المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - (-‌ ‌ فصل) فِي ذكر أهل الْأَعْذَار. جمع عذر، وهم: - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - (-‌ ‌ فصل) فِي ذكر أهل الْأَعْذَار. جمع عذر، وهم:

3 -

(-‌

‌ فصل)

فِي ذكر أهل الْأَعْذَار. جمع عذر، وهم: الْمَرِيض، والخائف، وَالْمُسَافر وَمن يلْحق بهم. يُصَلِّي الْمَرِيض الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَائِما إِجْمَاعًا وَلَو مُسْتَندا وَلَو بِأُجْرَة مثله إِن قدر عَلَيْهَا وَلَو كراكع فَإِن لم يسْتَطع الصَّلَاة قَائِما ف يُصَلِّي قَاعِدا متربعا ندبا وَكَيف قعد جَازَ فَإِن لم يسْتَطع الصَّلَاة قَاعِدا أَو شقّ عَلَيْهِ وَلَو بتعديه بِضَرْب سَاقه ف يُصَلِّي على جنب وَالْجنب الْأَيْمن أفضل من الْجنب الْأَيْسَر. وَكره فِي حق الْمَرِيض الصَّلَاة حَال كَونه مُسْتَلْقِيا على ظَهره مَعَ قدرته أَن يُصَلِّي على جنب وَتَصِح وَإِلَّا يقدر أَن يُصَلِّي على جنب تعين أَي يُصَلِّي مُسْتَلْقِيا على ظَهره وَرجلَاهُ إِلَى الْقبْلَة. ويومئ بركوع وَسُجُود عَاجز عَنْهُمَا مَا أمكنه وجوبا نصا ويجعله أَي السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع وجوبا للتمييز، وَإِن سجد مَا أمكنه على شَيْء رفع لَهُ وانفصل عَن الأَرْض كره وأجزأه نصا، وَلَا بَأْس السُّجُود على وسَادَة وَنَحْوهَا بِلَا رفع. فَإِن عجز عَن الْإِيمَاء بِرَأْسِهِ أَوْمَأ بطرفه عينه وَنوى بِقَلْبِه

ص: 179

كأسير خَائِف من عَدو فَإِن عجز عَن الْإِيمَاء بطرفه ف يُصَلِّي بِقَلْبِه أَي حَال كَونه مستحضرا القَوْل إِن عجز عَنهُ بِلَفْظِهِ ومستحضرا الْفِعْل بِقَلْبِه وَلَا يسْقط فعلهَا أَي الصَّلَاة مَا دَامَ الْعقل ثَابتا، فَإِن طَرَأَ للْمَرِيض عجز فِي أثْنَاء الصَّلَاة انْتقل إِلَيْهِ وَبنى أَو طَرَأَ لَهُ قدرَة فِي أَثْنَائِهَا أَي الصَّلَاة انْتقل إِلَيْهِ وَبنى لَكِن إِذا كَانَ من قدر على الْقيام لم يقْرَأ قَامَ فَقَرَأَ، وَإِن كَانَ قد قَرَأَ قَامَ وَركع بِلَا قِرَاءَة، وَلَو طَرَأَ عجز قَائِم فِي انحطاط أجزأء لَا من برىء فأتمها فِي ارتفاعه، وَمن قدر على الْقيام وَعجز عَن الرُّكُوع وَالسُّجُود أَوْمَأ بِالرُّكُوعِ قَائِما وبالسجود قَاعِدا، وَلَو قدر على الْقيام مُنْفَردا، وَفِي جمَاعَة جَالِسا لزمَه الْقيام، قدمه أَبُو الْمَعَالِي، وَقَالَ فِي الْإِنْصَاف: قلت وَهُوَ الصَّوَاب، لِأَن الْقيام ركن لَا تصح إِلَّا بِهِ مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ وَهَذَا قَادر، وَالْجَمَاعَة وَاجِبَة تصح الصَّلَاة بِدُونِهَا حَتَّى مَعَ الْقُدْرَة، انْتهى. ذكره فِي الْإِقْنَاع. وَقدم فِي التَّنْقِيح أَنه يُخَيّر بَين أَن يُصَلِّي قَائِما مُنْفَردا أَو جَالِسا فِي جمَاعَة: وَقطع بِهِ فِي الْمُنْتَهى وَغَيره، قَالَ فِي الشَّرْح: لِأَنَّهُ يفعل فِي كل مِنْهُمَا وَاجِبا وَيتْرك وَاجِبا، وَتَصِح صَلَاة فرض على رَاحَة واقفة وسائرة خشيَة تأذ بوحل ومطر وَنَحْوه كثلج وَبرد وَانْقِطَاع عَن رفْقَة أَو خوفًا على نَفسه من عَدو أَو سيل أَو سبع أَو عجز عَن ركُوب إِن نزل، وَعَلِيهِ الِاسْتِقْبَال وَمَا يقدر عَلَيْهِ من رُكُوع وَغَيره، وَلَا تصح لمَرض، وَلَا صَلَاة فرض بسفينة قَاعِدا لقادر على قيام،

