الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
فِي حكم الْجوَار. بِكَسْر الْجِيم وصمها مصدر جاور وَأَصله الْمُلَازمَة. وَقَالَ رَسُول الله: (مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه) وَإِذا حصل فِي أرضه أَو على جِدَاره أَو فِي هوائه الْمَمْلُوك لَهُ هُوَ أَو بعضه أَو منفعَته غُصْن شَجَرَة غَيره أَو غرفته أَي غرفَة غَيره لزمَه رب الْغُصْن والغرفة إِزَالَته أَي الْغُصْن برده إِلَى نَاحيَة أُخْرَى أَو قطعه سَوَاء أثر ضَرَره أَو لَا ليخلي ملكه الْوَاجِب إخلاؤه، والهواء تَابع للقرار وَلَزِمَه إِزَالَة الغرفة أَيْضا وَضمن رب غُصْن أَو غرفَة مَا تلف بِهِ بعد طلب إِزَالَته ليصيرورته مُتَعَدِّيا بإبقائه فَإِن أَبى إِزَالَته لم يجْبر فِي الْغُصْن لِأَن حُصُوله فِي هوائه لَيْسَ من فعله، ولواه أَي الْغُصْن ربه وجوبا فَإِن أمكن ليه وَنَحْوه لم يجز لرب الأَرْض أَن الْهَوَاء إِتْلَاف كالبهيمة الصائلة إِذا اندفعت بِدُونِ الْقَتْل، فَإِن أتْلفه فِي هَذِه الْحَالة فَعَلَيهِ غرمه لتعديه وَإِن لم يُمكن
ليه فَلهُ أَي لرب الأَرْض أَو الْهَوَاء قِطْعَة أَي الْغُصْن بِلَا حكم حَاكم وَلَا غرم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يلْزمه إِقْرَار مَال غَيره فِي ملكه بِلَا رِضَاهُ، وَلَا يَصح صلح رب الْغُصْن وَلَا من مَال حَائِطه أَو زلق خشبه إِلَى ملك غَيره عَن ذَلِك بعوض وَيجوز فتح بَاب لاستطراق إِذا كَانَ فِي درب نَافِذ لَا فِي غير نَافِذ إِلَّا بِإِذن أَهله، وَيجوز نقل بَاب فِي غير نَافِذ إِلَى أَوله بِلَا ضَرَر كمقابلة بَاب غَيره وَنَحْوه لَا إِلَى دَاخل مِنْهُ نصا إِن لم يَأْذَن من فَوْقه. . وَإِن أذن من فَوْقه جَازَ وَيكون إِعَارَة لَازِمَة فَلَا رُجُوع للآذن بعد بِفَتْح الدَّاخِل وسد الأول، وَلَا يجوز إِخْرَاج جنَاح إِلَى نَافِذ وَهُوَ الروشن على أَطْرَاف خشب أَو حجر مدفونة فِي الْحَائِط وَلَا إِخْرَاج ساباط وَهُوَ سَقِيفَة بَين حائطين تحتهَا طَرِيق وَلَا إِخْرَاج ميزاب بنافذ إِلَّا بِإِذن إِمَام أَو نَائِبه مَعَ أَمن الضَّرَر فِيهِنَّ، وَلَا إِخْرَاج دكان بِضَم الدَّال الْمُهْملَة وَلَا دكة بِفَتْحِهَا قَالَه فِي الْقَامُوس بطرِيق نَافِذ سَوَاء أضرّ بالمارة أَو لَا لِأَنَّهُ إِن لم يضر حَالا فقد يضر مَآلًا، وَسَوَاء أذن فِيهِ الإِمَام أَو لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يَأْذَن فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مصلحَة لَا سِيمَا مَعَ احْتِمَال أَن يضر فَيضمن مَا يتْلف بذلك لتعد، وَفعل ذَلِك مُبْتَدأ أَي إِخْرَاج جنَاح وساباط وميزاب ودكان أَو دكة فِي ملك جَار أَو هوائه وَفِي درب مُشْتَرك أَي غير نَافِذ وَفتح بَاب فِيهِ لاستطراق حرَام خبر بِلَا إِذن مُسْتَحقّ للدرب لِأَنَّهُ ملكهم فَلم يجز التَّصَرُّف فِيهِ إِلَّا بإذنهم. وَيجوز الصُّلْح عَن ذَلِك بعوض لِأَنَّهُ حق لمَالِكه الْخَاص وَلأَهل
