المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(كتاب البيع وسائر المعلومات) - كشف المخدرات لشرح أخصر المختصرات - جـ ١

[البعلي، عبد الرحمن بن عبد الله]

الفصل: ‌(كتاب البيع وسائر المعلومات)

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيقْتل بِكُل حَال وَيَأْتِي فِي الْقَذْف. وَمن جَاءَنَا بِأَمَان فَحصل لَهُ ذُرِّيَّة ثمَّ نقض الْعَهْد فكذمي أَي ينْتَقض عَهده دون ذُريَّته. وَإِن قَالَ ذمِّي جَهرا بَين الْمُسلمين بِأَن الْمَسِيح هُوَ الله عُوقِبَ على ذَلِك إِمَّا بِالْقَتْلِ أَو بِمَا دونه لَا إِن قَالَه سرا فِي نَفسه. وَإِن قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُسلمُونَ الْكلاب أَبنَاء الْكلاب، وَأَرَادَ طَائِفَة مُعينَة من الْمُسلمين عُوقِبَ عُقُوبَة تزجره وَأَمْثَاله، وَإِن ظهر مِنْهُ قصد الْعُمُوم انْتقض عَهده وَوَجَب قَتله.

(كتاب البيع وَسَائِر المعلومات)

وَلما فرغ المُصَنّف رحمه الله من الْكَلَام على الْعِبَادَات وَهِي مُعَاملَة الْخَالِق، شرع يتلكم على الْمُعَامَلَات وَهِي مُعَاملَة الْخَلَائق فَقَالَ:

ص: 357

كتاب البيع وَسَائِر الْمُعَامَلَات. البيع مَأْخُوذ من الباع لِأَن كل وَاحِد من الْمُتَبَايعين يُصَافح صَاحبه عِنْد البيع، وَلذَلِك سمي البيع صَفْقَة. وأركانه ثَلَاثَة: العاقدان والمعقود عَلَيْهِ والصيغة الْمَعْقُود بهَا. وَهُوَ جَائِز بِالْإِجْمَاع لقَوْله تَعَالَى (أحل البيع) ، وَحَدِيث (الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا) مُتَّفق عَلَيْهِ. وَهُوَ لُغَة دفع عوض وَأخذ معوض عَنهُ، وَشرعا (مُبَادلَة عين مَالِيَّة أَو مَنْفَعَة مُبَاحَة مُطلقًا) أَي بِأَن لَا تخْتَص إباحتها بِحَال دون آخر كممر دَار وبقعة لحفر بِئْر، بِخِلَاف نَحْو جلد ميتَة مدبوغ فَلَا يُبَاح هُوَ وَلَا ينْتَفع بِهِ مُطلقًا بل فِي اليابسات، (بِأَحَدِهِمَا) مُتَعَلق بمبادلة وَلَو فِي الذِّمَّة، بِشَرْط أَن يكون للْملك على التَّأْبِيد غير رَبًّا وقرض. ينْعَقد البيع إِن أُرِيد حَقِيقَته بِأَن رغب كل مِنْهُمَا فِيمَا بذل لَهُ من الْعِوَض لَا إِن وَقع هزلا بِلَا قصد لحقيقته وَلَا تلجئة وَأَمَانَة، وَهُوَ إِظْهَاره لدفع ظَالِم وَلَا يُرَاد بَيْعه بَاطِنا فَهَذَا لَا يَصح

ص: 359

بمعاطاة نصا مُتَعَلق ب (ينْعَقد) فِي الْقَلِيل وَالْكثير كَقَوْلِه: أَعْطِنِي بِهَذَا خبْزًا فيعطيه مَا يرضيه من الْخبز مَعَ سُكُوته، أَو يساومه سلْعَة بِثمن فَيَقُول بَائِعهَا: خُذْهَا، أَو: أعطيتكها بدرهم، أَو نَحوه فيأخذها مُشْتَر ويسكت، أَو يَقُول مُشْتَر: كَيفَ تبيع هَذَا الْخبز فَيَقُول: كَذَا، فَيَقُول لَهُ: خُذ، أَو اتزنه، فَيَأْخذهُ ويسكت. أَو وضع ثمنه الْمَعْلُوم لمثله عَادَة وَأَخذه من غير لفظ لوَاحِد مِنْهُمَا صَحَّ ذَلِك كُله. قَالَ فِي الْمُبْدع وَشرح الْمُنْتَهى: وَظَاهره وَلَو لم يكن الْمَالِك حَاضرا للْعُرْف. وَإِن تراخي أَحدهمَا عَن الآخر صَحَّ مَا داما فِي الْمجْلس وَلم يتشاغلا بِمَا يقطعهُ عرفا وَإِلَّا فَلَا. وَينْعَقد بِإِيجَاب كَقَوْل بَائِع: بِعْتُك، أَو: مَلكتك كَذَا أَو وليتكه. أَي بعتكه بِرَأْس مَاله ويعلمانه، وَقبُول كَقَوْل مُشْتَر: ابتعت ذَلِك، أَو: قبلت. أَو: تملكته، وَنَحْوه بِشَرْط أَن يكون الْقبُول على وفْق الْإِيجَاب فِي النَّقْد وَالْقدر وَالصّفة والحلول وَالْأَجَل. قَالَ فِي التَّلْخِيص: فَإِن تقدم الْقبُول على الْإِيجَاب صَحَّ بِلَفْظ أَمر أَو مَاض مُجَرّد عَن اسْتِفْهَام وَنَحْوه كالتمني والترجي كَمَا لَو قَالَ: أبعتني أَو: ليتك، أَو لَعَلَّك بعتني هَذَا، فَقَالَ: بعتكه، لم يَصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقبُول. وَكَذَا لَو قدمه بِلَفْظ الْمُضَارع كتبيعني، وَإِن كَانَ غَائِبا عَن الْمجْلس فكاتبه أَو راسله: إِنِّي بِعْتُك أَو بِعْت فلَانا دَاري بِكَذَا فَلَمَّا بلغه الْخَبَر قبل صَحَّ، قَالَه فِي الْإِقْنَاع. وَلَا ينْعَقد البيع إِلَّا بسبعة شُرُوط: أَحدهَا الرِّضَا بِهِ من كل مِنْهُمَا أَي الْمُتَبَايعين بِأَن تبَايعا اخْتِيَارا فَلَا يَصح إِن أكرها أَو أَحدهمَا إِلَّا بِحَق كمن أكرهه حَاكم على بيع مَاله لوفاء دينه فَيصح، لِأَنَّهُ قَول حمل عَلَيْهِ كإسلام الْمُرْتَد،

