الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث هند وغيره: هذه الصفات لا تكون إلا لنبي، ولا يحتاج في الدلالة معها إلى غيرها وإن اعتدال الخلقة يدل على اعتدال الخلق، وإنها جبلة صدرت عن النور الساطع، والحق الذي ليس عنده باطل، وأنه لم يلق في طريقه ظلمة، ولا آفة، حتى خلص إلى الوجود على نهاية الكمال في الصنع، ثم استفسره خاتما كلامه بقوله: من نظر إلى كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما أبان من المعاني، وأوضح من المقاصد وأخبر عنه من الكائنات، ونظم من الترتيب، وقرر من التدريب، ودخول جميع المعاني من جميع الخلق أفعالا وأقوالا تحت ذلك النظام، علم قطعا أنه أمر يفوت طوق البشر، وأنه لا يحصيه فيهم إلا موجدهم، ولا يرأبه لهم إلا عالمهم وخالقهم، وهذه غاية في العصمة والحمد لله والمنة اهـ ملخصا.
خاتمة
وهنا عنّ لنا الإختتام وإيقاف القلم المسكين للإستراحة، موقف الإتمام معتذرا للسامع في الإقتصار على هذا القدر، من أحوال ذلك العصر النبوي الزاهر، بأن هذا ما أمكن الآن جمعه وعرضه، لا أن هذا غاية ما كان رائجا في ذلك الدور، من الصناعات والتجارات، والعمالات، والعلوم، لا، لا، فإن الواصل إلينا العلم به أدون مما كان موجودا بمراحل كثيرة، وبينهما فراغ متسع، لأن المقطوع به أنه ليس كل ما كان موجودا في ذلك الزمان في كل باب وصلنا العلم به التفصيلي التام الآن، ولا غيرنا ممن قبلنا وذلك لأسباب:
الأول أن أهل القرن الأول لم يكن لهم إعتناء تام كاف بالتدوين إكتفاء بالقرآن، وخشية أن يختلط به غيره، فلما أمن الناس ذلك في القرن الثاني، أقبلوا على التدوين في بعض الأبواب، على حسب الآكد بالنسبة لأدوار وأحوال ذلك الجيل لما رأوا إذا ذاك الحاجة ماسة إلى تدوينه بحيث لم يهتبلوا بتدوين ما كان من هذا النمط، ولو دونوا فيه لكان نهاية العبر وآية الإعجاز، بحيث ما تقف عليه الآن في هذه الأبواب إنما نقيمه ونستخرجه من خلال ذكر الغزوات والقضايا والواقعات، لا أنهم كانوا يقصدون الأخبار بهذا النوع بعينه، ولله در من قال: إن المدنية الإسلامية التي طبّقت شهرتها الآفاق، كادت تكون مع قرب عهدها، وبقاء آثارها، وآثار أهلها إلى الآن أشبه في الغموض بمدنية الأمم البائدة، التي ينقب الباحثون في تاريخها، عن دفائنها الأرضية، وآثارها العافية، ليقفوا على تاريخها الغابر اهـ.
وقال أيضا: أين هو لعمر أبيك التاريخ الذي يفصّل لنا أخبار السلف، التي تتعلق بمدنيتهم الغابرة، وأصول معيشتهم، وصنائعهم، وعوائدهم، وأزيائهم، وأصول حكومتهم، المتعلقة بالإدارة، والقضاء والسياسة، والجندية والتعليم، والمدارس، والمصانع، وغير ذلك مما يتعلق بترقي هذه الأمة وحالتها الإجتماعية.
الثاني: أن غالب مصنفات من تقدم في الأثر والسير إنعدمت اليوم أو كادت،
والموجود منها غير كاف لأنّ أكثر ما كان جمع وصنف أحرق أثناء الغارات، وقد ضاع من ذلك في وقعة التتر ما لم يذكر التاريخ أفظع منه، ألقي في نهر الدجلة حتى وقف عن الجريان، وأسودّ ماؤه بكثرة مداد ألقي فيه من الكتب الإسلامية، بل قد وجدت الشكاية بإندثار أكثر كتب السلف قبل وقعة التتر، وذلك من الحافظ ابن الجوزي في كتاب صيد الخاطر قال:
كانت همم القدماء عالية، تدل عليها تصانيفهم، التي هي زبدة أعمارهم، إلا أنّ أكثر التصانيف إندثرت، لأنّ همم الطلاب ضعفت، فصاروا يطلبون المختصرات، ولا ينشطون للمطوّلات. ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها، فاندثرت الكتب، ولم تنسخ.
