الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما أطلت في هذه الترجمة للرد على من يشين الإسلام بكونه جاء ناهيا عن الزراعة حتى قال لي مرة بعض علماء الإفرنج: إن في القرآن لعن المحراث والحارث فقلت له:
القرآن جاء بعكس ما تنسب له وأرشدته إلى بعض ما سبق فعجب. وقد ألف المسلمون في علم الفلاحة واستخراج المياه من الأرض عدة مصنفات؛ كالكرخي وأبي حنيفة الدينوري له كتاب النبات والشجر؛ وأبي زكرياء يحيى بن محمد بن العوام الأندلسي الأشبيلي من أهل المائة السادسة له كتاب في الفلاحة، طبع بمدريد في جزأين، استعان في كتابه هذا بنيّف وستين من كتب اليونان والرومان والعرب، وكان يطبق ما فيه على الفلاحة العملية التي أجراها بأرض بقرب أشبيلية.
وللشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي علم الملاحة في علم الفلاحة طبع بدمشق.
ولابن وحشية الكلداني كتاب في الفلاحة النبطية. وكان كلّف المستعين بالله العباسي في بغداد قسطا بن لوقا الطبيب البعلبكي بترجمة الكتب اليونانية، وله كتاب الفلاحة اليونانية ترجمة إلى العربية عن ترجمة سريانية وهو مطبوع بمصر. ولأهل الأندلس الكثير الطيب في هذا العلم وبمكتبتنا بعضها.
الخرازة
ترجم ابن سعد في الطبقات وابن حجر في الإصابة لزينب بنت جحش فذكر أنها كانت امرأة صناع اليد، فكانت تدبغ وتخرز وتتصدق به في سبيل الله اهـ ونحوه في التوشيح للحافظ الأسيوطي انظر ص 150 من اختصاره.
باب في الثمار
«سمى ابن فتحون في كتابه في الصحابة نبهان فوصفه بالثمار وذكر قصة فيها بيعه للثمر» . وترجم في الإصابة لسمويه «1» ويقال: سيما البلقاوي كان نصرانيا قدم المدينة بالتجارة فأسلم وذكر عنه أنه حمل القمح من البلقاء إلى المدينة قال فبعنا وأردنا أن نشتري الثمر فمنعونا فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما يكفيكم رخص هذا الطعام بغلاء هذا التمر الذي تحملونهم، ذروهم.
فائدة في فتح الباري أصناف تمر المدينة كثيرة جدا فقد ذكر الشيخ أبو محمد الجويني في الفروق أنه كان بالمدينة فبلغه أنهم عدوا عند أميرها صنوف التمر الأسود خاصة فزاد على الستين قال والتمر الأحمر أكثر من الأسود عندهم.
المسافة التي كان يأتي منها الزرع وغيره
كان يأتي من البلقاء وهي من أرض الشام إلى المدينة. يؤخذ ذلك من القصة
(1) ترجمه في ج 2 ص 104 برقم 3635.
المذكورة عن الإصابة، وأخرج البخاري «1» في البيوع قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أقبلت من الشام عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا فنزلت: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها [الجمعة: 10] .
وانظر أيضا ترجمة جلب دقيق الحواري والسمن والعسل من الشام إلى المدينة فيما سيأتي وذلك يدل على أن المدينة صارت سوق العرب، تقصد بالبضائع من الأطراف البعيدة، وانظر ترجمة نبهان الأنصاري من الإصابة. وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي أن عمر أول من حمل الطعام من مصر في بحر أيلة (البحر الأحمر) إلى المدينة.
قلت: وذلك في الخليج الذي فتح بعد فتح مصر وكان يمتد من الفسطاط إلى السويس والذي تولى حفره عمرو بن العاص في خلافة سيدنا عمر فعرف بخليج أمير المؤمنين، وصار الصلة العظمى بين مصر والبحر الأحمر والهند وسبب حفره على ما في الخطط للمقريزي أن الناس في المدينة قحطوا، فأعانهم عمرو بن العاص بعير أوّلها كان بالمدينة وآخرها بمصر فأمر معمر بفتح هذا الخليج، ليتيسر النقل في البحر بدل الظهر فلم يأت الحول حتى سارت فيه السفن، فصار يحمل فيه ما يراد للحرمين الشريفين ثم غلب عليه الرمل فانقطع آخر الدولة الأموية، انظر الخطط المقريزية والخطط التوفيقية ففيهما كلام مشبع عن هذا الخليج ونقل الثاني ص 120 من ج 19 عن الكندي في كتاب الجند العربي؛ أن عمرو بن العاص حفره في سنة 23 وفرغ منه في ستة أشهر، وجرت فيه السفن ووصلت إلى الحجاز في الشهر السابع، ثم نقل عن ابن الطوير أن مسافته خمسة أيام وكانت المراكب النيلية تفرغ وتحمل منه من ديار مصر بالقلزم، فإذا فرغت حملت من القلزم ما وصل من الحجاز وغيره إلى مصر. وكان مسلك التجار وغيرهم.
وذكر أيضا أنه بقي مفتوحا إلى زمن أبي جعفر المنصور ولما ظهر محمد النفس الزكية بالحجاز أمر عامله على مصر بردم خليج مصر، لقطع الميرة عن البلاد الحجازية، فردم وصار نسيا منسيا وبقي كذلك ألف سنة، إلى أن حفرت الترعة أخيرا «2» وذكر أيضا أن عمر ربما توقف في فتح هذا الخليج قائلا: إن هذا الاتصال ربما أوجب اغارة الروم وهجومهم على الحجاز ولذا قال علي مبارك في ص 124 من ج 19 أن فتح ترعة البرزخ في زمانه آخر القرن المنصرم فتح على مصر أبوابا لم يكن من قدرتها إقفالها اهـ وقال غيره من الكتاب المعاصرين: إن فتح خليج السويس كان من أشد الآفات على ممالك الشرق اهـ فرضي الله عن عمر ما أصدق حدسه.
(1) كتاب البيوع ج 3/ 6.
(2)
في أيام الخديو إسماعيل 1869.