الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي العتبية قال مالك: كان عمر قد أراد أن يكتب الأحاديث وكتب منها ثم قال: لا كتاب مع كتاب الله. قال ابن رشد في البيان والتحصيل: المعنى في هذا أن عمر كان أراد أن يكتب الأحاديث المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجعلها أصلا يحمل الناس عليها، كما يفعل بالقرآن فتوقف عن ذلك، إذ لا يقطع على صحة نقل الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما يقطع على صحة نقل القرآن الذي قد نقل بالتواتر، فرأى أن يكل أمر الأحاديث إلى الاجتهاد والنظر في صحتها، ووجوب العمل بها. وأما أن يكتب الرجل الحديث قد رواه ليتذكره ولا ينساه فلا كراهية في ذلك، وقد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث فجاء رجل من أهل اليمن فقال: أكتب لي يا رسول الله فقال: أكتبوا لأبي فلان. وقال أبو هريرة: ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب. ولولا أن العلماء قيدوا الحديث، ودوّنوه وضبطوه وميزوا الصحيح منه من السقيم لدرس العلم، وعمي أثر الدين فالله يجازيهم عن اجتهادهم في ذلك بافضل الجزاء اهـ منه وهو حسن.
باب هل كانوا يدونون في صدر الإسلام شيئا أو جمع للصحابة شيء في أبواب العلم أو نسب للصحابة واتباعهم التدوين والتصنيف
؟
قال الهروي في ذم الكلام: لم تكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الأحاديث، إنما كانوا يدونونها حفظا ويأخدونها لفظا إلا كتاب الصدقات والشيء اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الإستقصاء اهـ بنقل صاحب الحطة ص 27.
وقال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات: الصحابة كانت همتهم مصروفة إلى الجهاد، وإلى مجاهدة النفوس والعبادة، فلم يتفرغوا للتصنيف، وكذلك التابعون لم يصنفوا اهـ منه.
وقال الإمام أبو علي اليوسي في قانونه: لما تكلم على أصول طرق نشر العلم، وأنها مأثورة قديمة قال: وأما التأليف فأصله ما كان صلى الله عليه وسلم يفعله من كتب الوحي إذا نزل، وكتب الرسائل إلى الملوك وغيرهم، وكتاب الصدقات وقد جمع فيه مسائل، فهو علم مدون.
وذلك هو التأليف. ولئن كان صلى الله عليه وسلم لا يكتب بيده لما أغناه الله عن ذلك، لقد كان يأمر بالكتب. والمقصود: إنما هو وضع العلم وتدوينه وتخليده، سواء كتب العالم بيده أم لا وكم من عالم يملي ولا يكتب، ويكون ذلك تأليفا اهـ منه، وهو جيد.
وفي سمط الجوهر الفاخر: كتب صلى الله عليه وسلم بيده كتبا لأهل الإسلام في الشرائع والأحكام، منها كتابه صلى الله عليه وسلم في الصدقات، كان عند أبي بكر، وكتابه صلى الله عليه وسلم في نصاب الزكاة وغيرها الذي كان عند عمر، وكتابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن في أنواع من الفقه وأبواب مختلفة، هو كتاب جليل واحتج الفقهاء كلهم بما فيه من مقادير الديات اهـ.
قلت: كتابه صلى الله عليه وسلم في الصدقات، الذي ذكر أنه كان عند أبي بكر؛ خرّجه أحمد وأبو داود والترمذي [40/ 3] وحسنه، والحاكم من طريق سفيان بن حسين عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال:
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقات، فلم يخرجه إلى عماله وقرنه بسيفه حتى قبض، فعمل به أبو بكر حتى قبض، ثم عمل به عمر حتى قبض، فكان فيه: في كل خمس من الإبل شاة، فذكره قال الترمذي: وقد روى يونس وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث، ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين، وعند البخاري وأبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث أنس، أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجّهه إلى البحرين، فذكره بنحوه، وفي رواية لأبي داود أن أبا بكر كتب لأنس وعليه خاتم النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد ساقه مالك في الموطأ «1» في باب صدقة الماشية من كتاب الزكاة قائلا: حدثني يحي عن مالك أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة قال فوجدت فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب الصدقة فساقه. قال القاضي عياض: اعتمد مالك والعلماء والخلفاء قبلهم، على ما في هذا الكتاب، ولم يرد عن الصحابة إنكار شيء منه اهـ قال في الإستبصار في أنساب الأنصار، لدى ترجمة عمرو بن حزم الأنصاري: استعمله عليه السلام على نجران، ليفقههم في الدين ويعلمهم، وكتب له كتابا في الفرائض والسنن والصدقات، وكتاب عمرو بن حزم مشهور، يحتج به العلماء قال أبو عمر: شهرته أقوى من الإسناد أو كما قال اهـ.
