسْم مصدر اخْتَار يخْتَار اخْتِيَارا، وَهُوَ هَهُنَا طلب خير الْأَمريْنِ الْفَسْخ أَو الْإِمْضَاء. وَهُوَ سَبْعَة أَقسَام أَحدهَا خِيَار مجْلِس بِكَسْر اللَّام وَأَصله مَكَان الْجُلُوس وَالْمرَاد بِهِ هُنَا مَكَان التبايع، وَيثبت فِي بيع وَلَو لم يَشْتَرِطه الْعَاقِد، وَصلح وَإِجَارَة وَهبة بعوض مَعْلُوم وَفِيمَا قَبضه شَرط لصِحَّته كصرف وَسلم وَبيع رِبَوِيّ بِجِنْسِهِ، وَلَا يثبت فِي بَقِيَّة الْعُقُود كالمساقاة والمزارعة وَالْحوالَة وَالْإِقَالَة وَالْأَخْذ بِالشُّفْعَة والجعالة وَالشَّرِكَة وَالْمُضَاربَة وَالْهِبَة بِغَيْر عوض والوديعة وَالْوَصِيَّة قبل الْمَوْت، وَلَا فِي النِّكَاح وَالْوَقْف وَالْخلْع وَالْإِبْرَاء وَالْعِتْق على مَال وَالرَّهْن وَالضَّمان وَالْكَفَالَة لِأَن ذَلِك لَيْسَ بيعا وَلَا فِي مَعْنَاهُ، فالمتبايعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا بأبدانهما عرفا لإِطْلَاق الشَّارِع التَّفَرُّق وَعدم بَيَانه فَدلَّ أَنه أَرَادَ مَا يعرفهُ النَّاس كَالْقَبْضِ والإحراز. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: فَإِن كَانَا فِي مَكَان وَاسع كمجلس كَبِير وصحراء فَيَمْشِي أَحدهمَا مستدبرا لصَاحبه خطوَات وَلَو لم يبعد عَنهُ بِحَيْثُ لَا يسمع كَلَامه فِي الْعَادة.

ص: 379

وَفِي الْإِقْنَاع: فَإِن كَانَ البيع فِي فضاء وَاسع أَو مَسْجِد كَبِير إِن صححنا البيع فِيهِ وَالْمذهب: لَا يَصح، أَو سوق فبأن يمشي أَحدهمَا مستدبرا لصَاحبه خطوَات بِحَيْثُ لَا يسمع كَلَامه كالمعتاد. انْتهى. وَإِن كَانَا فِي دَار كَبِير ذَات مجَالِس وبيوت فبمفارقته إِلَى بَيت آخر أَو صفة أَو نَحْوهَا. وَإِن كَانَا فِي دَار صَغِيرَة فبصعود أَحدهمَا السَّطْح أَو خُرُوجه مِنْهَا، وَإِن كَانَا بسفينة كَبِيرَة فبصعود أَحدهمَا إِن كَانَا أَسْفَل أَو نُزُوله أَن كَانَا أَعْلَاهَا، وَإِن كَانَت صَغِيرَة فبخروج أَحدهمَا مِنْهَا. فَإِن تفَرقا باختيارهما سقط، لَا كرها لَهما أَو لأَحَدهمَا على التَّفَرُّق أَو تفَرقا خوفًا من سبع أَو سيل أَو نَار أَو ظَالِم فهما على خيارهما مَا لم يتبايعا على أَن لَا خِيَار بَينهمَا، أَو يسقطان بعد العقد، وَإِن أسقط أَحدهمَا بَقِي خِيَار الآخر. وَيَنْقَطِع بِمَوْت أَحدهمَا لَا بجنونه وَهُوَ على خِيَاره إِذا أَفَاق وَلَا يثبت لوَلِيِّه وَإِن خرس قَامَت إِشَارَته مقَام نطقه. وَتحرم الْفرْقَة من الْمجْلس خشيَة الاستقالة. وَالثَّانِي من أَقسَام الْخِيَار خياط شَرط، هُوَ أَي خِيَار الشَّرْط أَن يشترطاه أَي يشْتَرط العاقدان الْخِيَار أَو يَشْتَرِطه أَحدهمَا فِي صلب العقد أَو زمن الخيارين مُدَّة مَعْلُومَة وَلَو فَوق ثَلَاثَة أَيَّام وَلَو فِيمَا يفْسد كبطيخ وَنَحْوه وَيُبَاع ويحفظ ثمنه إِلَى مضيه، وَحرم شَرط خِيَار فِي عقد بيع إِن جعل حِيلَة ليربح فِي قرض نصا لِأَنَّهُ وَسِيلَة إِلَى محرم. وَلَا يَصح تصرف فِي ثمن ومثمن قَالَه المنقح وَلم يَصح البيع كَسَائِر الْحِيَل