ص: 360

وَالثَّانِي كَون عَاقد جَائِز التَّصَرُّف أَي حرا مُكَلّفا رشيدا، فَلَا يَصح من مَجْنُون لَا فِي قَلِيل وَلَا كثير، أذن لَهُ أَو لَا، وَمثله المبرسم والسكران، وَلَا من سَفِيه وصغير إِلَّا فِي شَيْء يسير كرغيف وَنَحْوه فَيصح مِنْهُمَا وَمن قن، لِأَن الْحجر عَلَيْهِم لخوف ضيَاع المَال وَهُوَ مَفْقُود فِي الْيَسِير، وَإِلَّا إِذا أذن لمميز وسفيه وليهما فَيصح وَلَو فِي الْكثير، وَلَا يَصح مِنْهُمَا قبُول هبة وَوَصِيَّة بِلَا إِذن وليهما كَبيع، وَاخْتَارَ الْمُوفق وَالشَّارِح وَغَيرهمَا صِحَّته من مُمَيّز كَعبد، أَي كَمَا يَصح من العَبْد قبُول الْهِبَة وَالْوَصِيَّة بِلَا إِذن سَيّده نصا ويكونان لسَيِّده ذكره فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه. وَيحرم إِذْنه لَهما بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالهمَا بِلَا مصلحَة، وَإِلَّا أذن لقن سَيّده فَيصح تصرفه لزوَال الْحجر عَنهُ بِإِذن لَهُ، وَالثَّالِث كَون مَبِيع أَي مَعْقُود عَلَيْهِ ثمنا كَانَ أَو مثمنا مَالا لِأَن غَيره لَا يُقَابل بِهِ وَهُوَ أَي المَال شرعا مَا فِيهِ مَنْفَعَة مُبَاحَة مُطلقًا كَمَا تقدم فَيُبَاح اقتناؤه فَخرج مَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ كالحشرات، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَة مُحرمَة كَالْخمرِ وَمَا لَا يُبَاح إِلَّا عِنْد الِاضْطِرَار كالميتة، ومالا يُبَاح اقتناؤه إِلَّا لحَاجَة كَالْكَلْبِ، بِخِلَاف بغل وحمار وطير يقْصد صَوته ودود قَز وبزره بِفَتْح الْبَاء وَكسرهَا قَالَه فِي المطلع، وَنحل مُفْرد عَن كوارته أَو مَعهَا خَارِجا عَنْهَا أَو وَهُوَ فِيهَا إِذا شوهد دَاخِلا إِلَيْهَا لحُصُول الْعلم بِهِ بذلك فَيصح بَيْعه لوُجُود الِانْتِفَاع الْمُبَاح لَا بيع كوارة بِمَا فِيهَا من عسل وَنحل للْجَهَالَة.

ص: 361

وَيصِح بيع لبن الْآدَمِيَّة وَلَو حرَّة إِذا كَانَ مُنْفَصِلا مِنْهَا لِأَنَّهُ طَاهِر مَعَ الْكَرَاهَة نصا. وَيصِح بيع هر وفيل وَمَا يصطاد عَلَيْهِ كبومة تجْعَل شباشا، أَو يصطاد بِهِ كديدان وسباع بهائم وطير، وَوَلدهَا وفرخها وبيضها طَاهِر لِأَنَّهُ ينْتَفع بِهِ فِي الْحَال والمآل، إِلَّا الْكَلْب فَلَا يَصح بَيْعه مُطلقًا وَيحرم اقتناؤه كخنزير وَلَو لحفظ بيُوت وَنَحْوهَا، إِلَّا كلب مَاشِيَة وصيد وحرث إِن لم يكن أسود بهما أَو عقورا، وَيجوز تربية الجرو لأجل الثَّلَاثَة. وَلَا يَصح بيع ترياق يَقع فِيهِ لُحُوم الْحَيَّات وَلَا بيع سموم قاتلة كسم الأفاعي. وَحرم بيع مصحف وَلَا يَصح لكَافِر قَالَه فِي التَّنْقِيح وَبيعه فِي الْمُنْتَهى، وَسَوَاء كَانَ بَيْعه فِي دين أَو غَيره لما فِيهِ من ابتذاله وَترك تَعْظِيمه، وَمَفْهُومه أَنه يَصح بَيْعه لمُسلم مَعَ الْحُرْمَة، وَقَالَ فِي الْإِنْصَاف أَنه الْمَذْهَب. وَإِن ملكه كَافِر بِإِرْث وَغَيره ألزم بِإِزَالَة يَده عَنهُ، وَلَا يكره شِرَاؤُهُ استنقاذا وَلَا إِبْدَاله لمُسلم بمصحف آخر وَلَو مَعَ دَرَاهِم من أَحدهمَا، وَيجوز نسخه بِأُجْرَة حَتَّى لكَافِر ومحدث بِلَا حمل وَلَا مس. وَيصِح شِرَاء كتب الزندقة والمبتدعة ليتلفها لَا خمر ليريقها، لِأَن فِي الْكتب مَالِيَّة الْوَرق وتعود وَرقا مُنْتَفعا بِهِ بالمعالجة بِخِلَاف الْخمر فَإِنَّهُ لَا نفع فِيهَا.

