الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(فصل)
. وَغسل الْمَيِّت الْمُسلم مرّة أَو تيميمه بِعُذْر وتكفينه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَحمله وَدَفنه مُتَوَجها إِلَى الْقبْلَة فرض كِفَايَة، وَيَأْتِي بعضه، وَيكرهُ أَخذ الْأُجْرَة على شَيْء من ذَلِك، وَلَو دفن قبل الْغسْل من أمكن غسله لزم نبشه إِن لم يخف تفسخه وتغيره، وَمثله من دفن غير مُتَوَجّه إِلَى الْقبْلَة أَو قبل الصَّلَاة عَلَيْهِ أَو قبل تكفينه وَإِذا أَخذ الْغَاسِل فِي غسله أَي الْمَيِّت وَستر عَوْرَته وجوبا وَهُوَ مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة إِلَّا من دون سبع، وَسن تجريده من ثِيَابه لِأَنَّهُ أمكن لتغسيله وأصون لَهُ من التَّنْجِيس إِلَّا النَّبِي. ستر الْمَيِّت كُله عَن الْعُيُون حَال الْغسْل تَحت سقف لِئَلَّا يسْتَقْبل بعورته السَّمَاء، وَكره حُضُور غير معِين فِي غسله، وتغطية وَجهه نصا وفَاقا ثمَّ نوى لِأَنَّهَا طَهَارَة تعبدية أشبهت غسل الْجَنَابَة وَسمي وجوبا وَتسقط سَهوا وجهلا، وَتَقَدَّمت فِي الْوضُوء وهما النِّيَّة وَالتَّسْمِيَة كفي غسل حَيّ، ثمَّ يرفع رَأس غير امْرَأَة حَامِل أَو الْقَتِيل إِلَى قرب جُلُوس بِحَيْثُ يكون كالمحتضن فِي صدر غَيره وَلَا يشق عَلَيْهِ ويعصر بَطْنه أَي الْمَيِّت بِرِفْق ليخرج مَا فِي بَطْنه من
نَجَاسَة لَا بطن الْحَامِل لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْحمل وَيكثر صب المَاء حِينَئِذٍ ليذْهب مَا خرج وَلَا تظهر رَائِحَة وَيكون ثمَّ بِفَتْح الْمُثَلَّثَة بخور على وزن رَسُول دفعا للتأذي برائحة الْخَارِج ثمَّ يلف الْغَاسِل على يَده خرقَة خشنة أَو يدخلهَا فِي كيس فينجيه بهَا أَي فِي أحد فرجيه ثمَّ يَأْخُذ خرقَة ثَانِيَة لِلْفَرجِ الثَّانِي فينجيه بهَا إِزَالَة للنَّجَاسَة وطهارة للْمَيت من غير تعدِي النَّجَاسَة إِلَى الْغَاسِل، وَظَاهر الْمقنع والمنتهى وَغَيرهمَا تكفيه خرقَة وَحرم مس عَورَة من تمّ لَهُ سبع سِنِين فَأكْثر بِغَيْر حَائِل وَالنَّظَر إِلَيْهَا، ذكر مَعْنَاهُ فِي الْمُجَرّد. وَيجب غسل نَجَاسَة بِالْمَيتِ، وَالسّنة أَن لَا يمس سَائِر بدنه إِلَّا بِخرقَة ثمَّ يدْخل الْغَاسِل إصبعيه الْإِبْهَام والسبابة وَعَلَيْهِمَا خرقَة مبلولة فِي فَمه أَي الْمَيِّت فيمسح بهَا أَسْنَانه بِلَا إِدْخَال مَاء ويدخلهما فِي مَنْخرَيْهِ فينظفهما نصا بعد غسل كفي الْمَيِّت نصا، فَيقوم مقَام الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق بِلَا إِدْخَال مَاء لِأَنَّهُ إِذا وصل إِلَى جَوْفه حرك النَّجَاسَة
