الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القادرية وأشغالها، وأكرمه مرزا نظام الدين بن محمد مقيم الهروي الأكبرآبادي وأضافه.
* * *
*
ارتحاله إلى الحرمين الشريفين:
ثم سافر إلى مكة المباركة سنة ست وتسعين وتسع مئة، فحجّ وأقام بمكة عشرة أشهر، وسافر إلى المدينة المنورة لسبع ليال بقين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وتسع مئة، وأقام بها إلى آخر شهر رجب سنة ثمان وتسعين وتسع مئة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زمانًا وحجّ مرة ثانية، ثم رحل إلى الطائف في آخر شعبان سنة تسع وتسعين وتسع مئة، ثم رجع إلى مكة وأقام بها زمانًا قليلًا، ورجع إلى الهند في ذلك العام.
* * *
*
عودة الشيخ المحدث من الحجاز إلى الهند:
أقام الشيخ المحدث في الحرمين الشريفين أربع سنوات تقريبًا مستفيدًا من علمائها ومشايخها في الحديث الشريف وغيره من العلوم الأخرى، فأمر الإمام عبد الوهاب المتقي (1) تلميذَه الشيخ عبد الحق بالعودة إلى الهند وأصرّ على ذلك وجرى الحوار
= انظر: "الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام"(4/ 442).
(1)
هو الشيخ العالم الكبير المحدث الفقيه الزاهد عبد الوهاب بن ولي اللَّه المندوي البرهانبوري المهاجر إلى مكة المشرفة والمدفون بها، كان من العلماء الربانيين، ولد ونشأ بمدينة برهانفور بعد ما انتقل والده من مندو إليها، وصار يتيمًا، فرماه الاغتراب إلى كَجرات وإلى ناحية الدكن وجزائر السيلان وإلى سرانديب حتى وصل إلى مكة المباركة سنة ثلاث وستين وتسع مئة، وأدرك بها الشيخ علي بن حسام الدين المتقي الكَجراتي، وكانت بينه وبين أبيه مودة، فأقام بمكة المشرفة، ولازمه اثنتي عشرة سنة، وأخذ عنه العلم والمعرفة، وأسند الحديث عنه وعن =
بينهما، ولما رأى الشيخ هذا الإلحاح المتواصل من شيخه قرر الرجوع إلى الهند.
لما ودعه الشيخ عبد الوهاب أكرم تلميذه، ورجع الشيخ المحدث إلى الهند سنة 1000 هـ، وهذا العهد الذي اتَّخذَتْ فيه أفكار الملك أكبر صورة الدين الإلهي، وكانت بيئة البلاد كلها قد فسدت، وعمّ الإعراض عن الشريعة والسنة، ويُسْخَر في البلاط الملكي بالشعائر الدينية ويستهزأ بها، فقد أثر ضلال الملك أكبر في حياة عامة الناس. ورجع الشيخ في هذه الظروف المؤلمة، وكان الشيخ متألمًا بهذا الوضع المؤلم في البلاد، فقرر أن يجلس لتدريس الحديث في زاوية بدهلي، وكانت هي المدرسة الأولى في شمالي الهند في ذلك العهد لتدريس الحديث الشريف، وكان الكتاب والسنة في هذه المدرسة قطب الرحى، وذكر الشيخ في كتابه (أخبار الأخيار) اشتغاله بالتعليم والتدريس بتواضع كبير، يقول: أبذل كل جهد في هذا السبيل، وأقوم بأشد رياضة في ذلك، وأقضي أيامي مشتغلًا بالتعليم والإفادة -معاذ اللَّه- بل بالتعلم والاستفادة، لا يهمني أمرُ صالحٍ أو فاسقٍ، معرضًا عن صحبة هذا وذا، وواصل الشيخ اشتغاله بالتدريس
= غيره من المشايخ، وتصدر للدرس والإفادة بعده بمكة المباركة، وتزوج بها حين بلغ خمسين سنة من عمره. وكان على قدم شيخه في الزهد والتورع والاستقامة على الطريقة، أخذ عنه الشيخ عبد الحق بن سيف الدين البخاري الدهلوي وخلق كثير من العلماء والمشايخ، وكان مشايخ الحرمين الشريفين يعتقدون فيه خيرًا وصلاحًا ويقولون: إنه على قدم الشيخ أبي العباس رحمه الله، [هو أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عمر الأنْصَارِيّ المرسي المتوفى 686 هـ].
قال عبد الحق بن سيف الدين المذكور في "أخبار الأخيار": إنه لقيني شيخ من شيوخ العرب وقال: إني سافرت إلى اليمن وأدركت المشايخ والدراويش فوجدتهم كلهم متفقين على الثناء عليه والأخبار بأنه قطب مكة في وقته، وقال: إن عبد الوهاب استقام على المشيخة ستًا وثلاثين سنة بمكة وما فاتته حجة في أيام إقامته، انتهى. توفي سنة إحدى وألف، هذا هو الصحيح. انظر:"الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام"(5/ 584).