قلت: وقد غاب عن علم الجميع في هذا الباب، وعن كل من تكلم على أول من دون في الإسلام ديوان العطاء الذي دوّن في زمن عمر رضي الله عنه وبإذنه وانتدابه لكتبه عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجبير بن مطعم، وقال: اكتبوا الناس على منازلهم، يعني في العطاء فإنه ينبغي أن يكون هذا الديوان العمري، من أول ما دون في الإسلام. وإن اعتبرنا كتابة أول من أسلم قبل ذلك، في مدته عليه السلام، كما ذكر لك في موضعه، وهو الذي بوّب عليه البخاري بقوله في كتاب المغازي: باب كتابة الإمام الناس.
وذكر فيه قوله عليه السلام: اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام. قال الدماميني: قيل: كان هذا عام الحديبية يمكننا الجزم بأن أول تدوين وقع هو ما ذكر ولا شك أن كتابة الناس على مراتبهم، في السبقية للإسلام والهجرة والنصرة هو المادة الأولى، لكتب تراجم الصحابة وتراجم زعماء الإسلام وابنائهم، فلذلك أرى أن يكون هذا أول ما دوّن، لأنه مادة كبرى وضعها من سبق لمن سيلحق. ألا ترى أن حوالات الأحباس [حجج الأوقاف] (سجلاته
(1) انظر الموطأ ص 257 ج 1 من طبعة استانبول الجديدة.
الآن) نأخذ منها فائدة عظمى في معرفة زمن وجود المحبسين [الواقفين] مع ذكر الحدود والمجاورات، وحلا [وصف] البيوت ورجالاتها، فتدوين من أسلم، مع ديوان عمر هذا لو وجدا اليوم، لكانا أعظم مادة لرجال الإسلام، وقد ظفر ببقاياهما من سبق، فدونوا ما بأيدينا من ذلك انظر إلى قول ابن سعد في طبقاته، لما ترجم للنعمان بن مالك، وسبب تسمية آله قواقله؛ كذلك هم في الديوان يدعون بني قوقل، وكذلك قال لدى كلامه على بني جشم، وزيد بني الحارث بن الخزرج، ودعوتهما واحدة في الديوان الخ. وقد وجدت عبارة كتبها عن غير قصد صاحب اكتفاء القنوع بما هو مطبوع ص 47 نصها:
بعد الفتح الإسلامي بوقت وجيز اضطرت شؤون الإدارة والأحكام إلى تكليف العمال والموظفين بالتقارير الجغرافية عن الأمصار والأقاليم، التي قد كان فتحها المسلمون. هذه هي مبادي الجغرافية عند العرب، وتوسعوا أيضا في معرفة جزيرة العرب، وأرض إيران أي العجم وهي بلاد فارس، وأرض بر الشام، وأتوا ببعض إيضاحات عن أقاليم التتار، وجنوبي روسيا، والصين، والهند، ومن هذه المبادي الصغيرة التي أنشأتها دواعي الإدارة السياسية، تولدت شيئا فشيئا آداب عربية جغرافية مسطرة واسعة وجامعة، نتمتع نحن أبناء هذا الجيل بمطالعتها مطبوعة اهـ فانتظره.
ومن أمثلة التقارير الجغرافية، التي كانوا يرفعونها للخلفاء، المكتوب الذي كتبه عمرو بن العاص لعمر بعد فتح مصر في وصفها: انظره في التواريخ المصرية، وسيأتي لنا سياقه بنصه، فانتظره قريبا.
