الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب الصّيام)
كتاب الصّيام. وَهُوَ لُغَة الْإِمْسَاك يُقَال: صَامَ النَّهَار إِذا وقف مسير الشَّمْس. والساكت صَائِم لإمساكه عَن الْكَلَام وَمِنْه 19 ((إِنِّي نذرت للرحمن صوما)) . وَشرعا إمْسَاك بنية عَن أَشْيَاء مَخْصُوصَة وَهِي مفسداته فِي زمن معِين وَهُوَ من طُلُوع الْفجْر الثَّانِي إِلَى غرُوب الشَّمْس، من شخص مَخْصُوص وَهُوَ الْمُسلم الْعَاقِل غير الْحَائِض وَالنُّفَسَاء. وَهُوَ أحد أَرْكَان الْإِسْلَام، افْترض فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة إِجْمَاعًا فصَام تِسْعَة رمضانات إِجْمَاعًا. يلْزم صِيَام رَمَضَان كل مُسلم فَلَا يجب على الْكَافِر وَلَو مُرْتَدا فَلَو ارْتَدَّ فِي يَوْم وَهُوَ صَائِم بَطل صَوْمه، ثمَّ إِن أسلم فِيهِ أَو بعده أَو ارْتَدَّ فِي ليلته أَو بعده ثمَّ أسلم فِيهِ فَعَلَيهِ الْقَضَاء، مُكَلّف فَلَا يجب على الصَّغِير وَالْمَجْنُون، وَيصِح من الْمُمَيز، وَيلْزم وليه أمره بِهِ إِذا أطاقه وضربه حِينَئِذٍ إِذا تَركه ليعتاده قَادر عَلَيْهِ، فَلَا يجب على عَاجز لنَحْو مرض لِلْآيَةِ،
بِرُؤْيَة الْهلَال مُتَعَلق بيلزم وَلَو كَانَت الرُّؤْيَة من عدل وَاحِد، ذكر أَو أُنْثَى حر أَو عبد، وَلَا يخْتَص ثُبُوته بحاكم وَلَا بِلَفْظ الشَّهَادَة، فَيلْزم الصَّوْم من سمع عدلا يخبر بِرُؤْيَة هلاله، وَتثبت بَقِيَّة الْأَحْكَام من حُلُول دُيُون وَوُقُوع طَلَاق وعتاق وَنَحْوهَا تبعا للصَّوْم، وَلَا يقبل فِي بَقِيَّة الشُّهُور إِلَّا رجلَانِ عَدْلَانِ بِلَفْظ الشَّهَادَة كَالنِّكَاحِ وَغَيره، وَالْفرق الِاحْتِيَاط لِلْعِبَادَةِ أَو بإكمال شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا، عطف على قَوْله بِرُؤْيَة الْهلَال أَو ب وجود مَانع من رُؤْيَته أَي الْهلَال لَيْلَة الثَّلَاثِينَ مِنْهُ أَي من شعْبَان كغيم وجبل وَغَيرهمَا كدخان وَبعد وَظُهُور قتر بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الغبرة، بنية رَمَضَان حكما ظنيا بِوُجُوبِهِ احتباطا لَا يَقِينا، ويجزىء إِن ظهر مِنْهُ، وَيثبت أَحْكَام الصَّوْم من صَلَاة تراويح وَوُجُوب كَفَّارَة بِوَطْء فِيهِ وَنَحْوه مَا لم يتَحَقَّق أَنه من شعْبَان، وَإِن نوى شخص صَوْم يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان بِلَا حجَّة شَرْعِيَّة من رُؤْيَة أَو كَمَال شعْبَان أَو حيلولة غيم وَنَحْوه كَأَن صَامَ بِحِسَاب نُجُوم وَلَو كثرت إصابتها فَبَان مِنْهُ لم يُجزئهُ. وَإِن رؤى الْهلَال نَهَارا فَهُوَ ل لَيْلَة الْمُقبلَة سَوَاء كَانَت الرُّؤْيَة قبل الزَّوَال أَو بعده أول الشَّهْر أَو آخِره، فَلَا يجب بِهِ صَوْم إِن كَانَ فِي أول الشَّهْر، وَلَا يُبَاح بِهِ فطر إِن كَانَ فِي آخِره، وَإِن صَار الشَّخْص أَهلا لوُجُوبه الصَّوْم فِي أَثْنَائِهِ الصَّوْم أَي الْيَوْم بِأَن بلغ صَغِير مفطر، أَو برىء مَرِيض أَو عقل مَجْنُون أَو قدم مُسَافر مُفطرا أَو طهرت حَائِض أَمْسكُوا وجوبا لحُرْمَة الْوَقْت وقضوا ذَلِك الْيَوْم مالم يبلغ الصَّغِير صَائِما بسن أَو احْتِلَام وَقد نوى من اللَّيْل فَيتم صَوْمه ويجزىء وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ كنذره إتْمَام نفل.
