المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَاب) آدَاب دُخُول مَكَّة وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من نَحْو طواف وسعي. - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: ‌ ‌(بَاب) آدَاب دُخُول مَكَّة وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من نَحْو طواف وسعي.

(بَاب)

آدَاب دُخُول مَكَّة وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من نَحْو طواف وسعي. يسن دُخُول مَكَّة نَهَارا من أَعْلَاهَا عَن كداء بِالْمدِّ وَالْفَتْح والهمز مَصْرُوف ذكره فِي الْمطَالع، ويعلاف الْآن بِبَاب المعلاة، والثنية طَرِيق بَين جبلين، وَيسن خُرُوج مِنْهَا من أَسْفَلهَا ثنية كدى بِضَم الْكَاف وَالْقصر والتنوين وَيُقَال لَهَا بَاب شبيكة. وَيسن دُخُول الْمَسْجِد الْحَرَام من بَاب بني شيبَة فَإِذا رأى الْبَيْت رفع يَده وَقَالَ مَا ورد وَهُوَ: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام حينا رَبنَا بِالسَّلَامِ. اللَّهُمَّ زد هَذَا الْبَيْت تَعْظِيمًا وتشريفا وتكريما ومهابة وَبرا بِكَسْر الْبَاء اسْم جَامع للخير وزد من عظمه وشرفه مِمَّن حجه واعتمره تَعْظِيمًا وتشريفا وتكريما ومهابة وَبرا، وَالْحَمْد لله رب

ص: 316

الْعَالمين كثيرا كَمَا هُوَ أَهله وكما يَنْبَغِي لكرم وَجهه وَعز جَلَاله، وَالْحَمْد لله الَّذِي بَلغنِي بَيته ورآني لذَلِك أَهلا، الْحَمد لله على كل حَال، اللَّهُمَّ أَنَّك دَعَوْت إِلَى حج بَيْتك الْحَرَام وَقد جئْتُك لذَلِك، اللَّهُمَّ تقبل منى واعف عني وَأصْلح لي شأني كُله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت. يرفع بذلك صَوته إِن كَانَ رجلا، وَمَا زَاد على الدُّعَاء فَحسن، ثمَّ طَاف عطف على مَا قبله مضطبعا اسْتِحْبَابا غير حَامِل مَعْذُور فِي كل أُسْبُوع نصا والاضطجاع جعل وسط الرِّدَاء تَحت عَاتِقه الْأَيْمن وطرفيه على عَاتِقه الْأَيْسَر للْعُمْرَة مُتَعَلق بطاف الْمُعْتَمِر أَي الْمحرم بِعُمْرَة، وَلم يحْتَج أَن يطوف لَهَا طواف قدوم كمن دخل الْمَسْجِد وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بهَا عَن تَحِيَّة الْمَسْجِد وَطَاف للقدوم غَيره أَي غير الْمُعْتَمِر وَهُوَ الْمُفْرد وَيُسمى طواف الْوُرُود، وَهُوَ تَحِيَّة الْكَعْبَة، وتحية الْمَسْجِد الصَّلَاة، وتجزىء عَنْهَا الركعتان بعد الطّواف فَيكون أول مَا يبْدَأ بِهِ الطّواف، إِلَّا إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة أَو ذكر فَائِتَة أَو خَافَ فَوَات رَكْعَتي الْفجْر أَو الْوتر أَو حضرت جَنَازَة فيقدمها عَلَيْهِ ثمَّ يطوف، وَالْأولَى للْمَرْأَة تَأْخِيره إِلَى اللَّيْل لِأَنَّهُ أستر لَهَا إِن أمنت الْحيض وَالنّفاس، وَلَا تزاحم الرِّجَال لتستلم الْحجر لَكِن تُشِير إِلَيْهِ كَالَّذي لَا يُمكنهُ الْوُصُول إِلَيْهِ. ويبتدئ الطّواف من الْحجر الْأسود لفعله عليه السلام، وَهُوَ وجهة الْمشرق فيحاذيه أَو بعضه بِجَمِيعِ بدنه فَإِن لم يحاذه أَو بَدَأَ بِالطّوافِ من

