الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قيس «1» أعطي مزمارا من مزامير آل داود، وأخرج مسلم «2» عن أبي موسى رفعه: لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود. وقال الحافظ ابن حجر، في ترجمة أبي موسى الأشعري، أحد قضاة الأمة الأربعة، وجامع العلم، فما أوسعه المنفرد بحسن الصوت إذا قرأ، كأن مزمارا من مزامير آل داود معه اهـ وترجمه الذهبي في تذكرة الحفاظ فنقل عن ابن الهندي: ما سمعت طنبورا ولا صنجا ولا مزمارا أحسن من صوت أبي موسى الأشعري، حين كان يصلي بنا فنود أنه قرأ البقرة اهـ.
باب فيمن قيل فيه من الصحابة أخطب أهل الدنيا
في طبقات ابن سعد عن سماك بن حرب، أن معاوية استعمل النعمان بن بشير على الكوفة، وكان والله من أخطب من سمعت من أهل الدنيا يتكلم. انظر ص 35 ج 6.
باب في المخصوص من الصحابة بلقب حكيم الأمة
عن عبد الرحمن بن جبر، قال معاوية: ألا إن أبا الدرداء أحد الحكماء، إلا أن كعب الأحبار أحد العلماء، نقله صاحب الجاسوس ص 501.
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه. لكل أمة حكيم وحكيم هذه الأمة أبو هريرة وأخرج ابن عساكر عن جبر بن نفير مرسلا رفعه: إن لكل أمة حكيما وحكيم هذه الأمة أبو الدرداء، وترجم الذهبي في تذكرة الحفاظ أبا الدرداء فقال فيه: الإمام الرباني، وكان يقال هو حكيم هذه الأمة وحفظ القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عالم أهل الشام ومقرىء أهل دمشق وفقيههم، وقاضيهم، وقال ابن أبي مليكة: سمعت يزيد بن معاوية يقول: إن أبا الدرداء من الفقهاء العلماء، الذين يشفون من الداء وروى الليث بن سعد عن فلان قال؛ رأيت أبا الدرداء دخل المسجد ومعه الأتباع، مثل ما يكون مع السلطان وهم يسألونه العلم اهـ. وانظر ترجمة الحكيم والمنجم والقافي فيما سبق.
باب في ذكر من كان يقرأ الكتب القديمة من الصحابة ويعلم ما فيها
أخرج ابن سعد وابن عساكر عن عبد الله بن سلام قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن ليلة، والتوراة ليلة، قال السيوطي في الجمع: فيه إبراهيم بن محمد بن يحيى المدني ضعيف اهـ.
وترجم الذهبي في تذكرة الحفاظ عبد الله بن سلام هذا، فنقل عن إبراهيم بن أبي يحيى ثنا معاذ بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني قرأت القرآن والتوراة، فقال: اقرأ هذا ليلة وهذا ليلة. قال الذهبي: فهذا إن صح ففيه الرخصة في تكرير التوراة وتدبرها اهـ.
(1) وهو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه.
(2)
انظر كتاب صلاة المسافرين ج 1/ 546.
وفي طبقات ابن سعد: سئل علي عن سلمان الفارسي فقال: أوتي العلم الأول والعلم الآخر، أيدرك ما عنده؟ وفي رواية: قرأ الكتاب الأول وقرأ الكتاب الآخر. وكان بحرا لا ينزف.
وفي طبقات الحفاظ للذهبي: عن أبي هريرة أنه لقي كعبا فجعل يحدثه ويسأله، فقال كعب: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة اهـ.
وفي ترجمة عبد الله بن عمرو بن العاص منها: أصاب جملة من كتب أهل الكتاب، وأدمنت النظر فيها ورأى فيها عجائب اهـ.
وفي طبقات ابن سعد؛ عن شريك بن خليفة قال: ورأيت عبد الله بن عمرو بن العاص يقرأ بالسريانية.
وأخرج البخاري «1» عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال أجل. والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن، قال الشهاب الخفاجي؛ في شرح الشفا، على هذا الحديث: فإن قلت:
عبد الله قرشي عربي فلا يناسب سؤاله عمّا في التوراة، والتوراة وغيرها من الكتب القديمة.
قال الفقهاء: لا تجوز قراءته فما وجه هذا. قلت: إن عبد الله كان يقرأ ويكتب كما مر، وقال البرهان الحلبي في المقتفى: إنه كان يحفظ التوراة. وقد روى البزار أن عبد الله بن عمرو بن العاص رأى في المنام في إحدى يديه عسلا، وفي الآخرى سمنا وهو يلعقهما، فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: تقرأ الكتابين التوراة والقرآن، فكان يقرؤهما.
