المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل) . وَالصَّلَاة على من قُلْنَا يغسل فرض كِفَايَة - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل) . وَالصَّلَاة على من قُلْنَا يغسل فرض كِفَايَة

3 -

(فصل)

. وَالصَّلَاة على من قُلْنَا يغسل فرض كِفَايَة لقَوْله (صلوا على من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله) وَالْأَمر للْوُجُوب، فَإِن لم يعلم بِهِ إِلَّا وَاحِد تعين عَلَيْهِ، وَتسقط الصَّلَاة عَلَيْهِ أَي الْمَيِّت ب صَلَاة مُكَلّف وَلَو أُنْثَى أَو خُنْثَى. وَتسن صَلَاة الْجِنَازَة جمَاعَة وَلَو نسَاء إِلَّا النَّبِي فَإِنَّهُم لم يصلوا عَلَيْهِ بِإِمَام احتراما وتعظيما، وَالْأولَى بهَا وَصِيَّة الْعدْل. وَتَصِح الْوَصِيَّة لاثْنَيْنِ. قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى. قلت بهَا أولاهما فِي إِمَامَة ثمَّ سيد فسلطان فنائبه فَالْأولى بِغسْل رجل، فزوج بعد ذَوي الْأَرْحَام، ثمَّ تساو الأولى بِالْإِمَامَةِ ثمَّ يقرع، وَمن قدمه ولى فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ لَا وَصِيّ، وتباح فِي مَسْجِد إِن أَمن تلويثه. وَيسن قيام إِمَام وَقيام مُنْفَرد فِي الصَّلَاة عِنْد صدر رجل أَي

ص: 231

ذكر ووسط امْرَأَة أَي أُنْثَى نَص عَلَيْهِ، وَبَين ذَلِك من خُنْثَى مُشكل، وَإِن اجْتمع موتى رجال فَقَط أَو نسَاء فَقَط أَو خناثي فَقَط، سوى بَين رُؤْسهمْ، وَيقدم إِلَى الإِمَام من كل نوع أفضل أَفْرَاد ذَلِك النَّوْع، وَيجْعَل وسط أُنْثَى حذاء صدر رجل وَخُنْثَى بَينهمَا، وَيقدم الْأَفْضَل من الْمَوْتَى أما المفضولين فِي الْمسير، وَجمع الْمَوْتَى بِصَلَاة وَاحِدَة أفضل. وصفتها مَا ذكره المُصَنّف بقوله: ثمَّ يكبر مصل نَائِما بعد النِّيَّة أَرْبعا أَي أَربع تَكْبِيرَات رَافعا يَدَيْهِ مَعَ كل تَكْبِيرَة يقْرَأ بعد التَّكْبِيرَة الأولى وَبعد التَّعَوُّذ والبسملة الْفَاتِحَة بِلَا استفتاح لِأَن مبناها على التَّخْفِيف، وَلذَلِك لم تشرع السُّورَة بعد الْفَاتِحَة. وَيصلى على النَّبِي بعد التَّكْبِيرَة الثَّانِيَة كَمَا فِي تشهد وَلَا يزِيد عَلَيْهِ، وَيَدْعُو بعد التَّكْبِيرَة الثَّالِثَة مخلصا بِأَحْسَن مَا يحضرهُ وَالْأَفْضَل أَن يَدْعُو بِشَيْء مِمَّا ورد، وَمِنْه: أَي الْوَارِد اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا وشاهدنا أَي حاضرنا وغائبنا وصغيرنا وَكَبِيرنَا وذكرناوأنثانا إِنَّك تعلم منقلبنا أَي منصرفنا ومثوانا أَي مأوانا وَأَنت على كل شَيْء قدير، اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِسْلَام وَالسّنة وَمن توفيته منا فتوفه عَلَيْهَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه وعافه واعف عَنهُ وَأكْرم نزله وأوسع مدخله واغسله بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد بِالتَّحْرِيكِ الْمَطَر المنعقد ونقه من الذُّنُوب

