الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رضي الله عنهم، ويبث فيهم الشرائع، لولا قيام طائفة منهم بالإفتاء والتعليم، وقصرهم أنفسهم على ذلك، والله أعلم.
لطيفة في جامع البيان والتحصيل لابن رشد، روي أن أبا هريرة ترك الفتيا، فقيل له في ذلك قال: أما جسمي فقد ضعف، والقلب بضعة من الجسم، وأنا أخشى أن يكون فهمي ضعف كما ضعف جسمي.
باب في ذكر من كان أكثر الصحابة فتيا ومن جمع من فتاويه سبع مجلدات والمخصوص منهم بلقب البحر وحبر القرآن ورباني الأمة والغواص ومن كان يعرف ممره من الطريق ومن وجم الناس عن تعزيته عن أبيه هيبة له وإجلالا
أكثر الصحابة على الإطلاق فتوى؛ فيما قاله الإمام أحمد: عبد الله بن عباس، بحيث كان كبار الصحابة يحيلون عليه في الفتوى، كيف وقد دعا له المصطفى صلى الله عليه وسلم، بقوله: اللهم علمه الكتاب «1» وفي لفظ اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل، وفي آخر: اللهم علمه الحكمة وتاويل الكتاب، وفي آخر: اللهم بارك فيه وانشر منه وقال ابن عمر: هو أعلم من بقي بما أنزل على سيدنا محمد، وقال أبو بكرة: قدم علينا البصرة وما في العرب مثله حشما وعلما وبيانا وجمالا وقالت عائشة: هو أعلم الناس بالحج. ووصفه بالبحر ثابت في صحيح البخاري، وغيره. وإنما وصف بذلك لكثرة علمه كما قال مجاهد، وعن عطاء أنه كان يقول: قال البحر: وفعل البحر يريد ابن عباس، بل سماه غير واحد حبر الأمة وبعضهم حبر العرب وترجمان القرآن، ورباني الأمة، وانظر فتح المغيث.
وفي ترجمته من الأصابة: كان يقال له حبر العرب، ويقال إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك طرابلس الغرب، وكان قد غزا مع عبد الله ابن أبي سرح أفريقية، فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب، ذكر ذلك ابن دريد في الأخبار المنثورة له اهـ.
وفي ترجمته من الإستيعاب: كان عمر بن الخطاب يحبه ويدنيه ويقربه، ويشاوره مع أجلة الصحابة، وكان عمر يقول فيه: فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول، وقال طاوس: أدركت نحو خمسمائة من الصحابة إذا ذكروا ابن عباس فخالفوه لم يزل يقرر لهم حتى ينتهوا إلى قوله. قال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا ومعه ابن عباس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم، وكان عمر يعدّه للمعضلات مع اجتهاد عمر ونظره للمسلمين. ويروى أن معاوية نظر إلى ابن عباس يوما يتكلم، فأتبعه بصره وقال متمثلا:
(1) البخاري كتاب العلم باب 17 ج 1 ص 27.
إذا قال لم يترك مقالا لقائل
…
مصيب ولم يثن اللسان على هجر
يصّرف بالقول اللسان إذا انتحى
…
وينظر في أعطافه نظر الصقر
وخرّج ابن عبد البر أيضا عن عطاء قال: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه، ما فيهم صنف إلا يقبل عليه بما شاء اهـ.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات: أن عمر قال لابن عباس، بعد مراجعة في قضية، رجع فيها عمر لقول ابن عباس مع صغره: يا ابن عباس من ظن أنه يرد لبحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا. وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال:
دخلت على عمر بن الخطاب يوما فسألني عن مسألة كتب إليه بها يعلى بن أمية من اليمن، فأجبته فيها فقال عمر: أشهد أنك تنطق عن بيت نبوة.
وأخرج الدينوري عن المدائني قال علي ابن أبي طالب في عبد الله بن عباس: إنه لينظر إلى الغيب [من] خلف ستر رقيق؛ لعقله وفطانته بالأمور، وفي ترجمة ابن عباس من طبقات الحفاظ عن الأعمش قال: استعمل عليّ ابن عباس على الحج، فخطب يومئذ خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ سورة النور فجعل يفسرها. وقال الحافظ ابن القيم في كتابه، الوابل الصيب: هذا عبد الله بن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، مقدار ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ العشرين حديثا، الذي يقول فيه سمعت ورأيت وسمع كثيرا من الصحابة، وبورك له في فهمه واستنباطه، حتى ملأ الدنيا علما وفقها.
قال أبو محمد بن محمد بن حزم: وجمعت فتاويه في سبعة أسفار كبار، وهي بحسب ما بلغ جامعها، وإلا فعلم ابن عباس كالبحر، وقد سمع كما سمعوا وحفظ القرآن كما حافظوا، ولكن كانت أرضه أخصب الأراضي، وأمثلها للزرع، فبذر فيها النصوص، فأنبت من كل زوج كريم، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة: 4] اهـ.
وذكر ابن سليمان في صلته أن أبا محمد دعلج بن أحمد السجستاني أفرد مسند عبد الله بن عباس بالتصنيف، وأن الحافظ ابن رجب له نور الإقتباس في مشكاة وصية ابن عباس، وفي خلاصة الخزرجي قال موسى بن عبيدة: كان عمر يستشير ابن عباس ويقول:
غواص، وقال سعد: ما رأيت أحضر فهما ولا ألبّ لبا ولا أكثر علما ولا أوسع حلما من ابن عباس. ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات، وقال عكرمة: كان ابن عباس إذا مرّ في الطريق قالت النساء: أمرّ المسك أو ابن عباس؟ وقال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، وإذا نطق قلت أفصح الناس، وإذا حدّث قلت أعلم الناس اهـ.
وفي كتاب رونق التحبير في حكم السياسة والتدبير لمحمد ابن أبي العلاء بن سماك، والفروق للقرافي ص 195 ج 2 روي أن العباس بن عبد المطلب لما مات عظم المصاب به