ص: 362

وَيصِح بيع نجس يُمكن تَطْهِيره كَثوب وَنَحْوه لَا بيع أدهان نَجِسَة أَو متنجسة وَلَو لكَافِر يعلم حَاله. وَيجوز بيع كسْوَة الْكَعْبَة إِذا خلعت عَنْهَا لَا بيع الْحر وَلَا مَا لَيْسَ مَمْلُوكا كالمباحات قبل حيازتها وتملكها. وَإِن بَاعَ أمة حَامِلا بَحر قبل وَضعه صَحَّ فِيهَا، وَالرَّابِع كَونه أَي الْمَبِيع مَمْلُوكا لبَائِعه وَقت عقد وَمثله الثّمن ملكا تَاما حَتَّى الْأَسير بِأَرْض الْعَدو إِذا بَاعَ ملكه بدار الْإِسْلَام أَو بدار الْحَرْب نفذ تصرفه فِيهِ لبَقَاء ملكه عَلَيْهِ أَو كَونه مَأْذُونا لَهُ فِيهِ أَي البيع وَقت عقد من مَالِكه أَو الشَّارِع كوكيل وَولي صَغِير وَنَحْوه وناظر وقف، وَلَو لم يعلم الْمَالِك أَو الْمَأْذُون صِحَة بَيْعه بِأَن ظَنّه لغيره فَبَان أَنه قد وَرثهُ أَو قد وكل فِيهِ، لِأَن الِاعْتِبَار فِي الْمُعَامَلَات بِمَا فِي نفس الْأَمر لَا بِمَا فِي ظن الْمُكَلف، وَإِن بَاعَ ملك غَيره بِغَيْر إِذْنه وَلَو بِحَضْرَتِهِ وسكوته، أَو اشْترى لَهُ بِعَين مَاله شَيْئا بِغَيْر إِذْنه لم يَصح وَلَو أُجِيز بعد. وَإِن اشْترى لَهُ فِي ذمَّته بِغَيْر إِذْنه صَحَّ إِن لم يُسَمِّيه فِي العقد، سَوَاء نقد الثّمن من مَال الْغَيْر أَو لَا، فَإِن أجَازه من اشْترى لَهُ ملكه من حِين العقد وَإِلَّا لزم المُشْتَرِي من اشْتَرَاهُ فَيَقَع الشِّرَاء لَهُ، وَالْخَامِس كَونه أَي الْمَبِيع مَقْدُورًا على تَسْلِيمه وَكَذَا الثّمن الْمعِين لِأَن غير الْمَقْدُور على تَسْلِيمه كَالْمَعْدُومِ، فَلَا يَصح بيع الْآبِق والشاره وَالطير والنحل فِي الْهَوَاء وَلَو لقادر على تَحْصِيل ذَلِك، وَلَا سمك

