الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصححاه عن عمر رفعه: لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا. قال الإمام أحمد: فيه ما يدل على الطلب لا القعود.
وعن أحمد أيضا في القائل: أجلس لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي: هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي «1» . وقوله: تغدو خماصا وتروح بطانا. وكان الصحابة يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخيلهم وبهم القدوة اهـ الخ انظر جامع ما جاء في القدر من كتاب الجامع.
(المقدمة الثالثة)
قال العضد في صدر المواقف: قال بعض أكابر الأمة وأخبار الأئمة في معنى الخبر المشهور: اختلاف أمتي رحمة. يعني: اختلاف همتهم في العلوم، فهمة واحد في الفقه، والآخر في الكلام، كما اختلفت همم أصحاب الحرف، ليقوم كل واحد بحرفة فيتم النظام اهـ زاد السيد في شرحها: وهذا الاختلاف أيضا رحمة كما لا يخفى، لكن ذكر هنا تبعا ونظيرا اهـ.
(المقدمة الرابعة)
وترجم البخاري في كتاب البيوع من صحيحه:
باب ما ذكر في الأسواق
«2»
وفي فتح الباري أيضا قال ابن بطال: أراد بذكر الأسواق إباحة المتاجر ودخول الاشراف والفضلاء إلى الأسواق، وكأنه أشار إلى ما لم يثبت على شرطه، من أنها شر البقاع. وهو حديث أخرجه أحمد والبزار وصححه الحاكم من حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق.
وإسناده حسن. وأخرجه ابن حبان والحاكم أيضا من حديث ابن عمر قال ابن بطال: هذا خرج على الغالب، وإلّا فربّ سوق يذكر فيه اسم الله أكثر من كثير من المساجد اهـ.
قلت: غفل سيدنا الحافظ رحمه الله عن كون الحديث في صحيح مسلم، عن أبي هريرة بلفظ أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها. وهو من أفراد مسلم عن البخاري فإنه لم يخرجه خلافا لمن زعمه. وأخرج البخاري في هذه الترجمة قول عبد الرحمن بن عوف لما قدم المدينة: هل من سوق فيه تجارة؟ فقيل: سوق قينقاع، وقال عمر: ألهاني الصفق بالأسواق. قال الحافظ الغرض منه ذكر السوق فقط، وكونه كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يتعاهده الفضلاء من الصحابة لتحصيل المعاش للكفاف
(1) رواه البخاري في كتاب الجهاد باب 88 ص 230/ 3.
(2)
إشارة إلى الحديث وفيه: وقال عبد الرحمن بن عوف لما قدمنا المدينة قلت: هل من سوق فيه تجارة. قال: سوق قينقاع وقال أنس: قال عبد الرحمن: دلوني على السوق. وقال عمر: ألهاني الصفق بالأسواق. ص 19 ج 3 من كتاب البيوع.
والتعفف على الناس، وقال تعالى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ [الفرقان: 20] اهـ.
وترجم ابن رشد في جامع البيان والتحصيل، في جواز دخول أهل الفضل الأسواق ومقاربتهم في البيع والشراء، ثم ذكر عن مالك أنه سئل عن الرجل له فضل وصلاح يحضر السوق يشتري لنفسه فيقارب في ذلك لفضله ولحاله، قال: لا بأس بذلك وقد كان عمر بن الخطاب يدخل السوق، وسالم بن عبد الله إن كان ليقعد في سوق الليل، ويجلس معه رجال وإن الحرس ليمرون بجلسائه فيقولون: يا أبا عمر أمن جلسائك؟ فقيل له ما بال الحرس؟ قال: يطردون منه السفه والعبث.
قال ابن رشد: وأما جواز دخول الأسواق والمشي فيها، فكفى في الحجية في ذلك قول الله عز وجل: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ [الفرقان: 20] . ردا لقول المشركين: مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ [الفرقان: 7] .
وقع في بعض الكتب: أمن جلسائك؟ والمعنى في ذلك إعلامهم إياه أنهم يحفظونهم بمجالستهم إياه فهم آمنون. والمعنى فيما داخل الكتاب الاستفهام في الرجل: هل هو من جلسائه؟ فيحفظونه من أهل السفه كما يحفظونه وجلساءه منه اهـ.