ويذكر التاريخ العربي عن مدينة قرطبة بالأندلس، أنها كانت أكثر بلاد الله كتبا، وأن مسيحي إسبانيا لما استولوا على قرطبة أحرقوا كل ما طالت إليه أيديهم، من مصنفات المسلمين، وعددها مليون وخمسون ألف مجلد، وجعلوها زينة وشعلة في يوم واحد، ثم رجعوا على تسعين مكتبة في الأندلس، وصاروا يتلفون كلّ ما عثروا عليه في كل إقليم، من مؤلفات العرب ذكر ذلك (موندي) في تاريخه اهـ.
وقال أحد مؤرخيهم (ويلس) : إن ما أحرقه الإسبان من كتب الأندلس، ألف ألف وخمسة آلاف مجلد، وقال في وفيات الأسلاف إن أسقف طليطلة أحرق من الكتب الإسلامية العالية ما ينيف على ثمانين ألاف كتاب، وأنّ الإفرنج لما تغلبوا على غرناطة أحرقوا من الكتب النفيسة، ما تتجاوز ألف ألف، وأنهم قبضوا على ثلاث سفن قاصدة مراكش، تقلّ ما عزّ على المسلمين أن يخلّفوه وراءهم، فألقوها في قصر الإسكوريال، ثم لعبت بها النيران، وبقيت منها بقية رتّب فهرستها أحد مسيحي سورية، وجعلوها إلى اليوم مكتبة ينتابها علماء الأرض. وكان بقي منها على عهد من رتبها 1851 سفرا.
ورأيت بعض برنامجها أسماء الكتب العربي فيما قرب بقلم محمد محمود الشنقيطي، الشهير لما توجه إليها أيام السلطان عبد الحميد، فإذا هو تافه جدا بالنسبة للمظنون، أما بالنسبة لما كان بالمكاتب الأندلسية فلا نسبة. فقد ذكر صاحب الوافي في المسألة الشرقية أنه كان بمكتبة قرطبة وحدها على عهد الإسلام ستمائة ألف مجلد، من الكتب المختارة اهـ منه ص 172.
قال المرجاني بعد ذكر بعض ما ذكر في وفيات الأسلاف: وبالجملة فلم يبق من آثار علماء الإسلام إلا النادر الأقل [من] القليل اهـ منه ص 325.
وقال بعض المؤرخين المصريين: إن الباقي من الكتب التي ألفها المسلمون ليس إلا نقطة من بحر، مما أحرقه الصليبيون، والتتر، والأسبان، اهـ.
ولذلك قلت قديما: إن آثار الأسلاف أتى عليها ناهبان قويان، جيش الإنسان وجيش الحيوان، وقد جاء في تاريخ الوافي في المسألة الشرقية ص 171 أن من مكتبة فاس
والعراق اغتنت مكاتب أوروبا فانظر كلامه فإن جادت اليوم أوروبا علينا بنقل شيء من مكاتبها، أو نشره استفدنا، وإلا بقيت تلك الكنوز مكنوزة، وفي مكاتبهم المحاطة بدواليب الماء، والمطافي خشية الإحتراق، وبالعسس الليلية والنهارية مصونة.
ولما ذكر أبو محمد عبد الله التيجاني في رحلته: أنه كان بخزانة أبي زكرياء الحفصي بتونس ثلاثون ألف مجلد، فنقصت إلى أن صارت سنة الاف، قال: حكي ذلك إلى الحسن بن معمر الهواري الطرابلسي، قاضي باحة، وكان من خواص السلطان المذكور، ومن علماء دولته، وسئل عن السبب فقال: المطر وأيدي البشر اه وعلّل ذلك بعض شيوخنا الجزائرين فقال: توالي البطالات والسكون إلى الراحات. وأين الموجود الآن من أسماء الكتب، مما ذكره الشيخ مسعود جموع في كتابه: منهاج رسم القرآن في شرح مورد الظمان، حسبما نقلته من خط تلميذه ابن عاشر الحافي السلوي في كناشه، نقلا عن شرح العقيلة قال: صنف المصنفون من هذه الأمة كتبا ما لها عدد في كل فن، ثم نقل عمن رأى بغرناطة عند بعض الطلبة كتابا كبيرا ضخما في القالب الكبير، وعلى ظهر الكتاب مكتوب السفر السادس والخمسون من أسماء الكتب، ولم يدر ما بقي معه، وليس في هذا السفر إلا إسم الكتاب وإسم مؤلفه، وبلده ووفاته، خاصة فانظر كم تضمنت هذه الأسفار من أسماء أجزاء الكتب اهـ.
وقد ذكر القاضي ابن خلكان في ترجمة الصاحب بن عباد أنه كتب إليه نوح بن منصور أحد ملوك بخارى يستدعيه ليفوض إليه وزارته، فكان من اعتذاره أنه قال له: إنه يحتاج لنقل كتبه خاصة أربعمائة جمل اهـ وابن عباد المذكور من أهل المائة الرابعة توفي في صفر سنة 385، وإذا كان هذا ما يملكه رجل واحد في قطر واحد، فما بالك بمن عداه من الرجال المنتشرين في الأقطار والأمصار، وإذا كان هذا ما بلغت إليه صنعة التأليف عند المسلمين في نحو ثلاثمائة سنة في علم واحد، فانظر ما بلغوه بعد.
