الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في أول من أطلق على سفر القرآن المصحف
أخرج ابن أشته في كتاب المصاحف، من طريق كهمس بسند منقطع عن بريدة قال:
إن أول من جمع القرآن في مصحف؛ سالم مولى أبي حذيفة، ثم ائتمروا على أن يسموه باسم فقال البعض منهم: سموه السفر. فقال: إن ذلك من تسمية اليهود لكتبهم، فكرهوا ذلك. فقال: إني رأيت مثله في الحبشة يسمى المصحف، فأجمع رأيهم على أن يسموه المصحف، فسمى به أنظر أزهار العروش في أخبار الحبوش.
وفي باب العلم من سمى المصحف مصحفا أبو بكر. أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف.
وفي شرح الطريقة المحمدية للعارف النابلسي؛ أن المصحف بضم الميم وقد تكسر وقد تفتح، مأخوذ من أصحف أي جعل فيه الصحف، ثم جعل علما على القرآن الكريم.
وأول من سماه به: أبو بكر الصديق. ذكره الوالد في شرحه على الدرر اهـ منه ص 269 من ج 2، ونحوه للزرقاني على المختصر لدى قول الشيخ خ في باب الركوة والقرآن والمصحف. انظره.
باب فتوى الصحابة في حكم أجرة نسخ المصاحف
عن ابن عباس أنه سئل عن أجرة كتابة المصاحف فقال: لا بأس؛ إنما هم مصورون، وإنما يأكلون من عمل أيديهم. ذكره التبريزي في المشكاة وعزاه لرزين السرقسطى. قال القاري في المفاتيح: فإنما هم مصورون أي ينقشون صور الحروف، وقال: لا بأس، لأن القرآن كما يطلق على صفة الله القديمة، يطلق على ما بين الدفتين من النقوش، فهم إنما يأخذون الأجرة في مقابلة تلك النقوش، الدالة على تلك الصفة. ولذا قال: إنما هم مصورون أي ينقشون صور الحروف. ثم نقل عن الطيبي: الصورة الهيئة والنقش، والمراد هنا: النقش إشعار بالمجموع، لأنه أثبت النقش والمنقوش، والقرآن كان عبارة عن المجموع من القرآن والمقروء، والكتابة والمكتوب، والمقروء هو القديم والكتابة والقراءة ليستا من القديم، لأنها من أفعال القارئي والكاتب، فلما نظر المسؤول إلى تمييز معنى المقروء والمكتوب، وأنهما من صفات الإنسان جوزها اهـ.
باب في اعتناء الصحابة ومن كان في زمنهم بنسخ المصاحف وتلاوتهم القرآن فيها
ترجم في الاصابة؛ لناجية الطفاوي الصحابي فقال: كان يكتب المصاحف، وترجم لنافع بن ظريب النوفلي فقال: هو الذي كتب المصحف لعمر. وقال هشام الكلبي: كان يكتب المصاحف لعمر، وقال البلاذري: كتب المصاحف لعثمان، وقيل لعمر، وذكر خالنا
أبو المواهب جعفر بن ادريس الكتاني في فهرسته، وتلميذه المطلع المحدث، أبو عبد الله محمد المدني ابن جلون، في كناشته أنه نقل من خط شيخ الأول قاضي الجماعة بفاس شارح تيسير ابن الدّيبع أبي محمد عبد الهادي بن عبد الله العلوي المدغري، أن جده العلامة مولاي التهامي، نظم تركة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في قوله:
قد خلف الرسول تسعا تعرف
…
سجادة وسبحة ومصحف
وقفتان، وسواك وحصير
…
مشط ونعلان وابريق منير
واضعها مكتوبة في منزله
…
يدوم أمن أهله ونزله
فعد منها المصحف والسبحة، وربما يستغرب ذلك، ويستنكر أما المصحف فلما اشتهر، وتقرر أن أبا بكر أول من جمع القرآن، فلعله أراد بالمصحف المعدود من المتخلفات النبوية؛ تلك الصحف التي كان يكتب فيها القرآن، وقت نزوله من عظم ونحوه، وقد قال ابن سعد في الطبقات: إن عمر أول من جمع القرآن في المصحف اهـ ص 202 من ج 3 من القسم 1.
وقال الخزاعي في فصل: إن عمر أول من دوّن الدواوين، وقد كان أبو بكر جمع القرآن في صحف، وبقيت تلك الصحف عند حفصة أم المؤمنين، إلى زمن عثمان ذكر ذلك أبو محمد بن عطية وغيره، وكان جماعة من الصحابة قد جمعوه أيضا قبل ذلك، ومن أشهرهم عبد الله بن مسعود.