ثمَّ يوضئه وضُوءًا كَامِلا اسْتِحْبَابا فِي أول غسلاته كوضوء الْحَدث ثمَّ يضْرب سدرا وَنَحْوه كخطمي وَيغسل رَأسه أَي الْمَيِّت ولحيته برغوة يتثليث الرَّاء السدر الْمَضْرُوب لِأَن الرَّأْس أشرف الْأَعْضَاء، وَلِهَذَا جعل كشفه شعار الْإِحْرَام وَهُوَ مجمع الْحَواس الشَّرِيفَة، وَلِأَن الرغوة تزيل الدَّرن وَلَا تتَعَلَّق بالشعر فَنَاسَبَ أَن تغسل بهَا اللِّحْيَة وَيغسل بدنه بثفله بِضَم الْمُثَلَّثَة أَي السدر وَيكون فِي كل غسلة ثمَّ يفِيض عَلَيْهِ المَاء أَي على جَمِيع بدنه ليعمه وَسن تثليث فِي إفَاضَة المَاء كَغسْل الْحَيّ إِلَّا الْوضُوء فَفِي الْمرة الأولى فَقَط وَسن تيامن فِي غسله فَيغسل شقَّه الْأَيْمن من نَحْو رَأسه إِلَى نَحْو رجلَيْهِ فَيبْدَأ بصفحة عُنُقه ثمَّ يَده الْيُمْنَى إِلَى كتفه ثمَّ كتفه وشق من صَدره وَفَخذه وَسَاقه إِلَى الرجل ثمَّ الْأَيْسَر كَذَلِك، ويقلبه على جنبه الْأَيْمن مَعَ غسل شقيه فيرفع جَانِبه الْأَيْمن وَيغسل ظَهره ووركه وَفَخذه وَيفْعل بجانبه الْأَيْسَر كَذَلِك، وَلَا يكبه على وَجهه إِكْرَاما لَهُ وَسن إمرار يَده أَي الْغَاسِل كل مرّة من الثَّلَاث الغسلات على بَطْنه أَي الْمَيِّت ليخرج مَا تخلف فَإِن لم ينق بِثَلَاث غسلات زَاد فِي غسله حَتَّى ينفى وَلَو جَازَ السَّبع، وَيقطع على وتر من غير إِعَادَة وضوء، وَإِن خرج شَيْء بعد الثَّلَاث أُعِيد وضوؤه قَالَ فِي شرح النتهى: وجوبا كالجنب إِذا أحدث بعد غسله لتَكون طَهَارَة كَامِلَة. وَعنهُ: لَا يجب. وَوَجَب غسله كلما خرج من شَيْء إِلَى سبع فَإِن خرج بعد السَّبع حشي الْمحل بِقطن، فَإِن لم يسْتَمْسك فبطين حر أَي خَالص لِأَن فِيهِ
قُوَّة تمنع الْخَارِج ثمَّ إِن خرج شَيْء من السَّبِيلَيْنِ أَو من غَيرهمَا غسلت النَّجَاسَة ووضئ وجوبا وَكره اقْتِصَار فِي غسله على مرّة وَاحِدَة إِن لم يخرج شَيْء فَإِن خرج شَيْء حرم الِاقْتِصَار على مرّة.
لَا بَأْس بِغسْلِهِ فِي حمام محمى نصا. وَلَا بمخاطبة غاسل لَهُ حَال الْغسْل ب (انْقَلب يَرْحَمك الله) وَنَحْوه، وَلَا يجب الْفِعْل فِي الْغسْل فَلَو ترك تَحت ميزاب مَاء وَنَحْوه وَحضر من يصلح لغسله وَنوى غسله وسمى وَمضى زمن يُمكن غسله فِيهِ بِحَيْثُ يغلب على الظَّن أَن المَاء عَمه، كفى. وَكره مَاء حَار بِلَا حَاجَة إِلَيْهِ شدَّة برد وَنَحْوه لِأَنَّهُ يُرْخِي الْبدن فيسرع الْفساد إِلَيْهِ. والبارد أفضل لِأَنَّهُ يصلبه ويبعده من الْفساد. وَلَا يغْتَسل غاسل بِفضل مَاء مسخن لَهُ فَإِن لم يجد غَيره تَركه حَتَّى يبرد قَالَه الإِمَام أَحْمد، ذكره الْخلال، وَكره خلال بِلَا حَاجَة إِلَيْهِ بَين أَسْنَانه لِأَنَّهُ عَبث وَكره أشنان بِلَا حَاجَة إِلَيْهِ لوسخ كثير، فَإِن احْتِيجَ إِلَى شَيْء مِنْهَا لم يكره وَيكون الْخلال إِذن من ورق شَجَرَة لينَة كالصفصاف وَكره تَسْرِيح شعره أَي الْمَيِّت رَأْسا كَانَ أَو لحية نصا، لِأَنَّهُ يقطعهُ من غير حَاجَة إِلَيْهِ. وَسن أَن يضفر شعر أُنْثَى ثَلَاثَة قُرُون وسدله وَرَاءَهَا نصا. وَسن أَن يَجْعَل كافور وَسدر فِي الغسلة الْأَخِيرَة نصا،