قال الحافظ السيوطي في المزهر عقب حكاية الصاحب ابن عباد المذكور: قد ذهبت جلّ كتبه في اللغة في الفتنة الكائنة بين التتر وغيرهم، بحيث أن الكتب الموجودة الآن في اللغة، من تصانيف المتقدمين والمتأخرين، لا يجيء حمل جمل واحد اهـ بواسطة فتح القدوس، في شرح خطبة القاموس، لأبي العباس الهلالي، وجمع في الفتح المذكور بين رواية ابن خلكان في احتياج ابن عباد لأربعمائة جمل، وبين رواية غيره بإحتياجه إلى ستين جملا بأن الزائد على ما ذكر السيوطي هو من كتب غير اللغة، أنظر فتح القدوس.
وفي الدر المختار شرح تنوير الأبصار للحصكفي الحنفي قيل: إنه أي محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة المتوفي سنة 189 صنّف في العلوم الدينية تسعمائة وتسعة وتسعين كتابا اهـ وقال الشافعي: حملت من علم محمد وقر بعير كتبا، فإذا كان هذا مؤلف واحد في القرن الثاني الهجري بلغت مؤلفاته الألف منها ما كتب في ستين دفترا وآخر وهو
مالك بلغ ما أملاه في الأحكام الشرعية نحوا من مائة وخمسين مجلدا فكيف بغيره في ذلك القرن؟ فكيف بمن بعدهم؟
ونقل أبو الحسن علي الأجهوري في حواشيه على خطبة الرسالة، عن إمام الحرمين في حق مالك: أنه أملى في مذهبه نحوا من مائة وخمسين مجلدا في الأحكام الشرعية.
وقد ذكر قاضي قضاة حيدر آباد الهند خدابخش في مقالة له نشرتها مجلة المقتطف، ثم دائرة المعارف الوجدية أن كتب الواقدي تملأ ستمائة صندوق، ويقتضي حملها مائة وعشرين جملا. أنظر مادة كتب من المجلد 8.
وقال الحافظ السيوطي في الدوران الفلكي، على ابن الكركي: لو جمعت أسماء الكتب التي ألفها علماء الأمة في رد بعضهم على بعض لبلغت مجلدات، فإذا كانت أسماء كتب رد العلماء بعضهم على بعض إذا جمعت تبلغ مجلدات فكيف بموضوع آخر، وقد اهتممت فيما قرب بجمع أسماء الفهارس والأثبات فبلغت عندي أزيد من الألف في حين أن كشف الظنون لا يوجد فيه منها ولا عشره، وأين هذا مما تضمنه كشف الظنون في أسماء الكتب والفنون لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة رئيس كتبة أسرار السلطان مراد الرابع، ووزير ماليته، فإن غاية ما جمع من أسماء الكتب ثمانية عشر ألف وخمسمائة وخمسون اسما من أسماء الكتب، هذا مع كونه من المتأخرين عاش في المائة الحادية عشر، وقد سبقه إلى التأليف في هذا الباب جماعة، منهم: صاحب الكتاب الذي سبق ذكر من وقف على السفر السادس والخمسين منه، ومنهم صاحب كتاب: الدر الثمين في أسماء المصنفين، وهو عندي في مجلد ومؤلفه الإمام المؤرخ البارع، تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان بن عبد الله، المعروف بابن الساعاتي البغدادي، المتوفي سنة 674، وهو مترجم في طبقات الحفاظ للذهبي، وكتابه هذا من الضنائن التي تفردت بها مكتبتنا، وقد ذكره صاحب كشف الظنون في حرف الألف تحت عنوان: أخبار المصنفين ست مجلدات، لأبي الحسين علي بن أنجب البغدادي المتوفي سنة 674. وذكر في حرف الدال إسم كتابه الدرّ الثمين، ولم يذكر مؤلفه وهذا عجيب منه رحمه الله.
ومنهم جمال الدين بن القفطي الصعيدي ترجمه الأدفوي في الطالع السعيد، فذكر من مؤلفاته أخبار المصنفين وما صنفوا.
ومنهم الإمام الطوفي البغدادي، ألف في تراجم المؤلفين في الإسلام ومؤلفاتهم، كتابا حافلا في ثمان مجلدات، وتوجد بعض مجلدات منه في إحدى دور الكتب بالآستانة واستانبول.
ومنهم الإمام أبو البركات محمد بن إبراهيم بن الحاج البلفيقي الأندلسي، له تأليف في أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها، على حروف المعجم.