ص: 317

دون الرُّكْن كالباب وَنَحْوه لم يحْتَسب بذلك الشوط ويستلم الْحجر الْأسود بِيَدِهِ الْيُمْنَى، والاستلام من السَّلَام وَهُوَ التَّحِيَّة، وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه نزل من الْجنَّة أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، فسودته خَطَايَا بني آدم، صَححهُ التِّرْمِذِيّ. ويقبله أَي الْحجر من غير صَوت يظْهر للْقبْلَة، وَنَصّ للْإِمَام 16 (أَحْمد) : وَيسْجد عَلَيْهِ فعله ابْن عمر وَابْن عَبَّاس. فَإِن شقّ استلامه وَتَقْبِيله لنَحْو زحام لم يزاحم واستلمه بِيَدِهِ وَقَبله، فَإِن شقّ بِيَدِهِ فبشيء ويقبله، فَإِن شقّ استلامه بِشَيْء أَشَارَ إِلَيْهِ بِيَدِهِ أَو بِشَيْء واستقبله بِوَجْهِهِ وَلَا يقبل مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِهِ وَيَقُول أَي كلما استلمه مَا ورد وَهُوَ: باسم الله وَالله أكبر، اللَّهُمَّ إِيمَانًا بك وَتَصْدِيقًا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك مُحَمَّد. وَيَقُول ذَلِك كلما استلمه، فَإِن لم يكن الْحجر مَوْجُودا وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى وقف مُقَابلا لمكانه كَمَا تقدم واستلم الرُّكْن وَقَبله. ثمَّ يَأْخُذ على يَمِينه فِيمَا يَلِي الْبَاب، وَيجْعَل الْبَيْت عَن يسَاره ليقرب جَانِبه الْأَيْسَر الَّذِي هُوَ مقرّ الْقلب إِلَى الْبَيْت، فَأول ركن يمر بِهِ يُسمى الشَّامي والعراقي ثمَّ يَلِيهِ الرُّكْن الغربي والشامي وَهُوَ جِهَة الْمغرب ثمَّ الْيَمَانِيّ وَهُوَ جِهَة الْيمن، وفإذا أَتَى عَلَيْهِ استلمه وَلم يقبله، وَلَا يسْتَلم وَلَا يقبل

ص: 318

الرُّكْنَيْنِ الآخرين وَلَا صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَلَا غَيرهَا من الْمَسَاجِد والمدافن الَّتِي فِيهَا الْأَنْبِيَاء والصالحون. وطوف بِالْبَيْتِ سبعا ويرمل الأفقي أَي غير الْمحرم من مَكَّة أَو قربهَا وَغير حَامِل مَعْذُور وراكب وَنسَاء فِي هَذَا الطّواف فَقَط فِي الثَّلَاثَة الأشواط الأولى مِنْهُ، وَلَا يسن رمل وَلَا اضطباع فِي غَيره، والرمل إسراع الْمَشْي مَعَ تقَارب الخطا من غير وثب، ثمَّ يمشي الْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة، والرمل أولى من الدنو من الْبَيْت بِدُونِهِ، وَكلما حَاذَى الْحجر الْأسود والركن الْيَمَانِيّ استلمهما اسْتِحْبَابا، وَإِن شقّ أَشَارَ إِلَيْهِمَا وَيَقُول كلما حَاذَى الْحجر (الله أكبر) فَقَط وَله الْقِرَاءَة فِي الطّواف فتستحب فِيهِ، نَص عَلَيْهِ، لَا الْجَهْر بهَا. يكره إِن غلط الْمُصَلِّين والطائفين، وَيَقُول بَين الْحجر والركن الْيَمَانِيّ: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار. وَيكثر فِي بَقِيَّة طَوَافه من الذّكر وَالدُّعَاء، وَمِنْه: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا، رب اغْفِر وَارْحَمْ واهدني السَّبِيل الأقوم، وَتجَاوز عَمَّا تعلم، وَأَنت الْأَعَز الأكرم. وَيذكر وَيَدْعُو بِمَا أحب وَيُصلي على النَّبِي وَمن طواف أَو سعي رَاكِبًا أَو مَحْمُولا بِغَيْر عذر لم يُجزئهُ وبعذر يجزىء، وَيَقَع الطّواف عَن الْمَحْمُول إِن نويا عَنهُ وَكَذَا لَو نوى كل مِنْهُمَا عَن نَفسه، وَإِن نويا عَن الْحَامِل أَجْزَأَ عَنهُ، وَإِن نوى أَحدهمَا عَن نَفسه وَالْآخر لم ينْو وَقع لمن نوى، وَإِن عدمت النِّيَّة مِنْهُمَا أَو نوى كل عَن الآخر لم يَصح لوَاحِد مِنْهُمَا. وَإِن حمله بِعَرَفَات لعذر أَو لَا أَجْزَأَ عَنْهُمَا.

