المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

3 - ‌ ‌(فصل .) وَمن اشْترى مَكِيلًا كقفيز من صبرَة وَنَحْوه أَي - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: 3 - ‌ ‌(فصل .) وَمن اشْترى مَكِيلًا كقفيز من صبرَة وَنَحْوه أَي

3 -

‌(فصل

.)

وَمن اشْترى مَكِيلًا كقفيز من صبرَة وَنَحْوه أَي الْمكيل كموزون ومعدود ومذروع كرطل من زبرة حَدِيد أَو كبيض على أَنه مائَة أَو كَثوب على أَنه عشرَة أَذْرع، ملك الْمَبِيع وَلزِمَ البيع فِيهِ بِالْعقدِ وَلم يَصح تصرفه أَي المُشْتَرِي فِيهِ أَي فِيمَا اشراه بكيل وَنَحْوه قبل قَبضه أَي مَبِيع بِبيع وَلَا غَيره. وَيصِح عتقه وَجعله مهْرا وخلع عَلَيْهِ وَوَصِيَّة بِهِ، وينفسخ العقد فِيمَا تلف قبل قَبضه بِآفَة سَمَاوِيَّة وَهِي الَّتِي لَا صنع لآدَمِيّ فِيهَا وَتَأْتِي لِأَنَّهُ من ضَمَان بَائِعه وَيُخَير مُشْتَر إِن بَقِي مِنْهُ شَيْء بَين أَخذه بِقسْطِهِ ورده. وَإِن تلف بِإِتْلَاف مُشْتَر أَو تعييبه لَهُ فَلَا خِيَار لَهُ. وبفعل بَائِع أَو أَجْنَبِي يُخَيّر مُشْتَر بَين فسخ وَبَين إِمْضَاء وَطلب متْلف بِمثل مثلى وَقِيمَة مُتَقَوّم مَعَ تلف، وَأرش نقص مَعَ تعيب. وَمَا عدا ذَلِك كَعبد معِين وَنَحْوه يجوز التَّصَرُّف فِيهِ قَبضه، وإجارته وَرَهنه وعتقه وَغير ذَلِك لِأَن التَّعْيِين كَالْقَبْضِ، فَإِن تلف فَمن ضَمَان مُشْتَر تمكن من قَبضه أَو لَا إِذا لم يمنعهُ بَائِع من قَبضه، إِلَّا الْمَبِيع بِصفة وَلَو معينا، أَو بِرُؤْيَة مُتَقَدّمَة فَلَا يَصح التَّصَرُّف فِيهِ قبل قَبضه

