الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في كتابة الصحابة للحديث وأمر المصطفى لهم بالتقييد
خرّج الترمذي عن أبي هريرة قال: كان رجل يجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: استعن بيمينك، وأومأ بيده إلى الخط «1» . قال الترمذي: وفي الباب عن ابن عمر ثم قال: هذا حديث ليس اسناده بذلك القائم.
وأسند الرامهرمزي عن رافع بن خديج قال: قلت يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء فنكتبها، قال: أكتبوا ذلك ولا حرج.
وعن عبد الله بن عمرو قال: كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من أصحابه وأنا معهم، وأنا أصغر القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. فلما خرج القوم قلت: كيف تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعتم ما قال؟ وأنتم تنهمكون في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحكوا وقالوا: يا ابن أخينا إن كل ما سمعنا منه عندنا في كتاب. رواه الطبراني في الكبير. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.
وعن أنس قال: شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء الحفظ فقال: استعن بيمينك، وفيه إسماعيل بن يوسف وهو ضعيف.
وعن أبي هريرة أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء الحفظ فقال: استعن بيمينك على حفظك، رواه البزار وفيه الخطيب بن مجدر وهو كذاب.
وفي ترجمة أنس من طبقات ابن سعد أنه قال لبنيه: يا بني قيّدوا العلم بالكتاب انظر ص 14 من ج 7.
وأخرج أبو نعيم عن عبد الله بن عمر قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك أحاديث، أفتاذن لي أن أكتبها؟ قال: نعم فكان أول كتاب كتبته بيدي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة.
وأخرج ابن قانع من طريق عاصم بن مهاجر الكلاعي عن أبيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الخط الحسن يزيد الحق وضوحا. وساقه الحافظ في الإصابة في ترجمة مهاجر الكلاعي.
وأخرج الحكيم والطبراني في الكبير وسمويه والخطيب في تقييد العلم عن رافع بن خديج قال: قلت يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء فنكتبها قال فذكره.
وأخرج ابن الجوزي في العلل عن ابن عمر رفعه: من كتب عني أربعين حديثا رجاء أن يغفر الله له غفر له، وأعطاه ثواب الشهداء.
وفي مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، من مسند الإمام أحمد ص 176 ج 2 ثنا
(1) رواه في كتاب العلم باب 12 ص 39 ج 5.
يحيى بن إسحاق قال: ثنا يحيى بن أيوب قال: حدثني أبو قبيل قال: كنا عند عبد الله عمرو بن العاصي، وسئل أي المدينتين تفتح أولا قسطنطينية أو رومية، فدعا عبد الله بن عمرو بصندوق له حلق، فأخرج منه كتابا قال: فقال عبد الله: بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب، إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولا؟ أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح أولا يعني قسطنطينية قال الشيخ أبو الحسن السندي في حواشيه: قوله: له حلق بحاء مهملة مكسورة جمع حلقة أو بخاء معجمة مفتوحة ولام مفتوحة صفة صندوق أي عتيق. وفي المجمع رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. غير أبي قبيل وهو ثقة اهـ.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن عمرو قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب ما سمعت منه فأذن لي فكتبته، فكان عبد الله يسمي صحيفته تلك الصادقة.
وأخرج ابن سعد أيضا عن مجاهد قال: رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال: هذه الصادقة، فيها ما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينه فيها أحد ص 125 ج 2 من القسم 3.
وعن أبي هريرة قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، قال: كان يكتب بيده ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي، واستاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتابة فأذن له، رواه أحمد والترمذي. وقال حديث حسن صحيح، وأصله في الصحيح. وبوّب عليه الترمذي في كتاب العلم. من الجامع تحت باب: الرخصة في كتابة العلم ولفظ البخاري «1» : فإنه كان يكتب ولا أكتب قال الحافظ في الفتح على قوله: ولا أكتب: قد يعارضه ما أخرجه ابن وهب من طريق الحسن بن عمرو بن أمية قال تحدث عند أبي هريرة بحديث، فأخذ بيدي إلى بيته فأراني كتبا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هذا هو مكتوب عندي قال ابن عبد البر: ويمكن الجمع بأنه لم يكتب في العهد النبوي، ثم كتب بعده وأقوى من ذلك أنه لا يلزم من وجود الحديث مكتوبا عنده أن يكون بخطه وقد ثبت أنه لم يكن يكتب فتعين أن المكتوب عنده بغير خطه اهـ منه.