وفي تاريخ آداب العرب للرافعي المصري: أول ما عرف يعني في باب التدوين، أن ابن عباس كان يكتب الفتاوى التي يسأل عنها انظر ص 287.
وفي بلوغ اقصى المرام للعلامة الطرنباطي: لما علم مهرة الصحابة والتابعين، أن ليس كل أحد يقدر يفهم معاني القرآن، اشتغلوا بتفسيره ودوّنوا التفاسير، نصحا لمن بعدهم. ودونوا الأحاديث النبوية، لأن ذلك وسيلة إلى معرفة ما وقع به التكليف، وهو وسيلة إلى امتثال المقصود اهـ منه. ومثله في الأزهار الطيبة النشر للقاضي أبي الفتح ابن الحاج فانظرها.
وفي أوائل الحافظ السيوطي: أول من صنف غريب القرآن أبو عبيدة معمر بن المثنى، أخذ ذلك من أسئلة ابن الأزرق لابن عباس اهـ.
وفي آخر «نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية» للحافظ الزيلعي: أن الواقدي أسند عن عكرمة قال: وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته، فنسخته فإذا فيه: وأتى بنص كتاب المصطفى عليه السلام للمنذر بن ساوى، وجواب المصطفى عليه السلام له انظر ص 381 من المجلد 2. فيؤخذ منه: أنه كان لابن عباس الكتب إما من تصنيفه، أو
من جمعه فيفيد على كل حال ما قبله، ويفيد أيضا على الأقل أنهم كانوا يعددون النسخ، من مكاتيبه ويدخرونها وهو عين التدوين، ثم وجدته في ترجمة ابن سيرين من طبقات ابن سعد عنه أنه قال: لو كنت متخذا كتابا لا تخذت رسائل النبي صلى الله عليه وسلم، انظر ص 141 من ج 2 من خطط المقريزي عن زيد بن أسلم قال: كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده، فهذا يدل على أنهم كانوا يعتنون بجمع المكاتيب الرسمية، أو نظائرها. ثم وجدته في طبقات ابن سعد ص 216 من ج 5 عن موسى ابن عقبة قال: وضع عندنا كريب بن أبي مسلم، مولى عبد الله بن عباس المتوفي بالمدينة سنة 98 من الهجرة حمل بعير أو عدل بعير من كتب ابن عباس. قال: فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه أن ابعث لي بصحيفة كذا وكذا قال: فينسخها فيبعث إليه بإحدهما. انظر ترجمة كريب مولى ابن عباس من الطبقات.
وفي ترجمة سعيد بن جبير من الطبقات أيضا عنه قال: ربما أتيت ابن عباس فكتب في صحيفتي حتى أملأها، وكتبت في نعلي حتى أملأها، وكتبت في كفي، وربما أتيته فلم أكتب حديثا حتى أرجع لا سأله أخذ شيء. وفيها أيضا: كنت آتي ابن عباس فأكتب عنه، فيها أيضا عنه قال: كنا إذا اختلفنا بالكوفة في شيء كتبت عندي حتى ألقى ابن عمر فأسأله عنه، وفيها أيضا عن وفاء بن أياس قال: رأيت عزرة يختلف إلى سعيد بن جبير معه التفسير في كتاب، ومعه الدواة انظر ص 186 من ج 6.
قلت: ويتداول الناس تفسيرا ينسبونه لعبد الله بن عباس، ولكن لم يدونه هو، وإنما جمع فيه ما نقل عنه، ومنه ما لا يصح.
وممن جمع ما روي عن ابن عباس الإمام مجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس بكتاب سماه تنوير المقياس من تفسير ابن عباس، وقد طبع مرارا بمصر والهند.
وقد وقع في المعيار للونشريسي من جواب في فصل البدع ص 377 من المجلد الثاني: وتكلم أهل النقل في صحة نسبة التفسير المنسوب لابن عباس اهـ منه.