ص: 390

وَثمن لَيْسَ فِي الذِّمَّة كَثمن فِي حكمه فسابق فَلَو اشْترى شَاة بشعير فأكلته قبل قَبضه. فَإِن لم تكن بيد أحد انْفَسَخ البيع كالآفة السماوية وَإِن كَانَت بيد مُشْتَر أَو أَجْنَبِي خير بَائِع كَمَا مر. وَمَا فِي ذمَّة من ثمن ومثمن لَهُ أَخذ بدله لاستقراره فِي ذمَّته. وَحكم كل عوض ملك بِعقد مَوْصُوف بِأَنَّهُ يَنْفَسِخ بهلاكه قبل قَبضه كَأُجْرَة معينه وَعوض فِي صلح بِمَعْنى بيع وَنَحْوهمَا حكم عوض فِي بيع فِي جَوَاز التَّصَرُّف وَمنعه، وَكَذَا مَا لَا يَنْفَسِخ بهلاكه قبل قَبضه كعوض عتق وخلع وَمهر ومصالح بِهِ عَن دم عمد وَأرش جِنَايَة وَقِيمَة متْلف وَنَحْوه لَكِن يجب بتلفه مثله أَو قِيمَته وَيحصل قبض مَا بيع بكيل وَنَحْوه كوزن وعد وذرع بذلك أَي بِالْكَيْلِ أَو الْوَزْن أَو الْعد أَو الذرع مَعَ حُضُور مُشْتَر أَو حُضُور نَائِبه أَي المُشْتَرِي لقِيَامه مقَامه، ووعاؤه أَي المُشْتَرِي كَيده لِأَنَّهُمَا لَو نتازعا فِيهِ كَانَ لرَبه. وَتكره زَلْزَلَة الْكَيْل. يَصح قبض مُتَعَيّن بِغَيْر رضَا بَائِع وَقبض وَكيل من نَفسه لنَفسِهِ، كَأَن يكون لمدين وَدِيعَة عِنْد رب الدّين من جنسه فيوكله فِي أَخذ قدر حَقه لَهُ مِنْهَا، لِأَنَّهُ يَصح أَو يُوكل فِي البيع من نَفسه فصح أَن يُوكله فِي الْقَبْض مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ من غير جنس مَا الْوَكِيل على الْمُوكل كَأَن كَانَ الدّين دَنَانِير والوديعة دَرَاهِم فَلَا يَأْخُذ مِنْهَا عوض الدَّنَانِير، لِأَنَّهَا مُعَاوضَة تحْتَاج إِلَى عقد وَلم يُوجد. وَإِن قَبضه ثِقَة بقول باذل أَنه قدر حَقه وَلم يحضر كَيْله أَو وَزنه ثمَّ اختبره فَوجدَ نَاقِصا، قبل قَول الْقَابِض فِي قدر نَقصه بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنكر إِن

ص: 391

لم تكن بَيِّنَة وَتلف أَو اخْتلفَا فِي بَقَائِهِ على حَاله، وَإِن اتفقَا فِي بَقَائِهِ على حَاله اعْتبر بِالْكَيْلِ وَنَحْوه. فَإِن صدقه قَابض فِي قدره برىء مقبض وتلفه على قَابض، وَلَا تقبل دَعْوَى نَقصه بعد تَصْدِيقه. وَيحصل قبض صبرَة يبعت جزَافا بِنَقْل وَقبض مَنْقُول كأحجار طواحين وَثيَاب بِنَقْل، وحيوان بتمشيته قَالَه فِي الشَّرْح والمبدع، وَيحصل قبض مَا يتَنَاوَل بِالْيَدِ كالأثمان والجواهر بتناوله إِذْ الْعرف فِيهِ بذلك وَيحصل قبض غَيره أَي الْمُتَقَدّم ذكره كعقار وثمر على شجر بتخلية بَائِع بَينه وَبَين مُشْتَر بِلَا حَائِل، وَلَو كَانَ بِالدَّار مَتَاع بَائِع، لِأَن الْقَبْض مُطلق فِي الشَّرْع فَيرجع فِيهِ إِلَى الْعرف كالحرز والتفرق، وَالْعرْف فِي ذَلِك مَا سبق، لَكِن يعْتَبر فِي جَوَاز قبض مشَاع بِنَقْل إِذن شَرِيكه فَلَو أَبى الشَّرِيك الْإِذْن وَكله مُشْتَر فِي قَبضه، وَإِن أَبى أَن يُوكل أَو أَبى الشَّرِيك أَن يتوكل نصب حَاكم من يقبض لَهما الْعين وأجرته عَلَيْهِمَا إِن كَانَ بِأُجْرَة. وَإِن سلم بَائِع الْمَبِيع لمشتر بِلَا إِذن شَرِيكه فَهُوَ غَاصِب وقرار الضَّمَان على مُشْتَر إِن علم، وَإِلَّا فعلى بَائِع الْمَبِيع. وَأُجْرَة كيال ووزان وعداد وذراع ونقاد لمنقول قبل قَبضه على باذل، وَأُجْرَة نقل على مُشْتَر نصا، وَلَا يضمن ناقد حاذق أَمِين خطا مُتَبَرعا كَانَ أَو بِأُجْرَة، لِأَنَّهُ أَمِين فَإِن لم يكن حاذقا أَو أَمينا ضمن كَمَا لَو كَانَ عمدا. وَالْإِقَالَة فسخ للْعقد لَا بيع، فَتَصِح فِي الْمَبِيع وَلَو قبل قَبضه كسلم وَغَيره حَتَّى فِيمَا بيع بكيل وَنَحْوه قبل قَبضه لِأَنَّهَا فسخ وَتَصِح بعد نِدَاء