ص: 180

وَمن بِمَاء وطين يُومِئ كمصلوب ومربوط، وَيسْجد غريق على متن المَاء. وَيعْتَبر الْمقر لأعضاء السُّجُود، فَلَو وضع جَبهته على قطن منقوش وَنَحْوه أَو صلى مُعَلّقا أَو فِي أرجوحة وَلَا ضَرُورَة تَمنعهُ عَن الصَّلَاة بِالْأَرْضِ لم تصح. وَتَصِح إِن حَاذَى صَدره روزنة وَهِي الكوة قَالَه فِي الْقَامُوس، أَو شباكا وَنَحْوه وعَلى حَائِل صوف أَو شعر ووبر وَنَحْوه من حَيَوَان طَاهِر وَلَا كَرَاهَة، وعَلى مَانع صلابة الأَرْض كفراش محشو نَحْو قطن، وعَلى مَا تنبته الأَرْض حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ الْأَعْضَاء.

ص: 181

[فصل] فصل) 3 فِي الْقصر. وَهُوَ جَائِز إِجْمَاعًا. وَيسن قصر الصَّلَاة الرّبَاعِيّة خَاصَّة أَي دون الْفجْر وَالْمغْرب إِلَى رَكْعَتَيْنِ فِي سفر طَوِيل يبلغ سِتَّة عشر فرسخا تَقْرِيبًا برا أَو بحرا وَهِي يَوْمَانِ قاصدان أَرْبَعَة برد، والبريد أَرْبَعَة فراسخ، الفرسخ ثَلَاثَة أَمْيَال هاشمية، وبأميال بني أُميَّة ميلان وَنصف، والهاشمي اثْنَا عشر ألف قدم، سِتَّة آلَاف ذِرَاع، والذراع أَربع وَعِشْرُونَ إصبعا مُعْتَرضَة معتدلة، كل إِصْبَع سِتّ حبات شعير بطُون بَعْضهَا إِلَى بعض، عرض كل شعيرَة سِتّ شَعرَات برذون. قَالَ المطرزي: البرذون التركي من الْخَيل وَهُوَ مَا أَبَوَاهُ نبطيان عكس العراب. قَالَ ابْن حجر فِي شرح البُخَارِيّ: الذِّرَاع الَّذِي ذكر قد حرر بِذِرَاع الْحَدِيد الْمُسْتَعْمل الْآن فِي مصر والحجاز فِي هَذِه الْأَمْصَار ينقص عَن ذِرَاع الْحَدِيد بِقدر الثّمن، فعلى هَذَا فالميل بِذِرَاع الْحَدِيد على القَوْل الْمَشْهُور خَمْسَة آلَاف ذِرَاع ومائتان وَخَمْسُونَ ذِرَاعا، قَالَ وَهَذِه فَائِدَة نفيسة قل من يُنَبه عَلَيْهَا، ذكره فِي شرح الْمُنْتَهى وَشرح الْإِقْنَاع وَغَيرهمَا