ص: 380

وينتقل الْملك فيهمَا أَي الخيارين الْمجْلس وَالشّرط لمشتر سَوَاء كَانَ خِيَار لَهما أَو لأَحَدهمَا، فَإِن تلف البيع زمن الخيارين أَو نقص بِعَيْب وَلَو قبل قَبضه إِن لم يكن مَكِيلًا وَنَحْوه وَلم يمنعهُ البَائِع، أَو كَانَ مَبِيعًا بكيل وَنَحْوه وَقَبضه مُشْتَر فَمن ضَمَانه، وَحَيْثُ قُلْنَا ينْتَقل الْملك للْمُشْتَرِي فَيعتق عَلَيْهِ قَرِيبه ونيفسخ نِكَاحه بِمُجَرَّد العقد زمن الخيارين وَيخرج فطْرَة الْمَبِيع إِذا غربت الشَّمْس زمن الخيارين وَيلْزمهُ مُؤنَة الْحَيَوَان وَالْعَبْد، وَكَسبه ونماؤه الْمُنْفَصِل لَهُ، وَإِن أولد مُشْتَر أمة مبيعة وَطئهَا زمن خِيَار فَهِيَ أم ولد لَهُ وَولده حر وعَلى بَائِع بِوَطْء مبيعته زمن الخيارين الْمهْر لمشتر، وَعَلِيهِ مَعَ علم تَحْرِيمه وَزَوَال ملكه وَأَن البيع لَا يَنْفَسِخ بِوَطْئِهِ لمبيعة الْحَد نصا، وَولده قن. وَالْحمل وَقت مَبِيع لإنماء فَترد الأمات بِعَيْب بقسطها، لَكِن هَذَا اسْتثِْنَاء من قَوْله: وينتقل الْملك فيهمَا لمشتر يحرم وَلَا يَصح لبائع ومشتر تصرف فِي مَبِيع وَلَا فِي عوضه مدتهما أَي الخيارين سَوَاء كَانَ الْخِيَار لَهما أَو لأَحَدهمَا لزوَال أَحدهمَا إِلَى الآخر وَعدم انْقِطَاع عتق زائل الْملك عَنهُ إِلَّا عتق مُشْتَر إِذا أعتق الْقِنّ الْمَبِيع فَينفذ الْعتْق مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ الْخِيَار لَهُ أَو لبائع لقُوَّة الْعتْق وسرايته. وَملك بَائِع الْفَسْخ لَا يمنعهُ، وَيسْقط فَسخه إِذا كَمَا لَو وهب ابْنه عبدا فَأعْتقهُ، وَلَا ينفذ عتق بَائِع وَلَا شَيْء من تَصَرُّفَاته سَوَاء كَانَ الْخِيَار لَهُ أَو لمشتر إِلَّا بتوكيل مُشْتَر لِأَن الْملك لَهُ وَيبْطل خيارهما إِن وَكله فِي نَحْو بيع مِمَّا ينْقل الْملك.

ص: 381

وَلَا ينفذ غير عتق مَعَ خِيَار البَائِع إِلَّا بِإِذْنِهِ أَو مَعَه كَأَن آجره أَو بَاعه لَهُ وَإِلَّا تصرفه أَي المُشْتَرِي فِي مَبِيع وَالْخيَار لَهُ فَقَط، جملَة حيالة، بِأَن تصرف فِيهِ بوقف أَو هبة أَو لمس بِشَهْوَة أَو نَحوه فَيصح وَيسْقط خِيَاره وسومه إِمْضَاء وَإِسْقَاط لخياره، وَلَا يسْقط بِاسْتِعْمَالِهِ لتجربة كركوب دَابَّة وَنَحْوه، كَمَا لَا يسْقط باستخدام وَلَو لغير تجربة وَلَا إِن