وأما النهي عن قراءتها وإن صرح به الفقهاء، فليس على إطلاقه، لوقوعه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الصحابة من غير إنكار، فهو مقيّد بمن لم يميز المنسوخ والمخرج منها، ويضيع وقته في الاشتغال بها، وأما غيره فلا يمنع منه، بل قد يطلب لإلزامهم بما أنكروه منها، كما في قصة الرجم اهـ انظر ص 189 ج 1 وما عزاه للبزار من رؤيا ابن العاص، خرّجه أحمد والبغوي من طريق واهب المعافري عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عزاه لهما أبو الحسن السندي أول مسند عبد الله بن عمرو بن العاص، من حاشيته على مسند أحمد. وصرح الحافظ ابن حجر بأن القول بجواز النظر في التوراة وكتابتها نسب لوهب بن منبه. قال: وهو من أعلم الناس بالتوراة اهـ.
وفي ترجمة أبي الجلد الجوني من طبقات ابن سعد قال: كان أبو الجلد يقرأ القرآن في كل سبعة أيام، ويختم التوراة في ستة أيام يقرؤها نظرا، فإذا كان يوم ختمها حشد إلى ذلك ناس وكان يقول كان يقال: تنزل عند ختمها الرحمة انظر ص 161 ج 7.
(1) انظر كتاب البيوع باب: 50 ج 3/ 21.
قلت: وبذلك تعلم ما حكاه الزركشي في التلقيح؛ من الإجماع على عدم جواز الاشتغال بكتابة التوراة والإنجيل ونظرها، قال: وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي، ولولا أنه معصية ما غضب منه اهـ.
ونقل نحوه الشيخ زكرياء الأنصاري في شرحه على البخاري؛ عن الشمس البرماوي بلفظه: ولله در الحافظ ابن حجر فإنه اعترضه قائلا: الذي يظهر أن كراهية ذلك للتنزيه لا للتحريم، والأولى في هذه المسألة التفرقة بين من لم يتمكن ويصر من الراسخين في الإيمان، فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك، بخلاف الراسخ؛ فيجوز له ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف، وقد فعل ذلك جمع من الأمة. ثم قال: وأما استدلاله للتحريم بما ورد من الغضب ودعوى أنه لو لم يكن معصية ما غضب فهو معترض بأنه يغضب من فعل المكروه، ومن فعل ما هو خلاف الأولى، إذا صدر ممن لا يليق به ذلك، كغضبه من تطويل معاذ صلاة الصبح بالقراءة، وقد يغضب ممن يقع منه تقصير في فهم الأمر الواضح، مثل الذي سأل عن لقطة الإبل اهـ.
قال الشيخ زكرياء إثره: وهو أوجه اهـ بواسطة الفجر الساطع انظر آخر كتاب التوحيد، ونقل كلام الحافظ هذا أيضا الشهاب ابن حجر الهيثمي في فتاويه الفقهية ص 49 ج 1 قائلا: وما ذكره واضح لا محيد عنه، وكل ما ذكره الزركشي وغيره محمول على غير متمكن، أو متمكن لم يقصد بالنظر فيها مصلحة دينية، أو متمكن قصد ذلك فلا وجه لمنعه، ويأتي ما ذكر في التوراة والإنجيل اهـ.
ومما يتفرع عن حكم قراءة الكتب القديمة النقل منها، وفي تكملة الديباج في ترجمة أبي العباس أحمد بن بقي، ومسألة النقل من التوراة والإنجيل هي إحدى المسائل الواقعة بين البرهان البقاعي والحافظ السخاوي، وألف كل منهما ردا على الآخر؛ البقاعي يجوزه والسخاوي يمنعه اهـ.
قلت: سمي السخاوي كتابه الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل انظره وفي ترجمة الإمام شرف الدين يحيى المناوي من طبقات حفيده [عبد الرؤوف المناوي] لدى ذكره نثره، ومنه ما كتبه في تقريظ على مناسبات القرآن للبقاعي، لما اعترضه جماعة من أهل عصره منهم السخاوي في نقله عن التوراة والإنجيل، وأفتى بعضهم بحرمة ذلك ووجوب غسل المناسبات لما تضمنته من ذلك، فكتب الشرف على الكتاب وكان أول من كتب بحسن صنيع البقاعي، ثم قال: ولا يقال قد استوضح في بعض المناسبات بما جاء في التوراة والإنجيل؛ لأنه اقتدى في ذلك بأئمة الإسلام أهل الأصول والتأصيل، كعبد الله بن عمرو في صفة سيد الأنام، وبعده الأئمة الأعلام، فتعين القول بالجواز على من اتّضح ذلك لديه، والمنع على من اشتبه ذلك عليه اهـ من الطبقات.