وفي إيثار الحق على الخلق للإمام محمد بن إبراهيم الوزير اليمني: قد جمع عنه تفسير كامل، ولم يتفق ذلك لغيره من الصدر الأول، الذين عليهم في مثل ذلك المعول، ومتى صح الإسناد إليه كان تفسيره من أصح التفاسير اهـ.
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة، وهو عامله على الكوفة أن: ادع من قبلك من الشعراء، فاستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية والإسلام، ثم اكتب بذلك إلي. انظر القصة في جمع الجوامع للحافظ الأسيوطي، ثم كنز العمال ص 176.
وفي الخطط للتقي المقريزي ص 143 من الجزء الرابع طبع مصر سنة 1326، قال
أبو سعيد بن يونس، في تاريخ مصر، عن حياة بن شريح قال: دخلت على حسين بن شفي وهو يقول: فعل الله بفلان، فقلت ماله؟ قال: عمد إلى كتابين كان شفي سمعهما من عبد الله بن عمرو بن العاص أحدهما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا والآخر، ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة، فأخذهما فرمى بهما بين الخولة والرباب، يعني بالخولة والرباب: مركبين كبيرين من سفن الجسر، كانا يكونان عند رئيس الجسر مما يلي الفسطاط اهـ.
وقال الحافظ الذهبي في ترجمة جابر بن عبد الله من تذكرة الحفاظ: الفقيه مفتي المدينة في زمانه، حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا نافعا، وله منسك صغير أخرجه مسلم اهـ منها ص 37 من ج 1.
قلت: منسك جابر الذي أشار له الذهبي، خرجه مسلم في صحيحه مطولا في كتاب الحج، وهو عنده في نحو أربع ورقات، وعنون عليه فبّوب صحيح مسلم بقوله: حديث جابر الطويل. [وفي طبعة استانبول: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص 886/ 1] .
وفي حواشي الأبي على مسلم عن عياض عليه: قد أكثر الناس الكلام على ما فيه من الفقه، وألف فيه ابن المنذر جزآ كبيرا، ذكر فيه مائة ونيفا وخمسين نوعا من الفقه، ولو استقصى لزاد على هذا العدد قريبا منه اهـ ونحوه للسيوطي في الديباج أيضا ولجابر صحيفة معروفة، وقع ذكرها في ترجمة مجاهد من طبقات ابن سعد قال: كانوا يرون أن مجاهدا يحدث عن صحيفة جابر. ومات مجاهد سنة 102، انظر ص 344 من ج 5.
وذكر صديقنا البحاثة النادرة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في كتابه توجيه النظر إلى أصول الأثر ص 8 قال: توهم أناس أنه لم يقيد في عصر الصحابة وأوائل عصر التابعين بالكتابة شيء غير الكتاب العزيز، وليس الأمر كذلك فقد ذكر بعض الحفاظ أن زيد بن ثابت ألف كتابا في علم الفرائض، وذكر البخاري في صحيحه أن عبد الله بن عمرو كان يكتب الحديث، وذكر مسلم في صحيحه كتابا ألف في عهد ابن عباس في قضاء علي، فقال: حدثنا داود. بن عمرو الضبي، حدثنا نافع عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني «1» ، فقال: ولد ناصح أنا اختار له الأمور اختيارا وأخفي عنه. قال: فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء، ويمر به الشيء فيقول ما قضى بهذا علي إلا أن يكون ضلّ.
وحدثنا عمرو الناقد قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجر عن طاوس قال: أتى ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي فمحاه إلا قدر- وأشار سفيان بن عيينة- بذراعه، والظاهر أن الكتاب الذي محاه إلا قدر ذراع على هيئة درج مستطيل اهـ انظره وهو مفيد.
(1) لعل الصواب: ولا يخفي عني. مصححه.