قبلته الْمَبِيعَة ومل يمْنَعهَا نصا، وَتصرف البَائِع فِي الْمَبِيع لَيْسَ فسخا للْبيع نصا وَفِي الثّمن إِمْضَاء وَإِبْطَال للخيار. وَالثَّالِث من أَقسَام الْخِيَار خِيَار غبن يخرج عَن الْعَادة نصا لِأَنَّهُ لم يرد الشَّرْع بتحديده فَرجع فِيهِ إِلَى الْعرف، فَإِن لم يخرج عَن الْعَادة فَلَا فسخ لِأَنَّهُ يتَسَامَح بِهِ، وَيثبت فِي ثَلَاث صور: إِحْدَاهَا تلقي الركْبَان أَي أَن يتلقاهم حَاضر عِنْد قربهم من الْبَلَد وَلَو كَانَ التلقي بِلَا قصد نصا. إِذا باعوا أَو اشْتَروا قبل الْعلم بِالسَّفرِ وغبنوا فَلهم الْخِيَار. الثَّانِيَة مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله لنجش وَهُوَ أَن يزِيد فِي سلْعَة لَا يُرِيد شراءها وَلَو بِلَا مواطأة من بَائِع، وَهُوَ محرم لما فِيهِ من تغرير المُشْتَرِي وخديعته، وَيثبت لَهُ الْخِيَار إِذا غبن الْغبن الْمَذْكُور، وَمن النجش قَول بَائِع: أَعْطَيْت فِي السّلْعَة كَذَا وَهُوَ كَاذِب. وَلَا أرش مَعَ إمْسَاك. وَمن قَالَ عِنْد العقد: لَا خلابة بِكَسْر الْخَاء أَي لَا خديعة فَلهُ الْخِيَار إِذا خلب أَيْضا. وَالثَّالِثَة مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله أَو غَيره أَي النجش كالمسترسل اسْم فَاعل من استرسل إِذا اطْمَأَن واستأنس، وَشرعا الْجَاهِل بِالْقيمَةِ وَلَا يحسن بماكس من بَائِع ومشتر لِأَنَّهُ حصل لَهُ الْغبن لجهله بِالْبيعِ أشبه القادم

ص: 382

من سفر، وَيقبل قَوْله بِيَمِينِهِ فِي جهل الْقيمَة إِن لم تكذبه قرينَة، ذكره فِي الْإِقْنَاع. وَقَالَ ابْن نصر الله: الْأَظْهر احْتِيَاجه للبينة. انْتهى. وَلَا يثبت خِيَار غبن ل أجل استعجاله فِي البيع وَلَو توقف لم يغبن لِأَنَّهُ لَا تغرير فِيهِ، وَكَذَا من لَهُ خبْرَة بِسعْر الْمَبِيع لِأَنَّهُ دخل على بَصِيرَة بِالْغبنِ. وكبيع إِجَارَة، لَا نِكَاح فَلَا فسخ لأحد الزَّوْجَيْنِ إِن غبن فِي الْمُسَمّى لِأَن الصَدَاق لَيْسَ ركنا فِي النِّكَاح. وَالرَّابِع من أَقسَام الْخِيَار خِيَار تَدْلِيس من الدلسة بِالتَّحْرِيكِ بِمَعْنى الظلمَة، وَفعله حرَام للغرور، وعقده صَحِيح، وَلَا أرش فِيهِ فِي غير الكتمان. وَهُوَ ضَرْبَان أَحدهمَا الْعَيْب، وَالثَّانِي أَن يُدَلس الْمَبِيع بِمَا يزِيد بِهِ الثّمن وَإِن لم يكن عَيْبا كتسويد شعر جَارِيَة وتجعيده وتصرية لبن أَي جمعه فِي الضَّرع وتحمير وَجه وَجمع مَاء الرَّحَى وإرساله عِنْد عرضهَا للْبيع وتحسين وَجه الصُّبْرَة وتصنيع النساج وَجه الثَّوْب وصقل وَجه الْمَتَاع وَنَحْوه بِخِلَاف علف الدَّابَّة حَتَّى تمتلئ خواصرها فيظن حملهَا وتسويد أنامل عبد أَو ثَوْبه ليظنه كَاتبا وَنَحْو ذَلِك فَلَا خِيَار لَهُ، لِأَنَّهُ لَا تتَعَيَّن الْجِهَة الَّتِي ظنت. وَيحرم ذَلِك. ولمشتر خِيَار الرَّد حَتَّى وَلَو حصل التَّدْلِيس من البَائِع بِلَا قصد كحمرة وَجه جَارِيَة لخجل أَو تَعب وَنَحْوهَا وَخيَار غبن وَخيَار عيب وَخيَار تَدْلِيس على التَّرَاخِي مَا لم يُوجد من المُشْتَرِي دَلِيل يدل على الرِّضَا من نَحْو بيع فيقسط خِيَاره