ص: 232

والخطايا كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وأبدله دَارا خيرا من دَاره وزوجا خيرا من زوجه وَأدْخلهُ الْجنَّة وأعذه من عَذَاب الْقَبْر وَعَذَاب النَّار وافسح لَهُ فِي قَبره وَنور لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ اللَّائِق بِالْحَال. وَإِن كَانَ الْمَيِّت صَغِيرا أَو مَجْنُونا وَاسْتمرّ جُنُونه حَتَّى مَاتَ قَالَ بعد وَمن توفيته منا فتوفه عَلَيْهِمَا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذخْرا لوَالِديهِ وفرطا بِالتَّحْرِيكِ الْوَلَد الَّذِي يَمُوت صَغِيرا أَي سَابِقًا أَي مهيئا لمصَالح أَبَوَيْهِ فِي الْآخِرَة سَوَاء مَاتَ فِي حياتهما أَو بعد مَوْتهمَا وَأَجرا وشفيعا مجابا، اللَّهُمَّ ثقل بِهِ موازينهما وَأعظم بِهِ أجورهما وألحقه بِصَالح سلف الْمُؤمنِينَ، واجعله فِي كَفَالَة إِبْرَاهِيم وقه بِرَحْمَتك عَذَاب الْجَحِيم وَإِن لم يعلم إِسْلَام أَبَوَيْهِ دَعَا لمواليه. وَيُؤَنث الضَّمِير على أُنْثَى وَلَا يَقُول فِي ظَاهر كَلَامهم: وأبدلها زوجا خيرا من زَوجهَا. وَلَا بَأْس بِإِشَارَة بِنَحْوِ أصْبع لمَيت حَال دُعَائِهِ نصا، وَيُشِير مصل بِمَا يصلح لَهما على خُنْثَى فَيَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لهَذَا الْمَيِّت وَنَحْوه وَيقف بعد التَّكْبِيرَة الرَّابِعَة قَلِيلا وَلَا يَدْعُو وَيسلم تَسْلِيمَة وَاحِدَة عَن يَمِينه نصا، وَيجوز بِهِ تِلْقَاء وَجهه، نَص عَلَيْهِ، من غير الْتِفَات وَيجوز ثَانِيَة عَن يسَاره وَيرْفَع مَعَ كل تَكْبِيرَة وَتقدم. وَسن وقُوف حَتَّى ترفع. وشروطها ثَمَانِيَة: النِّيَّة، والتكليف، واستقبال الْقبْلَة، وَستر الْعَوْرَة وَاجْتنَاب

ص: 233

النَّجَاسَة، وَحُضُور الْمَيِّت بَين يَدي الْمُصَلِّي إِن كَانَ بِالْبَلَدِ، وَإِسْلَام الْمُصَلِّي والمصلى عَلَيْهِ، وطهارتهما وَلَو بِتُرَاب الْعذر، وأركانها سَبْعَة: الْقيام فِي فَرضهَا، والتكبيرات الْأَرْبَع فَإِن ترك غير مَسْبُوق مِنْهَا تَكْبِيرَة وَاحِدَة عمدا بطلت صلَاته وسهوا يكبر وجوبا مَا لم يطلّ الْفَصْل، فَإِن طَال أَو وجد منَاف للصَّلَاة اسْتَأْنف، وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة لإِمَام ومنفرد، وَالصَّلَاة على النَّبِي، وَالدُّعَاء للْمَيت وَيَكْفِي أدنى دُعَاء لَهُ وَالسَّلَام، وَالتَّرْتِيب للأركان فَتعين الْقِرَاءَة فِي الأولى وَالصَّلَاة على النَّبِي فِي الثَّانِيَة صرح بِهِ فِي الْمُسْتَوْعب وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيص وَالْبُلغَة وَلَا يتَعَيَّن كَون الدُّعَاء بعد الثَّالِثَة بل يجوز بعد الرَّابِعَة نقلة الزَّرْكَشِيّ عَن أَكثر الْأَصْحَاب. وصفتها أَن يَنْوِي الْمُصَلِّي ثمَّ يكبر الْإِحْرَام وَيقْرَأ الْفَاتِحَة كَمَا سبق ثمَّ يكبر وَيُصلي على النَّبِي كفى التَّشَهُّد وَلَا مزِيد عَلَيْهِ، ثمَّ يكبر وَيَدْعُو للْمَيت بِنَحْوِ اللَّهُمَّ ارحمه، والوارد الْمُتَقَدّم أفضل، ثمَّ يكبر الرَّابِعَة وَيقف بعْدهَا قَلِيلا وَيسلم. وَيجوز أَن يُصَلِّي على الْمَيِّت من دَفنه إِلَى شهر وَشَيْء، قَالَ القَاضِي: كَالْيَوْمِ واليومين. وَيحرم ذَلِك.

