الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحافظ أبو سعيد عبد الكريم السمعاني المروزي في حرف السين من كتابه في الأنساب وقال رأيت من تصنيفه كتابا حسنا أظنه لم يسبق إليه سماه كتاب الصناع من الفقهاء والمحدثين اهـ من كتاب الأنساب له انظر ورقة 298 من النسخة المأخوذة بالفتوغراف وتعرض لكثير من الحرف الإمام ابن الحاج في المدخل، واختصر كلامه فيها وزاد وبسط ما على المسلم في استعمالها من النيات الفقيه الصوفي أبو العباس أحمد بن عجيبة التطواني في تأليف مخصوص.
باب كون الناس كانوا أول الإسلام لا يتعاطون البيع والشراء حتى يتعلموا أحكامه وآدابه وما ينجي من الربا
حكى الإمام الشافعي في الرسالة، والغزالي في الأحياء الاجماع على أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، قال القرافي في الفروق: فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع، ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله في الاجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله في القراض، ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله في تلك الصلاة، ويدل على هذه القاعدة من جهة القرآن قوله تعالى حكاية عن نوح: إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ [هود: 47] ومعناه ما ليس لي بجواز سؤاله علم، وذلك لكونه عليه السلام عوتب على سؤال الله عز وجل لابنه أن يكون معه في السفينة، لكونه سأل قبل العلم بحال الولد، وأنه مما ينبغي طلبه أم لا. فالعتب والجواب كلاهما يدل على أنه لا بد من تقديم العلم، مما يريد الإنسان أن يشرع فيه.
إذا تقرر هذا فمثله قوله تعالى: وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الاسراء: 36] نهى الله نبيه عن اتباع غير المعلوم، فلا يجوز الشروع في شيء حتى يعلم فيكون طلب العلم واجبا، على كل حالة ومنه قوله عليه السلام: طلب العلم فريضة على كل مسلم «1» قال الشافعي: طلب العلم قسمان؛ فرض عين، وفرض كفاية. ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك اهـ.
وفي الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة لأبي الحسن علي بن يوسف الحكيم الفاسي قال عمر: لا يدخل الأعاجم سوقنا حتى يتفقهوا في الدين. يريد والله أعلم فقه ما يلزمه في خاصة نفسه. قلت: أي من أحكام البيوع وأصل ذلك من فعله عليه السلام، فإنه كان يعلم كل من يتعاطى عملا أحكامه وتكاليفه اهـ.
وقال المجاجي في شرح مختصر ابن أبي جمرة قال علماؤنا: لا يجوز أن يتولى البيع والشراء ويجلس في السوق لذلك إلا هو عالم بأحكام البيوع والشراء، وأن تعلم ذلك لمن
(1) هذا الحديث ضعيف الإسناد وهو مشهور جدا على الألسنة انظر مقالة صاحب كشف الخفاء. وهو صحيح المعنى والله أعلم وقد رواه ابن ماجه في مقدمة كتابه ص 81 عن أنس بن مالك فانظره هناك.
أراده فرض واجب متعين عليه، وحكى على هذا الاجماع. وبهذا قال مالك في كتاب القراض. وفي المدونة: ولا أحب مقارضة من يستحل الحرام، أو من لا يعرف الحلال من الحرام وإن كان مسلما. وقد روي أن عمر بعث من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه اهـ ونحوه لابن رشد في المقدمات وفي الشبراخيتي على المختصر قال القبّاب: لا يجوز للإنسان أن يجلس في السوق حتى يعلم أحكام البيع والشراء. وبعث عمر من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه اهـ.
وفي المدخل لأبي عبد الله ابن الحاج: قد كان عمر بن الخطاب يضرب بالدرة من يقعد في السوق وهو لا يعرف الأحكام. ويقول: لا يقعد في سوقنا من لا يعرف الربا أو كما يقول. وقد أمر مالك بقيام من لا يعرف الأحكام من السوق لئلا يطعم الناس الربا.
سمعت سيدي أبا محمد يذكر أنه أدرك المحتسب يمشي في الأسواق، ويقف على الدكان ويسأل صاحبه على الأحكام التي تلزمه في سلعته، من أين يدخل عليه الربا فيها؟ وكيف يحترز منها؟ فإن أجابه أبقاه في الدكان، وإن جهل شيئا من ذلك أقامه من الدكان ويقول:
لا يمكنك أن تقعد في سوق المسلمين تطعم الناس الربا وما لا يجوز اهـ.
وفي نهج البلاغة أن عليا عليه السلام قال: من اتجر بغير فقه فقد ارتطح (ارتبك) في الربا. قال ابن أبي الحديد في شرحه لأن مسائل الدين مشتبهة بمسائل البيع ولا يفرق بينهما إلا الفقيه اهـ منه ص 479 من المجلد الرابع.
وفي قوت القلوب لأبي طالب مكي: كان عمر رضي الله عنه يطوف بالأسواق، ويضرب بعض التجار بالدرة ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه، وإلا أكل الربا شاء أو أبى اهـ.
وعزا بعض المتأخرين إلى الترمذي مرفوعا: لا يبيع في سوقنا إلا من تفقه في الدين، ولم أجده في كتاب البيوع من الجامع، ولا في الجامعين للسيوطي، ثم وجدته في كنز العمال، معزوا له انظر ص 218 من ج 1.
وفي تنبيه المغترين: كان مالك يأمر الأمراء فيجمعون التجار والسوقة ويعرضونهم عليه، فإذا وجد أحدا منهم لا يفقه أحكام المعاملات، ولا يعرف الحلال من الحرام، أقامه من السوق وقال له: تعلم أحكام البيع والشراء، ثم اجلس في السوق، فإن لم يكن فقهيا أكل الربا.
وقال الزرقاني في شرح المختصر عند قوله: وتجارة لأرض حرب عن مالك أنه: لا يجوز شهادة التجار في شيء من الأشياء، إلا أن يتعلموا أحكام البيع والشراء اهـ.
وفي البريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية للشيخ أبي سعيد الخادمي الحنفي: على التاجر أن يتعلم أحكام البيوع صحة وفسادا وبطلانا حلا وحرمة وربا وغيرها.