الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول في ذكر من كان يتجر في زمن رسول الله ص ثم من اتجر من كبار الصحابة بعده
وفي ترجمته من الإصابة: كان أبو بكر معروفا بالتجارة، ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أربعون ألفا وكان يعتق منها ويعول المسلمين حتى قدم المدينة بخمسة آلاف، وما مات حتى ما ترك دينارا ولا درهما.
أخرج ابن عساكر من أم سلمة قالت: لقد خرج أبو بكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى بصرى، ولم يمنع أبا بكر الضن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشحه على نصيبه منه من الشخوص إلى التجارة، وذلك لاعجابهم بكسب التجارة وحبهم التجارة. ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر من الشخوص في تجارته ومحبته وضنته بأبي بكر، وقد كان بصحابته معجبا لاستحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم التجارة وأعجابه بها.
وقال ابن سعد: لما استخلف أبو بكر: أصبح غاديا إلى السوق على رأسه أثواب يتجر بها. فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فقالا: كيف تصنع هذا؟ وقد وليت أمر المسلمين. قال: فمن أين أطعم عيالي قال: نفرض لك. ففرضوا له كل يوم شطر شاه، قال ابن زكري على البخاري: وكل من شغلته مصالح المسلمين من قاض ومفت ومدرس كذلك اهـ.
«ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الصحيح في قضية استئذان أبي موسى الأشعري على عمر ورجوعه، واستدلاله لرجوعه بما خفي على عمر من الأثر فقال عمر:
أخفى علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألهانى الصفق في الأسواق يعني الخروج إلى التجارة» .
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن عمر رضي الله عنه قال: ما جاءني أجلي في مكان ما عدا الجهاد في سبيل الله أحب إلي من أن يأتيني وأنا بين شعبتي رحلي، أطلب من فضل الله وتلا: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [المزمل: 20] .
ومنهم عثمان بن عفان تعاطيه للتجارة معروف في دواوين السلف، وأخرج ابن سعد في الطبقات عن عبد الله قال: كان عثمان رجلا تاجرا في الجاهلية والإسلام، وكان يدفع
ماله قراضا. وأخرج أيضا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أن عثمان دفع إليه مالا مضاربة على النصف.
وفي مقدمات ابن رشد: أول قراض كان في الإسلام قراض يعقوب مولى الحرقة مع عثمان بن عفان، وذلك أن عمر بن الخطاب بعث من يقيم من السوق من ليس بفقيه. فأقيم يعقوب فيمن أقيم. فجاء إلى عثمان فأخبره فأعطاه مزود تبر قراضا على النصف، وقال له:
إن جاءك من يعترضك فقل: المال لعثمان فقال ذلك. فلم يقم. فجاء بمزودين؛ مزود رأس المال ومزود ربح اهـ.
قلت: ومنهم خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، فقد علم أنه كان لها مال كبير وتجارة تبعث إلى الشام، فيكون عيرها كعامة عير قريش، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة. ولما خرج عليه السلام في تجارتها مع غلامها ميسرة قالت: أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج إلى سوق بصرى، وباع سلعته التي أخرج، واشترى غيرها، وقدم بها فربحت ضعف ما كانت تربح، فأربحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعف ما سمت له أنظر ترجمة خديجة من طبقات ابن سعد.
«ومنهم الزبير بن العوام قال ابن عبد البر: كان الزبير تاجرا مجدودا «1» في التجارة.
وقيل له يوما: أدركت في التجارة ما أدركت؟ فقال: لم أشتر عيبا ولم أرد ربحا والله يبارك لمن يشاء وذكر ابن عبد البر أيضا؛ كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه الخراج» .
ومنهم سعد بن عائذ المؤذن مولى عمار بن ياسر. ترجمه في الاصابة فقال: كان يتجر في القرظ، وهو ورق يدبغ به كقشر البلوط فقيل له سعد القرظ. وروى البغوي أنه اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلة ذات يده، فأمره بالتجارة فخرج إلى السوق، فاشترى شيئا من قرظ فباعه فربح فيه. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمره بلزوم ذلك.
ومنهم منقذ بن عمرو الأنصاري الصحابي المدني، روى ابن إسحاق عن محمد بن
(1) مجدودا أي ذا جّد، وهو الحظ.
يحيى بن حبان قال: كان جدي منقذ بن عمرو أصابته آفة في رأسه، فكسرت لسانه ونازعته عقله، وكان لا يدع التجارة ولا يزال يغبن، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا بعث فقل:
لاخلابة وأنت في كل سلعة بعتها بالخيار ثلاث ليال، وكان في زمن عثمان حين كثر الناس يبتاع في السوق فيصير إلى أهله فيلومونه، فيرده ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثا. انظر ترجمته من تهذيب النووي.
ومنهم أبو معلق الأنصاري كان تاجرا يتجر بمال له ولغيره ويضرب في الأفاق وكان ناسكا ورعا مجاب الدعوة انظر ترجمته من الاصابة ص 182 ج 4.
ومنهم عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، في سراج الملوك للطرطوشي؛ لما دفع أبو موسى الأشعري مالا من بيت المال لعبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب بالبصرة، اشتريا منه بضاعة فزكت، فأراد عمر أن يأخذ جميع الربح، فراجعهم عبيد الله فحكم بينهم بنصف الربح فأخذا جميع نصف الربح وأخذ عمر النصف لبيت المال.
وقال ابن رشد في المقدمات: يقال إن أول قراض كان في الإسلام قراضهما اهـ.
وقد ذكر قضيتها في الموطأ وهي مشهورة. وفي الشبرخيتي على المختصر لدى باب القراض: عمل به النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة قبل البعث، وعمر وعثمان. فصدر الأمة وخيارها وأول من عمل به في الإسلام يعقوب مولى الحرقة لعثمان اهـ انظر ما سبق في ترجمة عثمان رضي الله عنه.
ومنهم أبو هريرة، في سراج الملوك قال مالك: كان عمر بن الخطاب يشاطر العمال فيأخذ نصف أموالهم، وشاطر أبا هريرة وقال له: من أين لك هذا المال؟ فقال أبو هريرة:
دواب تناتجت وتجارات تداولت الخ القصة.
ومنهم حاطب بن أبي بلتعة، سفير المصطفى إلى المقوقس في ترجمته من طبقات ابن سعد: أنه ترك يوم مات أربعة آلاف دينار، ودراهم ودارا وغير ذلك، وكان تاجرا يبيع الطعام وغيره.
ومنهم المتجر في غزوة خيبر «1» ذكر حديثه أبو داود في سننه في باب التجارة في الغزو؛ ثم أخرج عن عبيد الله بن سلمان أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه قال: لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمهم من المتاع والسبي، فجعل الناس يتبايعون غنائمهم، فجاء رجل حين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد ربحت ربحا ما ربح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي. قال: ويحك ما ربحت؟ قال ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلاثمائة أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أنبئك بخير رجل ربح قال وما هو يا رسول الله؟ قال؛ ركعتين بعد الصلاة، والحديث سكت عنه المنذري.
(1) انظر ج 3 من كتاب الجهاد ص 222.