الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
فِي بَيَان الشُّرُوط فِي البيع. والشروط جمع شَرط، وَتقدم تَعْرِيفه فِي شُرُوط الصَّلَاة، وَهُوَ فِيهِ أَي البيع وَشبهه كَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَة إِلْزَام أحد الْمُتَعَاقدين الآخر بِسَبَب العقد مَا لَهُ فِيهِ مَنْفَعَة وَتعْتَبر مقارنته للْعقد. وَهِي فِي البيع ضَرْبَان ضرب صَحِيح لَازم وينقسم إِلَى ثَلَاثَة أَنْوَاع، أَحدهَا: مَا يَقْتَضِيهِ البيع كتقابض وحلول ثمن وَتصرف كل فِيمَا يصير إِلَيْهِ ورده بِعَيْب قديم وَنَحْوه، وَلم يذكر المُصَنّف رحمه الله هَذَا النَّوْع لِأَنَّهُ لَا أثر لَهُ. النَّوْع الثَّانِي: مَا كَانَ مصْلحَته وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله كَشَرط رهن بِالثّمن وكشرط ضَامِن بِهِ مُعينين وَلَو كَانَ الرَّهْن الْمَبِيع فَيُصْبِح نصا فَإِذا قَالَ لَهُ: بِعْتُك هَذَا العَبْد بِكَذَا على أَن ترهننيه على ثمنه، فَقَالَ: اشْتريت ورهنت، صَحَّ الشِّرَاء وَالرَّهْن. وَلَيْسَ لبائع طلبهما أَي طلب رهن أَو ضَامِن من مُشْتَر إِن لم يكن اشتراطهما فِيهِ، وك تَأْجِيل ثمن كُله أَو بعضه إِلَى أجل معِين أَو شَرط صفة فِي الْمَبِيع كَالْعَبْدِ كَاتبا أَو فحلا أَو خَصيا أَو صانعا أَو مُسلما، وَالْأمة بكرا
أَو تحيض، وَالدَّابَّة هملاجة أَو لبونا أَو حَامِلا، والفهد أَو الْبَازِي صيودا، وَالْأَرْض خراجها كَذَا، والطائر مصوتا أَو يبيض أَو يَجِيء من مَسَافَة مَعْلُومَة أَو يَصِيح فِي وَقت مَعْلُوم كعند الصَّباح والمساء، فَيصح الشَّرْط فِي كل مَا ذكر لَازِما، فَإِن وفى بِهِ وَإِلَّا فَلهُ فسخ أَو أرش الصّفة، فَإِن تعذر رد تعين أرش كمعيب تعذر رده، لِأَن فِي اشْتِرَاط هَذِه الصِّفَات قصدا صَحِيحا، وتختلف الرغبات باختلافها فلولا صِحَة اشْتِرَاطهَا لفاتت الْحِكْمَة الَّتِي لأَجلهَا شرع البيع. وَإِن شَرط أَن الطير يوقظه للصَّلَاة أَو أَنه يَصِيح عِنْد دُخُول أَوْقَات الصَّلَاة لم يَصح لتعذر الْوَفَاء بِهِ، وَلَا كَون الْكَبْش نطاحا أَو الديك مناقرا أَو الْأمة مغنية أَو الزِّنَا فِي الرَّقِيق، أَو الْبَهِيمَة تحلب كل يَوْم قدرا مَعْلُوما أَو الْحَامِل تَلد وَقت بِعَيْنِه، لِأَنَّهُ إِمَّا محرم أَو لَا يُمكن. وَإِن أخبر بَائِع مُشْتَريا بِصفة فصدقة بِلَا شَرط بِأَن اشْترى وَلم يشترطها فَبَان فقدها فَلَا خِيَار لَهُ لِأَنَّهُ مقصر بِعَدَمِ الشَّرْط، أَو شَرط الْأمة ثَيِّبًا أَو كَافِرَة أَو سبطة أَو حَامِلا، فَبَانَت أعلا أَو جعدة أَو حَائِلا فِي خياء لمشتر لِأَنَّهُ زَاده خيرا، وَلَو شَرط العَبْد كَافِرًا فَبَان مُسلما فَحكمه حكم مَا إِذا شَرطهَا كَافِرَة فَبَانَت مسلمة، قَالَ فِي ((الْإِنْصَاف)) : قلت وَهُوَ الصَّحِيح. النَّوْع الثَّالِث: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (و) ك (شَرط بَائِع نفعا) غير وطئ ودواعية (مَعْلُوما فِي مَبِيع ك) اشْتِرَاط (سُكْنى الدَّار شهرا) مثلا وحملان الْبَعِير إِلَى مَحل معِين وخدمة العَبْد الْمَبِيع مُدَّة مَعْلُومَة فَيصح نصا، ولبائغ إِجَارَة مَا اسْتثْنى من النَّفْع وإعارته لَا لمن هُوَ أَكثر مِنْهُ ضَرَرا، وَإِن تلفت الْعين قبل اسْتِيفَاء بَائِع للنفع بِفعل مُشْتَر أَو تفريطه لزمَه أُجْرَة مثله لَا إِن
تلفت بِغَيْر ذَلِك (و) كَشَرط (مُشْتَر نفع بَائِع) فِي مَبِيع (ك) شَرط (حمل حطب أَو تكسيره) أَو خياطَة ثوب أَو تَفْصِيله أَو حصاد زرع أَو جزر رطبَة وَنَحْوه فَيصح ذَلِك إِن كَانَ مَعْلُوما، وَلزِمَ البَائِع فِيهِ مَا شَرط عَلَيْهِ فلمشتر عوض ذَلِك النَّفْع، وَإِن تَرَاضيا على أَخذ الْعِوَض وَلَا بِلَا عذر جَازَ، وَإِن شَرط المُشْتَرِي على البَائِع الْحمل إِلَى منزله وَهُوَ لَا يُعلمهُ لم يَصح الشَّرْط، هَذَا معنى مَا فِي ((شرح الْمُنْتَهى)) وَظَاهره صِحَة البيع، وَعَلِيهِ فَيثبت الْخِيَار، ذكره فِي ((شرح الْإِقْنَاع)) ، وَإِن بَاعَ المُشْتَرِي الْعين الْمُسْتَثْنى نَفعهَا صَحَّ البيع، وَتَكون فِي يَد المُشْتَرِي الثَّانِي مُسْتَثْنَاة أَيْضا فَإِن كَانَ عَالما بذلك فَلَا خِيَار لَهُ وَإِلَّا فَلهُ الْخِيَار، وَإِن أَقَامَ البَائِع مقَامه من يعْمل الْعَمَل فَلهُ ذَلِك لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْأَجِير الْمُشْتَرك، وَإِن أَرَادَ دفع الْأُجْرَة أَو أَرَادَ المُشْتَرِي أَخذهَا وأبى الآخر لم يجْبر، وَإِن تَرَاضيا على ذَلِك جَازَ وَإِن جمع فِي بيع بَين شرطين وَلَو صَحِيحَيْنِ كحمل حطب وتكسيره أَو خياطَة ثوب وتفصيله بَطل البيع، إِلَّا أَن يَكُونَا من مُقْتَضَاهُ أَو مصْلحَته كاشتراط رهن وضمين مُعينين بِالثّمن فَيصح، وَيصِح تَعْلِيق فسخ غير خلع بِشَرْط كبعتك على أَن تنقدني الثّمن إِلَى كَذَا، أَو على أَن ترهننيه بِثمنِهِ وَإِلَّا فَلَا بيع بَيْننَا، وينفسخ البيع إِن لم يَفْعَله. وَالضَّرْب الثَّانِي من الشُّرُوط فِي البيع فَاسد وَيحرم اشْتِرَاطه، وَهُوَ ثَلَاثَة أَنْوَاع أَيْضا، أَحدهَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وفاسد يُبطلهُ أَي البيع من أَصله كَشَرط عقد آخر من قرض وَغَيره من الْعُقُود كَبيع أَو سلف