ص: 182

مُبَاح أَي غير محرم وَلَا مَكْرُوه، وَلَو لنزهة أَو فُرْجَة أَو كَانَ الْمُبَاح أَكثر قَصده كتاجر نوى التِّجَارَة وَشرب الْخمر من تِلْكَ اللبلاد، وَلَا يقصر هائم وتائه وسائح لَا يقْصد موضعا معينا وَلَا إِذا اسْتَوَى القصدان أَو كَانَ الْحَظْر أَكثر. وَيقصر من قُلْنَا يُبَاح لَهُ الْقصر وَلَو قطع الْمسَافَة فِي سَاعَة، لِأَنَّهُ صدق عَلَيْهِ أَنه سَافر أَرْبَعَة برا إِذا فَارق بيُوت قريته العامرة أَو خيام قومه أَو مَا نسب إِلَيْهِ سكان قُصُور وبساتين وَنَحْوهم، إِن لم ينْو عودا أَو يعد قَرِيبا، وَإِن نوى الْعود أَو تَجَدَّدَتْ نِيَّته لحَاجَة بَدَت فَلَا قصر حَتَّى يرجع وَيُفَارق بِشَرْطِهِ. لَا يُعِيد من قصر ثمَّ قبل استكمال الْمسَافَة. وَيقصر من أسلم أَو بلغ عقل أَو طهرت بسفر مُبِيح وَلَو بَقِي دون الْمسَافَة. وقن وَزَوْجَة وجند تبع سَيّده وَزوج وأمير فِي سفر وَنِيَّته. وَلَا يترخص فِي سفر مَعْصِيّة بقصر وَلَا فطر وَلَا أكل ميتَة نصا. فَإِن خَافَ على نَفسه قيل لَهُ تب وكل. وَلَا يكره الْإِتْمَام مِمَّن لَهُ الْقصر، وَالْقصر أفضل نصا لما روى الإِمَام أَحْمد عَن عمر:(إِن الله يحب أَن تُؤْتى رخصه كَمَا يكره أَن تُؤْتى مَعَاصيه) . وَيسْتَثْنى من جَوَاز الْقصر بعد وجود مَا سبق اعْتِبَاره إِحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَة:

ص: 183

الأولى مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله وَيَقْضِي صَلَاة سفر إِذا ذكرهَا فِي حضر تَامَّة. الثَّانِيَة مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله وَعَكسه أَي إِذا ذكر صَلَاة حضر فِي سفر فيقضيها تَامَّة وجوبا. الثَّالِثَة مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله وَمن نوى إِقَامَة مُطلقَة أَي غير مُقَيّدَة بِزَمن بِموضع أتم. الرَّابِعَة مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله أَو نوى إِقَامَة أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام. الْخَامِسَة مَا أَشَارَ إِلَيْهَا بقوله أَو ائتم بمقيم. السَّادِسَة إِذا مر بوطنه وَلَو لم يكن لَهُ بِهِ حَاجَة. السَّابِعَة إِذا دخل عَلَيْهِ وَقت صَلَاة وَهُوَ فِي الْحَضَر. الثَّامِنَة إِذا وَقع بعض الصَّلَاة فِي الْحَضَر كراكب السَّفِينَة. التَّاسِعَة إِذا أَقَامَ الْمُسَافِر لِحَاجَتِهِ وَظن أَن لَا تَنْقَضِي إِلَّا بعد أَرْبَعَة أَيَّام. الْعَاشِرَة إِذا شكّ الإِمَام وَغَيره فِي أثْنَاء الصَّلَاة أَنه نوى الْقصر عِنْد إحرامها حَتَّى وَلَو ذكر أَنه نَوَاه. الْحَادِيَة عشرَة إِذا مر بِبَلَد لَهُ فِيهِ امْرَأَة. الثَّانِيَة عشرَة إِذا مر بِبَلَد تزوج فِيهِ، وَظَاهره وَلَو بعد فِرَاق الزَّوْجَة. الثَّالِثَة عشرَة إِذا ائتم مُسَافر بِمن يشك فِيهِ هَل هُوَ مُسَافر أَو لَا. يَكْفِي علمه بعلامة سفر من لِبَاس وَنَحْوه.