ص: 392

جُمُعَة كَسَائِر الفسوخ، وَمن مضَارب وَشريك وَلَو بِلَا إِذن، وَلَا يَحْنَث بهَا من حلف لَا يَبِيع، وَمؤنَة رد على بَائِع وَتسن الْإِقَالَة للنادم من بَائِع ومشتر، وَتَصِح مَعَ تلف ثمن لَا مَعَ تلف مثمن وَلَا مَعَ موت عَاقد وَلَا بِزِيَادَة على ثمن أَو نَقصه أَو بِغَيْر جنسه. وَالْفَسْخ رفع عقد من حِين فسخ لَا من أَصله، فَمَا حصل من كسب ونماء مُنْفَصِل فلمشتر.

ص: 393

فصل فِي أَحْكَام الرِّبَا وَالصرْف. الرِّبَا محرم إِجْمَاعًا لقَوْله تَعَالَى 19 ((وَحرم الرِّبَا)) وَهُوَ من الْكَبَائِر لعده فِي السَّبع الموبقات. وَهُوَ مَقْصُور يكْتب بِالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء، وَهُوَ لُغَة الزِّيَادَة، وَشرعا تفاضل فِي أَشْيَاء وَهِي المكيلات والموزونات بالموزونات، وَنسَاء فِي أَشْيَاء وَهِي المكيلات وَلَو بِغَيْر جِنْسهَا، والموزونات كَذَلِك، مُخْتَصّ بأَشْيَاء وَهِي المكيلات والموزونات وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحدهمَا رَبًّا فضل، وَالثَّانِي رَبًّا نَسِيئَة. ف أما رَبًّا الْفضل ف يحرم فِي كل مَكِيل بيع بجنسة مُتَفَاضلا، وَفِي كل مَوْزُون بيع بِجِنْسِهِ مُتَفَاضلا من نقد وَغَيره وَلَو كَانَ الْمَبِيع يَسِيرا لَا يَتَأَتَّى كَيْله كتمرة بتمرة أَو تمرتين، وَلَا وَزنه كَمَا دون الأرزة من الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَسَوَاء كَانَ مطعوما كالحبوب وكاللوز والفستق والبندق والعناب والمشمش وَالتَّمْر وَالزَّبِيب الزعرور وَالزَّيْتُون وَالْملح، أَو غير مطعوم كالذهب وَالْفِضَّة والنحاس والرصاص وَالْحَدِيد وَالْحَرِير