ص: 383

إِلَّا فِي تصرية لبن ف يُخَيّر مُشْتَر ثَلَاثَة أَيَّام مُنْذُ علم بَين إِِمْسَاكهَا بِلَا أرش وَبَين ردهَا مَعَ صَاع تمر سليم إِن حَبسهَا، وَلَو زَادَت قِيمَته على مصراة نصا أَو نقصت عَن قيمَة اللَّبن، فَإِن لم يُوجد التَّمْر فَقيمته مَوضِع العقد. وَله رد مصراة من غير بَهِيمَة الْأَنْعَام كأمة وأتان مجَّانا، قَالَ المنقح: بِقِيمَة اللَّبن. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: قلت الْقيَاس بِمثلِهِ كباقي الْمُتْلفَات. وَالْخَامِس من أَقسَام الْخِيَار خِيَار عيب ينقص قيمَة الْمَبِيع عَادَة، فَمَا عده التُّجَّار منقصا نيط الحكم بِهِ كَمَرَض فِي جَمِيع حالاته فِي جَمِيع الْحَيَوَانَات وبخر فِي قن وفقد عُضْو كيد وزيادته أَي الْعُضْو كأصبع زَائِدَة وعفل وَقرن وفتق ورتق واستحاضة وجنون وسعال وبحة وبرص وجذام وفالج وقرع وَلَو غير منتن وعمى وعرج وخرس وطرش وَكَثْرَة كذب واستطالة على النَّاس وحمق من كَبِير فيهمَا، والأحمق الَّذِي يرتكب الْخَطَأ على بَصِيرَة يَظُنّهُ صَوَابا، وبق وَنَحْوه غير مُعْتَاد بِالدَّار، وَكَونهَا ينزلها الْجند وَنَحْو ذَلِك لَا معرفَة غناء فَلَيْسَتْ عَيْبا لِأَنَّهُ لَا نقص فِي قيمَة وَلَا عين، وَلَا ثيوبة وَعدم حيض وَلَا كفر لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الرّقّ وَلَا فسق باعتقاد كرافضي أَو فعل غير زنا وَشرب وَنَحْوه وَلَا تغفيل وعجمة لِسَان وقرابة ورضاع وَكَونه تمتاما أَو فأفاء أَو أرت أَو ألثغ، وَلَا صداع وَحمى يسيرين وَسُقُوط آيَات يسيرَة عرفا بمصحف وَنَحْوه فَإِذا علم المُشْتَرِي أَن الْعَيْب كَانَ مَوْجُودا فِي الْمَبِيع قبل العقد أَو بعده قبل قبض مَا يضمنهُ بَائِع قبل الْقَبْض كثمر على شجر وَنَحْوه وَمَا بيع بكيل أَو نَحوه، وجهله حَال العقد خير المُشْتَرِي بَين إمْسَاك الْمَبِيع مَعَ أَخذ أرش الْعَيْب وَلَو لم يتَعَذَّر الرَّد وَرَضي البَائِع بِدفع الْأَرْش أَو سخط، وَهُوَ قسط مَا بَين قِيمَته صَحِيحا ومعيبا من ثمنه نصا،