ص: 184

الرَّابِعَة عشرَة إِذا لم ينْو الْقصر عِنْد الْإِحْرَام. الْخَامِسَة عشرَة إِذا نَوَاه ثمَّ رفضه. السَّادِسَة عشرَة إِذا جهل أَن إِمَامه نوى الْقصر. السَّابِعَة عشرَة إِذا شكّ الْمُسَافِر هَل نوى إِقَامَة أَكثر من عشْرين صَلَاة أَو لَا. الثَّامِنَة عشرَة إِذا عزم فِي صلَاته على قطع الطَّرِيق وَنَحْوه. التَّاسِعَة عشرَة إِذا تَابَ الْمُسَافِر عَن الْمعْصِيَة فِي أثْنَاء الصَّلَاة وَلَا تَنْفَعهُ نِيَّة الْقصر، إِذا كَانَ نوى الْقصر جَاهِلا لم يضرّهُ وَإِن علم لم تنقد صلَاته. الْعشْرُونَ إِذا أخر الصَّلَاة بِلَا عذر حَتَّى ضَاقَ وَقتهَا عَنْهَا. الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ إِذا أعَاد صَلَاة فَاسِدَة يلْزمه إِتْمَامهَا لكَونه ائتم فِيهَا بمقيم أَو نَحوه ففسدت أتم الصَّلَاة فِي جَمِيع هَذِه الصُّور لُزُوما. وَإِن حبس الْمُسَافِر ظلما أَو أَقَامَ لحَاجَة بِلَا نِيَّة إِقَامَة وَلَا يدْرِي مَتى تقضي أَو حَبسه لمَرض أَو مطر أَو لم ينْو إِقَامَة تقطع حكم السّفر قصر أبدا. وَمن نوى بَلَدا بِعَيْنِه يجهل مسافته ثمَّ علمهَا قصر بعد علمه وَلَو بَقِي دون الْمسَافَة. وَلَا يترخص ملاح مَعَه أَهله أَو لَا أهل لَهُ وَلَيْسَ لَهُ نِيَّة الْإِقَامَة بِبَلَد نصا، وَمثله مكار وراع وفيج بِالْجِيم وَهُوَ رَسُول السُّلْطَان، وساع بريد وَنَحْوهم، وَلَا يترخصون إِذا كَانَ مَعَهم أهلهم أَو لم ينووا إِقَامَة بِبَلَد.