ثمَّ أَخذ يتَكَلَّم على الْحمل فَقَالَ: وَسن تربيع فِي حملهَا أَي الْجِنَازَة، وَحملهَا فرض كِفَايَة إِجْمَاعًا وَتقدم. وَسن أَن يحملهَا أَرْبَعَة،

ص: 234

وَكَرِهَهُ الآجرى وَغَيره مَعَ الإزدحام. والتربيع الْأَخْذ بقوائم السرير الْأَرْبَع بِأَن يضع قَائِم السرير الْيُسْرَى الْمُقدمَة على عَاتِقه الْيُمْنَى، ثمَّ ينْتَقل إِلَى الْمُؤخر فَيَضَعهَا على عَاتِقه الْيُمْنَى أَيْضا، ثمَّ يضع قَائِمَة السرير الْيُمْنَى الْمُتَقَدّمَة على عَاتِقه الْيُسْرَى وينتقل إِلَى المؤخرة. وَإِن حمل بَين العمودين وهما القائمتان كل عَمُود على عاتق كَانَ حسنا، نَص عَلَيْهِ، وَلَا بَأْس أَن يحمل الطِّفْل على يَدَيْهِ، وَلَا على دَابَّة لغَرَض صَحِيح كبعد قبر وَنَحْوه: وَسن إسراع بهَا دون الخبب نصا، وَهُوَ ضرب من الْمَشْي مَا لم يخف عَلَيْهِ فَيَمْشِي بِهِ الهوينا. وَسن اتِّبَاع الْجِنَازَة وَكَون ماش أمامها أَي الْجِنَازَة وَكَون رَاكب لحَاجَة خلفهَا، وَسن قرب مِنْهَا أَي الْجِنَازَة، وَكره قيام لَهَا إِن جَاءَت أَو مرت وَهُوَ جَالس.

ثمَّ شرع يتَكَلَّم على الدّفن فَقَالَ: وَسن كَون قبر لحدا واللحد بِفَتْح اللَّام، وَالضَّم لُغَة، حفر فِي أَسْفَل حَائِط الْقَبْر، وَكَونه مِمَّا يَلِي الْقبْلَة، وَنصب لبن عَلَيْهِ غير مشوى أفضل، وَكره شقّ بِلَا عذر، قَالَ 16 (الإِمَام أَحْمد) : لَا أحب الشق لحَدِيث: (اللَّحْد لنا والشق لغيرنا) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره لكنه ضَعِيف.