أَو إِجَارَة أَو شركَة أَو صرف للثّمن، وَهُوَ بيعتان فِي بيعَة المنهى عَنهُ، وَالنَّهْي يَقْتَضِي الْفساد، قَالَه الإِمَام أَحْمد. وَكَذَا كل مَا كَانَ فِي معنى ذَلِك مثل أَن تَقول لَهُ: بِعْتُك على أَن تزَوجنِي ابْنَتك، أَو أزَوجك ابْنَتي وَنَحْوه. وَالنَّوْع الثَّانِي من الْفَاسِد الْمُبْطل مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله أَو مَا يتَعَلَّق البيع ك قَوْله بِعْتُك أَو اشْتريت مِنْك إِن جئتني كَذَا أَو بِعْتُك أَو اشْتريت مِنْك إِن رَضِي زيد فَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ عقد مُعَاوضَة يَقْتَضِي نقل الْملك حَال العقد وَالشّرط يمنعهُ. وَالنَّوْع الثَّالِث فَاسد غير مُبْطل للْعقد وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله وفاسد لَا يُبطلهُ أَي البيع كَشَرط يُنَافِي مُقْتَضَاهُ كَشَرط أَن لَا خسارة عَلَيْهِ أَو أَنه مَتى نفق وَإِلَّا رده وَنَحْو ذَلِك كَأَن لَا يقفه أَو لَا يَبِيعهُ أَو لَا يعتقهُ أَو إِن أعْتقهُ فولاؤه لبائع، أَو شَرط عَلَيْهِ أَن يفعل ذَلِك من وقف وَبيع وَنَحْوه، فَالشَّرْط فَاسد وَالْبيع صَحِيح، إِلَّا شَرط الْعتْق فَيصح أَن يَشْتَرِطه بَائِع على مُشْتَر وَيجْبر مُشْتَر إِن أَبَاهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحقّ لله تَعَالَى فَإِن أصر أعْتقهُ حَاكم. وَمن قَالَ لغريمه بغني هَذَا على أَن أقضيك مِنْهُ دينك فَبَاعَهُ إِيَّاه صَحَّ البيع لَا الشَّرْط. وَإِن قَالَ رب الْحق: اقضني على أَن أبيعك كَذَا بِكَذَا فقضاه صَحَّ الْقَضَاء دون البيع. وَإِن قَالَ: اقضني أَجود مِمَّا لي عَلَيْك على أَن أبيعك كَذَا ففعلا فباطلان. وَيصِح: بِعْت وَقبلت إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَيصِح بيع العربون وَهُوَ دفع بعض الثّمن أَو الْأُجْرَة وَيَقُول: إِن أَخَذته أَو جِئْت بِالْبَاقِي وَإِلَّا فَهُوَ لَك، لَا إِن جَاءَ الْمُرْتَهن بِحقِّهِ فِي مَحَله وَإِلَّا فالرهن لَهُ، وَمَا دفع من العربون فلبائع ومؤجر إِن لم يتم العقد، وَمن قَالَ لقنه: إِن بِعْتُك فَأَنت حر، وَبَاعه عتق عَلَيْهِ وَلم ينْتَقل الْملك فِيهِ لمشتر نصا. وَإِن بَاعَ سلْعَة شَرط على مُشْتَر الْبَرَاءَة من كل عيب مَجْهُول بهَا لم يبرأ، أَو من عيب كَذَا إِن كَانَ أَو الْبَرَاءَة من الْحمل أَن مِمَّا يحدث بعد العقد وَقبل التَّسْلِيم فَالشَّرْط فَاسد وَلم يبرأ بَائِع بذلك، ولمشتر الْفَسْخ بِعَيْب سَوَاء كَانَ الْعَيْب ظَاهرا وَلم يُعلمهُ المُشْتَرِي أَو بَاطِنا، وَإِن سمى بَائِع الْعَيْب لمشتر أَن أَبرَأَهُ بعد العقد من عيب كَذَا أَو من كل عيب برىء. وَمن بَاعَ مَا يذرع على أَنه عشرَة فَبَان أَكثر صَحَّ وَلكُل الْفَسْخ مَا لم يُعْط بَائِع الزَّائِد مجَّانا فَيسْقط خِيَار مُشْتَر لِأَن البَائِع زَاد خيرا، وَإِن بَان أقل صَحَّ وَالنَّقْص على بَائِع، وَيُخَير بَائِع إِن أَخذه مُشْتَر بقسط بَين فسخ وإمضاء، لَا إِن أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن وَلم يفْسخ مُشْتَر البيع.