ص: 185

- وَيتَعَلَّق بِالسَّفرِ الطَّوِيل أَرْبَعَة أَحْكَام: الْقصر، وَالْجمع، وَالْمسح ثَلَاثًا، وَالْفطر، قَالَه الْأَصْحَاب. وَأما أكل الْميتَة وَالصَّلَاة على رَاحِلَته إِلَى جِهَة مسيره فَلَا يخْتَص بالطويل وَيُبَاح لَهُ الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ. فَلَا يكره وَيُبَاح وَلَا يسْتَحبّ، وَتَركه أفضل بَين الظهرين الظّهْر وَالْعصر وَبَين العشاءين أَي الْمغرب وَالْعشَاء بِوَقْت إِحْدَاهمَا غير جمع عَرَفَة ومزدلفة، فَيسنّ بِشَرْط أَن يجمع بِعَرَفَة بَين الظهرين تَقْدِيمًا وَفِي مُزْدَلِفَة بَين العشاءين تَأْخِيرا. إِذا كَانَ بسفر قصر، أما الْمَكِّيّ وَمن نوى إِقَامَة بِمَكَّة فَوق أَرْبَعَة أَيَّام فَلَا يجمع بهما، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَافِرًا سفر قصر. وَالْجمع مُبَاح فِي ثَمَانِي حالات: الأولى بسفر قصر نصا، وَالثَّانيَِة لمريض وَنَحْوه يلْحقهُ أَي الْمَرِيض وَنَحْوه بِتَرْكِهِ أَي الْجمع مشقة، وَالثَّالِثَة لمرضع لمَشَقَّة كَثْرَة النَّجَاسَة نصا، وَالرَّابِعَة لمستحاضة وَنَحْوهَا، وَالْخَامِسَة لعاجز عَن الطَّهَارَة وَالتَّيَمُّم لكل صَلَاة، وَالسَّادِسَة لعاجز عَن معرفَة الْوَقْت كأعمى وَنَحْوه. السَّابِعَة لعذر يُبِيح ترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة كخوف على نَفسه أَو مَاله أَو حرمته، وَالثَّامِنَة لشغل يبيحهما كمن يخَاف بِتَرْكِهِ ضَرَرا فِي معيشة يحتاجها. وَيخْتَص بِجَوَاز الْجمع بَين العشاءين فَقَط وَلَو صلى ببيته أَو بِمَسْجِد طَرِيقه تَحت ساباط وَنَحْوه الْجمع لمطر وَنَحْوه كثلج وجليد وَبرد يبل الْمَطَر وَنَحْوه الثَّوْب وتوجد مَعَه مشقة ولوحل بتحريك الْحَاء، وإسكانها لُغَة رَدِيئَة وريح شَدِيدَة بَارِدَة قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى:

ص: 186

ظَاهره وَإِن لم تكن اللَّيْلَة مظْلمَة، وَهُوَ ظَاهر مَا فِي الْإِقْنَاع، وَقَالَ الْمُؤلف لَا بَارِدَة فَقَط إِلَّا بليلة مظْلمَة وَهَذِه رِوَايَة ذكرهَا فِي الْمَذْهَب وَالْمُسْتَوْعب وَالْكَافِي فِيمَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي رِوَايَة الْمَيْمُونِيّ عَن ابْن عمر. وَالْأَفْضَل فِي حق من يُرِيد الْجمع فعل الأرفق بِهِ من تَقْدِيم الْجمع أَو تَأْخِير، فَإِن اسْتَويَا فتأخير أفضل، وَفعله فِي الْمَسْجِد جمَاعَة أولى من أَن يصلوا فِي بُيُوتهم لعُمُوم حَدِيث (خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة) وَكره فعله فِي بَيته وَنَحْوه كخلوته بِلَا عذر من الْأَعْذَار السَّابِقَة. وَإِن جمع تَقْدِيمًا اجْتمع لَهُ خَمْسَة شُرُوط: الأول التَّرْتِيب سَوَاء نَسيَه أَو ذكره بِخِلَاف سُقُوطه مَعَ النسْيَان فِي قَضَاء الْفَوَائِت، خلافًا لما فِي الْإِقْنَاع فَإِنَّهُ فِيهِ: فالتريب بَينهمَا كالترتيب فِي الْفَوَائِت يسْقط بِالنِّسْيَانِ. انْتهى. وَالثَّانِي نِيَّة الْجمع عِنْد إِحْرَام الأولى. وَالثَّالِث أَن لَا يفرق بَينهمَا بِنَحْوِ نَافِلَة بل بِقدر إِقَامَة ووضوء خَفِيف. وَالرَّابِع أَن يُوجد الْعذر عِنْد افتتاحهما وَسَلام الأولى.