ص: 394

والكتان وَالصُّوف والقطن، وَمَا عدا ذَلِك فمعدود لَا يجرى فِيهِ الرِّبَا، وَلَو مطعوما كالبطيخ والقثاء وَالْخيَار والجوز وَالْبيض وَالرُّمَّان والسفرجل والتفاح وَالثيَاب وَالْحَيَوَان، وَلَا فِيمَا أخرجته الصِّنَاعَة عَن الْوَزْن كالسلاح والفلوس والأواني من النّحاس وَنَحْوه غير الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَلَا فِي مَال الْإِبَاحَة وَعدم ثمن لَهُ عَادَة، وَيصِح بِهِ أَي يَصح بيع قَلِيل بِمثلِهِ وموزون بِمثلِهِ بِشَرْطَيْنِ. أَحدهمَا: مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله مُتَسَاوِيا، وَالثَّانِي: الْقَبْض قبل التَّفَرُّق. وَيصِح بيع جنس بِغَيْرِهِ مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ بتفاضل أَو لَا بِشَرْط قبض قبل تفرق من مجْلِس عقد، فَيصح بيع مد من الْحِنْطَة بِخَمْسَة أَمْدَاد من الشّعير بِشَرْط الْقَبْض قبل التَّفَرُّق، وَلَا يَصح بيع مَكِيل بِجِنْسِهِ وزنا وَلَا عَكسه أَي بيع مَوْزُون بِجِنْسِهِ كَيْلا إِلَّا إِذا علم تساويهما أَي الْمكيل الْمَبِيع بِجِنْسِهِ وزنا وَالْمَوْزُون الْمَبِيع بِجِنْسِهِ كَيْلا فِي المعيار أَي معياره الشَّرْعِيّ وَيصِح إِذا اخْتلف الْجِنْس كتمر ببر كَيْلا ووزنا وجزافا لقَوْله:(إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَشْيَاء فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد) رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ يجوز التَّفَاضُل بَينهمَا فَجَاز جزَافا. وَيصِح بيع لحم إِذا نزع عظمه. وَلحم بحيوان من غير جنسه كقطة لحم إبل بِشَاة وَعسل بِمثلِهِ إِذا صفى وَفرغ مَعَه غَيره لمصْلحَة أَو مُنْفَردا كجبن بجبن وَسمن بِسمن متماثلا. وَالْجِنْس مَا شَمل أنواعا كالذهب وَالْفِضَّة وَالْبر وَالشعِير وَالْملح

ص: 395

فَهَذِهِ كلهَا أَجنَاس وفروعها أَجنَاس أَيْضا كالأدقة والأخباز والأدهان والخلول وَنَحْوهَا، فدقيق الْبر جنس ودقيق الشّعير جنس وخبز كل وَاحِد جنس والشيرج جنس وَاللَّحم وَاللَّبن أَجنَاس باخْتلَاف أُصُولهَا والشحم والمخ والألية وَالْقلب وَالطحَال والرئة والكلية والكبد والأكارع والرءوس والجلود والمعي والأصواف وَالْعِظَام وَنَحْوهَا أَجنَاس فَيصح بيع رَطْل لحم برطلي مخ وَنَحْو ذَلِك، وَيصِح بيع دَقِيق رِبَوِيّ بدقيقه إِذا اسْتَويَا نعومة، ومطبوخة بمطبوخه وخبزه بخبزه إِذا اسْتَويَا نشافا أَو رُطُوبَة، وعصير بعصيره ورطبه برطبه ويابسه بيابسه ومنزوع نَوَاه بِمثلِهِ بِشَرْط الْمُمَاثلَة فِي الْكل، وَالْقَبْض قبل التَّفَرُّق. لَا بيع منزوع نَوَاه مَعَ نَوَاه بِمثلِهِ لِأَنَّهُ يصير كَمَسْأَلَة مد عَجْوَة وَدِرْهَم تأتى وَلَا منزوع نَوَاه بِمَا نَوَاه فِيهِ، وَلَا حب بدقيقه أَو سويقه، وَلَا دَقِيق حب بسويقه وَلَا خبز بحب أَو دقيقه أَو سويقه للْجَهْل وَلَا نيئة بمطبوخه وَلَا أصل بعصيره كزيتون بزيته وَنَحْوه، وَلَا خالصه أَو مشوبه بمشوبه وَلَا رطب بيابسه، وَلَا المحاقلة وَهِي بيع الْحبّ المشتد فِي سنبله بِجِنْسِهِ، لِأَن الْجَهْل بالتساوي كَالْعلمِ بالتفاضل. وَيصِح بِغَيْر جنسه. وَلَا الْمُزَابَنَة وَهِي بيع الرطب على رُءُوس النّخل بِالتَّمْرِ إِلَّا فِي الْعَرَايَا وَهِي بَيْعه خرصا بِمثل مَا يؤول إِلَيْهِ إِذا جف كَيْلا فِيمَا دون خَمْسَة أوسق لمحتاج لرطب وَلَا ثمن مَعَه بِشَرْط الْحُلُول والتقابض فِي مجْلِس العقد فَقبض مَا على نخل بِتَخْلِيَتِهِ وتمر بكيل وَتقدم، فَلَو سلم أَحدهمَا ثمَّ مشيا فَسلم الآخر قبل التَّفَرُّق صَحَّ، وَلَا تصح الْمُزَابَنَة فِي بَقِيَّة الثِّمَار.