ومنهم شرف الدين محمد بن معمر المقدسي الكاتب المتوفي سنة 712، له القصيدة
البائية في أسامي الكتب العلمية، وهذه المنظومة هي المنقول عنها في كشف الظنون المطبوع، ما رأيت من ألف في موضوعها شيئا غيره، وقد عرفت حال النظم وضيقه عن الإستيعاب كما ينبغي اهـ وهو قصور من صاحب كشف الظنون عجيب، فكأنه لم يقف على ما ذكرناه من الكتب في موضوعه لابن الساعاتي، والطوفي، وابن الحاج، وغيرهم على أن صاحب كشف الظنون، ذكر كما علمت كتاب ابن الساعاتي في الكشف في موضعين في حرف الألف، وفي حرف الدال أنظر ما سبق.
ولشيخ الإسلام محمد أبي السرور البكري الصديقي المصري المتوفي سنة 1087 كتاب في تاريخ المؤلفين على أسلوب أخبار المصنفين، لابن أنجب البغدادي وهو في مجلدات.
وقد ذيّل على كشف الظنون جماعة فمنهم الفاضل، إبراهيم بن علي الحنفي الرومي المتوفي سنة 1189، له الذيل على كشف الظنون لكاتب چلبي [شلبي] الرومي، في أسماء الكتب والإلحاقات. ذكره له في ترجمته صاحب سلك الدرر المرادي، ومنهم كمال الدين محمد بن مصطفى البكري الغزي الحنفي، المتوفي سنة 1196، قال في سلك الدرر:
جمع كتابا في أسماء الكتب على طريقة غريبة، سماه كشف الظنون في أسماء الشروح والمتون اهـ.
ومنهم عصرينا المعمّر المعتني سعادة المير آلاي إسماعيل باشا البغدادي الأصل، الآستانة لي المولد والدار، ذيّل على كشف الظنون في مجلدين، وله أيضا مؤلف في أربع مجلدات كبار في أسماء المؤلفين، ومؤلفاتهم، كان المذكور حيا سنة 1321-[1903] م وقد جاوز السبعين كما بلغني عن عصرينا المعتني البحاثة الشيخ جميل العظم البيروتي، أن له ذيلا على كشف الظنون، في عشر مجلدات، ولصاحبنا البحاثة الأثري السيد حسن حسني عبد الوهاب التونسي كتاب سماه (دليل الباحثين عمن ألف من الإفريقين) أخبرني أنه في ثلاث مجلدات، وأنه اشتمل على آلاف من أسماء الكتب التي ألفها من على شرطه، وأن فيه التراجم نحو الثمانمائة، يصف فيه كل كتاب وصفا مدققا عن محل وجوده، وجرمه ومخطوطه ومطبوعه إن كان طبع.
ولأبي المحاسن محمد بن خليل القاوقجي الطرابلسي (كواكب الترصيف فيما للحنفية من التصنيف) ذكره له من عرف به ولم أقف عليه.
ولمحدث الهند وعالمه أبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الأنصاري:
(فرحة المدرسين بذكر المؤلفات والمؤلفين) وقبله ألف الحافظ قاسم بن قطلوبغا كتابه: تاج التراجم فيمن صنف من الحنفية، وهو موجود بالمكتبة الخالدية ببيت المقدس، كما ألف في أسماء المؤلفين دون من ذكر جماعة، وفي ترجمة أبي حفص عمر ابن المكي
الشرقاوي المتوفي سنة 1260 بفاس، من سلوة الأنفاس أن له صلوات تضمنت أسماء الكتب المؤلفة في الصلاة على سبيل التوراة والتوجيه.
وفي صبح الأعشي: كان للخلفاء والملوك في القديم بخزائن الكتب مزيد إهتمام، وكمال إعتناء، حتى حصلوا منها على العدد الجم، وعلى الخزائن الجليلة، ويقال: إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن؛ إحداها خزانة الخليفة العباسي ببغداد فكان بها من الكتب ما لا يحصى كثرة ولا يقدّم عليه نفاسة، ولم تزل على ذلك إلى أن دهمت التتار بغداد. الثانية: خزانة الفاطميين بمصر، وكانت من أعظم الخزائن وأكثرها إلى أن إنقرضت دولتهم بموت العاضد آخر ملوكهم، الثالثة: خزانة خلفاء بني أمية بالأندلس، وكانت من أجلّ خزائن الكتب، ولم تزل إلى أن إنقرضت دولتهم فذهبت كتبهم كل مذهب اهـ.
قلت: في صناجة الطرب أن عبد الرحمن الناصر الأموي جمع في قرطبة على ما يقال: أربعمائة ألف مجلد، وستمائة ألف على قول البعض اهـ.