لِأَن الكافور يصلب الْجَسَد ويبرده ويطرد عَنهُ الْهَوَام برائحته، وَإِن كَانَ محرما جنب الكافور لِأَنَّهُ من الطّيب. وَسن خضاب شعر رَأس الْمَرْأَة ولحية الرجل وَسن قصّ شَارِب. وَسن تقليم أظفار لغير محرم فيهمَا إِن طالا: الشَّارِب والأظافر، وَأخذ شعر إبطَيْهِ نصا لِأَنَّهُ تنظيف لَا يتَعَلَّق بِقطع عُضْو، أشبه إِزَالَة الْوَسخ والدرن، وَجعله مَعَه فِي كَفنه كعضو سَاقِط. وَحرم حلق رَأس ميت وَخَتنه. وَسن تنشيف الْمَيِّت بعد غسله بِثَوْب وَلَا يَتَنَجَّس مَا نشف بِهِ لعدم نَجَاسَته بِالْمَوْتِ، ويجنب محرم مَاتَ مَا يجنب فِي حَيَاته وَلَا يقرب طيبا، وَلَا فديَة على من طيبه وَنَحْوه، وَلَا يلبس ذكر الْمخيط وَلَا يُغطي رَأسه وَلَا وَجه أُنْثَى. وَلَا تمنع مُعْتَدَّة من طيب. ويزال اللصوق بِفَتْح الللام للْغسْل الْوَاجِب وَإِن سقط مِنْهُ شَيْء بإزالتها بقيت وَمسح عَلَيْهِ كجبيرة حَيّ. ويزال خَاتم وَنَحْوه وَلَو بِبرْدِهِ لِأَن تَركه مَعَه إِضَاعَة مَال من غير مصلحَة. وَيجب بَقَاء دم شيهد عَلَيْهِ إِلَّا أَن يخالطه نَجَاسَة فَيغسل، وَيجب دَفنه فِي ثِيَابه الَّتِي قتل فِيهَا بعد نزع لأمة حَرْب، نصا، وَيحرم غسل شَهِيد المعركة والمقتول ظلما وتكفينه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ،
فَإِن سقط من شَاهِق أَو دَابَّة لَا بِفعل الْعَدو أَو مَاتَ برفسة أَو حتف أَنفه أَو وجد مَيتا وَلَا أثر بِهِ أَو عَاد سَهْمه أَو سَيْفه عَلَيْهِ فَقتله، أَو حمل بعد جرحه فَأكل أَو شرب أَو نَام أَو بَال أَو تكلم أَو عطس أَو طَال بَقَاؤُهُ عرفا أَو كَانَ عَلَيْهِ مَا يُوجب الْغسْل غسل وَصلى عَلَيْهِ وجوبا. وكل شَهِيد غسل صلى عَلَيْهِ، وَمن لَا فَلَا. وَسقط لأربعة أشهر فَأكْثر كمولود حَيا يغسل وَيصلى عَلَيْهِ نصا. وَإِذا تعذر غسل ميت لعدم مَاء أَو غَيره كالحرق والجذام وَنَحْوه يمم وكفن وَصلى عَلَيْهِ، وَإِن تعذر غسل بعضه غسل مَا أمكن مِنْهُ ويمم لما تعذر غسله كالجنابة. وَيجب على الْغَاسِل ستر قَبِيح رَآهُ كطبيب. وَيسْتَحب إِظْهَاره إِن كَانَ حسنا ليترحم عَلَيْهِ، قَالَ جمع محققون إِلَّا على مَشْهُور ببدعة مضلة أَو قلَّة دين أَو فجور وَنَحْوه ككذب، فَيُسْتَحَب إِظْهَار شَره وَستر خَيره ليرتدع نَظِيره، وَيحرم سوء الظَّن بِمُسلم ظَاهره الْعَدَالَة لقَوْله تَعَالَى 19 ((اجتنبوا كثيرا من الظَّن)) الْآيَة.