الدَّرْب فَجَاز أَخذ الْعِوَض عَنهُ كَسَائِر الْحُقُوق، وَمحله فِي الْجنَاح وَنَحْوه إِن علم مِقْدَار خُرُوجه وعلوه. وَيحرم على الْجَار أَن يحدث بِملكه مَا يضر بجاره كحمام ورحى وتنور لحَدِيث (لَا ضَرَر وَلَا ضرار) وَهَذَا إِضْرَار بجاره ولجاره مَنعه من ذَلِك بِخِلَاف طبخ وخبز فِيهِ فَلَا يمْنَع مِنْهُ لدعاء الْحَاجة إِلَيْهِ وضرره يسير لَا سِيمَا بالقرى، وَمن لَهُ حق مَاء يجْرِي على سطح جَاره لم يجز لجاره تعلية سطحه فَيمْنَع جرى المَاء أَو ليكْثر ضَرَره. وَيحرم تصرف فِي جِدَار جَار أَو مُشْتَرك بِفَتْح روزنة أَو طاق أَو ضرب وتد وَنَحْوه إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَكَذَا يحرم وضع خشب على جِدَار جَار مُشْتَرك إِلَّا ب أَن لَا يُمكن تسقيف إِلَّا بِهِ ضَرَر ف يجوز نصا وَلَو ليتيم أَو مَجْنُون وَيجْبر رب الْجِدَار أَو الشَّرِيك إِن أَبى، وَمَسْجِد فِي حكم مَا تقدم كدار نصا لِأَنَّهُ إِذا جَازَ فِي ملك الْآدَمِيّ مَعَ شحه وضيقه فَحق الله تَعَالَى أولى. وللإنسان أَن يسْتَند إِلَى حَائِط غَيره ويسند قماشه وَيجْلس فِي ظله وَنظر فِي ضوء سراجه وَإِن طلب شريك فِي حَائِط انْهَدم طلقا كَانَ أَو وَقفا أَو فِي سقف انْهَدم مشَاعا بَينهمَا أَو بَين سفل أَحدهمَا وعلو الآخر شَرِيكه فِيهِ مفعول طلب للْبِنَاء مَعَه أَي الطَّالِب أجبر جَوَاب الشَّرْط الْمَطْلُوب على الْبناء مَعَه نصا ك مَا يجْبر على نقض خوف سُقُوط الْحَائِط
أَو السّقف دفها للضَّرَر، فَإِن أَبى أَخذ حَاكم من مَاله وَأنْفق، فَإِن تعذر اقْترض عَلَيْهِ وَإِن بناه شريك بِإِذن شريك أَو بِإِذن حَاكم أَو بِدُونِ إذنهما بنية الرُّجُوع على شَرِيكه وبناه شركَة رَجَعَ على شَرِيكه مِمَّا أنْفق على حِصَّته، وَإِن بناه لنَفسِهِ بآلته أَي المنهدم فشركة بَينهمَا، وَإِن بناه لنَفسِهِ بِغَيْر آلَة المنهدم فالبناء لَهُ خَاصَّة وَله نقضه لَا إِن دفع لَهُ شَرِيكه نصف قِيمَته، لِأَنَّهُ يجْبر على الْبناء فجبر على الْإِيفَاء، وَكَذَا فِي الحكم نهر وَنَحْوه أَي كبئر ودولاب وناعورة وقناة مُشْتَركَة بَين اثْنَيْنِ فَأكْثر فَيجْبر الشَّرِيك على الْعِمَارَة إِن امْتنع، وَفِي النَّفَقَة مَا سبق تَفْصِيله، وَإِن عجز قوم عَن عمَارَة قناتهم أَو نَحْوهَا فأعطوها لمن يعمرها وَيكون لَهُ مِنْهَا جُزْء مَعْلُوم كَنِصْف وَربع صَحَّ، وَكَذَا إِن لم يعْجزُوا، وَمن لَهُ علو أَو طبقَة ثَالِثَة لم يُشَارك فِي بِنَاء مَا انْهَدم تَحْتَهُ من سفل أَو وسط وأجبر مَالِكه على بنائِهِ ليتَمَكَّن رب الْعُلُوّ من انتفاعه بِهِ. وَيلْزم الْأَعْلَى ستْرَة تمنع مشارفة الْأَسْفَل، فَإِن لم يكن أَحدهمَا أَعلَى من الآخر اشْتَركَا فِيهَا. وَإِن هدم الشَّرِيك الْبناء وَكَانَ لخوف سُقُوطه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لشَرِيكه لوُجُوب هَدمه إِذا، وَإِلَّا لَزِمته إِعَادَته كَمَا كَانَ لتعديه على حِصَّة شَرِيكه. وَإِن أهمل بِنَاء حَائِط بُسْتَان اتفقَا على بنائِهِ مِمَّا تلف من ثَمَرَته ضمن حِصَّة شَرِيكه.