وما استظهره في الكتاب الذي محاه ابن عباس، أنه كان على هيئة درج أصله للنووي، كما نقله السنوسي عنه في إكمال الإكمال، وكأنه رحمه الله لم يستحضر ما في الصحيح في باب: كتابة العلم عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر اهـ. قال الحافظ في الفتح: وقوله الصحيفة أي الورقة المكتوبة، وللنسائي من طريق الأشتر: فأخرج كتابا من قراب سيفه قوله: العقل، أي الدية، والمراد أحكامها، ومقادريرها، وأصنافها، ووقع للبخاري «1» ومسلم: من طريق يزيد التيمي عن علي قال: ما عندنا شيء نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة، فإذا فيها: المدينة حرام الحديث ولمسلم عن أبي طفيل عن علي: ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، لم يعم به الناس كافة، إلا ما في قراب سيفي هذا وأخرج صحيفة مكتوب فيها. لعن الله من ذبح لغير الله. الحديث. [ج 2/ 1567 كتاب الأضاحي] .
وللنسائي [كتاب القسامة 10 ص 19/ 8] من طريق الأشتر وغيره عن علي، فيها:
المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. الحديث، ولأحمد من طريق طارق بن شهاب: فيها فرائض الصدقة، والجمع بين هذه الأحاديث، أن الصحيفة كانت واحدة، وكان جميع ذلك مكتوبا فيها، فنقل كل واحد من الرواة ما حفظه انتهى ملخصا.
قال البدر الدماميني، في المصباح: على قوله: أو فهم أعطيه رجل قال ابن المنير:
يعني بالفهم: التفقه والإستنباط والتأويل، وانظر هل يقتضي لفظه أن الفقه كان مكتوبا أولا؟
والظاهر أنه كان مكتوبا عندهم، لأن السائل قال لهم: هل عندكم كتاب؟ قال: لا إلا كتاب الله، أو فهم أو هذه الصحيفة. وكانت فيها أحاديث وأشياء من الفقه، والكتاب يدل على أن الفهم الذي هو الفقه كان حينئذ كتابا، وإلا كان استثناء من غير الجنس قطعا فالمعطوف منها مثلها أيضا وهو مرفوع. والإستثناء من غير الجنس لا يكون إلا فيه منصوبا، فيكون ذلك أصلا في كتابة الفقه اهـ.
وانظر ما يأتي عن ابن ليون في كون أبي الأسود الدؤلي: أمره علي أن يضع علم النحو.
وفي ترجمة الحسن البصري من طبقات ابن سعد ص 115 من ج 7 قال يحيى بن سعيد القطان في أحاديث سمرة يعني ابن جندب التي يرويها الحسن عنه: سمعنا أنها من كتاب، وفيها أيضا عن حميد قال: كان علم الحسن في صحيفة مثل هذه، وعقد عفان، بالإبهامين والسبابتين. وفي ترجمة منها أيضا أخبرني موسى بن اسماعيل ثنا سهل بن حصين عن مسلم الباهلي قال: بعثت إلى عبد الله بن الحسن بن أبي الحسن ابعث إلي
(1) انظر في البخاري كتاب العلم ج 1 ص 36 باب 39. وكتاب الجزية والموادعة ج 4 ص 67 باب 10، و 17 ص 69.
بكتب أبيك فبعث إلي إنما لها ثقل قال: اجمعها لي. فجمعتها له، وما ندري ما يصنع بها، فأتيته بها فقال للخادم: اسجري التنور. ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي ثم لقيته بعد ذلك فاخبرني مشافهة، بمثل الذي أخبرني الرسول.
وفي ترجمة أبي قلابة منها أيضا أخبرنا عارم بن الفضل، ثنا حماد بن زيد قال:
أوصى أبو قلابة قال: ادفعوا كتبي إلى أيوب إن كان حيا وإلا فاحرقوها، ومات أبو قلابة سنة أربع أو خمس ومائة.
وفي ترجمة الحارث الأعور من طبقات ابن سعد، من طريق علباء بن أحمد أن علي بن أبي طالب خطب الناس فقال: من يشتري علما بدرهم، فاشترى الحارث الأعور صحفا بدرهم، ثم جاء بها عليّا فكتب له علما كثيرا، ثم إن عليا خطب الناس بعد فقال: يا أهل الكوفة: غلبكم نصف رجل، انظر ص 116 من ج 6 وفي ترجمة حجر بن عدي الكندي أحد كبار أصحاب علي منها أيضا عن غلام لحجر قال: قلت لحجر: إني رأيت ابنك دخل الخلاء ولم يتوضأ قال ناولني الصحيفة من الكوة فقرأ.