ص: 235

والشق أَن يحْفر وسط الْقَبْر كالحوض ثمَّ يوضع الْمَيِّت فِيهِ ويسقف عَلَيْهِ ببلاط أَو غَيره أَو يبْنى جانباه بِلَبن أَو غَيره، فَإِن تعذر اللَّحْد لكَون التُّرَاب ينهال وَلَا يُمكن رَفعه بِنصب لبن وَلَا حِجَارَة وَنَحْوه لم يكره الشق، فَإِن أمكن أَن يَجْعَل شبه اللَّحْد بَين الجنادل وَالْحِجَارَة وَاللَّبن جعل نصا وَلم يعدل إِلَى الشق وَسن قَول مدْخل ميت الْقَبْر باسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله وَسن لحده أَي الْمَيِّت على شقَّه الْأَيْمن وَوضع لبنة تَحت رَأسه فَإِن لم يُوجد فحجر، فَإِن لم يُوجد فقليل من تُرَاب يشبه المخدة للنائم وَتكره مخدة تَحت رَأسه نصا لِأَنَّهُ غير لَائِق بِالْحَال، ومضربة بتَشْديد الرَّاء وقطيفة تَحْتَهُ وَيجب استقباله أَي الْمَيِّت الْقبْلَة، وَكره بِلَا حَاجَة جُلُوس تابعها أَي الْجِنَازَة قبل وَضعهَا بِالْأَرْضِ للدفن نصا، وَكره تجصيص قبر وَدفن فِي تَابُوت وَلَو لامْرَأَة، وَكره بِنَاء عَلَيْهِ قبَّة أَو غَيرهَا وَكره كِتَابَة عَلَيْهِ، وَكره مشي بنعل عَلَيْهِ إِلَّا لخوف نَجَاسَة أَو شوك، وَكره جُلُوس عَلَيْهِ، وَكره إِدْخَاله أَي الْقَبْر خشما إِلَّا لضَرُورَة إِدْخَاله شَيْئا مسته النَّار كآجر، وَأَن يَجْعَل حَدِيد، وَلَو أَن الأَرْض رخوة أَو ندية، وَكره تَبَسم عِنْده وَحَدِيث بِأَمْر الدُّنْيَا عِنْده وَالسّنة أَن يدفنه من عِنْد رجلَيْهِ إِن كَانَ أسهل وَإِلَّا فَمن حَيْثُ يسهل،

ص: 236

وَإِن اسْتَوَت الجهتان فَسَوَاء، وَإِن مَاتَ بسفينة ألقِي فِي الْبَحْر سلا كإدخاله الْقَبْر، وَحرم دفن اثْنَيْنِ فَأكْثر فِي قبر وَاحِد إِلَّا لضَرُورَة أَو حَاجَة ككثرة الْمَوْتَى بقتل أَو غَيره أَو قلَّة من يدفنهم خوف الْفساد عَلَيْهِم. وَمَتى ظن أَنه بلي وَصَارَ رميما جَازَ نبشه وَدفن فِيهِ، وَإِن شكّ فِي ذَلِك رَجَعَ إِلَى أهل الْخِبْرَة، فَإِن خفر فَوجدَ فِيهَا عظاما دَفنهَا مَكَانهَا وَأعَاد التُّرَاب كَمَا كَانَ وَلم يجز أَن يدْفن ميت آخر عَلَيْهِ نصا. وَسن حثو التُّرَاب عَلَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ يهال، لِأَن مواراته فرض، وبالحثى يصير كمن شَارك فِيهَا، وَفِي ذَلِك أقوى عِبْرَة وتذكار فاستحب لذَلِك، وَاسْتحبَّ الْأَكْثَر تلقينه بعد الدّفن، قَالَ فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه: وَهل يلقن غير الْمُكَلف وَجْهَان. وَهَذَا الْخلاف مَبْنِيّ على نزُول الْملكَيْنِ إِلَيْهِ، النَّفْي قَول القَاضِي وَابْن عقيل وفَاقا للشَّافِعِيّ، وَالْإِثْبَات قَول أبي حَكِيم وَغَيره وَحَكَاهُ ابْن عَبدُوس عَن الْأَصْحَاب، الْمُرَجح النُّزُول فَيكون الْمُرَجح تلقينه وَصَححهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين. انْتهى. فَيقوم الملقن عِنْد رَأسه بعد تَسْوِيَة التُّرَاب عَلَيْهِ فَيَقُول: يَا فلَان بن فُلَانَة، ثَلَاثًا، فَإِن لم يعرف اسْم أمه نِسْبَة إِلَى حَوَّاء، ثمَّ يَقُول: اذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَنَّك رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قبْلَة وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا، وَأَن الْجنَّة حق، وَأَن النَّار حق، وَأَن الْبَعْث حق، وَأَن