وَلما فرغ الْمُؤلف رحمه الله من ذكر الْغسْل وَأَحْكَامه شرع يتَكَلَّم فِي الْكَفَن وَأَحْكَامه فَقَالَ: وَسن تكفين الرجل فِي ثَلَاث لفائف بيض من قطن، وَالْوَاجِب لحق الله تَعَالَى وَحقه ثوب وَاحِد يستر جَمِيعه ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى أَو خُنْثَى، وَيَأْتِي فِي آخر الْفَصْل. سوى رَأس محرم وَوجه محرمه. وَتقدم قَرِيبا. لَا يصف
الْبشرَة من ملبوس مثله فِي الْجمع والأعياد مالم يوصى بِدُونِهِ فتتبع وَصيته لإِسْقَاط مِمَّا زَاد، وَيقدم هُوَ وَمؤنَة تَجْهِيزه على دين وَلَو برهن وَأرش جِنَايَة وَوَصِيَّة وميراث وَغَيرهَا، وَإِذا أوصى بأثواب ثمينة لَا تلِيق بِهِ لم تصح الْوَصِيَّة لِأَنَّهَا بمكروه. والجديد أفضل من الْعَتِيق مَا لم يوص بِغَيْرِهِ، وَلَا بَأْس بمسك فِيهِ. وَيجب كفن الرَّقِيق على مَالِكه كنفقته حَال الْحَيَاة، فَإِن لم يكن للْمَيت مَال فعلى من تلْزمهُ نَفَقَته، وَكَذَلِكَ دَفنه وَمَا لَا بُد للْمَيت مِنْهُ إِلَّا الزَّوْج فَلَا يلْزمه كفن امْرَأَته وَلَا مُؤنَة تجهيزها، نَص عَلَيْهِ، لِأَن النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَجَبت فِي النِّكَاح للتمكين من الِاسْتِمْتَاع وَلِهَذَا تسْقط بالنشوز، وَقد انْقَطع ذَلِك بِالْمَوْتِ فَأَشْبَهت الْأَجْنَبِيَّة، ثمَّ إِن لم يكن مَاله وَلَا من تلْزمهُ نَفَقَته فَتجب فِي بَيت المَال إِن كَانَ الْمَيِّت مُسلما لِأَن بَيت المَال للْمصَالح وَهَذَا من أهمها، فَإِن كَانَ كَافِرًا وَلَو ذِمِّيا فَلَا، ثمَّ إِن لم يكن بَيت مَال أَو كَانَ وَتعذر الْأَخْذ مِنْهُ فعلى مُسلم عَالم بِهِ، وَسن أَن تبسط اللفائف الثَّلَاث على بَعْضهَا وَاحِدَة فَوق أُخْرَى ليوضع الْمَيِّت عَلَيْهَا مرّة وَاحِدَة بعد تبخيرها بِعُود وَنَحْوه ثَلَاثًا، قَالَه فِي الْكَافِي وَغَيره بعد رشها بِنَحْوِ مَاء ورد لتَعلق رَائِحَة البخور بهَا إِن لم يكن الْمَيِّت محرما، وَتجْعَل اللفافة الظَّاهِرَة أحْسنهَا كالحي وَيجْعَل الحنوط وَهُوَ أخلاط من طيب وَلَا يُقَال فِي غير طيب الْمَيِّت فِيمَا بَينهمَا أَي يذر بَين اللفائف ثمَّ يوضع عَلَيْهِمَا مُسْتَلْقِيا وَيجْعَل مِنْهُ أَي الحنوط بِقطن بَين ألييه أَي الْمَيِّت وتشد خرقَة
مشقوقة الطّرف كالتبان تجمع ألييه ومثانته لرد الْخَارِج وإخفاء مَا ظهر من الروائح وَيجْعَل الْبَاقِي على منافذ وَجهه كعينيه وفمه وَأَنْفه وأذينه وعَلى مَوَاضِع سُجُوده جَبهته وَيَديه وركبتيه وأطراف أَصَابِع قَدَمَيْهِ تَشْرِيفًا لَهَا، وعَلى مغابنه كطي رُكْبَتَيْهِ وَتَحْت إبطَيْهِ وَكَذَا سرته، وَإِن طيب كُله فَحسن، وَكره دَاخل عَيْنَيْهِ لِأَنَّهُ يُفْسِدهَا وطليه بِمَا يمسِكهُ كصبر مَا لم ينْقل ثمَّ يرد طرف اللفافة الْعليا من الْجَانِب الْأَيْسَر على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يرد طرفها الْأَيْمن على شقَّه الْأَيْسَر كعادة الْحَيّ ثمَّ ترد الثَّالِثَة كَذَلِك وَترد الثَّانِيَة كَذَلِك فيدرجه فِيهَا إدراجا وَيجْعَل أَكثر الْفَاضِل من اللفائف عَن الْمَيِّت مِمَّا عِنْد رَأسه لشرفه على الرجلَيْن، والفاضل عَن وَجهه وَرجلَيْهِ عَلَيْهِمَا ليصير الْكَفَن كالكيس فَلَا ينتشر، ثمَّ يفقد اللفائف لِئَلَّا تَنْتَشِر، وَتحل فِي الْقَبْر، فَإِن نسي الملحد أَن يحلهَا نبش وَلَو بعد تَسْوِيَة التُّرَاب عَلَيْهِ لِأَنَّهَا سنة فينبش لَهَا كإفراده عَمَّن دفن مَعَه، وَكره تخريقها وَلَو خيف نبشه، والتكفين برقيق يَحْكِي الْهَيْئَة لرقته نصا وَلَو لم يصف الْبشرَة، نَص عَلَيْهِ، كمايكره لبسه للحي، وبمزعفر ومعصفر، وَحرم بجلد، وَجَاز من حَرِير وَمن مَذْهَب ومفضض لضَرُورَة بِأَن عدم ثوب غَيره يستر جَمِيعه فَتعين، وَمَتى لم يُوجد مَا يستر جَمِيعه ستر عَوْرَته ثمَّ رَأسه وَيجْعَل على بَاقِيه حشيش أَو ورق. وَسن تَغْطِيَة نعش وَكره بِغَيْر أَبيض. وَسن لامْرَأَة خَمْسَة أَثوَاب بيض من قطن تكفن بهَا إِزَار وخمار وقميص ولفافتان اسْتِحْبَابا وَلَا بَأْس أَن تنقب.
