الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. الْأَذَان لُغَة الْإِعْلَام، وَشرعا إِعْلَام بِدُخُول وَقت الصَّلَاة، أَو قربه بفجر فَقَط وَالْإِقَامَة مصدر أَقَامَ، وَحَقِيقَته إِقَامَة الْقَاعِد والمضطجع، فَكَأَن الْمُؤَذّن إِذا أَتَى بِأَلْفَاظ الْإِقَامَة أَقَامَ القاعدين وأزالهم عَن قعودهم، وَشرعا إِعْلَام بِالْقيامِ إِلَى الصَّلَاة بِذكر مَخْصُوص. وَالْأَذَان أفضل من الْإِقَامَة والإمامة. وَسن أَذَان فِي يَمِين أُذُنِي مَوْلُود ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى حِين يُولد وَإِقَامَة فِي أُذُنه الْيُسْرَى. وَيَأْتِي فِي الشَّرْح أَيْضا آخر الْعَقِيقَة. وهما فرضا كِفَايَة لِأَنَّهُمَا من شَعَائِر الْإِسْلَام الظَّاهِرَة فَكَانَا فَرضِي كِفَايَة كالجهاد على الرِّجَال اثْنَيْنِ فَأكْثر لَا وَاحِد وَالنِّسَاء والخناثي الْأَحْرَار فَلَا يجبان على الأرقاء والمبعضين إِذْ فرض الْكِفَايَة لَا يلْزم رَقِيقا المقيمين فِي الْقرى والأمصار. وَإِن اقْتصر مُسَافر أَو مُنْفَرد على الْإِقَامَة لم يكره للصلوات الْخمس دون الْمَنْذُورَة وَغَيرهَا المؤداة لَا المقضيات وَالْجُمُعَة ويسنان لمنفرد ومسافر، ويكرهان لِنسَاء وَلَو بِلَا رفع صَوت، وَيُقَاتل أهل
بلد تركوهما، وَيحرم أَخذ الْأُجْرَة عَلَيْهِمَا، فَإِن لم يُوجد مُتَطَوّع بهما رزق الإِمَام من بَيت المَال من يقوم بهما وَلَا يَصح الْأَذَان إِلَّا مُرَتبا متواليا عرفا ليحصل الْإِعْلَام، وَلِأَن مشروعيته كَانَت كَذَلِك، فَإِن تكلم بِمحرم أَو سكت طَويلا بَطل للإخلال بالموالاة وَكره فِي أَثْنَائِهِ كَلَام يسير غير محرم وسكوت بِلَا حَاجَة. وَلَا يَصح إِلَّا منويا لحَدِيث (إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ) وَلَا يَصح إِلَّا من ذكر، فَلَا يعْقد بِأَذَان امْرَأَة وَخُنْثَى قَالَه جمَاعَة، لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ كالحكاية، وَلَا يَصح إِلَّا من وَاحِد، وَلَو أذن وَاحِد بعضه وكمله آخر لم يَصح، قَالَ فِي الْإِنْصَاف: بِغَيْر خلاف أعلمهُ. وَلَا يَصح إِلَّا من مُمَيّز، قَالَ فِي الاختيارات: الْأَشْبَه أَن الْأَذَان الَّذِي يسْقط بِهِ الْفَرْض عَن أهل الْقرْيَة ويعتمد فِي وَقت الصَّلَاة وَالصِّيَام لَا يجوز أَن يباشره صبي وَاحِد، وَلَا يسْقط الْفَرْض بِهِ وَلَا يعْتَمد فِي الْعِبَادَات، وَأما الْأَذَان الَّذِي يكون سنة مُؤَكدَة فِي مثل الْمَسَاجِد الَّتِي فِي مصر وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا فِيهِ الرِّوَايَتَانِ وَالصَّحِيح جَوَازه. انْتهى. وَلَا يَصح إِلَّا من عدل وَلَو ظَاهرا لِأَنَّهُ وصف المؤذنين بالأمانة وَالْفَاسِق غير أَمِين. قَالَ فِي الشَّرْح: أما مَسْتُور الْحَال فَيصح أَذَانه بِغَيْر خلاف علمناه. وَلَا يَصح إِلَّا بعد دُخُول الْوَقْت إِذا كَانَ الْأَذَان لغير فجر وَأما أَذَان الْفجْر بعد نصف اللَّيْل.