ص: 237

السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا، وَأَن إِلَيْهِ يبْعَث من فِي الْقُبُور. والدفن بالصحراء أفضل، وَسن رش الْقَبْر بِالْمَاءِ وَرَفعه قدر شبر، وتسنيمه أفضل من تسطيحه إِلَّا بدار الْحَرْب إِن تعذر نَقله فتسوية وإخفاء أفضل وَلَا بَأْس بتطيينه وتعليمه بِحجر أَو خَشَبَة أَو لوح. وَحرم إسراج الْمَقَابِر لِأَن فِي ذَلِك تَضْييع مَال من غير فَائِدَة، وَجعل مَسْجِد على مَقْبرَة أَو بَينهَا وتتعين إِزَالَته، وَفِي كتاب الْهدى: لَو وضع الْمقْبرَة وَالْمَسْجِد مَعًا لم يجز وَلم يَصح والقف ولاالصلاة، وَلَا بَأْس بتحويل الْمَيِّت وَنَقله إِلَى مَكَان آخر بعيد لغَرَض صَحِيح كبقعة شريفة ومجاورة صَالح مَعَ أَمن التَّغَيُّر إِلَّا الشَّهِيد إِذا دفن بمصرعه لَا ينْقل مِنْهُ، وَدَفنه بِهِ سنة حَتَّى لَو نقل مِنْهُ رد إِلَيْهِ، وَلَو وصّى بدفنه فِي ملكه دفن مَعَ الْمُسلمين لِأَنَّهُ مُضر بالورثة، وَلَا بَأْس بِشِرَائِهِ مَوضِع قَبره، ويوصي بدفنه فِيهِ وَحرم فِي مسبلة قبل الْحَاجة، وَدفن بِمَسْجِد وَنَحْوه، وَفِي ملك الْغَيْر بِلَا إِذْنه وينبش فيهمَا، وَالْأولَى فِي ملك الْغَيْر تَركه لما فِيهِ من هتك حرمته وَكَرِهَهُ أَبُو الْمَعَالِي لذَلِك، وَإِن مَاتَت الْحَامِل بِمن ترجى حَيَاته حرم شقّ بَطنهَا من أجل الْحمل

ص: 238

وَأخرج النِّسَاء من ترجى حَيَاته، فَإِن تعذر إِخْرَاجه لم تدفن وَترك حَتَّى يَمُوت، وَلَو خرج بعضه حَيا شقّ للْبَاقِي، وَيلْزم تَمْيِيز قُبُور أهل الذِّمَّة. وَأي قربَة فعلت من مُسلم وَجعل أَي أهْدى ثَوَابهَا أَو بعضه لمُسلم حَيّ أَو ميت نَفعه ذَلِك لحُصُول الثَّوَاب حَتَّى لرَسُول الله، وَاعْتبر بَعضهم إِذا نَوَاه حَال الْفِعْل أَو قبله. وَسن لرجل زِيَارَة قبر مُسلم نَص عَلَيْهِ بِلَا سفر وتباح لقبر كَافِر وَلَا يسلم عَلَيْهِ بل يَقُول: أبشر بالنَّار، وَتكره لامْرَأَة، وَإِن علمت أَنه يَقع مِنْهَا محرم حرم عَلَيْهَا الْخُرُوج غير قبر النَّبِي وقبر صَاحِبيهِ رضوَان الله عَلَيْهِمَا فتسن للرِّجَال وَالنِّسَاء، وَإِن اجتازت بِقَبْر فِي طريقها فَسلمت عَلَيْهِ ودعت لَهُ فَحسن، وَسن الْقِرَاءَة عِنْده أَي الْقَبْر، وَسن فعل مَا يُخَفف عَنهُ أَي الْمَيِّت وَلَو بِجعْل جَرِيدَة رطبَة وَنَحْوهَا فِي الْقَبْر، وَسن قَول زائر قبر مُسلم ومار بِهِ: السَّلَام بالتعريف عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون، يرحم الله وَفِي الْمُنْتَهى وَيرْحَم الله بِزِيَادَة الْوَاو الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم والمستأخرين، نسْأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة. اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجرهم، وَلَا تفتنا بعدهمْ، واغفر لنا وَلَهُم. وَيُخَير فِي تَعْرِيف السَّلَام وتنكيره على الْحَيّ، وابتداؤه سنة، وَمن جمَاعَة سنة كِفَايَة وَالْأَفْضَل من جَمِيعهم، ورده فرض كِفَايَة على الْجَمَاعَة وَفرض عين على الْوَاحِد، وَلَا يتْرك السَّلَام إِذا كَانَ يغلب على ظَنّه أَن الْمُسلم عَلَيْهِ لَا يرد، وَرفع الصَّوْت فِي الرَّد قدر الإبلاغ وَاجِب، وتزاد الْوَاو فِي رد السَّلَام وجوبا، قَالَه فِي الْإِقْنَاع:

ص: 239

وَقَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى: وَلَا تجب زِيَادَة الْوَاو فِيهِ، قَالَ فِي الْآدَاب الْكُبْرَى وَهُوَ أشهر.