قال القلقشندي في صبح الأعشي: واعلم أن الكتب المصنفة أجلّ من أن تحصى، وأكثر من أن تحصر، لا سيما الكتب المؤلفة في الملة الإسلامية، فإنه لم يصنف مثلها في ملة من الملل، ولا قام بنظيرها أمة من الأمم اهـ.
أقول: يجب القول اليوم بأن أعظم مكتبة إسلامية في الكرة الأرضية المكتبة الخديوية المصرية، فإنها جمعت ما لم تجمعه الآن مكتبة في العالم الإسلامي، وبرنامجها في عشر مجلدات ولعله أضيف إليها بعد طبعه ما يقرب مما كان فيها وقت جمعه، وذكرت دائرة المعارف الوجدية أن عدد الكتب المطبوعة الموجودة بها 84000 مجلد، وعدد الكتب المخلوطة بها 19000 من ضمنها 189 مصحفا ومن هذه المصاحف 27 مصحفا بالخط الكوفي على رق غزال، وبها بردية كتبت في شهور سنة 117 هجرية، وهي أقدم ما بها وأقدم ما بها من الكتب رسالة الشافعي بخط تلميذه الربيع الجيزي، كتبها سنة 264، ويليها مكاتب الإستانة وهي كثيرة متعددة؛ فيها ما لا يوجد في غيرها غرابة وزخرفة، وأني أخاف عليها كثيرا اليوم أن تحرق أو تغرق، ويا ليت أهل أنقرة يبيعونها في أوروبا فتحفظ من مكرهم وغارتهم على الإسلام وعلومه وكتبه، ويا ليت جمعية الأمم تهتم بذلك، ثم مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة، ولكن بلغني أن معظم ما كان بها تفرّق شذر مذر، ثم من المكاتب الخصوصية بمصر مكتبة البحاثة المعتني الكبير أحمد تيمور المصري، فقد أخبرني السيد حسن حسني عبد الوهاب، أنها اشتملت على أربعة وعشرين ألف مجلد، فيها بخطوط المؤلفين نحو سبعة آلاف مجلد، ويليها مكتبة الكاتب الكبير أحمد زكي باشا، فيها أيضا الكثير الطيب.
ومن الأسف أن المطابع المصرية وغيرها لا تعتني الآن إلا بطبع كتب المتأخرين غالبا، وربما كررت طبع الكتاب الواحد مرات، غاضة الطرف عن كتب المتقدمين التي
ألفت في القرن الثاني والثالث والرابع والخامس، مع أنها أجدر بالإهتمام؛ لإفادتها وقلتها في الوجود، فأخاف إن دام طرف أصحاب المطابع مغضوضا عنها أن تضيع بالكلية وتنعدم، فإن أكثر الموجود منها على قلته تخرّق وكاد يضمحل وأني أندب الكتّاب وأصحاب الهمم إلى الكتابة في هذا الموضوع الهام، وهو تحريض أصحاب المطابع على نشر الكتب القديمة الإسلامية، التي كادت تضمحل، وذلك بتكوين لجنة أولية تجمع أساميها وعناوينها ومحلات وجودها، ثم السعي في نشر الأهم، والأقدم، والأندر منها، والله الموفق.
ولكن وإن أحرق ما أحرق، ونهب ما نهب، وحجر ما حجر، وأخفي ما أخفي، فالأصل الأصيل لتفاصيل المدنية الإسلامية القرآن الكريم الذي جمع فأوعى، وكان حفظه الذي لا ينسى على ممر الدهور، السبب العظيم لحفظ ضوابط تلك المدنية الإسلامية، وقد حازت منه الأمة المغربية أوفر الحظوظ، حتى قالوا: إن القرآن نزل بلغة العرب ففسره العجم، وحفظه المغاربة ونطق به أهل مصر، وأحسن الإستماع له الترك، وعمل بالقسم الآخروي منه أهل اليمن. ومنذ نزل القرآن هذه مدة من أربعة عشر مائة سنة، والناس يستنبطون منه، ويستخرجون على إختلاف المدارك والغايات، والحظوظ، والفنون العلمية، والأخلاقية والقانونية والتاريخية والفلسفية، وهو إلى الآن بحر لا ينفد، ولا تنقضي عجائبه.