ص: 363

فِي مَاء إِلَّا مرئيا بمحوز يسهل أَخذه مِنْهُ، وَلَا مَغْصُوب إِلَّا لغاصبه، أَو لقادر على تخليصه من غاصبه، وَللْمُشْتَرِي الْفَسْخ إِن لم يقدر على تَحْصِيله بعد البيع إِزَالَة لضرره وَالسَّادِس كَونه أَي الْمَبِيع مَعْلُوما لَهما أَي الْمُتَبَايعين لِأَن الْجَهَالَة بِهِ غرر، إِمَّا بِرُؤْيَة تحصل بهَا معرفَة الْمَبِيع مُقَارنَة للْعقد أَو قبله بِيَسِير فَلَا يَصح إِن سبقت العقد بِزَمن يتَغَيَّر الْمَبِيع فِيهِ تغيرا ظَاهرا، وَمَا عرف بلمسه أَو ذوقه أَو شمه فكرؤيتها أَو ب صفة مَعْطُوف على مَا قبله تَكْفِي تِلْكَ الصّفة فِي السّلم لقِيَام ذَاك مقَام رُؤْيَة الْمُسلم فِيهِ بِأَن يستقصي صِفَات الْمُسلم فِيهِ، ثمَّ إِن وجد المُشْتَرِي مَا وصف لَهُ أَو تقدّمت رُؤْيَته متغيرا فَلهُ الْفَسْخ، لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة عَيبه، وَيحلف مُشْتَر إِن اخْتلفَا فِي نقص صفة أَو تغيره عَمَّا كَانَ رَآهُ عَلَيْهِ وَهُوَ على التَّرَاخِي لَا يسْقط إِلَّا بِمَا يدل على الرِّضَا كسوم وَنَحْوه، لَا بركوب دَابَّة بطرِيق ردهَا، وَإِن أسقط حَقه من الرَّد فَلَا أرش لَهُ. وَلَا يَصح بيع حمل بِبَطن إِجْمَاعًا، وَلَا لبن بضرع وَنوى بِتَمْر وصوف على ظهر إِلَّا تبعا وَلَا مسك فِي فأرته وَلَا عسب فَحل وَهُوَ ضرابه وَلَا لفت وجزر وَنَحْوهمَا قبل قلع. وَلَا ثوب مطوى وَلَو تَامّ النسج، قَالَ فِي شرح الْمُنْتَهى لمصنفه: حَيْثُ لم ير مِنْهُ مَا يدل على بَقِيَّته. انْتهى. وَلَا بيع الْمُلَامسَة كَأَن يَقُول لَهُ: بِعْتُك ثوبي هَذَا على أَنَّك مَتى لمسته أَو إِن لمسته أَو أَي ثوب لمسته فَعَلَيْك بِكَذَا. وَلَا بيع الْمُنَابذَة وَهُوَ قَوْله مَتى نبذت أَي طرحت ثَوْبك أَو إِن نبذت هَذَا الثَّوْب أَو أَي ثوب نَبَذته فلك بِكَذَا.

ص: 364

وَلَا بيع الْحَصَاة كارمها فعلى أَي ثوب وَقعت فلك بِكَذَا أَو بِعْتُك من هَذِه الأَرْض قدر مَا تبلغ هَذِه الْحَصَاة: إِذا رميتها بِكَذَا. وَلَا بيع شَيْء لم يُعينهُ كَعبد من عَبْدَيْنِ أَو عبيد، وَلَا شَاة من قطيع أَو شَجَرَة من بُسْتَان وَلَا هَؤُلَاءِ العبيد إِلَّا وَاحِدًا غير معِين وَلَو تَسَاوَت الْقيمَة فِي ذَلِك كُله. فَإِن اسْتثْنى معينا من ذَلِك يعرفانه جَازَ. وَيصِح بيع مَا شوهد من حَيَوَان وَثيَاب وَإِن جهلا عدده، وَبيع مَا مأكوله فِي جَوْفه كبيض ورمان، وَبيع باقلاء وَجوز ولوز وفستق وَنَحْوه فِي قشرته. وَحب فِي سنبله وَيدخل السَّاتِر تبعا كنوى تمر، فَإِن اسْتثْنى القشر أَو التِّبْن بَطل البيع، وَيصِح بيع التِّين دون حبه قبل تصفيته مِنْهُ، لِأَنَّهُ مَعْلُوم بِالْمُشَاهَدَةِ كَمَا لَو بَاعَ القشر دون مَا دَاخله أَو التَّمْر دون نَوَاه ذكره صَاحب الْمُنْتَهى فِي شَرحه. وَيصِح بيع قفيز من هَذِه الصُّبْرَة إِن تَسَاوَت أجزاؤها وزادت عَلَيْهِ، وَبيع رَطْل من دن أَو زيرة حَدِيد، وَإِن تلفت الصُّبْرَة أَو الدن أَو الزبرة إِلَّا وَاحِدًا تعين البيع فِيهِ لتعين الْمحل لَهُ، وَلَو خرق قفزانا تَسَاوَت أجزاؤها وَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدًا مُبْهما صَحَّ، وَيصِح بيع صبرَة جزَافا مَعَ علمهما أَو جهلهما، وَمَعَ علم بَائِع وَحده يحرم بيعهَا نصا، لِأَنَّهُ لَا يَبِيعهَا جزَافا مَعَ علمه بِالْكَيْلِ إِلَّا للتغرير ظَاهرا، وَيصِح البيع ولمشتر الرَّد، وَكَذَا مَعَ علم مُشْتَر وَحده، وَللْبَائِع الْفَسْخ لوُجُود الْغرَر.

فَائِدَة: من بَاعَ صبرَة جزَافا بِعشْرَة مثلا على أَن يزِيدهُ قَفِيزا أَو ينقصهُ قَفِيزا لم يَصح لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أيزيده أم ينقصهُ. وَإِن قَالَ: على أَن أزيدك