وَسن كَونه أَي كَون الْمُؤَذّن صيتًا أَي رفيع الصَّوْت وَسن كَونه أَمينا لحَدِيث (أُمَنَاء النَّاس على صلَاتهم وسحورهم المؤذنون) وَسن كَونه عَالما بِالْوَقْتِ ليؤمن خَطؤُهُ وَلَو عبدا، وَسن كَونه بَصيرًا، لِأَن الْأَعْمَى لَا يعرف الْأَوْقَات فَرُبمَا غلط، وَيقدم مَعَ التشاح الْأَفْضَل فِي ذَلِك ثمَّ فِي دين، ثمَّ من يختاره الْجِيرَان ثمَّ يقرع. وبصير وحر وَبَالغ أولى من ضدهم. وَيَكْفِي مُؤذن بِلَا حَاجَة وَيُزَاد بِقَدرِهَا وَيُقِيم الصَّلَاة أحدهم إِن حصلت بِهِ الْكِفَايَة، وَإِلَّا أَقَامَ من يَكْفِي. وَيقدم من أَذَان أَولا إِن أذن اثْنَان وَاحِد بعد وَاحِد. وللأذان خمس عشرَة كلمة بِلَا تَرْجِيع للشهادتين، بِأَن يخْفض صَوته ثمَّ يعيدهما رَافعا بهما صَوته، فَيكون التَّكْبِير فِي أَوله أَرْبعا، وَالْإِقَامَة إِحْدَى عشرَة جملَة تَثْنِيَة، وَيُبَاح ترجيعه وتثنيتها.
فَائِدَة قَوْله: الله أكبر أَي من كل شَيْء، وأكبر من أَن ينْسب إِلَيْهِ مَالا يَلِيق بجلاله. أَو هُوَ بِمَعْنى كَبِير. وَقَوله: أشهد أَي أعلم. وَقَوله: حَيّ على الصَّلَاة. أَي أَقبلُوا إِلَيْهَا، وَقيل: أَسْرعُوا. والفلاح الْفَوْز والبقاء لِأَن الْمُصَلِّي يدْخل الْجنَّة إِن شَاءَ الله فَيبقى فِيهَا ويخلد. وَقيل غير ذَلِك.
وَسن كَونه الْأَذَان أول الْوَقْت، والترسل فِيهِ وحدر الْإِقَامَة، وَكَون
الْمُؤَذّن على علو رَافعا وَجهه إِلَى السَّمَاء جاعلا سبابتيه فِي أُذُنَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة، فَإِذا بلغ الحيعلة الْتفت يَمِينا ل (حَيّ) على الصَّلَاة وَشمَالًا ل (حَيّ على الْفَلاح) وَلَا يزِيل قَدَمَيْهِ مالم يكن بمنارة وَنَحْوهَا. قَالَ فِي الْإِنْصَاف، وَهُوَ الصَّوَاب لِأَنَّهُ أبلغ فِي الْإِعْلَام، وَهُوَ الْمَعْمُول بِهِ، وَسن كَون الْمُؤَذّن قَائِما فيكرهان من قَاعد لغير مُسَافر ومعذور، وَكَونه متطهرا فيهمَا من الحدثين، فَيكْرَه أَذَان جنب وَإِقَامَة مُحدث. وَسن أَن يتولاهما وَاحِد بِمحل وَاحِد مَا لم يشق ذَلِك على الْمُؤَذّن، كمن أذن فِي مَنَارَة أَو مَكَان بعيد عَن الْمَسْجِد فيقيم فِيهِ أَي فِي الْمَسْجِد لِئَلَّا يفوتهُ بعض الصَّلَاة لَكِن لَا يُقيم إِلَّا بِإِذن الإِمَام. وَلَا تعْتَبر الْمُوَالَاة بَين الْإِقَامَة وَالصَّلَاة إِن أَقَامَ عِنْد إِرَادَة الدُّخُول فِي الصَّلَاة رُوِيَ عَن عمر. وَسن أَن يجلس بعد أَذَان مَا يسن تَعْجِيلهَا جلْسَة خَفِيفَة ثمَّ يُقيم. وَمن جمع بَين صَلَاتَيْنِ أَو قضى فوائت أذن ل الصَّلَاة الأولى فَقَط وَأقَام لكل صَلَاة. وَيصِح الْأَذَان ملحنا، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ تطريب، وَيصِح ملحونا إِن لم يخل بِالْمَعْنَى مَعَ الْكَرَاهِيَة فيهمَا. فَإِن قَالَ: وألله أكبر بِهَمْزَة مَعَ الْوَاو أَو مد همزَة أكبر أَو بَاء أكبر لم يعْتد بِهِ. وَسن لمؤذن إِجَابَة نَفسه، وَسن لسامعه أَي الْمُؤَذّن مُتَابعَة قَوْله أَي أَن يَقُول مثل قَوْله سرا إِلَّا فِي الحيعلة فَيَقُول الْمُؤَذّن وسامعه الحوقلة أَي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. زَاد الْمُوفق: الْعلي الْعَظِيم.
قَالَ فِي الْمُبْدع: وتتبعت ذَلِك فَوَجَدته فِي الْمسند من حَدِيث أبي رَافع وَذكر الحَدِيث. فَقَالَ: معنى لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، إِظْهَار للعجز وَطلب المعونة مِنْهُ فِي كل الْأُمُور وَهُوَ حَقِيقَة الْعُبُودِيَّة. وَقَالَ 16 (ابْن مَسْعُود) : معنى (لَا حول) عَن مَعْصِيّة الله إِلَّا بعصمة الله (وَلَا قُوَّة) على طَاعَته إِلَّا بمعونته. وَقَالَ الْهَيْثَم: أصل (لَا حول) من حَال الشَّيْء إِذا تحرّك يَقُول لَا حَرَكَة وَلَا استطاعة إِلَّا بِاللَّه. قَالَ الْخطابِيّ: هَذَا أحسن مَا جَاءَ فِيهِ. وَعبر عَنْهَا الْجَوْهَرِي بالحوقلة، أَخذ الْحَاء من حول وَالْقَاف من قُوَّة وَاللَّام من اسْم الله تَعَالَى، وَعبر عَن حَيّ على الصَّلَاة بالحيعلة، أَخذ الْحَاء وَالْيَاء من حَيّ وَالْعين وَاللَّام من على. وَسن قَول مُؤذن وسامعه فِي التثويب وَهُوَ قَول: الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ بعد حيعلة أَذَان الْفجْر فَقَط: صدقت وبررت بِكَسْر الرَّاء. وَفِي لفظ الْإِقَامَة: أَقَامَهَا الله وأدامها الله. وَسن الصَّلَاة على النَّبِي بعد فَرَاغه من الْأَذَان وَسن قَول مَا ورد وَهُوَ: اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة
وَالصَّلَاة الْقَائِمَة، آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة، وابعثة مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته. وَسن الدُّعَاء هَهُنَا وَعند الْإِقَامَة فعله أَحْمد رحمه الله وَرفع يَدَيْهِ. قَالَ رَسُول الله:(الدُّعَاء لَا يرد بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة) . ثمَّ يسْأَل الله تَعَالَى الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَسن أَن يَقُول عِنْد أَذَان الْمغرب: اللَّهُمَّ هَذَا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فَاغْفِر لي. للْخَبَر. وَحرم خُرُوج من مَسْجِد بعده أَي الْأَذَان قبل الصَّلَاة بِلَا عذر أَو بِلَا نِيَّة رُجُوع إِلَى الْمَسْجِد للْخَبَر، فَإِن كَانَ التأذين للفجر قبل وقته أَو لعذر أَو نِيَّة رُجُوع قبل فَوت الْجَمَاعَة لم يحرم.