ص: 384

فَلَو قوم الْمَبِيع صَحِيحا خَمْسَة عشر ومعيبا بِاثْنَيْ عشر فقد نقص خمس الْقيمَة فَيرجع بِخمْس الثّمن قل أَو كثر لِأَن الْمَبِيع مَضْمُون على مُشْتَرِيه بِثمنِهِ فَإِذا فَاتَهُ جُزْء مِنْهُ سقط عَنهُ مَا يُقَابله من الثّمن لِأَنَّهُ لَو ضمناه نقص الْقيمَة لَأَدَّى إِلَى اجْتِمَاع الْعِوَض والمعوض عَنهُ فِي نَحْو مَا لَو اشْترى شَيْئا بِعشْرَة وَقِيمَته عشرُون وَوجد بِهِ عَيْبا ينقصهُ النّصْف وَأَخذهَا، وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ، مَا لم يفض إِلَى رَبًّا كَشِرَاء حلى فضَّة بزنته دَرَاهِم ويجده معيبا، أَو شِرَاء قفيز مِمَّا يجزى فِيهِ الرِّبَا كبر بِمثلِهِ جِنْسا وَقدرا ويجده معيبا، فَيرد مُشْتَر أَو يمسِكهُ مجَّانا، أَو بَين رد الْمَبِيع الْمَعِيب عطف على الظّرْف قبله، استدراكا لما فَاتَهُ لما يلْحقهُ من الضَّرَر فِي بَقَائِهِ فِي ملكه نَاقِصا من حَقه وَعَلِيهِ مئونة رده وَأخذ ثمن كَامِلا حَتَّى لَو وهبه البَائِع ثمنه أَو أَبرَأَهُ مِنْهُ كُله أَو بعضه ثمَّ فسخ رَجَعَ بِكُل الثّمن كَزَوج طلق قبل دُخُول بعد أَن أَبرَأته من الصَدَاق أَو وهبته فَإِنَّهُ يرجع بِنصفِهِ. وَإِن اشْترى حَيَوَانا أَو غَيره فَحدث بِهِ عيب عِنْد مُشْتَر وَلَو قبل مُضِيّ ثَلَاثَة أَيَّام أَو حدث فِي الرَّقِيق برص أَو جذام أَو جُنُون أَو نَحوه قبل سنة فَمن ضَمَان مُشْتَر وَلَيْسَ لَهُ رده نصا وَلَا أرش، وَإِن دلّس بَائِع فَلَا أرش لَهُ على مُشْتَر بتعيبه عِنْده وَذهب عِنْده وَذهب عَلَيْهِ إِن تلف أَو أبق نصا، وَإِن لم يكن البَائِع دلّس على المُشْتَرِي الْمَعِيب وَتلف مَبِيع تعيب بيد مُشْتَر أَو أعتق عبد أَي أعْتقهُ المُشْتَرِي أَو عتق عَلَيْهِ بِقرَابَة أَو تَعْلِيق ثمَّ علم عَيبه وَنَحْوه كَأَن تلف الْمَبِيع بِأَكْل مُشْتَر لَهُ أَو قتل العَبْد أَو استولد الْأمة أَو وهبه أَو رَهنه أَو وَقفه غير عَالم بِعَيْبِهِ ثمَّ علم عَيبه تعين أرش نصا، وَإِن تعيب الْمَبِيع عِنْده أَي المُشْتَرِي أَيْضا كَأَن اشْترى مَا مأكوله فِي جَوْفه كرمان وبطيخ فَوَجَدَهُ فَاسِدا وَلَيْسَ لمكسوره قيمَة كبيض

ص: 385

الدَّجَاج رَجَعَ بِثمنِهِ كُله مجَّانا وَلَيْسَ عَلَيْهِ رد الْمَبِيع الْفَاسِد لِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ وَإِن كَانَ لمكسوره قيمَة كبيض النعام وَجوز الْهِنْد خير فِيهِ مُشْتَر بَين أَخذ أرش عيب الْمَبِيع وَبَين رد الْمَبِيع مَعَ دفع أرش كَسره وَيَأْخُذ ثمنه لاقْتِضَاء العقد السَّلامَة، وَلَا يفْتَقر رد إِلَى رضَا البَائِع وَلَا حُضُوره وَلَا حكم، وَسَوَاء كَانَ الرَّد قبل الْقَبْض أَو بعده، وَإِن اخْتلفَا أَي بَائِع ومشتر عِنْد من حدث الْعَيْب فِي الْمَبِيع مَعَ احْتِمَال قَول كل مِنْهُمَا كخرق ثوب وجنون وإباق وَنَحْو ذَلِك وَلَا بَيِّنَة لأَحَدهمَا ف القَوْل قَول مُشْتَر بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنكر الْقَبْض فِي الْجُزْء الْفَائِت وَالْأَصْل عَدمه فَيحلف على الْبَتّ بِاللَّه تَعَالَى أَنه اشْتَرَاهُ وَبِه هَذَا الْعَيْب، أَو أَنه مَا حدث عِنْده وَله رد الْمَبِيع إِن لم يخرج عَن يَده إِلَى غَيره بِحَيْثُ لَا يصير مشاهدا لَهُ فَإِن خرج عَن يَده كَذَلِك فَلَيْسَ لَهُ الْحلف وَلَا الرَّد لِأَنَّهُ إِذا غَابَ عَنهُ احْتمل حُدُوثه عِنْد من انْتقل إِلَيْهِ فَلم يجز الْحلف على الْبَتّ وَلم يجز رده. قَالَ فِي الْمُبْدع وَغَيره: إِذا خرج من يَده إِلَى يَد غَيره لم يجز لَهُ أَن يردهُ، نَقله مهنا. وَإِن لم يحْتَمل إِلَّا قَول أَحدهمَا كالإصبع الزَّائِدَة وَالْجرْح الطري الَّذِي لَا يحْتَمل كَونه قَدِيما فَالْقَوْل قَوْله بِلَا يَمِين، وَيقبل قَول البَائِع أَن الْمَبِيع لَيْسَ الْمَرْدُود، إِلَّا فِي خِيَار شَرط فَقَوْل مُشْتَر بِيَمِينِهِ. وَالسَّادِس من أَقسَام الْخِيَار خِيَار تخير ثمن وَيثبت فِي أَربع