قال أبو عمر ابن عبد البر: إن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب وهو بعرفات فقال:
جئتك من الكوفة وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلب، فغضب لذلك عمر غضبا شديدا، وقال: ويحك من هو؟ قال: عبد الله بن مسعود. فذهب عنه ذلك الغضب، وسكن إلى حاله. وقال: والله ما أعلم من الناس أحدا هو أحقّ بذلك منه اهـ.
وقالوا: إن عثمان حين أكمل كتب المصحف أمر بانتزاع ما عند الصحابة من المصاحف، فانتزعت إلا مصحف عبد الله بن مسعود اهـ.
فهذا يدل على أنه كانت مصاحف جمعت قبل مصحف عثمان، وإنما نسبوا ذلك له، لأنه المصحف الذي بعث نسخه إلى الأمصار، وابتهج المسلمون به في جميع الأقطار اهـ.
ثم بعد كتبي هذا بمدة وجدت بخط سيدنا الخال رحمه الله إثر الأبيات السابقة ما نصه: والمراد بالمصحف ما جمعه الصحابة، مما بين الدفتين أي اللوحين من القرآن، وفي البخاري: باب من قال: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما بين الدفتين، ثم ذكر بسنده إلى ابن عباس، وابن الحنفية، أنه لم يترك إلا ذلك، لأنه جمع في الصحف ثم جمعت تلك الصحف في المصحف بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان التأليف في الزمن النبوي والجمع في الصحف في زمن الصديق، والنسخ في المصاحف في زمن عثمان. وقد كان القرآن كله مكتوبا في
عهده صلى الله عليه وسلم، لكنه غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور. قاله القسطلاني.
قلت: قد ظفرت بما يدل على أن ما كان نزل من القرآن؛ كان الصحابة يعددون منه النسخ في زمنه عليه السلام. وبوّب عليه البخاري في كتاب الجهاد «1» من الصحيح بقوله:
باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، ثم خرّج عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. وفي لفظ لإسحاق بن راهواه في مسنده: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. وخرجه أحمد بلفظ: نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو.
وقال البخاري في الترجمة المذكورة؛ وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أرض العدو، وهم يعلمون القرآن. قال الحافظ: أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالمصحف، خشية أن يناله العدو، لا السفر بالقرآن نفسه اهـ فلولا أن ما كان نزل من القرآن يجمع في الصحف ونحوها، ويتداوله الناس بالنسخ والملك، ما صح ورود النهي المذكور فتأمله.
وأخرج أحمد «2» والطبراني والدارمي عن أبي أمامة قال: لما كان في حجة الوداع:
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، خذوا من العلم قبل أن يقبض العلم، وقبل أن يرفع العلم، الحديث. فسأله اعرابي يا نبي الله كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف، وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها نساءنا وذرارينا وخدمنا، فرفع النبي رأسه إليه وهو مغضب وقال:
هذه اليهود والنصارى بين أيديهم المصاحف، لم يتعلقوا منها بشيء مما جاءتهم به أنبياؤهم، ألا وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته. ولهذه الزيادة شواهد من حديث عوف بن مالك، وابن عمر، وصفوان وهي عند أحمد والترمذي والطبراني والدارمي. والبزار بالفاظ مختلفة وفي جميعها هذا المعني.
وفي مسند عبد الله بن عمرو بن العاص من مسند أحمد «3» عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابن له فقال يا رسول الله إن ابني هذا يقرأ المصحف في النهار ويبيت بالليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما.
وفي أحكام القرآن لابن العربي على قوله تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [الأحزاب: 53] في المتاع أربعة أقوال الرابع: صحف القرآن اهـ.
وفي المسلسل 41 من مسلسلات المنح البادية في الأسانيد العالية؛ بإسناد مؤلفها إلى القاضي أبي بكر ابن العربي المعافري قال: اشتكت عيني فشكيت إلى الشريف نسيب الدولة
(1) انظره ص 15 ج 4 باب 129.
(2)
رواه أحمد في الجزء الخامس من مسنده ج 5 ص 266 وفي طبعة المكتب الإسلامي ص 334/ 5.
(3)
رواه أحمد في ج 2 ج 173، وفي طبعة المكتب الإسلامي ص 230.