ص: 365

قَفِيزا وَأطلق لم يَصح أَيْضا لِأَن القفيز مَجْهُول، فَإِن قَالَ على أَن أزيدك قَفِيزا من هَذِه الصُّبْرَة الْأُخْرَى، أَو وَصفه بِصفة تَكْفِي فِي السّلم صَحَّ. وَإِن قَالَ على أَن أنقصك قَفِيزا لم يَصح للْجَهَالَة بِمَا مَعهَا وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَة مَا يبْقى بعد الصَّاع الْمُسْتَثْنى. وَإِن قَالَ بِعْتُك هَذِه الصُّبْرَة كل قفيز بدرهم على أَن أزيدك قَفِيزا من هَذِه الصُّبْرَة الْأُخْرَى لم يَصح، لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى جَهَالَة الثّمن فِي التَّفْصِيل لِأَنَّهُ يصير قَفِيزا وشيئا بدرهم وهما لَا يعرفانه لعدم معرفتهما بكمية قفزانها. وَلَا يَصح بيع جريب من أَرض وذراع من ثوب مُبْهما إِلَّا أَن علما ذرعهما وَيكون مشَاعا. وَيصِح اسْتثِْنَاء جريب من أَرض وذراع من ثوب إِذا كَانَ الْمُسْتَثْنى معينا بابتداء ومنتهى مَعًا، فَإِن عين أَحدهمَا مَعًا، فَإِن عين أَحدهمَا دون الآخر لم يَصح. ثمَّ إِن نقص ثوب بِقطع وتشاحا فِي قطعه كَانَا شَرِيكَيْنِ وَلَا فسخ وَلَا قطع حَيْثُ لم يشْتَرط المُشْتَرِي بل يُبَاع وَيقسم ثمنه على قدر مَا لكل مِنْهُمَا، وَكَذَا خَشَبَة بسقف وفص بِخَاتم إِذا تشاحا فيهمَا بيعا أَي السّقف بالخشبة والخاتم بالفص وَقسم الثّمن بالمحاصة. وَلَا يَصح اسْتثِْنَاء حمل مَبِيع من أمة أَو بَهِيمَة مأكولة أَو لَا، وَلَا شحمه وَلَا رَطْل لحم أَو شَحم من مَأْكُول لجَهَالَة مَا يبْقى، إِلَّا رَأسه وَجلده وأطرافه يَصح استثناؤها نصا حضرا أَو سفرا. وَلَا يَصح اسْتثِْنَاء مَالا يَصح بَيْعه مُفردا إِلَّا فِي هَذِه الصُّورَة للْخَبَر.

ص: 366

وَلَو أَبى مُشْتَر ذبحه وَلم يشْتَرط عَلَيْهِ البَائِع لم يجْبر مُشْتَر على ذبحه وَيلْزمهُ قيمَة ذَلِك الْمُسْتَثْنى نصا تَقْرِيبًا، وَإِن شَرطه لزم. وَللْمُشْتَرِي الْفَسْخ بِعَيْب يخْتَص الْمُسْتَثْنى كعيب بِرَأْسِهِ أَو جلده لِأَن الْجَسَد شَيْء وَاحِد يتألم كُله بألم عُضْو، وَالسَّابِع كَون ثمن مَعْلُوما حَال العقد وَلَو بِرُؤْيَة مُتَقَدّمَة بِزَمن لَا يتَغَيَّر فِيهِ، أَو وصف كَمَا تقدم، وَلَو فِي صبرَة من دَرَاهِم وَنَحْوهَا ثمن وَكَذَا أُجْرَة، وَيرجع مَعَ تعذر معرفَة ثمن فِي فسخ بِقِيمَة مَبِيع. وَلَو أسرا ثمنا بِلَا عقد ثمَّ عقداه ظَاهرا بآخر فالثمن الأول، وَلَو عقدا سرا بِثمن ثمَّ عَلَانيَة باكثر فكنكاح أَي يُؤْخَذ بِالزَّائِدِ مُطلقًا، وَالأَصَح قَول المنفح: الْأَظْهر أَن الثّمن هُوَ الثَّانِي إِن كَانَ فِي مُدَّة خِيَار وَإِلَّا فَالْأول. انْتهى. قَالَه فِي الْمُنْتَهى. فَلَا يَصح البيع بقوله بِعْتُك بِمَا يَنْقَطِع بِهِ السّعر وَلَا كَمَا يَبِيع النَّاس وَلَا بِدِينَار أَو دِرْهَم مُطلق وَثمّ نقود مُتَسَاوِيَة رواجا فَإِن لم يكن إِلَّا وَاحِد أَو غلب أَحدهَا صَحَّ وَصرف إِلَيْهِ. وَلَا: بِعشْرَة صحاحا أَو أحد عشر مكسرة، وَلَا: بِعشْرَة نَقْدا أَو عشْرين نَسِيئَة. مَا لم يَتَفَرَّقَا فِي الصُّورَتَيْنِ على أحد الثمنين فَإِن تفَرقا على الصِّحَاح أَو المكسرة فِي الأولى، أَو على النَّقْد أَو النَّسِيئَة فِي الثَّانِيَة صَحَّ لانْتِفَاء الْمَانِع بِالتَّعْيِينِ وَلَا بيع نَحْو ثوب برقمه وَلَا بِمَا بَاعَ بِهِ زيد إِلَّا إِن علماهما، وَلَا بِأَلف ذَهَبا أَو فضَّة، وَلَا بِثمن مَعْلُوم مَعَ رَطْل خمر أَو كلب أَو نَحوه، وَلَا بِمِائَة دِرْهَم إِلَّا دِينَارا أَو قفيزين وَنَحْوه، وَلَا أَن يَبِيع من صبرَة أَو ثوب