وقال الحافظ السيوطي في تدريب الراوي: وأباح كتابة الحديث طائفة وفعلوها منهم:
عمر وعلي، وابنه الحسن، وابن عمرو، وأنس، وجابر، وابن عباس، وعمرو، وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين اهـ.
وأخرج البيهقي في المدخل وابن عساكر عن الحسن بن علي قال لبنيه وبني أخيه:
إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين: فتعلموا العلم فمن لم يحسن منكم أن يؤديه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته.
(1) كتاب العلم باب 39 ص 36/ 1.
وأخرج البغوي في معجمه عن يزيد الرقاشي قال: كنا إذا أكثرنا على أنس بن مالك أتانا بمجال له فألقاها إلينا، وقال: هذه أحاديث سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبتها وعرضتها. أورده الحافظ السيوطي في التدريب انظر ص 143 منه.
وقال محمد بن هارون الروياني في مسنده: حدثنا محمد بن زياد ثنا فضيل بن عياض عن عائد عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع قال: كان ابن عباس يأتي ابن رافع فيقول: ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم يوم كذا؟ ومع ابن عباس من يكتب ما يقول.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سلمى قالت: رأيت ابن عباس معه ألواح يكتب عليها عن أبي رافع شيئا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الإمام أبو محمد ابن قتيبة في كتابه مشكل الحديث، بعد أن ذكر أحاديث النهي عن كتابة شيء دون القرآن، وقوله عليه السلام: قيّدوا العلم بالكتابة فقال: إن في هذا معنيين أحدهما: أن يكون من منسوخ السنة بالسنة؛ كأنه نهى في أول الأمر أن يكتب قوله، ثم رأى بعد لما علم أن السنن تكثر وتفوت الحفظ أن تكتب وتقيد، والمعنى الآخر أن يكون خصّ بهذا عبد الله بن عمرو بن العاص، لأنه كان قارئا للكتب المتقدمة، ويكتب بالسريانية والعربية، وكان غيره من الصحابة أميين لا يكتب منهم إلا الواحد والإثنان. وإذا كتب لم يتقن ولم يصب التهجي، فلما خشي الغلط فيما يكتبون نهاهم، ولما أمن على عبد الله بن عمرو ذلك أذن له. ثم أسند مرفوعا أن من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويظهر القلم ويفشو التجار قال عمر: وإن كنا لنلتمس في الحواء العظيم (البيوت المجتمعة من الناس على ماء) الكاتب، ويبيع الرجل البيع فيقول: حتى استأمر تاجر بني فلان اهـ «1» .
وفي الأكليل على قوله تعالى: عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [طه: 52] أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال: الناس يعيبون علينا الكتابة، وقد قال تعالى: عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى قال البلقيني: هذا أحسن استنباط لكتابة الحديث والعلم اهـ.
وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس: لما علم الشارع أن حفظ القرآن والسنة يصعب أمر بكتابة المصحف، وكتابة الحديث، فأما القرآن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه الآية دعا بالكاتب فأثبتها، وكانوا يكتبونها في العسب، والحجارة وعظم الكتف، ثم جمع القرآن بعده في المصحف أبو بكر صونا عليه ثم نسخ من ذلك عثمان وبقية الصحابة، وكل ذلك لحفظ القرآن لئلا يشذ منه شيء. وأما السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قصر الناس في بداية الإسلام على القرآن، وقال: لا تكتبوا عني سوى القرآن، فلما كثرت الأحاديث ورأى قلة ضبطهم أذن لهم في الكتابة، ثم ذكر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة في رواية: لما شكا إليه قلة الحفظ: استعن على حفظك بيمينك يعني الكتابة. ثم ذكر حديث قيّدوا العلم بالكتابة انظر بقيته فيه.
(1) انظر كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 286 المطبوع 1966 بمصر.