ص: 187

وَالْخَامِس أَن يسْتَمر الْعذر الْمُبِيح للْجمع فِي غير جمع مطر وَنَحْوه إِلَى فرَاغ الثَّانِيَة، فَلَو أحرم بِالْأولَى نَاوِيا الْجمع لمطر ثمَّ انْقَطع وَلم يعد فَإِن حصل وَحل لم يبطل الْجمع وَإِلَّا بَطل لزوَال الْعذر الْمُبِيح وَيبْطل جمع تَقْدِيم براتبة بَينهمَا أَي المجموعتين وَيبْطل أَيْضا ب تَفْرِيق بَينهمَا بِأَكْثَرَ من وضوء خَفِيف وَإِقَامَة الصَّلَاة، أما التَّفْرِيق بِقدر ذَلِك فَلَا يضر لِأَنَّهُ يسير ومعفو عَنهُ، وهما من مصَالح الصَّلَاة. وَإِن جمع تَأْخِيرا اشْترط لَهُ ثَلَاثَة شُرُوط: الأول التَّرْتِيب. وَالثَّانِي نِيَّة الْجمع بِوَقْت الأولى قبل أَن يضيق وَقتهَا عَنْهَا. وَالثَّالِث بَقَاء الْعذر إِلَى دُخُول وَقت الثَّانِيَة، لِأَن المجوز للْجمع الْعذر، فَإِذا لم يسْتَمر إِلَى دُخُول وَقت الثَّانِيَة وَجب أَن يجوز الْجمع لزوَال الْمُقْتَضِي كَالْمَرِيضِ يبرأ وَالْمُسَافر يقدم. وَلَا يشْتَرط غير هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا تشْتَرط الْمُوَالَاة وَلَا بَأْس بالتطوع بَينهمَا. نصا. وَلَا تشْتَرط نِيَّة الْجمع، وَلَا اتِّحَاد الْمَأْمُوم وَالْإِمَام فَلَو صلاهَا خلف إمامين أَو خلف من لم يجمع أَو إِحْدَاهمَا مُنْفَردا وَالْأُخْرَى جمَاعَة أَو بمأموم الأولى وبآخر الثَّانِيَة أَو صلى بِمن لم يجمع صَحَّ ذَلِك كُله.

- وَتجوز صَلَاة الْخَوْف، ومشروعيتها بِالْكتاب وَالسّنة بِقِتَال مُبَاح وَلَو حضرا مَعَ خوف هجم الْعَدو بِأَيّ صفة صحت عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وزاده شرفا.

ص: 188

وَصحت عَنهُ صلى الله عليه وسلم من سِتَّة أوجه، قَالَ الْأَمَام 16 (أَحْمد) : صَحَّ عَن النَّبِي صَلَاة الْخَوْف من خَمْسَة أوجه أَو سِتَّة أوجه. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: من سِتَّة أوجه أَو سَبْعَة. قَالَ الْأَثْرَم: قلت لأبي عبد الله: تَقول بالأحاديث كلهَا أم تخْتَار وَاحِد مِنْهَا قَالَ: أَنا أَقُول من ذهب إِلَيْهَا كلهَا فَحسن. وَأما حَدِيث سهل فَأَنا أختاره. انْتهى. الْوَجْه الأول: إِذا كَانَ الْعَدو بِجِهَة الْقبْلَة يرى وَلم يخف كمين، صفهم الإِمَام صفّين أحرم بِالْجَمِيعِ، فَإِذا سجد الإِمَام سجد مَعَه الصَّفّ الأول وحرس الثَّانِي حَتَّى يقوم الإِمَام إِلَى الرَّكْعَة الثَّانِيَة فليسجد الحارس ويلحقه، ثمَّ الأولى تَأَخّر الأول وَتقدم الثَّانِي ليحصل التَّسَاوِي فِي فَضِيلَة الْموقف، وَلِأَنَّهُ أقرب مُوَاجهَة لِلْعَدو، ثمَّ فِي الثَّانِيَة يحرس الساجد مَعَه أَولا ثمَّ يلْحقهُ فِي التَّشَهُّد فَيسلم فِي الْجَمِيع. وَالْوَجْه الثَّانِي: إِذا كَانَ الْعَدو بِغَيْر جِهَتهَا، أَو بهَا وَلم ير قسمهم الإِمَام طائفتين تَكْفِي كل طَائِفَة الْعَدو، طَائِفَة تحرس هِيَ مؤتمة حكما فِي كل صلَاته، لِأَنَّهَا من حِين ترجع من الحراسة وَتحرم لَا تُفَارِقهُ حَتَّى يسلم بهَا وَالْمرَاد بعد دُخُولهَا مَعَه لَا قبله كَمَا نبه عَلَيْهِ الحجاوي فِي