وَإِن علم مُسَافر أَنه يقدم غَدا لزمَه الصَّوْم لكبر وَهُوَ الْهم والهمة وَيُقَال الْهَرم والعجوز أَو أفطر ل مرض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ وَله ذَلِك إِجْمَاعًا أطْعم وجوبا لكل يَوْمًا مِسْكينا مد بر أَو نصف صَاع من غَيره وَلَا يجزىء أَن يَصُوم عَنهُ غَيره. وَإِن سَافر أَو مرض فَلَا فديَة عَلَيْهِ وَلَا قَضَاء ويعايا بهما. وَإِن أطْعم ثمَّ قدر على الْقَضَاء مكمعضوب حج عَنهُ ثمَّ عوفي، ذكره الْمجد. وَظَاهره أَنه لَا يجب الْقَضَاء بل يتَعَيَّن الْإِطْعَام قَالَه فِي الْمُبْدع، وَمَفْهُومه أَنه لَو عوفي قبل الْإِطْعَام تعين الْقَضَاء كالمعضوب إِذا عوفي قبل الْإِحْرَام نَائِبه، قَالَه فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه، وَقَالَ فِي الْمُنْتَهى: فَلَا يلْزمه قَضَاء مَا أفطره وَأخرج فديته اعْتِبَارا بِوَقْت الْوُجُوب. وَسن الْفطر وَكره الصَّوْم لمريض غير ميئوس من برئه يشق عَلَيْهِ الصَّوْم أَو يخَاف ضَرَرا بِزِيَادَة مَرضه أَو طوله بقول مُسلم ثِقَة، وَسن الْفطر وَكره الصَّوْم أَيْضا ل مُسَافر يقصر الصَّلَاة إِذا فَارق بيُوت قريته العامرة وَلَو بِلَا مشقة لحَدِيث (لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر) فَإِن صَامَ أَجزَأَهُ، وَإِن سَافر ليفطر حرم.
وَلَا يفْطر مَرِيض لَا يتَضَرَّر بِالصَّوْمِ كمن بِهِ جرب أَو وجع ضرس أَو إِصْبَع أَو دمل وَنَحْوه، وَقيل للْإِمَام أَحْمد مَتى يفْطر الْمَرِيض قَالَ: إِذا لم يسْتَطع. قيل: مثل الْحمى قَالَ: وَأي شَيْء أَشد من الْحمى وَقَالَ الْآجُرِيّ من صَنعته شاقة فَإِن خَافَ تلفا أفطر وَقضى إِن ضره ترك الصَّنْعَة، وَإِن لم يضرّهُ إِثْم وَإِلَّا فَلَا. وَمن قَاتل عدوا وأحاط الْعَدو بِبَلَدِهِ وَالصَّوْم يُضعفهُ سَاغَ لَهُ بِدُونِ سفر نصا. وَمن بِهِ شبق يخَاف مَعَه تشقق أنثييه أَو ذكره أَو مثانته جَامع وَقضى وَلَا يكفر نصا، وَإِن اندفعت شَهْوَته بِغَيْرِهِ كالاستمناء بِيَدِهِ أَو يَد زَوجته أَو جَارِيَته لم يجز لَهُ الْوَطْء، وَكَذَا إِن أمكنه أَن لَا يفْسد صَوْم زَوجته أَو أمته الْمسلمَة الْبَالِغَة بِأَن يطَأ زَوجته أَو أمته الكتابيتين أَو الصغيرتين أَو المجنونتين أَو دون الْفرج فَلَا يُبَاح لَهُ إِفْسَاد صومهما لعدم الضَّرُورَة إِلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ للضَّرُورَة. وَمَعَ الضَّرُورَة إِلَى وَطْء الْحَائِض والصائمة الْبَالِغَة فوطء الصائمة أولى لِأَن تَحْرِيم وَطْء الْحَائِض بِنَصّ الْقُرْآن الْعَظِيم. وَإِن لم تكن الصائمة بَالغا وَجب اجْتِنَاب الْحَائِض. وَإِن تعذر قَضَاء الصَّوْم لدوام شبق فككبير عجز عَن الصَّوْم على مَا تقدم. وَحكم الْمَرِيض الَّذِي ينْتَفع بِالْجِمَاعِ حكم من خَافَ تشقق فرجه. وَإِن نوى الْحَاضِر صَوْم يَوْم ثمَّ سَافر فِي أَثْنَائِهِ طَوْعًا أَو كرها فَلهُ الْفطر بعد خُرُوجه لَا قبله. وَالْأَفْضَل عَدمه. وَلَيْسَ لمن جَازَ لَهُ الْفطر برمضان أَن يَصُوم غَيره فِيهِ من قَضَاء أَو نذر أَو كَفَّارَة أَو نفل أَو غير ذَلِك.