ومن بديع أمر القرآن الدال على أنه منبع الترقي والحضر، والإستعمار بمعناه اللغوي، أنك لا تجد اليوم حادثة في باب من أبواب العلوم الكونية إلا ويمكن أن تستخرجها أو ما يدل عليها من القرآن، وقد قام بهذا القسط اليوم من أهل الإسلام من شعروا بالغاية القصوى فيه، من أهل مصر، والشام، والعراق، فتجردوا لإستخراج فرائده، وإستيعاب مضامينه على حسب حاجات هذا العصر، وما يروج فيه مما هو في الحقيقة من العلوم الإسلامية، ولكن أعطي صبغة أخرى، وشكلا آخر، فقام كاتب حكيم في دمشق الشام وهو الأستاذ محمد بن أحمد الإسكندراني يستخرج منه العلوم الطبيعية، وما في الأرض من أسرار المياه، ومجاريها والأحجار وفوائدها، والنباتات وحكمها وخواصها، وكتابه هذا في غاية الإبداع، إشتمل على ثلاث مجلدات سماه: كشف الأسرار النورانية القرآنية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية والحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية، طبع سنة 1299. وقام العلامة الفلكي الكبير المرحوم أحمد مختار باشا التركي فألف كتاب:«موافقة الآي القرآنية للعلوم الفلكية» جمع فيه نحو سبعين آية.
وقام ضابط تركي من النابغين في الفلك والهيئة فألف كتابا في تطبيق قواعد هذا العلم على القرآن الكريم أيضا.
وما ألف أجمع ولا أوسع في هذا الباب من كتاب صديقنا الاستاذ العلامة عالم مصر الشمس محمد بن بخيث المطيعي الحنفي، وهو مطبوع في مجلد. وقام كاتب في مصر
وهو الشيخ طنطاوي جوهري جرّد وجهته إلى العلوم الفلكية، وإستخراجها منه، والشمس وشعاعها، والقمر وضيائه، والسماء ونجومها، في كتابه نظام العالم، والأمم، وكتابه نهضة الأمة، وحياتها وكتابه: ميزان الجواهر، وكتابه: جمال العالم.
وقام فريد وجدي الكاتب البحاث البارع في مجلة الحياة، وكتابه كنز العلوم واللغة، وكتابه دائرة المعارف، وكتابه الإسلام والمدنية، وتفسيره ومقدمته، صفو العرفان بإستخراج العلوم النفسية والقوانين الإجتماعية والعلوم العمرانية من القرآن وجواهره.
وقام عالم شيعي اسمه هبة الله الشهرستاني من أهل عصرنا، بكتابه المسمى الهيئة والإسلام إفتتحه بمقدمات هامة سدّ بها فراغا عظيما في باب العلوم الفلكية أيضا، وما أحسنه وأسهل مأخذه.
وألف صاحبكم «1» هذا كتابه في إقامة أصول الكهرباء والبخار ونتائج العلم بهما من تسيير القطارات والأتوموبيلات والغواصة البحرية والمنطادات الجوية، ومن الكتاب والسنة، سميته اليواقيت الثمينة في الأحاديث القاضية بظهور سكة الحديد ووصولها إلى المدينة، وقد طبع بالجزائر سنة 1329- 1911 وبلغني أنه ترجم لللغة الفرنسية.
ومن عجيب أمر القرآن والسنة أنهما لا يحجران علينا الأخذ بما لم يوجد فيهما صراحة ونصا، مما يصلح للزمن القابل، لأن الدين تكفل بتأييد مبادي الرقي، وجميع مشاريع العمران، فلم يحجر علينا إلا الأخذ بما يضر من آداب وأخلاق الأمم الآخرى، أما ما ينفع الناس، وظهرت فائدته فحاشا الدين الإسلامي أن يقوم عثرة في طريقه.
وفي العتبية قال مالك بن أنس: إن عمر بن عبد العزيز قال: «سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها إتّباع لكتاب الله، واستعمال لطاعته، وقوة على دين الله، ليس لأحد تبديلها، ولا تغييرها، ولا النظر في شيء يخالفها، من اهتدى بها مهتد، ومن إنتصر بها منصور. ومن تركها اتّبع غير سبيل المؤمنين، وتولّاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا.
قال ابن رشد في البيان والتحصيل: إتباع ما سنّوه إتباع لكتاب الله اهـ.
وإنما تتوهم المباينة من قصور أو تقصير الباحث المتصدي، أو قل الجمود على المبادي، والجمود ضد الإسلام، وعلى هذه الطريقة جرت الأمم الإسلامية، بالأخذ بالأحسن فالأحسن، وقت مدنيتها الزاهرة بقرطبة، وفاس، والقيروان، وبغداد، وقزوين، فلذلك، لم تكن إختراعاتهم تقف عند حدّ، وطرقهم لباب الرقي لم يكن يقف في وجوههم سدّ، فأتوا من ذلك وقت ما كانت أوروبا في نومها العميق، ما صيّرهم قدوة لغيرهم، واعترف لهم بذلك فطاحلة المؤرخين من غيرهم.
(1) يعني المؤلف نفسه رحمه الله.
ولننقل لك بحثا للمؤرخ سيدليو السابق الذكر في كتابه خلاصة تاريخ العرب، الذي ترجمته إدارة المعارف المصرية وطبعته سنة 1309 هـ 1890 م قال فيه:
المبحث السابع عشر في إختراعات العرب، وإستكشافاتهم بيت الإبرة، وصناعة الورق، والبارود، والأسلحة النارية.