ص: 367

أَو قطيع كل قفيز أَو ذِرَاع أَو شَاة بدرهم لِأَن (من) للتَّبْعِيض و (كل) للعد فَيكون مَجْهُولا. وَيصِح بيع الصُّبْرَة أَو الثَّوْب أَو القطيع كل قفيز أَو ذِرَاع أَو شَاة بدرهم، وَإِن لم يعلمَا عدد ذَلِك لِأَن الْمَبِيع مَعْلُوم بِالْمُشَاهَدَةِ وَالثمن يعرف بِجِهَة لَا تتَعَلَّق بالمتعاقدين وَهُوَ كيل الصُّبْرَة أَو ذرع الثَّوْب أَو عد القطيع. وَيصِح بيع دهن وَعسل وَنَحْوهمَا فِي ظرفه مَعَه موازنة كل رَطْل بِكَذَا سَوَاء علما بمبلغ كل مِنْهُمَا أَو لَا لِأَن المُشْتَرِي رَضِي أَن يَشْتَرِي كل رَطْل بِكَذَا من الظّرْف وَمِمَّا فِيهِ، وكل مِنْهُمَا يَصح إِفْرَاده بِالْبيعِ فصح الْجمع بَينهمَا كالأرض الْمُخْتَلفَة الْأَجْزَاء. وَإِن احتسب بَائِع بزنة الظّرْف على مُشْتَر وَلَيْسَ الظّرْف مَبِيعًا وعلما مبلغ كل مِنْهُمَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا لجَهَالَة الثّمن. وَإِن بَاعه جزَافا بظرفه أَو دونه صَحَّ، أَو بَاعه إِيَّاه فِي ظرفه كل رَطْل بِكَذَا على أَن يطْرَح مِنْهُ وزن الظّرْف صَحَّ. وَإِن اشْترى زيتا وَنَحْوه فِي ظرف فَوجدَ فِيهِ رَبًّا أَو نَحوه صَحَّ البيع فِي الْبَاقِي بِقسْطِهِ ولمشتر الْخِيَار وَلم يلْزم البَائِع بدل الرِّبَا. وَإِن بَاعَ شخص شَيْئا مشَاعا بَينه وَبَين غَيره أَي بَاعَ جَمِيع مَا يملك بعضه بِغَيْر إِذن شَرِيكه أَو بَاعَ عَبده وَعبد غَيره صَفْقَة وَاحِدَة بِغَيْر إِذن مِنْهُ أَو بَاعَ عبدا وحرا صَفْقَة وَاحِدَة أَو بَاعَ خلا وخمرا صَفْقَة وَاحِدَة صَحَّ البيع فِي نصِيبه من الْمشَاع وَصَحَّ فِي عَبده بِقسْطِهِ

ص: 368

دون عبد غَيره وَصَحَّ فِي الْخلّ بِقسْطِهِ من الثّمن نصا، وتقدر الْخمر خلا وَالْحر عبدا ليقوم لتقسيط الثّمن، ولمشتر الْخِيَار إِن جهل الْحَال وَقت عقده وَإِلَّا فَلَا خِيَار لَهُ لدُخُوله على بَصِيرَة. وَإِن بَاعَ عَبده وَعبد غَيره بِإِذْنِهِ بِثمن وَاحِد أَو بَاعَ عَبْدَيْنِ لاثْنَيْنِ أَو اشْترى عَبْدَيْنِ من اثْنَيْنِ أَو من وكيلهما بِثمن وَاحِد صَحَّ وقسط على قيمتيهما، وكبيع إِجَارَة. وَإِن جمع من عقد بَين بيع وَإِجَارَة أَو صرف أَو خلع أَو نِكَاح بعوض وَاحِد صَحَّ وقسط عَلَيْهِمَا. وَبَين بيع وَكِتَابَة بِأَن كَاتب عَبده وَبَاعه دَاره بِمِائَة كل شهر عشرَة مثلا بَطل البيع لِأَنَّهُ بَاعَ مَاله بِمَالِه أشبه مَا لَو بَاعه قبل الْكِتَابَة وَصحت كِتَابَة بقسطها لعدم الْمَانِع. وَيحرم وَلَا يَصح بِلَا حَاجَة كمضطر إِلَى طَعَام أَو شراب وجده يُبَاع، وعريان وجد ستْرَة تبَاع، أَو وجد أَبَاهُ وَنَحْوه يُبَاع مَعَ من لَو تَركه لذهب، وَشِرَاء مركوب لعاجز، أَو قَائِد لضرير بيع فَاعل يَصح، وَلَا شِرَاء مِمَّن تلْزمهُ الْجُمُعَة وَلَو بِغَيْرِهِ وَلَو أحد الْمُتَعَاقدين والأخر لَا تلْزمهُ، وَكره البيع وَالشِّرَاء للْآخر. وَمحل ذَلِك بعد ندائها الْجُمُعَة الثَّانِي الَّذِي عِنْد أول الْخطْبَة. قَالَ المنقح أَو قبله لمن منزله بعيد بِحَيْثُ أَنه يُدْرِكهَا. انْتهى. وَيسْتَمر التَّحْرِيم إِلَى انْقِضَاء الصَّلَاة. وَكَذَا لَو تضايق وَقت مَكْتُوبَة غَيرهَا وَتَصِح سَائِر الْعُقُود من نِكَاح وَإِجَارَة وَصلح وقرض وَرهن وَضَمان وَنَحْوهمَا وإمضاء بيع خِيَار، أَو فَسخه بعد ندائها وَلَا يَصح بيع عصير أَو عِنَب أَو زبيب (لمتخذه) (سقط: أَي الْعصير