بسم الله الرحمن الرحيم وهذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر أن الطهور شطر الإيمان، قال. وكان ثقة معروفا. انظر ص 154 من ج 6 أيضا.
وفي عقيدة السلف لشيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني: أن صبيغ التميمي الذي كان يسأل عن المتشابه في أيام عمر، لما قدم المدينة كانت عنده كتب، ولما ترجم ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء للحارث بن كلدة الثقفي الطائفي قال فيه: وللحارث بن كلدة من الكتب كتاب المحاورة في الطب بينه وبين كسرى أنوشروان اهـ منه ص 118 من ج 1 وذكر قبل ذلك، حين ذكر محاورته مع كسرى أحسن صلته وأمره بتدوين ما نطق به اهـ.
قلت: والحارث المذكور ترجمه ابن سعد في الطبقات في ترجمة من نزل بالطائف من الصحابة، وترجمه الذهبي في الصحابة وقال فيه: اختلف في صحبة الحارث، ثم قال:
وقيل: إن الحارث سافر إلى فارس وتعلم الطب وحذق فيه، واشتهر أمره ونال بالطب مالا وأدرك الإسلام اهـ.
ولكن لما ترجمه في الإصابة، نقل عن ابن أبي حاتم فيه؛ لا يصح إسلامه. ثم قال:
ووجدت له رواية في الجزء التاسع من الأمالي المحاملية، وفي التصحيف للعسكري فذكر بعض كلامه اهـ ولذا قال أبو زيد العراقي في اختصار الإصابة عقب ذلك: أقول ذكر المصنف في ولده أن ابن عبد البر قال: لا يصح إسلامه ثم قال؛ وهو قول ابن أبي حاتم، ويأتي الرد عليه فلم يذكر شيئا. ونقل العراقي حسبما هو بخط شيخنا عن ن وغيره إسلامه، فعلى إسلامه وصحبته ينتج أن صحابيا ألّف في الطب.
وفي طبقات ابن أبي أصيبعة أيضا، لدى ترجمة تيادون الطبيب الفاضل المشهور، الذي كان في دولة بني أمية، المتوفى بواسط في نحو تسعين من الهجرة، له من الكتب كناش كبير، ألّفه لابنه، كتاب ابدال الأدوية وكيفية دقها، وانقاعها واذابتها، وشيء من تفسير أسماء الأدوية اهـ من عيون الأنباء ص 123 من ج 1.
ونقل صاحب الجاسوس على القاموس في ص 501 عن الفرّاء في كعب الحبر «1» ، وهو كعب بن ماتع الحميري، كان يهوديا، وأدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما قيل له كعب الحبر، لمكان هذا الحبر الذي يكتب به لأنه كان صاحب كتب اهـ وكانت وفاة كعب في خلافة عثمان، وفي ترجمة عبيدة بن قيس السلماني: ممن أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ولكنه لم يلقه، ومات سنة 72 من الهجرة، من طبقات ابن سعد بسنده إلى النعمان بن قيس قال:
دعا عبيدة بكتبه عند موته فمحاها وقال: أخشى أن يليها أحد بعدي، فيضعونها في غير موضعها اهـ وعنه أيضا قال: لا تخلدن علي كتابا انظر ص 63 من ج 6.
وفي ترجمة عروة بن الزبير، من طبقات ابن سعد أيضا، أخبرنا إسحاق بن أبي إسرائيل، أنا عبد الرزاق بن همام، أنا معمر عن هشام بن عروة قال: أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، فكان يقول بعد ذلك: لأن تكون عندي أحب إليّ من أن يكون لي مثل أهلي ومالي اهـ انظر ص 133 من ج 5 ووقعة الحرة كانت سنة 63 من الهجرة وكثير من الصحابة كانوا في الأحياء قال بعضهم: هل احترقت كتب عروة في اليوم الذي كتبت فيه، بل كتبت هي وغيرها من الكتب في غضون القرن الأول، فهل بقي شك في أن العرب دوّنوا علومهم في الصحف من ابتداء القرن الأول الهجري؟ اهـ.