أسلفنا لك وصف الأسباب والمسببات المتعلقة بالتمدن المنتشر في الدنيا، بإنتشار العرب، من إبتداء بوغاز جبل طارق، إلى نهاية حدود آسيا. وبقي علينا التكلم على ما تغيرت به الحالة الأدبية والسياسية والعسكرية في جميع الدنيا، من إختراع العرب الورق، وبيت الإبرة وبارود المدافع، ولا عبرة ببعض الأفرنج الذي سلب عن العرب شرف إختراعها وتعليمها لأوروبا، زاعما أنّ أهل الصين عرفوا تلك الأشياء، منذ زمان قديم، عملا بما أطلع عليه من نسبته لغيرهم، في بعض متون موهومة العزو إلى من نسبت إليه، كما زعم أنّ المطبعة كانت موجودة لدى أهل الصين، منذ القرن الثامن من الميلاد، نعم، إستفاد العرب عمل الورق من الحرير من أهل الصين، الذين لو كانوا يعرفون صناعة الطبع قبل غيرهم لإستفادها العرب منهم، وكيف يظن أنهم إستعملوا بيت الإبرة، مع أنهم لم يزالوا إلى سنة 1800 ميلادية يعتقدون أنّ القطب الجنوبي من الكرة الأرضية سعير تتلظّى، وهل عرفوا إستعمال البارود وتلك الإستعمالات المتنوعة الباقي أثرها لدى العرب، المشهود لهم بإستعمالها أصنافا من القلل [الفنابل] في حصارهم مكة «1» سنة 690 ميلادية، وإستعمالهم بمصر في القرن الثالث عشر البارود المستخرج من ملح النجاة، ليرمى به نحو قلل ذات صوت كالرعد، وذكر استعماله في وصف معرض البحرية التي عقدها ملك تونس مع أمير أشبيلية في القرن الحادي عشر، كما استعمل في حصار جبل طارق سنة 1308 ميلادية، وحصار إسماعيل ملك غرناطة لمدينة بايطة سنة 1324، وحصار طريفة سنة 1340، أن الرصاص رمي بالبارود في تلك الحصارات، فابتدأ نصارى إسبانية يومئذ في استعماله، وقد استعمل العرب بيت الإبرة في ابتداء القرن الحادي عشر، في سفر البحر والبر، وضبط محاريب الصلاة، وصنع الورق من الحرير سنة 650 ميلادية في سمرقند وبخارى، ثم استبدل يوسف بن عمر سنة 706 ميلادية الحرير بالقطن الذي منه الورق الدمشقي، واستعمل ورق الغرب في الثالث عشر بقسطيلة، التي شاع منها استعماله في فرنسا وإيطالية وألمانية، وما أسلفناه هو كيفية تحكم العرب على جميع فروع تمدن أوروبا الحديث، ومنه يعلم أنه من القرن التاسع إلى الخامس عشر كان عند العرب أوسع ما سمح به الدهر من الأدبيات، وأن نتائج أفكارهم الغزيرة، وإختراعاتهم النفيسة، تشهد أنهم أساتذة أوروبا في جميع الأشياء، كالمواد المختصة بتاريخ القرون الوسطى، وأخبار السياحات والأسفار، وقواميس سير الرجال المشهورين، والصنائع العديمة المثال، والأبنية الدالة على
(1) المشهور أن المسلمين في عصر النبوة حاصروا الطائف ورموها بالمنجنيق مصححه.
عظيم أفكارهم، وإستكشافاتهم المهمة، ولذلك كله وجب الإعتراف برفعة شأن هذه الأمة المحمدية، التي تحتقرها الإفرنج منذ أزمان عديدة اهـ من ص 267 منه إرجع إليه تر عجبا، ولا نحتاج إلى زيادة الإحتجاج على ما ذكرنا أكثر مما سمعت عن مؤرخ أوروبي كبير، فغضوا الجفون عن القذى، واستروا الهفوات، وغطوا الجلابيب على الردى بحسن الفهم ومزيد الروية.
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن منك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي.
أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك. لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، عملت سوآ وظلمت نفسي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. والحمد لله وكفى. وسلام على عباده الذين إصطفى.
حرره بيده الفقير محمد عبد الحي الكتاني في شوال الأبرك عام 1341 بفاس، أمّنها المولى بمنه آمين.