وَإِن أفطرت حَامِل أَو أفطرت مرضع خوفًا على أَنفسهمَا فَقَط من الضَّرَر أَو على أَنفسهمَا مَعَ الْوَلَد قضتا أَي الْحَامِل والمرضع مَا أفطرتاه كالمرض فَقَط أَي بِلَا إطْعَام من أحد. وَإِن صامتا أجزأهما أَو أَي وَإِن أفطرتا خوفًا على وليدهما فَقَط لزم الْقَضَاء مَعَ الْإِطْعَام مِمَّن يمون الْوَلَد وَهُوَ مد بر أَو نصف صَاع من غَيره لكل يَوْم، وَله صرف الْإِطْعَام إِلَى مِسْكين وَاحِد جملَة، وَحكم من أرضعت غير وَلَدهَا حكم أم، فَإِن لم تفطر فَتغير لَبنهَا أَو نقص خير الْمُسْتَأْجر. وَإِن قصدت الْإِضْرَار أثمت وَكَانَ للْحَاكِم إلزامها بِالْفطرِ بِطَلَب الْمُسْتَأْجر قَالَه فِي الْإِقْنَاع، وَلَا يسْقط إطْعَام بعجز غير كَفَّارَة الْجِمَاع فِي الْحيض ونهار رَمَضَان. وَإِن وجد آدَمِيًّا مَعْصُوما فِي هلكة كغريق لزمَه مَعَ الْقُدْرَة إنقاذه، وَإِن دخل المَاء فِي حلقه لم يفْطر، وَإِن حصل بِسَبَب إنقاذه ضعف فِي نَفسه فَأفْطر فَلَا فديَة كَالْمَرِيضِ، وَمن نوى الصَّوْم لَيْلًا ثمَّ أغمى عَلَيْهِ أَو جن جَمِيع النَّهَار لم يَصح صَوْمه، وَإِن أَفَاق مِنْهُ جزاءا أَو نَام جَمِيعه صَحَّ نَومه، وَلَا يلْزم الْمَجْنُون قَضَاء زمن جُنُونه سَوَاء كَانَ الشَّهْر كُله أَو بعضه، وَيقْضى الْمغمى عَلَيْهِ وجوبا لِأَنَّهُ مرض وَهُوَ مغط على الْعقل غير رَافع للتكليف وَلَا تطول مدَّته، وَلَا يَصح صَوْم فرض إِلَّا بنية مُعينَة لكل يَوْم وَاجِب بِأَن يعْتَقد أَنه يَصُوم من رَمَضَان أَو قَضَائِهِ أَو نذر أَو كِفَايَة، يَأْتِي بهَا بِجُزْء من اللَّيْل، وَظَاهره أَنه لَا يَصح فِي نَهَار يَوْم بِصَوْم غَد، قَالَه فِي الْمُبْدع لحَدِيث
(من لم يبيت الصّيام من اللَّيْل فَلَا صِيَام لَهُ) وَإِن أَتَى بعد النِّيَّة بمناف للصَّوْم لم يضر. وَمن خطر بِبَالِهِ أَنه صَائِم غَدا فقد نوى، وَالْأكل وَالشرب بنية الصَّوْم نِيَّة. وَلَا يجب مَعَ التَّعْيِين نِيَّة الْفَرْضِيَّة. وَلَو نوى لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان: إِن كَانَ غَدا من رَمَضَان فَفرض وَإِلَّا فنفل أَو عَن وَاجِب غَيره من قَضَاء أَو نذر أَو كَفَّارَة وعينه بنية لم يُجزئهُ إِن بَان من رَمَضَان أَو غَيره لَا عَن رَمَضَان وَلَا عَن ذَلِك الْوَاجِب لعدم جزمه بِالنِّيَّةِ لأَحَدهمَا، وَإِن قَالَ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من رَمَضَان إِن كَانَ غَدا من رَمَضَان ففرضي وَإِلَّا فمفطر صَحَّ صَوْمه إِن بَان مِنْهُ. وَإِن نوى خَارج رَمَضَان قَضَاء أَو نفلا أَو نذرا أَو كَفَّارَة ظِهَار فنفل، قَالَه فِي الْمُنْتَهى، ورده صَاحب الْإِقْنَاع بِأَن من عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان لَا يَصح تطوعه قبله. وَإِن قَالَ: أَنا صَائِم غَدا إِن شَاءَ الله تَعَالَى، فَإِن قصد بِالْمَشِيئَةِ الشَّك أَو التَّرَدُّد فِي الْعَزْم وَالْقَصْد فَسدتْ نِيَّته وَإِن نوى التَّبَرُّك فَقَط فَلَا فطر وَيصِح نفل مِمَّن لم يفعل مُفْسِدا فِي ذَلِك الْيَوْم بنيته فِيهِ نَهَارا مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَت النِّيَّة قبل الزَّوَال أَو بعده نَص عَلَيْهِ، وَيحكم بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيّ المثاب عَلَيْهِ من وَقت النِّيَّة، وَإِن نوى الْإِفْطَار فكمن لم ينْو لَا كمن أكل فَيصح أَن ينويه نفلا بِغَيْر رَمَضَان نصا.