ويؤيد هذا الظن القاضي بأن الكتب كثرت أول القرن الثاني، وآخر الأول: ما في ترجمة أبي عمرو بن العلاء، من ابن خلكان؛ أن كتبه التي كتبت عن العرب الفصحاء، قد ملأت بيتا غرفة إلى قريب من السقف، وولد المذكور سنة 65، ومات وسط القرن الثاني.
وفي ترجمة ابن شهاب الزهري، من تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر: قال معمر عن صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري، فقال: تعال نكتب السنن قال: فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة قال: فكتب ولم أكتب فنجح وضيعت.
ونقل أيضا عن أبي الزناد: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس، هذا مع أن ابن شهاب ولد سنة خمسين أو بعدها بيسير، ومات سنة 123، وأدرك جماعة من الصحابة أخذ عنهم، كعبد الله بن عمر، وسهل بن سعد، وأنس، وجابر، وأبي الطفيل، والسائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وأبي أمامة وغيرهم، أوصلهم أبو نعيم في الحلية لأزيد من العشرين.
(1) قلت: وهو المشهور بكعب الأحبار. مصححه.
فعلى هذا كتب السنن المرفوعة مجردة، ثم لما أفردها، كتب ما جاء عن الصحابة.
وأخرج ابن سعد في ترجمة ابن شهاب، من طبقاته عنه قال: كنا نكره كتب العلم، حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا أن لا يمنعه أحد من المسلمين.
وفي الطبقات عنه أيضا؛ عن معمر: كنا نرى أنا أكثرنا عن الزهري، حتى قتل الوليد. فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه. يقول: من علم الزهري.
وفي طبقات ابن سعد أيضا عند ترجمة المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: كان ثقة قليل الحديث إلا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذها من أبان بن عثمان، فكان كثيرا ما تقرأ ويأمرنا بتعلمها اهـ.
وهذا يؤذن بأنها كانت عنده مدونة مجموعة.
وفي ترجمة ابن شهاب من وفيات الأعيان لابن خلكان: أنه كان إذا جلس في بيته وضع كتبه حوله، فيشتغل بها عن كل شيء من أمور الدنيا، فقالت له امرأته يوما، والله لهذه الكتب اشد علي من ثلاث ضرائر اهـ.
وفي كشف الظنون، أن لابن شهاب المذكور كتب المغازي. انظر ص 301 من ج 2، وأعاد ذلك أيضا في ص 471 من ج 2 أيضا. وفيه أيضا يقال: أول من صنف فيها يعني المغازي والسير، عروة بن الزبير، وجمعها أيضا وهب بن منبه، ولوهب بن منبه صاحب الأخبار والقصص، المتوفى سنة 110 أو بعدها، كتاب في الملوك المتوجين من حمير وأخبارهم، وأشعارهم وقصصهم، قال ابن خلكان: إنه شاهده بنفسه، وأنه في مجلد واحد، وهو من الكتب المفيدة اهـ انظر ترجمة وهب بن منبه من وفيات الأعيان.
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان حين ترجم لأبي هاشم خالد بن يزيد بن معاوية الأموي، المتوفى سنة 85 من الهجرة بعد أن وصفه بأنه كان من أعلم قريش بفنون العلم ما نصه: له كلام في صنعة الكيمياء والطب، وكان بصيرا بهذين العالمين، متقنا لهما. وله رسائل دالة على معرفته، وأخذ الصنعة عن رجل من الرهبان يقال له: مريانس الرومي. وله فيها ثلاث رسائل، تضمنت إحدا هن ما جرى له مع مريانس المذكور، وصورة تعلمه منه، والرموز التي أشار إليها، وله فيها أشعار كثيرة مطولات، ومقاطع دالة على حسن تصرفه، وسعة علمه اهـ كلام ابن خلكان ص 168 من ج 1.