ص: 319

وَإِن طَاف منسكا بِأَن جعل الْبَيْت عَن يَمِينه، أَو على جِدَار الْحجر بِكَسْر الْمُهْملَة أَو على شاذروان الْكَعْبَة بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْقَادِر الَّذِي ترك خَارِجا عَن عرض الْجِدَار مرتفعا عَن الأَرْض قدر ثُلثي ذِرَاع، أَو ترك شَيْئا من الطّواف، أَو لم يُنَوّه، أَو خَارج الْمَسْجِد، أَو مُحدثا أَو نجسا أَو حَائِضًا، أَو عُريَانا لم يُجزئهُ فِي جَمِيع هَذِه الصُّور ويبتدئه لحَدث فِيهِ تَعَمّده أَو سبقه بعد أَن يتَطَهَّر كَالصَّلَاةِ ولقطع طَوِيل عرفا لِأَن الْمُوَالَاة شَرط فِيهِ كَالصَّلَاةِ، وَإِن كَانَ الْقطع يَسِيرا أَو أُقِيمَت الصَّلَاة أَو حضرت جَنَازَة صلى وَبنى من الْحجر فَلَا يعْتد بِبَعْض شوط قطع فِيهِ فَإِذا فرغ من طَوَافه صلى رَكْعَتَيْنِ. وَالْأَفْضَل كَونهمَا خلف الْمقَام أَي مقَام إِبْرَاهِيم يقْرَأ فِي الأولى بعد الْفَاتِحَة 19 ((قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)) وَفِي الثَّانِيَة 19 ((قل هُوَ الله أحد)) . وتجزىء مَكْتُوبَة عَنْهُمَا وَسنة راتبة. وَسن الْإِكْثَار من الطّواف كل وَقت، وَله جمع أسابيع، فَإِذا فرغ ركع لكل أُسْبُوع رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَلم الْحجر الْأسود اسْتِحْبَابا نصا وَيخرج إِلَى الصَّفَا من بَابه أَي بَاب الْمَسْجِد الْمَعْرُوف بِبَاب الصَّفَا وَهُوَ طرف جبل أبي قبيس فيرقاه أَي الصَّفَا ندبا حَتَّى يرى الْبَيْت إِن أمكنه ف يستقبله وَيكبر ثَلَاثًا وَيَقُول مَا ورد وَمِنْه: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ صدق وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده، وَيَدْعُو بِمَا أحب وَلَا يُلَبِّي،

ص: 320

ثمَّ ينزل من الصَّفَا مَاشِيا إِلَى الْعلم الأول وَهُوَ ميل أَخْضَر فِي ركن الْمَسْجِد، أَي يمشي حَتَّى يبْقى بَينه وَبَين الْعلم نَحْو سِتَّة أَذْرع فيسعى سعيا شَدِيدا ندبا إِلَى الْعلم الآخر وَهُوَ ميل أَخْضَر بِفنَاء الْمَسْجِد حذاء دَار الْعَبَّاس ثمَّ يمشي ويرقى الْمَرْوَة وَهُوَ أنف جبل قعيقعان وَيسْتَقْبل الْقبْلَة وَيَقُول عَلَيْهَا مَا قَالَه على الصَّفَا وَيجب اسْتِيعَاب مَا بَينهمَا، فَإِن لم يرقهما ألصق عقب رجلَيْهِ بِأَسْفَل الصَّفَا وأصابعها بِأَسْفَل الْمَرْوَة والراكب يفعل ذَلِك بدابته، فَمن ترك شَيْئا مِمَّا بَينهمَا وَلَو دون ذِرَاع لم يُجزئهُ سَعْيه، ثمَّ ينزل من الْمَرْوَة فَيَمْشِي فِي مَوضِع مَشْيه وَيسْعَى فِي مَوضِع سَعْيه إِلَى الصَّفَا يَفْعَله سبعا ويحسب ذَهَابه سعية ورجوعه سعية يفْتَتح بالصفا وَيخْتم بالمروة، فَإِن بَدَأَ بالمروة لم يحْتَسب بذلك الشوط، وَيسْتَحب أَن يسْعَى طَاهِرا من الحدثين والنجاسة مستترا، وموالاة بَينه وَبَين الطّواف. وَشرط لَهُ نِيَّة وموالاة كالطواف وَكَونه بعد طواف وَلَو مسنونا، وَالْمَرْأَة لَا ترقى الصَّفَا وَلَا تسْعَى شَدِيدا، وَلَا يسن السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا فِي حج وَعمرَة هُوَ ركن فيهمَا لَا كالطواف فِي أَنه يسن كل وَقت. ويتحلل متمتع لَا هدى مَعَه بتقصير شعره وَلَو كَانَ ملبدا رَأسه،

ص: 321

وَلَا يتَحَلَّل من مَعَه هدى إِذا حج مِنْهُمَا جَمِيعًا فَيجب أَن يدْخل الْحَج على الْعمرَة وَيصير قَارنا، وَلَيْسَ لَهُ أَن يحل وَلَا يحلق حَتَّى يحجّ، فَيحرم بِالْحَجِّ بعد طَوَافه وسعيه لعمرته وَيحل مِنْهُمَا مَعًا يَوْم النَّحْر نَص عَلَيْهِ، والمتمتع يقطع التَّلْبِيَة إِذا أَخذ أَي شرع فِي الطّواف نصا، وَلَا بَأْس بهَا فِي طواف الْقدوم نصا سرا.

ص: 322