ص: 189

حَاشِيَة التَّنْقِيح، تسْجد مَعَه لسَهْوه وَلَو فِي الأولى قبل دُخُولهَا لَا لسهوها إِن سهل لتحمل الإِمَام. وَطَائِفَة يُصَلِّي بهَا رَكْعَة وَهِي مؤتمة فِيهَا فَقَط وتسجد لسهو الإِمَام فِيهَا إِذا فرغت، فَإِذا استتم قَائِما إِلَى الثَّانِيَة نَوَت الْمُفَارقَة وأتمت لأنفسها وَمَضَت تحرس، ويبطلها مُفَارقَة قبل قِيَامه بِلَا عذر، ويطيل قِرَاءَته حَتَّى تحضر الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَه الثَّانِيَة، ويكرر التَّشَهُّد حَتَّى تَأتي بِرَكْعَة وتتشهد فَيسلم بهَا. وَهَذَا الْوَجْه مُتَّفق عَلَيْهِ. الْوَجْه الثَّالِث: أَن يُصَلِّي بطَائفَة رَكْعَة ثمَّ تمْضِي تحرس ثمَّ بِالْأُخْرَى رَكْعَة ثمَّ تمْضِي وَيسلم وَحده ثمَّ تَأتي الأولى فتتم صلَاتهَا بِقِرَاءَة ثمَّ تَأتي الْأُخْرَى فتفعل كَذَلِك. الْوَجْه الرَّابِع: أَن يُصَلِّي بِكُل طَائِفَة صَلَاة وَيسلم بهَا وغايته اقْتِدَاء المفترضين بالمنتفل وَهُوَ مغتفر هُنَا. الْوَجْه الْخَامِس أَن يُصَلِّي الرّبَاعِيّة الْجَائِز قصرهَا تَامَّة بِكُل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ بِلَا قَضَاء فَتكون لَهُم مَقْصُورَة وَله تَامَّة. وَالْوَجْه السَّادِس: أَن يُصَلِّي بِكُل طَائِفَة رَكْعَة بِلَا قَضَاء وَمنعه للْأَكْثَر. تَتِمَّة: الْوَجْه السَّابِع: من الْأَوْجه الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الإِمَام أَحْمد مَا أخرجه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، أَن تقوم مَعَه طَائِفَة وَأُخْرَى تجاه الْعَدو وظهرها إِلَى الْقبْلَة ثمَّ يحرم مَعَ الطائفتان ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَة هُوَ وَالَّذين مَعَه

ص: 190

ثمَّ يقوم إِلَى الثَّانِي وَيذْهب الَّذين مَعَه إِلَى وَجه الْعَدو فتأتي الْأُخْرَى فتركع وتسجد ثمَّ يُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ وَيجْلس وَتَأْتِي إِلَى اتجاه الْعَدو فتركع وتسجد وَيسلم بِالْجَمِيعِ.

- وَسن فِيهَا أَي صَلَاة الْخَوْف حمل سلَاح غير مثقل وَجَاز حمل نجس لحَاجَة وَيُعِيد، وَإِذا اشْتَدَّ الْخَوْف صلوا رجَالًا وركبانا للْقبْلَة وَغَيرهَا يومئون طاقتهم، وَيكون سجودهم أَخفض من ركوعهم، وَلَا يجب سُجُود على ظهر الدَّابَّة. وتنعقد صَلَاة الْجَمَاعَة فِي شدَّة الْخَوْف نصا، وَتجب إِن أمكنت مُتَابعَة ولمصل كرّ وفر لمصْلحَة وَلَا تبطل بِطُولِهِ. وَمن خَافَ أَو أَمن فِي صلَاته انْتقل وَبنى.

ص: 191