ص: 369

أَو الْعِنَب أَو الزَّبِيب) خمرًا وَلَو لذِمِّيّ لأَنهم مخاطبون بالفروع. وَلَا بيع مَأْكُول ومشروب ومشموم وقدح لمن يشرب عَلَيْهِ أَو بِهِ مُسكرا، وَلَا بيع سلَاح وَنَحْوه كفرس وَدرع فِي فتْنَة أَو لأهل حَرْب أَو قطاع طَرِيق إِذا علم ذَلِك وَلَو بقرائن، وَلَا بيع بيض وَجوز وَنَحْوهمَا لقمار وَلَا أكلهما وَلَا بيع غُلَام وَأمة لمن عرف بِوَطْء دبر أَو بغناء، وَلَو اتهمَ بِوَطْء غُلَامه فدبره أَو لَا وَهُوَ فَاجر معلن حيل بَينهمَا كمجوسي تسلم أُخْته وَيخَاف أَن يَأْتِيهَا فيحال بَينهمَا، وَلَا بيع عبد مُسلم لكَافِر وَلَو وَكيلا لمُسلم لَا يعْتق عَلَيْهِ فَإِن كَانَ يعْتق عَلَيْهِ كأبيه وَابْنه صَحَّ شِرَاؤُهُ لَهُ لِأَن ملكه لَا يسْتَقرّ عَلَيْهِ بل يعْتق عَلَيْهِ فِي الْحَال، وَإِن أسلم عبد لذِمِّيّ أجبر على إِزَالَة ملكه عَنهُ وَلَا تَكْفِي كِتَابَة.

فَائِدَة يدْخل الرَّقِيق الْمُسلم فِي ملك الْكَافِر ابْتِدَاء بِالْإِرْثِ من قريب أَو مولى أَو زوج وباسترجاعه بإفلاس المُشْتَرِي بِأَن اشْترى كَافِر عبدا كَافِرًا ثمَّ أسلم العَبْد وأفلس المُشْتَرِي وَحجر عَلَيْهِ ففسخ البَائِع البيع، وَإِذا رَجَعَ فِي هِبته لوَلَده بِأَن وهب الْكَافِر لوَلَده ثمَّ أسلم العَبْد وَرجع الْأَب فِي هِبته، وَإِذا رد عَلَيْهِ بِعَيْب أَي بَاعه كَافِرًا ثمَّ أسلم وَظهر بِهِ عيب فَرده، وَكَذَا لَو رد بِغَبن أَو تَدْلِيس أَو خِيَار مجْلِس، وَإِذا اشْترط الْخِيَار مُدَّة فَأسلم العَبْد فِيهَا وَفسخ البَائِع البيع، وَإِذا وجد الثّمن الْمعِين معيبا فَرده وَكَانَ قد أسلم للْعَبد، وَفِيمَا إِذا ملكه الْحَرْبِيّ، وَفِيمَا إِذا قَالَ الْكَافِر لمُسلم أعتق عَبدك الْمُسلم عني وَعلي

ص: 370

ثمنه فَفعل. ذكره فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه، وَيدخل الْمُصحف فِي ملك الْكَافِر ابْتِدَاء بِالْإِرْثِ وَالرَّدّ عَلَيْهِ لنَحْو عيب وبالقهر ذكره ابْن رَجَب وَحرم وَلم يَصح بَيْعه على بيع أَخِيه الْمُسلم زمن الخيارين الْمجْلس وَالشّرط وَهُوَ قَوْله لمن اشْترى شَيْئا بِعشْرَة: أُعْطِيك مثله بِتِسْعَة، أَو يعرض عَلَيْهِ سلْعَة يرغب فِيهَا المُشْتَرِي لفسخ البيع ويعقد مَعَه فَلَا يَصح البيع. وَحرم وَلم يَصح شِرَاؤُهُ على شِرَائِهِ أَي الْمُسلم كَقَوْلِه لبائع سلْعَة بِتِسْعَة: عِنْدِي فِيهَا عشرَة وَكَذَا اقتراضه بِأَن يعْقد مَعَه فَيَقُول آخر: أَقْرضنِي ذَلِك قبل تقييضه للْأولِ فيفسخه ويدفعه للثَّانِي، وَكَذَا اتهابه على اتهابه وافتراضه بِالْفَاءِ فِي الدِّيوَان على افتراضه، وَطلب الْعَمَل من الولايات بعد طلب غَيره وَنَحْو ذَلِك، وَالْمُسَاقَاة والمزارعة والجعالة وَنَحْوهَا كَالْبيع فَتحرم وَلَا تصح إِذا سبقت للْغَيْر قِيَاسا على البيع لما فِي ذَلِك من الْإِيذَاء ذكره فِي الْإِقْنَاع وَشَرحه، وَحرم سومه على سومه أَي الْمُسلم مَعَ الرِّضَا الصَّرِيح لحَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَن النَّبِي قَالَ:(لَا يسم الرجل على سوم أَخِيه) رَوَاهُ مُسلم. وَهُوَ أَن يتساوما على [] فِي غير المناداة حَتَّى يحصل الرِّضَا من البَائِع، وَأما المزايدة فِي المناداة قبل الرِّضَا فجائزة بِالْإِجْمَاع، وَكَذَا سوم إِجَارَة، وَيصِح العقد على السّوم فَقَط. وَمن استولى على ملك غَيره بِلَا حق أَو جَحده أَو مَنعه إِيَّاه حَتَّى