وَإِن مَاتَ مُسَافر كَفنه رَفِيقه من مَاله، فَإِن تعذر فَمِنْهُ وَيَأْخُذهُ من تركته إِن كَانَت أَو مِمَّن تلْزمهُ نَفَقَته غير الزَّوْج إِن نوى الرُّجُوع وَلَا حَاكم فَإِن وجد الْحَاكِم وَأذن فِيهِ رَجَعَ، وَإِن لم يَأْذَن أَو لم يَسْتَأْذِنهُ وَلَو مَعَ قدرته وَنوى الرُّجُوع على التَّرِكَة رَجَعَ على من تلْزمهُ نَفَقَته لقِيَامه بِوَاجِب، فَإِن كَانَ للْمَيت كفن وَثمّ حَيّ مُضْطَر إِلَى الْكَفَن لبرد وَنَحْوه فالحي أَحَق بِهِ أَي بِأَخْذِهِ بِثمنِهِ لِأَن حُرْمَة الْحَيّ آكِد، قَالَ الْمجد: إِن خشِي التّلف. وَإِن كَانَ لحَاجَة الصَّلَاة فالميت أَحَق بكفنه وَلَو لفافتين، وَيُصلي الْحَيّ عَلَيْهِ عُريَانا. وَقَالَ ابْن عقيل وَابْن الْجَوْزِيّ: يُصَلِّي عَلَيْهِ عادم فِي إِحْدَى لفافتيه. انْتهى. وَإِن سرق كَفنه كفن ثَانِيًا وثالثا من تركته وَلَو قسمت مَا لم تصرف فِي وَصيته أَو دين. وَسن لصغيرة إِلَى بُلُوغ قَمِيص ولفافتان بِلَا خمار، نصا. وَخُنْثَى كالأنثى احْتِيَاطًا. يُكفن صبي فِي ثوب وَاحِد وَيجوز فِي ثَلَاثَة مَا لم يَرِثهُ غير مُكَلّف رشيد من صَغِير مَجْنُون وسفيه، فَإِن وَرثهُ غير مُكَلّف فَلَا. وَالْوَاجِب فِي حق من تقدم ذكرهم ثوب وَاحِد بستر جَمِيع الْمَيِّت وَتقدم. وَقَالَ ابْن عقيل: وَمن أخرج فَوق الْعَادة فَأكْثر الطّيب والحوائج وَأعْطى المقرئين بَين يَدي الْجِنَازَة وَأعْطى الحمالين والحفار زِيَادَة على الْعَادة على طَرِيق الْمُرُوءَة لَا بِقدر الْوَاجِب فمتبرع، فَإِن كَانَت من التَّرِكَة فَمن نصِيبه. ذكره فِي الْإِقْنَاع.
وَقَالَ فِي شَرحه: وَكَذَا مَا يعْطى لمن يرفع صَوته بِالذكر أَمَام الْجِنَازَة وَمَا يصرف من طَعَام وَنَحْوه ليَالِي جمع وَمَا يصنع فِي أَيَّامهَا من الْبدع المستحدثة خُصُوصا إِذا كَانَ فِي الْوَرَثَة قَاصِر أَو يَتِيم. انْتهى. وَلَا يجبى كفن لعدم إِن أمكن ستره بحشيش ذكره فِي الْفُنُون. وَيحرم دفن ثِيَاب غير كَفنه مَعَه وتكسير أَوَان وَنَحْوه لِأَنَّهُ إِضَاعَة مَال، وَيجمع فِي ثوب وَاحِد لم يُوجد غَيره مَا أمكن من موتى، قَالَه فِي شرح الْمُنْتَهى.