وقد ذكر ابن النديم في فهرسته ص 89، والسجستاني في كتاب المعمرين، أن عبيد بن شرية الجرهمي النسابة الأخباري، المعمر المتوفى سنة 67، ألّف كتاب الملوك وأخبار الماضين، لمعاوية ابن أبي سفيان، وذلك أن معاوية استحضره من صنعاء اليمن، فسأله عن الأخبار المتقدمة، وملوك العرب والعجم، وسبب تبلبل الألسنة، وافتراق الناس في البلدان، ونحو ذلك، فلما أجابه أمر معاوية أن يدون قوله. ونسب إلى عبيد هذا. فكان
ذلك أوّل ما دون في الأخبار. وسمى كتابه هذا كتاب الملوك وأخبار الماضين وألف كتابا آخر سمّوه أيضا كتاب الأمثال. وقد ترجم لعبيد المذكور الحافظ في الإصابة، ونقل عن الرشاطي عن الهمذاني: أن معاوية كان مستشرفا لأخبار حمير. فقال عمرو بن العاص: أين أنت عن عبيد بن شرية، فإنه أعلم من بقي بأخبارهم وأنسابهم، فكتب إليه فأخذ عنه الأخبار فألفها كتابا، وقد زيد فيه ونقص، فلا يوجد منه نسختان مستويتان اهـ.
وذكر ابن النديم كتبا في مواضع مختلفة، ألفها أبو مخنف الأزدي من أصحاب علي، فيها تراجم المشاهير وغيرهم، وكان أبو مخنف هذا صاحب أخبار وأنساب والأخبار أغلب عليه، وكتاب ألفه عوانة بن الحكم الكلبي في التاريخ، وذكر ابن النديم أيضا أن زياد بن أبيه الداهية المشهور الذي استلحقه معاوية بنسبه، ليستعين به على أعدائه عمل في نسبه كتابا دفعه إلى ابنه. وفي شرح الشفا للقاضي الخفاجي ص 175 من ج 1: حين ترجم أبا العالية وهو رفيع بن مهران التابعي- أسلم في زمن أبي بكر ومات سنة 90- ما نصه: وله تفسير.
اهـ من نسيم الرياض.
ونسب صاحب كشف الظنون لمجاهد بن جبر المكي المتوفي سنة 104 تفسيرا، ولقتادة بن دعامة السدوسي تفسيرا أيضا، وزاد فيه خارجة بن مصعب: مقدار ألف حديث اهـ انظر ص 13 وصفحة 14 منه.
وفي كشف الظنون أيضا لدى الكلام على الوجوه والنظائر في القرآن، نقلا عن الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي، وقد نسب كتاب فيه إلي عكرمة عن ابن عباس، وكتاب آخر إلى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وألف فيه مقاتل بن سليمان اهـ انظر حرف الواو من الكشف ص 628.
وفيه أيضا في حرف الكاف كتاب الإخلاص للحسن البصري، ذكر الخطيب في ترجمة الحلاج من تاريخ بغداد أن القاضي أبا عمر المالكي توقف في أمره، أي الحلاج، حتى قرأ في كتاب له فوقف على أمر له فقال: له من كتاب الإخلاص للحسن فقال: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن بمكة، ولم يكن فيه شيء من هذا، ثم حكم بقتله. كذا في النكت الوفية، فهذا إقرار من القاضي أبي عمر أن كتاب الإخلاص للحسن فهو أول من صنف مطلقا اهـ من كشف الظنون ص 259 من ج 2.
وفي ترجمة حميد الطويل، من طبقات ابن سعد: أخبرت عن حمّاد بن سلمة عن حميد أنه أخذ كتب الحسن فنسخها وردها عليه اهـ انظر ص 7 من ج 7 من القسم 2.
وفي طبقات ابن سعد، لما ترجم للحسن بن محمد بن الحنفية، المتوفي في أيام عمر بن عبد العزيز: عن زاذان وميسرة أنهما دخلا على الحسن بن محمد، فلاماه على الكتاب الذي وضع في الإرجاء فقال لزاذان: يا أبا عمر، لوددت أني كنت ميتا ولم أكتبه انظر ص 241 من ج 5.