ص: 386

صور: فِي تَوْلِيَة كوليتكه بِرَأْس مَاله أَو بِمَا اشْتَرَيْته، أَو برقمه ويعلمانه. وَفِي شركَة وَهِي بيع بعضه بِقسْطِهِ من الثّمن كأشركتك فِي ثلثه، وأشركت فَقَط ينْصَرف إِلَى نصفه فَإِن قَالَ لوَاحِد أَشْرَكتك ثمَّ قَالَه الآخر عَالم بشركة الأول فَلهُ نصف نصِيبه وَإِلَّا فَلهُ نصِيبه كُله. وَإِن قَالَ ثَالِث أشركاني فأشركاه مَعًا أَخذ ثلثه. وَفِي مُرَابحَة وَهِي بَيْعه بِثمنِهِ وَربح مَعْلُوم، وَإِن قَالَ على إِن أربح فِي كل عشرَة درهما كره نصا. وَفِي مواضعة وَهِي بيع بخسران كبعتكه بِرَأْس مَاله مائَة وَوضع عشرَة وَكره فِيهَا مَا كره فِي مُرَابحَة كعلى أَو أَضَع فِي كل عشرَة درهما وَلَا تضر الْجَهَالَة لزوالها بِالْحِسَابِ وَيعْتَبر للأربع الصُّور علم الْعَاقِدين بِرَأْس المَال فَمَتَى أخبر بِثمن ثمَّ بَان الثّمن الَّذِي بَاعَ بِهِ أَكثر مِمَّا اشْترى بِهِ أَو بَان الثّمن الَّذِي اشْترى بِهِ البَائِع أَنه اشْتَرَاهُ مُؤَجّلا وَلم يبين ذَلِك فلمشتر الْخِيَار. وَقَالَ فِي الْمُنْتَهى وَشَرحه وَالْمذهب أَنه رَأس المَال مَتى بَان أقل مِمَّا أخبر بِهِ بَائِع فِي هَذِه الصُّور أَو بَان مُؤَجّلا وَلم يُبينهُ حط الزَّائِد عَن رَأس المَال فِي الْأَرْبَعَة لِأَنَّهُ بَاعه بِرَأْس مَاله فَقَط أَو مَعَ مَا قدره من ربح أَو وضيعة، فَإِذا بَان رَأس مَاله دون مَا أخبر بِهِ كَانَ مَبِيعًا بِهِ على ذَلِك الْوَجْه، وَلَا خِيَار لَهُ لِأَنَّهُ بالإسقاط قد زيد خيرا كَمَا لَو اشْتَرَاهُ معيبا فَبَان سليما وكما لَو وكل من يَشْتَرِيهِ بِمِائَة فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلّ ويحط قسطه فِي مُرَابحَة وينقصه فِي مواضعة وَأجل فِي مُؤَجل وَلَا خِيَار. انْتهى. وَلَا تقبل دَعْوَى بَائِع غَلطا بِلَا بَيِّنَة لِأَنَّهُ مُدع لغلطه على غَيره أشبه الْمضَارب إِذا ادّعى الْغَلَط فِي الرِّبْح بعد أَن أقرّ بِهِ أَو اشْتَرَاهُ مِمَّن

