الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلوم، وقد عدّ من فروض الكفاية، حتى شعر المولدين. ذكره السيوطي في شرح منظومة المعاني.
وقد ترجم البخاري «1» في صحيحه على جواز إنشاد الشعر في المسجد. وفي الموطأ أواخر أبواب الصلاة؛ مالك إنه بلغه أن عمر بن الخطاب بني رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء، وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة. كتاب قصر الصلاة في السفر باب 24/ ص 175 ج 1.
قلت: هذا يصح أن يكون أصلا لبناء المدارس والربط متصلة بالمسجد، لسكنى المتعلمين والذاكرين والمنقطعين والمعتكفين، وقد أفرد شعر الصحابة بالتدوين جماعة، منهم: تركي في عصرنا رأيت المجلد الأول منه مطبوعا، وسبق أن الحافظ ابن سيد الناس أفرد الصحابة الذين مدحوه عليه السلام بمؤلف في مجلد عدد فيه نحو المائتين «2» .
باب في علم الأنساب
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم «3» . رواه الطبراني في الأوسط. قال الهيثمي: وفيه أبو الأسباط بشر بن رافع، وقد أجمعوا على ضعفه. وعن العلاء بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم. فذكر الحديث وهو بتمامه في صلة الرحم، رواه الطبراني في الكبير قال الهيثمي: ورجاله موثقون اهـ.
وأورده في الجامع الصغير بلفظ: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال أي؛ سبب لكثرته، منسأة في الأجل، أي مظنة لتأخيره. وعزاه لأحمد «4» والترمذي والحاكم عن أبي هريرة، وفي التيسير: قال الحاكم:
صحيح وأقروه اهـ وممن أقره الذهبي. وقال الهيثمي: رجال أحمد وثقوا. وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث له طرق؛ أقواها ما أخرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة.
وجاء هذا عن عمر أيضا، وساقه ابن حزم بإسناد رجاله موثقون؛ إلا أن فيه انقطاعا اهـ.
وأخرج ابن زنجوية من حديث أبي هريرة: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ثم انتهوا، وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله تعالى ثم انتهوا، قال الزبيدي في الاتحاف: وهذا يظهر الجمع بين الحديثين، وأن محل النهي إنما هو في التوغل فيه والاسترسال، بحيث يشغل به عما هو أهم اهـ أي في إبانه اهـ.
(1) انظر كتاب الصلاة ج 1 ص 116 باب 68 الشعر في المسجد.
(2)
وقد طبع في دمشق وصدر عن دار الفكر 1987 تحت عنوان: منح المدح.
(3)
عزاه في جمهرة ابن حزم لأحمد ج 2/ 374.
(4)
من حديث أبي هريرة ج 2 ص 374 والإسلامي ص 492 ج 2.
وترجم في الإصابة لتمام بن أوس فقال: له إدراك، وكان علّامة في الأنساب، حتى قال ابن الكلبي: كان أنسب العرب. وهو الذي قال لمعاوية: إن العباءة لا تكلمك، وإنما يكلمك من فيها اهـ.
وأما خبر: علم النسب علم لا ينفع، وجهالة لا تضر، فقال الحافظ في الفتح: روي مرفوعا ولا يثبت، وروي عن عمر أيضا ولا يثبت اهـ وقد أقام البرهان على بطلانه الحافظ ابن حزم، أول جمهرته، وجعله من العلوم النافعة التي جهلها يضر، لأن من علم النسب ما هو فرض على الأعيان، وأسند إلى عمر قوله: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم.
قال ابن حزم: وكان أبو بكر الصديق وأبو الجهم بن حذيفة العدوى، وجبير بن مطعم بن عوف بن نوفل بن عبد مناف، من أعلم الناس بالأنساب. وكان عمر وعلي وعثمان فيه علماء. وإنما ذكرنا أبا بكر وأبا الجهم وجبيرا قبلهم، لشدة رسوخهم في العلم بأنساب العرب. وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت أن يأخذ ما يحتاج إليه من علم أنساب قريش عن أبي بكر. وهذا يكذب قول من نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر؛ لأن هذا القول لا يصح، وكل ما ذكرنا صحيح مشهور منقول في الأسانيد الثابتة، يعلمها من له أقل علم بالحديث، وما فرض عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب الديوان إذ فرض إلا على القبائل، ولولا علمه بالنسب ما أمكنهم ذلك، فبطل قول كل مخالف اهـ كلام الجمهرة من نسخة عندي بخط نسّابة المغرب، ونقيب الأشراف به أبي الربيع الحّوات رحمه الله.
وفي ترجمة أبي بكر من تاريخ الخلفاء: كان الصديق أعلم بأنساب العرب، لا سيما قريش. أخرج ابن إسحاق عن يعقوب بن عنبسة عن شيخ من الأنصار قال: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش، والعرب قاطبة. وكان يقول: إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق، وكان أبو بكر الصديق من أنسب العرب اهـ منه.
وأخرج ابن عبد البر في الاستيعاب، بسنده عن عبد الله بن بريدة، أن معاوية بن أبي سفيان دعا دغفلا فسأله عن العربية، وسأله عن أنساب الناس، وسأله عن النجوم، فإذا رجل عالم قال: يا دغفل من أين حفظت هذا؟ قال: حفظت هذا بقلب عقول، ولسان سئول، وإن غائلة العلم النسيان. فقال معاوية: انطلق إلى يزيد فعلمه أنساب الناس، وعلمه النجوم وعلمه العربية اهـ.
ودغفل هذا هو ابن حنظلة السدوسي الشيباني النسابة العلامة، قاله ابن عبد البر. قال بعض الكاتبين: علم النسب في الحقيقة ليس عبارة عن نسب الأشخاص والقبائل، فإن هذه معرفة بسيطة لا تستحق أن تسمى علما، وإنما كان النسابون يعرفون أخبار أولئك الأشخاص، وأخبار تلك القبائل. وهذا هو التاريخ، وربما كان السبب في اشتهار هذه المعرفة بعلم الأنساب، أن عارفي الأخبار، كما إليهم المرجع في معرفة الأنساب، التي من