الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرحلة في طلب العلم «1» ، وذكر أن جابر بن عبد الله رحل إلى عبد الله بن أنيس مسيرة شهر، في حديث واحد. وعن ابن عباس في قوله تعالى: السائحون هم طلبة العلم، وقال ابن مسعود: لو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني لرحلت إليه، وقد أفرد فوائد الرحلة وذكر الرحالين الخطيب البغدادي بجزء.
باب ترغيب الصحابة بعضهم بعضا وغيرهم من الناس إلى حضور الميراث النبوي يريدون العلم لأن الأنبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم وذلك بعد انتقاله عليه السلام
قال السيد السمهودي في جواهر العقدين: خرّج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة أنه مرّ بسوق المدينة فوقف عليها، فقال: يا أهل السوق ما أعجزكم؟ قالوا وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك ميراث النبي صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم ها هنا؛ ألا تذهبون، فتأخذون نصيبكم منه. قالوا: وأين هو؟ قال في المسجد، فخرجوا سراعا، ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم: ما لكم؟ فقالوا: يا أبا هريرة قد أتينا المسجد، فدخلنا فيه فلم نر شيئا يقسم. فقال لهم أبو هريرة. أو ما رأيتم في المسجد أحدا؟ قالوا: بلى رأينا أقواما يصلون وقوما يقرؤون القرآن، وقوما يتذاكرون الحلال والحرام، فقال لهم أبو هريرة:
ويحكم فذاك ميراث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وذكر أبو عمر بن عبد البر، عن سلمان بن مهران قال: سمعت أحد القراء يقول:
بلغني أن قوما كانوا يتناظرون بالعراق في العلم، فقال قائل: من هؤلاء؟ فقيل له: قوم يقتسمون ميراث النبي صلى الله عليه وسلم.
باب في القاص في الزمن النبوي وجلوسه عليه السلام مجلسه
خرّج أحمد «2» وأبو يعلى عن أبي أمامة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على جماعة وقاص يقصّ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم قصّ، فلأن أقعد هذا المقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب ولأن أقعد هذا المقعد بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب، أورده الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه لأحمد والطبراني في الكبير. قال: ورجاله موثقون إلا أن فيه أبا الجعد عن أبي أمامة، فإن كان هو الغطفاني، فهو من رجال الصحيح، وإن كان غيره فلم أعرفه، وعن رجل من أهل بدر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لأن أقعد في مثل هذا المجلس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب. قال شعبة: فقلت أي مجلس يعني؟ قال: كان قاصا. رواه أحمد «3»
(1) انظر البخاري ص 27 ج 1 من كتاب العلم باب 19.
(2)
رواه أحمد في ج 5 ص 261 والإسلامي: 328.
(3)
ج 3/ 474 والإسلامي/ 620.
وفيه كردوس بن قيس وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح، وعن عبد الجبار الخولاني قال: دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا كعب يقص قال من هذا؟ قالوا: كعب يقص علينا. قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال، قال: فبلغ ذلك كعبا فما رئي بعد ذلك يقص. رواه أحمد. «1» قال الهيثمي: وإسناده حسن، وعن عوف بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف. رواه أبو داود «2» غير قوله أو متكلف. ورواه الطبراني في الأوسط.
قال الهيثمي: وفيه أبو العباس الرازي، لم أر من ترجمه، وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف. رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن.
قال الملا على القاري في شرح المشكاة: القصص التكلم بالقصص والأخبار والمواعظ وقيل المراد به الخطبة خاصة اهـ وقال غيره: القصص التحدث بالقصص، ويستعمل في الوعظ، يريد من يعظهم إما أمير أو مأمور، أو يجوز لهما الوعظ أما مختال يعظ لطلبه الرياسة والتكبر، فلا يقبل هذا في الخطبة فالأمر فيها إلى الأمراء أو إلى من يتولاها من قبلهم. قال الطيبي في شرح المشكاة: وكل من وعظ وقص داخل غمارهم، وأمره موكول إلى الولاة اهـ انظر مجمع بحار الأنوار، في الإكليل للسيوطي على قوله تعالى: وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ [إبراهيم: 5] عن ابن العربي: هذه الآية أصل في الوعظ المرقق للقلوب اهـ.
قلت: ولا ينافي أحاديث الترجمة ما جاء عن بعض السلف؛ من إنكار القصص وذم القاصين. ففي الإحياء بعد أن ذكر أن الحسن البصري كان يتكلم في قصصه في علم الآخرة، والتذكير بالموت، والتنبيه على عيوب النفس، وآفات الأعمال، وخواطر الشيطان، ووجه الحذر منها. ويذكر بالاء الله ونعمائه، وتقصير العبد في شكره، ويعرف حقارة الدنيا وتصرفها وقلة عهدها، وعظم الآخرة وأهوالها فهذا هو التذكير المحمود شرعا، ثم تكلم عل الذين نقلوا اسم التذكير إلى خرافاتهم، وذهلوا عن طريق التذكير المحمود، واشتغلوا بالقصص التي يتطرق إليها الاختلاف والزيادة، والنقصان، وتخرج عن القصص الواردة في القرآن، وتزيد عليها فقال: من القصص ما ينفع سماعه، ومنها ما يضر سماعه، وإن كان صادقا. قال: فترجع القصص المحمودة إلى ما يشتمل عليه القرآن، وإلى ما صحّ من الكتب الصحيحة، من الأخبار.
قال في الإتحاف: أخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن ابن سيرين قال: بلغ عمر أن قاصا يقص بالبصرة فكتب إليه: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف: 5] قال فعرف الرجل فتركه، وأخرج عبد بن حميد في تفسيره، عن قيس بن سعد قال: جاء أن ابن عباس مرّ على عبيد بن عمير
(1) انظره في المسند ج 6/ 26 والإسلامي: 34 عن عوف بن مالك.
(2)
رواه في كتاب العلم ج 4 ص 72 ورقمه: 3665 ورواه أحمد أيضا 6/ 23 والإسلامي/ 29.