الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإنه أورد في ترجمة زهير بن عثمان الحديث الذي أخرجه أبو داود «1» والنسائي من طريق قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوليمة حق. أول يوم حق، والثاني معروف، والثالث سمعة ورياء. قال البخاري: لا يصح إسناده. وقال ابن عمر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليجب. ولم يخص أياما ولا غيرها. وهذا أصح. وقال ابن سيرين عن أبيه أنه بنى بأهله أو لم سبعة أيام، فدعا في ذلك أبي بن كعب فأجابه اهـ.
وأخرج أبو يعلى بإسناد حسن عن أنس قال: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم صفية وجعل عتقها صداقها، وجعل الوليمة ثلاثة أيام. وإلى ما جنح إليه البخاري ذهب المالكية؛ قال عياض:
استحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعا وقال غيره: إذا دعا في كل يوم من لم يدع قبله، ولم يكرر عليهم وعند الأمن من الرياء والسمعة اهـ ملخصا من فتح الباري.
جلب دقيق الحواري
الأبيض الناصع النقي سمي به لنقائه من النخالة فهو خلاصة الدقيق ولبابه.
والسمن والعسل من الشام إلى المدينة وأكل المصطفى عليه السلام منه
عن الليث بن أبي سالم قال: أول من خبص في الإسلام عثمان بن عفان؛ قدمت عليه عير تحمل الدقيق والعسل فخلط بينهما، وبعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأكل فاستطابه. قال المحب الطبري في الرياض النضرة: أخرجه خيثمة في فضائل عثمان، وعن عبد الله بن سلام قال: قدمت عير فيها جمل لعثمان دقيق وسمن وعسل، فأتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية الحاكم وغيره، عن ابن سلام: خرج صلى الله عليه وسلم إلى المربد فرأى عثمان يقود ناقة تحمل دقيقا حواريا وسمنا وعسلا، فقال له: أنخ فأناخ فدعا فيها بالبركة، ثم دعا صلى الله عليه وسلم ببرمة فنصبت على النار، وجعل فيها من الدقيق والعسل والسمن، ثم عصد حتى نضج أو كاد أن ينضج. ثم أنزله فقال صلى الله عليه وسلم: كلوا هذا شيء تسميه فارس الخبيص. قال الطبري: خرّجه تمام في فوائده، والطبراني في معجمه. قال الحافظ ابن حجر، وتبعه الحافظ الشامي. رجال الأوسط والصغير ثقات. وقد أخرجه الحاكم وصححه بقيّ بن مخلد «2» اهـ.
وقال الزرقاني في شرح المواهب: ومقتضاه أن أول من خبص في الإسلام النبي صلى الله عليه وسلم، فخالف قوله أولا: أول من خبص في الإسلام عثمان، ويحتمل أن نسبته إليه لكونه كان سببا في فعله بإهدائه إليه، لكن روى الحرث بسند منقطع: صنع عثمان خبيصا بالعسل والسمن والبر، وأتى به في قصعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: هذا شيء تصنعه الأعاجم تسميه الخبيص. فأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويمكن الجمع أيضا بتكرار ذلك فيكون عثمان فعله بنفسه، ثم عرضه على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يصنع له منه ففعل اهـ.
(1) الحديث في كتاب الأطعمة ج 4 ص 126.
(2)
أحد كبار علماء الأندلس الثقات أهل الورع. ت 276 هـ نقلا عن جذوة المقتبس للحميدي ص 274/ 1.
قال شيخنا الأستاذ الوالد في تحديد الأسنة، عقب حديث أكله عليه السلام خالص الدقيق المذكور: فإن قلت خرّج الترمذي في الشمائل عن سهل بن سعد «1» ، أنه قيل: أأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي؟ يعني الحوار. قال سهل: ما رأى صلى الله عليه وسلم النقي حتى لقي الله عز وجل.
قلت: أخبر رضي الله عنه بحسب إطلاعه ومنتهى علمه، وإلا فالمثبت مقدم على النافي.
ومن أثبت حجة على من نفى. ولم يحط أحد بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم اهـ.
وفي طبقات ابن سعد أن ابن عمر كان يستحب أن يطيّب زاده، وأنه قيل لنافع: أكان ابن عمر يصيب من هذا الطعام؟ فقال: كان ابن عمر يأكل الدجاج والفراخ، والخبيص في البرمة.
وفي أوائل السيوطي: أول من خبص الخبيص عثمان، خلط العسل والنقي من الدقيق ثم بعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل أم سلمة، وفيها أيضا: أول من أدخل الفالوذج ديار العرب أمية ابن أبي الصلت، أطعمه بعض الناس ذلك بالشام، فبلغ ذلك عبد الله بن جدعان فوجه إلى اليمن من جاء له بمن يعمل له الفالوذج بالعسل، وفي مناهج الأخلاق السنية للفاكهي: وفي رواية جمع وصححها الحاكم، كما نبه عليه الشيخ محمد الشافعي في سيرته: أهدى ملك الهند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا منها جرة فيها زنجبيل، فأطعم كل إنسان قطعة قطعة. قال أبو سعيد الخدري وأطعمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعتين اهـ.
وقد قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه صيد الخواطر: بلغني عن بعض زهاد زماننا أنه قدم له طعام فقال: لا آكل. قيل له: لم؟ فقال لأن نفسي تشتهيه وأنا منذ سنين ما بلغت نفسي ما تشتهي. فقلت لقد خفيت طرق الصواب عن هذا من وجهين:
وسبب خفائها عدم العلم. أما الوجه الأول فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على هذا ولا أصحابه، وقد كان عليه السلام يأكل لحم الدجاج ويحب الحلوى والعسل. ودخل فرقد السنجي على الحسن وهو يأكل الفالوذج فقال: يا فرقد ما تقول في هذا؟ فقال: لا آكله ولا أحب من يأكله فقال الحسن: لعاب النحل، بلباب البر، بسمن البقر هل يعيبه مسلم؟ وجاء رجل إلى الحسن فقال: إن لي جارا لا يأكل الفالوذج فقال: ولم؟ قال: يقول لا أؤدي شكره فقال:
إن جارك جاهل، وهل يؤدي شكر الماء البارد؟ وكان سفيان الثوري يحمل في سفره الفالوذج واللحم المشوي ويقول: إن الدابة إذا أحسن إليها عملت، وجيء إلى علي بفالوذج فأكل منه، وقال: ما هذا قالوا: نور النيروز. فقال: نورزونا في كل يوم. فينبغي للإنسان أن يتبع الدليل، لا أن يتبع طريقا ويطلب دليلها، وقد قالت رابعة: إن كان صلاح قلبك في الفالوذج فكل منه، ولا تكن ممن يرى صور الزهد، فرب مشبع لا يريد الشبع وإنما يريد المصلحة، وليس كل بدن يقوى على الخشونة؛ خصوصا من قد لاقى الكل [الكلل] وأجهده الفكر.
(1) انظر باب صفة خبز رسول صلى الله عليه وسلم ص 93 من الطبعة الأولى 1344 هـ.