ص: 387

لَا تقبل شَهَادَته لَهُ كَأحد عمودي نسبه أَو زَوجته أَو مِمَّن حاباه أَو اشْتَرَاهُ بِدَنَانِير وَأخْبر أَنه اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِم أَو بِالْعَكْسِ أَو اشْتَرَاهُ بِعرْض فَأخْبر أَنه اشْتَرَاهُ بِثمن أَو بِالْعَكْسِ، وَلم يبين ذَلِك فلمشتر الْخِيَار، أَو اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ من ثمنه حِيلَة أَو بَاعَ بعضه أَي الْمَبِيع بِقسْطِهِ وَلم يبين ذَلِك فلمشتر الْخِيَار جَوَاب الشَّرْط، بَين رد وإمساك كتدليس، وَالسَّابِع من أَقسَام الْخِيَار خِيَار يثبت لاخْتِلَاف الْمُتَبَايعين فِي الثّمن، وَكَذَا المؤجران فِي الْأُجْرَة فَإِذا اخْتلفَا أَي الْمُتَبَايعَانِ أَو ورثتهما، أَو أَحدهمَا وورثة الآخر فِي قدر ثمن أَو فِي قدر أُجْرَة بِأَن قَالَ: بعتكه بِمِائَة فَقَالَ المُشْتَرِي: بل بِثَمَانِينَ وَلَا بَيِّنَة لأَحَدهمَا أَو كَانَ لَهما أَي لكل مِنْهُمَا بَيِّنَة بِمَا ادَّعَاهُ حلف بَائِع أَو لَا على الْبَتّ مَا بِعته بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعته بِكَذَا فَيجمع بَين النَّفْي الْإِثْبَات فالنفي لما ادّعى عَلَيْهِ وَالْإِثْبَات لما ادَّعَاهُ وَيقدم النَّفْي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْيَمين، ثمَّ حلف مُشْتَر بعد حلف بَائِع مَا اشْتَرَيْته بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْته بِكَذَا وَيحلف وَارِث على الْبَتّ إِن علم الثّمن وَإِلَّا فعلى نفي الْعلم. فَإِن نكل أَحدهمَا لزمَه مَا قَالَ صَاحبه بِيَمِينِهِ أَي مَا حلف عَلَيْهِ، وَإِن نكلا صرفهما الْحَاكِم. وَكَذَا إِجَارَة وَلكُل مِنْهُمَا إِن لم يرض بقول الآخر وَلَو بِلَا حكم حَاكم وَمَعَ اخْتِلَافهمَا بعد تلف مَبِيع فِي قدر ثمنه قبل قَبضه يَتَحَالَفَانِ كَمَا لَو كَانَ الْمَبِيع بَاقِيا وَيغرم مُشْتَر قِيمَته الْمَبِيع إِن فسخ البيع وَظَاهره وَلَو مثلِيا لِأَن المُشْتَرِي لم يدْخل بِالْعقدِ على ضَمَانه بِالْمثلِ قَالَه فِي شرح الْمُنْتَهى.

ص: 388

وَإِن اخْتلفَا أَي الْمُتَبَايعَانِ فِي أجل بِأَن قَالَ المُشْتَرِي اشْتَرَيْته بِدِينَار مُؤَجل وَأنكر البَائِع فَقَوْل ناف، أَو اخْتلفَا فِي شَرط صَحِيح أَو فَاسد يبطل العقد أَو لَا، وَنَحْوه كَأَن يَقُول لَهُ بِعْتُك بِدِينَار على أَن ترهنني عَلَيْهِ كَذَا وَأنكر مُشْتَر ف القَوْل قَول ناف نصا. أَو أَي وَإِن اخْتلفَا فِي عين مَبِيع فَقَالَ مُشْتَر بِعني هَذَا العَبْد وَقَالَ البَائِع بل هَذَا فَقَوْل بَائِع أَو اخْتلفَا فِي قدره الْمَبِيع فَقَالَ المُشْتَرِي بعتني هذَيْن الْعَبْدَيْنِ بِثمن وَاحِد وَقَالَ البَائِع بل بِعْتُك أَحدهمَا وَحده ف القَوْل قَول بَائِع وَإِن اخْتلفَا فِي صفة ثمن أَخذ نقد الْبَلَد إِذا لم يكن بهَا إِلَّا نقد وَاحِد، ثمَّ غلب رواجا، فَإِن اسْتَوَت فالوسط وَيثبت الْخِيَار للخلف فِي الصّفة إِذا بَاعه بِالْوَصْفِ وَيثبت الْخِيَار تغير مَا تقدّمت رُؤْيَته.

ص: 389