ص: 396

وَيصِح بيع نوى بِتَمْر فِيهِ نوى، وَلبن بِذَات لبن وصوف بحيوان عَلَيْهِ صوف، وَدِرْهَم فِيهِ نُحَاس بنحاس أَو بِدَرَاهِم مُسَاوِيَة فِي غش، لِأَن النَّوَى بِالتَّمْرِ وَالصُّوف وَاللَّبن بِالْحَيَوَانِ والنحاس بِالدَّرَاهِمِ غير مَقْصُود فَلَا أثر لَهُ، أشبه حبات الشّعير بِالْحِنْطَةِ. وَيصِح بيع تُرَاب مَعْدن وصاغة بِغَيْر جنسه لَا بِجِنْسِهِ، وَلَا يَصح بيع رِبَوِيّ بِجِنْسِهِ مَعَهُمَا أَو مَعَ أَحدهمَا من غير جنسهما كمد عَجْوَة وردهم بمثلهما، أَو مد عَجْوَة وَدِرْهَم بمدين أَو بِدِرْهَمَيْنِ إِلَّا أَن يكون مَعَ الرِّبَوِيّ شَيْء لَا يقْصد كخبز فِيهِ ملح بِمثلِهِ وَنَحْوه فَيصح، لِأَن الْملح فِي الْخبز لَا يُؤثر فِي الْوَزْن فوجوده كَعَدَمِهِ، وَيصِح: أَعْطِنِي بِنصْف هَذَا الدِّرْهَم نصفا وبالآخر فُلُوسًا أَو حَاجَة أَو أَعْطِنِي بِهِ نصا وفلوسا، وَيصِح قَوْله للصائغ: صغ لي خَاتمًا من فضه وَزنه دِرْهَم وَأُعْطِيك مثل وَزنه وأجرتك درهما، وللصائغ أَخذ الدرهمين أَحدهمَا فِي مُقَابل فضَّة الْخَاتم وَالثَّانِي أجرته، وَلَيْسَ بيع دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ. ومرجع كيل عرف الْمَدِينَة وَوزن عرف مَكَّة على عهد النَّبِي ومالا عرف لَهُ هُنَاكَ يعْتَبر فِي مَوْضِعه، فَإِن اخْتلف اعْتبر الْغَالِب فَإِن لم يكن رد إِلَى أقرب مَا يُشبههُ بالحجاز، وكل مَائِع مَكِيل. وَأما رَبًّا النَّسِيئَة من النِّسَاء بِالْمدِّ وَهُوَ التَّأْخِير ف يحرم فِي مَا أَي مبيعين اتفقَا فِي عِلّة رَبًّا فضل بَيَان فضل وَهُوَ الْكَيْل وَالْوَزْن وَإِن اخْتلف الْجِنْس كمكيل بيع بمكيل من جنسه أَو غَيره بِأَن بَاعَ مد بر بِجِنْسِهِ أَو شعير وك مَوْزُون بيع بموزون كَأَن بَاعَ رَطْل حَدِيد بِجِنْسِهِ أَو بنحاس وَنَحْوه نسَاء فَيشْتَرط فِيمَا بيع بذلك حُلُول وَقبض بِالْمَجْلِسِ.