ص: 371

يَبِيعهُ لَهُ فَفعل لم يَصح. وَمن بَاعَ شَيْئا نَسِيئَة أَو بِثمن حَال لم يقبض حرم وَبَطل اسْتِرْدَاده لَهُ من مُشْتَرِيه نصا بِنَقْد من جنس الأول أقل مِنْهُ وَلَو نَسِيئَة وَكَذَا العقد الأول حَيْثُ كَانَ وَسِيلَة إِلَى الثَّانِي إِلَّا إِن تَغَيَّرت صفته، وَتسَمى (مسئلة الْعينَة) لِأَن مُشْتَرِي السّلْعَة إِلَى أجل يَأْخُذ بدلهَا عينا أَي نَقْدا حَاضرا. وعكسها مثلهَا بِأَن يَبِيع شَيْئا بِنَقْد حَاضر ثمَّ يَشْتَرِيهِ من مُشْتَرِيه أَو وَكيله بِنَقْد أَكثر من الأول من جنسه غير مَقْبُوض إِن لم تزد قيمَة الْمَبِيع بِنَحْوِ سمن أَو تعلم صنعتة. وَإِن اشْتَرَاهُ أَبَوَاهُ أَو ابْنه أَو غُلَامه وَنَحْوه صَحَّ مَا لم يكن حِيلَة، قَالَ شيخ الْإِسْلَام 16 (ابْن تَيْمِية) رحمه الله: وَيحرم على صَاحب الدّين أَن يمْتَنع من إنظار الْمُعسر حَتَّى يقلب عَلَيْهِ الدّين وَمَتى قَالَ رب الدّين إِمَّا أَن تقلبه وَإِمَّا أَن تقوم معي إِلَى عِنْد الْحَاكِم وَخَافَ أَن يحْبسهُ الْحَاكِم لعدم ثُبُوت إِعْسَاره عِنْده وَهُوَ مُعسر فَقلب على هَذَا الْوَجْه كَانَت هَذِه الْمُعَامَلَة حَرَامًا غير لَازِمَة بِاتِّفَاق الْمُسلمين، فَإِن الْغَرِيم مكره عَلَيْهَا بِغَيْر حق، وَمن نسب جَوَاز الْقلب على الْمُعسر بحيلة من الْحِيَل إِلَى مَذْهَب بعض الْأَئِمَّة فقد أَخطَأ فِي ذَلِك وَغلط، وَإِنَّمَا تنَازع النَّاس فِي الْمُعَامَلَات الاختيارية مثل التورق والعينة. انْتهى كَلَامه. وَهُوَ ظَاهر ذكره فِي الْإِقْنَاع. وَيحرم التسعير على النَّاس، وَهُوَ أَن يسعر الإِمَام سعرا وَيجْبر النَّاس على البيع والتبايع بِهِ. وَيكرهُ الشِّرَاء بِهِ وَإِن هدد حرم البيع وَبَطل. وَحرم أَن يَقُول لغير محتكر: بِعْ كالناس. وَأوجب شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية إِلْزَام السوقة الْمُعَاوضَة بِثمن الْمثل وَأَنه لَا نزاع فِيهِ لِأَنَّهُ مصلحَة عَامَّة لحق الله تَعَالَى وَلَا تتمّ مصلحَة النَّاس إِلَّا بهَا.

ص: 372

وَيحرم الاحتكار فِي قوت آدَمِيّ فَقَط لقَوْله (الجالب مَرْزُوق والمحتكر مَلْعُون) وَهُوَ أَن يَشْتَرِيهِ للتِّجَارَة ويحبسه ليقل فيغلو. قَالَ فِي الرِّعَايَة الْكُبْرَى: وَمن جلب شَيْئا أَو استغله من ملكه أَو مِمَّا اسْتَأْجرهُ أَو اشْتَرَاهُ زمن الرُّخص وَلم يضيق على النَّاس إِذا، أَو اشْتَرَاهُ من بلد كَبِير كبغداد أَو الْبَصْرَة ومصر وَنَحْوهَا فَلهُ حَبسه حَتَّى يغلو وَلَيْسَ بمحتكر، نَص عَلَيْهِ، وَترك ادخاره لذَلِك أولى. انْتهى. قَالَ فِي تَصْحِيح الْفُرُوع بعد حِكَايَة ذَلِك: قلت إِذا أَرَادَ بِفعل ذَلِك وتأخيره مُجَرّد الْكسْب فَقَط كره، وَإِن أَرَادَ التكسب ونفع النَّاس عِنْد الْحَاجة لم يكره. وَالله أعلم. وَمن احْتَاجَ إِلَى نقد فَاشْترى مَا يُسَاوِي مائَة بِمِائَة وَخمسين ليتوسع بِثمنِهِ فَلَا بَأْس نصا، وَهِي مَسْأَلَة التورق. وَيحرم البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد، وَلَا يَصح للمعتكف وَغَيره فِي الْقَلِيل وَالْكثير. وَبيع الْأمة الَّتِي يَطَؤُهَا قبل استبرائها حرَام وَيصِح العقد. وَلَا يَصح التَّصَرُّف فِي الْمَقْبُوض بِعقد فَاسد وَيضمن هُوَ وزيادته كمغصوب.

ص: 373