ثم ترجم البخاري أيضا باب السخب في الأسواق، وهو الصياح. نقل الدماميني عليها عن ابن المنير ترجم كثيرا على إباحة السوق ثم ترجم هنا على السخب فيها قال: وكان البخاري صاحب تجارة وزرع. وقال: يروي أنه أعطي ببضاعة له خمسة آلاف فذكر في نفسه ولم يتلفظ، فأعطي فيها بعد ذلك أضعاف الأولى ألوفا مؤلفة قال: لا، قد كنت ركنت إلى الأولى، فحاسب نفسه على الهواجس التي لا تلزم اهـ.
قلت: وبذلك وبغيره مما تقدم ويأتي تعلم ما في قول أبي علي اليوسي في قانونه:
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ألوف من الصحابة ما كان يحسن الواحد منهم أن يشتري حاجة من السوق بقيراط، وهم فقهاء في دين الله اهـ فإن هذا الاطلاق بصيغة الشمول والاستغراق عجيب من مطلقه، وأغرب ما يذكر عن عالم مثله إلا أن يكون عنى أهل الصفة، الذين كانوا كما سبق انقطعوا للعبادة والتأله والتعلم، وهم لم يصلوا إلى الألوف، على أن اتقطاعهم لا عن جهل بالبيع والشراء، بل ايثارا لما يبقى على ما يفنى. وقد قال ابن الحاج في المدخل: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في الأسواق يتجرون وفي حوائطهم يعملون، وقد ترجم البخاري أيضا باب: كسب الرجل وعمله بيديه، فذكر فيه عن عائشة لما استخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، وأحترف فيه للمسلمين، قال الحافظ: حديث أبي بكر هذا وإن كان ظاهره الوقف ولكنه بما اقتضاه من أنه قبل أن
يستخلف كان يحترف لتحصيل مؤونة أهله يصير مرفوعا، لأنه يصير كقول الصحابي: كنا نفعل كذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى ابن ماجه وغيره من حديث أم سلمة أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وتقدم في حديث أبي هريرة في أول البيوع: إن إخواني من المهاجرين، كان يشغلهم الصفق بالأسواق، ويأتي حديث عائشة أن الصحابة كانوا عمال أنفسهم اهـ.
وترجم البخاري أيضا باب التجارة في البر وغيره، وساق قوله سبحانه: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور: 37] ثم ذكر قول قتادة: كان القوم يتبايعون ويتجرون لكنهم إذا نابهم حق من حقوق الله لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله. قال العيني في العمدة: أراد بالقوم الصحابة، فإنهم في بيعهم وشرائهم إذا سمعوا إقامة الصلاة يتبادرون إليها، لإقامة حق.
ويؤيد هذا ما أخرجه عبد الرزاق من كلام ابن عمر أنه كان في السوق، فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد. قال ابن عمر: فيهم نزلت فذكر الآية. قال ابن بطال: ورأيت في تفسير الآية قال: كانوا حدادين وخرازين، فكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الأشفى فسمع الأذان لم يخرج الأشفى من الغرزة، ولم يوقع المطرقة. ورمى بها وقام إلى الصلاة اهـ.
وقال الحافظ على أثر كلام قتادة المذكور: لم أقف عليه موصولا عنه، وقد وقع لي موصولا من كلام ابن عمر أحرج عبد الرزاق عنه فساق ما سبق عن العيني.
وقال القسطلاني في الارشاد: رواه ابن أبي حاتم وابن جرير فيما ذكر ابن كثير في تفسيره، ثم قال الحافظ: وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود نحوه. وفي الحلية عن سفيان الثوري: كانوا يتبايعون ولا يدعون الصلوات المكتوبات في الجماعة اهـ.
وترجم البخاري أيضا باب الخروج في التجارة وقوله سبحانه: فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة: 11] فذكر فيها قول عمر: ألهاني الصفق بالأسواق، يعني بذلك الخروج إلى تجارة. قال القسطلاني: وكان احتياج عمر إلى السوق لأجل الكسب لعياله، والتعفف عن الناس. وفي ذلك رد على من يتنطع في التجارة فلا يحضر الأسواق، ويتحرج منها، لكن يحتمل أن يتحرج من يتحرج لغلبة المنكرات في الأسواق، في هذه الأزمنة بخلاف الصدر الأول اهـ.
وترجم البخاري أيضا باب قول الله تعالى: أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ [البقرة:
267] قال القسطلاني عن مجاهد: المراد به التجارة. وقد ترجم البخاري في كتاب البيوع أيضا باب ذكر الصوّاغ، وباب ذكر القين، وباب الخياط، وباب النساج، وباب النجار، وباب بيع السلاح في الفتنة وغيرها، وباب العطار، وبيع المسك، وباب ذكر الحجام،