ص: 397

تَنْبِيه: التَّقَابُض هَهُنَا اعْتبر شَرط لبَقَاء العقد بِالصِّحَّةِ، إِذْ الْمَشْرُوط لَا يتَقَدَّم على شَرطه. إِلَّا أَن يكون الثّمن أحد النَّقْدَيْنِ كسكر بِدَرَاهِم وخبز بِدَنَانِير فَيصح لِأَنَّهُ لَو حرم النِّسَاء فِي ذَلِك لسد بَاب السّلم فِي الموزونات غَالِبا وَقد رخص فِيهِ الشَّرْع، وأصل رَأس مَاله النقدان، إِلَّا فِي صرف النَّقْد بفلوس نافقة نصا فَيشْتَرط الْحُلُول وَالْقَبْض إِلْحَاقًا لَهَا بالنقدين، قَالَه فِي الْمُنْتَهى وَشَرحه. وَجوز فِي الْإِقْنَاع النِّسَاء فِي ذَلِك وَهُوَ اخْتِيَار الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَابْن عقيل وَغَيرهمَا وَيجوز بيع مَكِيل بموزون كبر بسكر وَيجوز عَكسه كحديد بشعير مُطلقًا أَي سَوَاء تفَرقا قبل الْقَبْض أَو لَا سَوَاء كَانَ نسَاء أَو لَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فِي عِلّة رَبًّا الْفضل أشبه بيع غير الرِّبَوِيّ بِغَيْرِهِ. وَمَا كَانَ بِمَا لَيْسَ بمكيل وَلَا مَوْزُون كثياب وحيوان وَغَيرهمَا لجَوَاز النِّسَاء فِيهِ سَوَاء بيع بِجِنْسِهِ أَو بِغَيْر جنسه متساويان ومتفاضلان. وَلَا يَصح بيع كالىء بكالىء، وَهُوَ بيع دين بدين مُطلقًا لنَهْيه عَن بيع الكالىء بالكالىء، وَله صور مِنْهَا بيع مَا فِي الذِّمَّة حَالا من عرُوض وأثمان بِثمن إِلَى أجل لمن هُوَ عَلَيْهِ وَلغيره، وَمِنْهَا جعل الدّين رَأس مَال سلم، بِأَن يكون لَهُ

ص: 398

على آخر دين فَيَقُول: جعلت مَا فِي ذِمَّتك رَأس مَال سلم على كَذَا، وَمِنْهَا لَو كَانَ لكل وَاحِد من اثْنَيْنِ دين على صَاحبه من غير جنسه كالذهب وَالْفِضَّة وتصادفاهما وَلم يحضراهما أَو أَحدهمَا فَإِنَّهُ لَا يجوز، سَوَاء كَانَا حَالين أَو مؤجلين، فَإِن أحضراهما أَو كَانَ عِنْده أَمَانَة أَو غصبا وَنَحْوه جَازَ وتصارفا على مَا يرضيان بِهِ من السّعر. وَالصَّحِيح من الْمَذْهَب أَن يكون بِسعْر يَوْمه وَلَا يجْبر أَحدهمَا على سعر لَا يُريدهُ، فَإِن لم يتَّفقَا على سعر أدّى كل وَاحِد مَا عَلَيْهِ، وَلَو كَانَ لرجل على آخر دِينَار فقضاه دَرَاهِم مُتَفَرِّقَة شَيْئا بعد شَيْء فَإِن كَانَ يُعْطِيهِ كل نقدة بحسابها من الدِّينَار بِأَن يَقُول لَهُ: هَذَا الدِّرْهَم عَن عشر الدِّينَار مثلا أَو هَذَانِ الدرهمان عَن خَمْسَة صَحَّ الْقَضَاء لِأَنَّهُ بيع دين بِعَين، فَإِن لم يفعل ذَلِك ثمَّ تحاسبا بعد فصارفه بهَا وَقت المحاسبة لم يجز، لِأَنَّهُ بيع دين بدين. والحيل كلهَا غير جَائِزَة فِي شَيْء من أُمُور الدّين، وَهِي التوسل إِلَى محرم بِمَا ظَاهره الْإِبَاحَة. وَيجوز صرف ذهب بِفِضَّة وَهُوَ بَيْعه بِهِ، وَالصرْف مَأْخُوذ من الصريف وَهُوَ تصويت النَّقْد بالميزان وَيجوز عَكسه أَي صرف فضَّة بِذَهَب. وَالْقَبْض فِي الْمجْلس شَرط، فَإِن طَال الْمجْلس أَو تماشيا مصطحبين إِلَى منزل أَحدهمَا أَو إِلَى الصراف فتقابضا عِنْده جَازَ، وَإِذا اقترق متصارفان قبل التَّقَابُض من الْجَانِبَيْنِ بَطل العقد، وَإِن قبض الْبَعْض ثمَّ افْتَرقَا كفرقة خِيَار مجْلِس قبل تقابض الْبَاقِي بَطل العقد فِيمَا لم