ثم أعدت النظر إليه والإلتفات مشتغلا به نحو سنتين أو أكثر فتم تنقيحا وتهذيبا وإلحاقا وتبويبا عام 1346 بفاس، حرسها المولى بمنه مطالعا عليه مراجعا لأجله ما سبقت تسميته في المقدمة من الكتب والرسائل، وزدت على ذلك أخيرا ما لم يقع لنا فيما سبق تسميته، كالزرقاني على الموطأ وعون الودود على سنن أبي داود، وفضائل عمر بن عبد العزيز لعبد الله بن الحكم المصري، والروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم، لمحمد ابن إبراهيم الوزير اليمني، وإتحاف الرواة بمسلسل القضاة لأحمد بن محمد بن يونس الشلبي الحنفي المصري، وشرح السفاريني على منظومته في التوحيد، وصيد الخاطر لابن الجوزي، ونقط العروس لابن حزم، وروض التحبير في حكم السياسة والتدبير، لابن سماك الأندلسي، وتاريخ الخميس للديار بكري، والهدية المقبولة في حلل الطب المشمولة، وشرحها لأحمد بن صالح الأكناوي الدرعي، والمنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل، لأحمد بن مرتضى وأنس السمير فيما وقع بين الفرزدق وجرير للياصلوتي والقانون لليوسي، والحكم بالعدل والإنصاف الرافع للخلاف، لأبي سالم العياشي، وشرح التحفة للشيخ التاودي بن سودة، وفهرسته، وكتاب وصف البريد، وشرح منظومة ابن أبي الرجال، في الفلك لابن قنفذ القسمطيني، والجرعة الكافية للشيخ المختار الكنتي، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم. والحمد لله وكفى. وسلام على عباده الذين اصطفى.
تم كتاب التراتيب الإدارية للعلامة أعجوبة الزمان الحافظ المرحوم محمد عبد الحيّ الكتاني الإدريسي الحسني رحمه الله تعالى وقد صححت كثيرا من أخطائه المطبعية، وتركت بعضها مما لم يتضح لي سبيل تصحيحه كما وضحت بعض العبارات حسب الاصطلاح المعمول به في المشرق بوضعها بين حاصرتين [] وحذفت ما كان فيه إطناب زائد كثيرا عن الحاجة وأشرت لذلك في الهامش، كما رأيت ضرورة حذف بعض العبارات التي لا تتناسب مع جلالة هذا الكتاب الثمين وأسأل الله لمؤلفه الجليل أفضل الجزاء فقد كان بحرا لا يدرك قعره، ولولا خوضه في مستنقع السياسة لكان علما وإماما ليس له نظير، ولكن ما شاء الله كان، وإنه لشرف كبير لي أن أقوم بتصحيح هذا الكتاب خدمة للسنة النبوية المطهرة والسيرة المحمدية العطرة في أجلّى صورها وأدّق مناحيها وتفاصيلها الحياتية، مما يعطي القارىء صورة كاملة عن تصرفات الرسول الكريم صلى الله عليه وآله في أمور لا تخطر بالبال لولا أن المؤلف بما آتاه الله من سعة العلم وقوة الحفظ وبعد النظر استطاع أن يضمنها دفتي هذا الكتاب العجيب الذي يكاد على صغر حجمه أن يكون موسوعة علمية نادرة. وقد قال المؤلف في آخر المقدمة النفيسة ص 80 من الطبعة الأولى.
فإليكم معاشر الآتين وأرواح أفراد من الماضين أسوق هذه المجموعة النفيسة، التي هي كمرآة مكبرة، تتجلّى لكم منها الحالة الاجتماعية والسياسية والحربية والعلمية والأخلاقية والعائلية التي كانت في زمن مصدر النبوة، وإبّان فيضان الكمال بأتمّ معانيه في وقت الرسالة المحمدية، فخذوها شاكرين، واقرأوها بالخير ذاكرين، والله المستعان.
ولا أنسى في خاتمة الكتاب من التنويه بالأخ الهمام الأستاذ أكرم الطبّاع صاحب دار الأرقم بن أبي الأرقم الذي قبل اقتراحي عليه بتجديد طباعة هذا الكتاب النفيس دون تردد، حبا منه في نشر الكتب العلمية النافعة وخدمة لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرصا منه على إخراج هذا الكتاب في حلة جديدة زاهرة، لينتفع بها الشباب المؤمن المتعطش لمعرفة التفاصيل العملية لحياة الرسول الكريم في مختلف نواحي الحياة جزاه الله خير الجزاء.
وحقق آمال مؤلفه العلم الشامخ الذي قلّ نظيره في فضله وعلمه وحسبه ونسبه ولا بد من شكر العاملين الفنيين في تنضيد الحروف وهم الجنود المجهولون العامذون بصمت وعلى رأسهم الأخ حسن فتوني لصبرهم وجهدهم في تصحيح تجارب الطبع أعانهم الله.
ربنا أغفر لنا وارحمنا وعافنا واهدنا لما فيه رضاك آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
مصححه خادم أهل العلم عبد الله بن محمد رشيد الخالدي
بيروت في 20/ ذي القعدة 1416 هـ 8/ (اپريل) نيسان 1996 م.