فَائِدَة. لَو قَالَ: سَلام. لمن يجبهُ. قَالَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر قدس سره: وَلَو قَالَ الرَّاد: وَعَلَيْك، وَعَلَيْكُم، فَقَط، وَحذف الْمُبْتَدَأ فَظَاهر كَلَام النَّاظِم فِي مجمع الْبَحْرين أَنه يجزىء. وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَظَاهر كَلَام ابْن أبي مُوسَى وَابْن عقيل لَا يُجزئ وَكَذَا قَالَ سَيِّدي عبد الْقَادِر. قَالَ: وَيكرهُ الانحناء فِي السَّلَام. انْتهى.

وتشميت الْعَاطِس بالشين إِذا حمد فرض كِفَايَة كرد السَّلَام فَيَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله، أَو يَرْحَمكُمْ الله، فَإِن لم يحمد كره تشميته، فَإِن نسى لم يذكرهُ. وَيرد عَلَيْهِ الْعَاطِس وجوبا فَيَقُول: يهديكم الله وَيصْلح بالكم، نَص عَلَيْهِ. أَو: يغْفر الله لكم. وَيَقُول للصَّبِيّ إِذا عطس: بورك فِيك وجبرك الله. وَيجب التشميت ثَلَاث مَرَّات، وَفِي الرَّابِعَة يَدْعُو لَهُ وَلَا يشمته إِذا كَانَ قد شمته ثَلَاثًا، لِأَن الِاعْتِبَار بالتشميت لَا بِعَدَد العطسات.

ثمَّ أَخذ فِي الْكَلَام على التَّعْزِيَة فَقَالَ: وتعزية الْمُسلم الْمُصَاب بِالْمَيتِ سنة قبل الدّفن وَبعده حَتَّى الصَّغِير وَالصديق للْمَيت وَالْجَار وَمن شقّ ثَوْبه فَلَا يتْرك حَقًا لباطل فَيَقُول المعزي للمصاب: أعظم الله أجرك وَأحسن عزاءك وَغفر لميتك، وَيَقُول المعزي: اسْتَجَابَ الله دعاءك ورحمنا وَإِيَّاك، وَإِن نَهَاهُ فَحسن

ص: 240

وَيجوز الْبكاء عَلَيْهِ أَي على الْمَيِّت، وَمعنى التَّعْزِيَة التسلية والحث على الصَّبْر بوعد الْأجر. وَسن للمصاب أَن يَقُول: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون، اللَّهُمَّ اجبرني فِي مصيبتي وأخلف لي خيرا مِنْهَا. وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ وليصبر. وَحرم ندب وَهُوَ الْبكاء مَعَ تعداد محَاسِن الْمَيِّت وَحرم نياحة وَهِي رفع الصَّوْت بذلك برنة وَحرم شقّ ثوب وَحرم لطم خد وَنَحْوه كالصراخ ونتف الشّعْر ونشره وحلقه. وَفِي الْفُصُول: يحرم النحيب وَإِظْهَار الْجزع لِأَن ذَلِك يشبه التظلم من الظَّالِم، وَهُوَ عدل من الله تبارك وتعالى. وَيعرف زَائِره يَوْم الْجُمُعَة قبل طُلُوع الشَّمْس، وَفِي الغنية يعرفهُ كل وَقت وَهَذَا الْوَقْت آكِد، ويتأذى بالمنكر عِنْده وَينْتَفع بِالْخَيرِ. وَيجب الْإِيمَان بتعذيب الْمَوْتَى فِي قُبُورهم.

ص: 241