ص: 399

يقبض نصا. . وَإِن مَاتَ أحد المتصارفين قبل التَّقَابُض بَطل العقد لَا بعده وَقبل التَّفَرُّق. وَلَو كَانَ لرجل على آخر عشرَة دَنَانِير فوفاه عشرَة عددا، فَوَجَدَهَا أحد عشر كَانَ الدِّينَار الزَّائِد فِي يَد الْقَابِض مشَاعا مَضْمُونا لمَالِكه. وَإِن كَانَ لَهُ عِنْده دِينَار وَدِيعَة فصارفه بِهِ وَهُوَ مَعْلُوم بَقَاؤُهُ أَو مظنون صَحَّ الصّرْف، وَإِن ظن عَدمه فَلَا، وَإِن شكّ فِي عَدمه صَحَّ لِأَن الأَصْل بَقَاؤُهُ، فَإِن تبين عَدمه حِين العقد تبنيا أَي العقد وَقع بَاطِلا. وصارف فضَّة بِدِينَار أعْطى أَكثر مِمَّا بالدينار ليَأْخُذ قدر حَقه مِنْهُ فَفعل جَازَ وَلَو بعد تفرق لوُجُود التَّقَابُض قبل التَّفَرُّق وَإِنَّمَا أخر للتمييز، وَالزَّائِد أَمَانَة بِيَدِهِ. وَيحرم الرِّبَا بَين الْمُسلمين وَبَين الْمُسلم وَالْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام وَدَار الْحَرْب، وَلَو لم يكن بَينهمَا أَمَان، لَا بَين سيد ورقيقه وَلَو مُدبرا أَو أم ولد أَو مكَاتبا فِي مَال الْكِتَابَة فَقَط فِيمَا إِذا عجل الْبَعْض وَأسْقط عَنهُ الْبَاقِي. وَيجوز الصّرْف والمعاملة بمغشوش وَلَو بِغَيْر جنسه كالدراهم تغش بنحاس، لمن يعرف الْغِشّ، فَإِن اجْتمعت عِنْده دَرَاهِم زيوف أَي نُحَاس فَإِنَّهُ يمْسِكهَا وَلَا يَبِيعهَا وَلَا يُخرجهَا فِي مُعَاملَة وَلَا صَدَقَة، فَإِن قابضها رُبمَا خلطها بِدَرَاهِم جَيِّدَة وأخرجها على من لَا يعرف حَالهَا فَيكون تغريرا للْمُسلمين وَإِدْخَال للضَّرَر عَلَيْهِم. قَالَ الإِمَام 16 (أَحْمد) : إِنِّي أَخَاف يغر بهَا الْمُسلمين وَلَا أَقُول: إِنَّه حرَام. قَالَ فِي الشَّرْح: فقد صرح بِأَنَّهُ إِنَّمَا كرهه لما فِيهِ من التَّغْرِير بِالْمُسْلِمين، قَالَه فِي الْإِقْنَاع.

ص: 400

ويتميز ثمن عَن مثمن بباء الْبَدَلِيَّة وَلَو أَن أَحدهمَا نقد، وَمن اشْترى شَيْئا بِنصْف دِينَار لزمَه شقّ أَي نصف من دِينَار، ثمَّ إِن اشْترى شَيْئا آخر بِنصْف لزمَه شقّ آخر وَيجوز إِعْطَاؤُهُ عَنهُ دِينَارا صَحِيحا لِأَنَّهُ قد زَاده خيرا.

ص: 401