الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
تَقْدِيمٌ بِقَلَمِ: فَضِيلَةِ الأُسْتَاذِ المُحَدِّثِ الفَقِيْهِ الشَّيْخِ مُحَمَّد تَقِي العُثْمَانِيِّ شَيْخِ الحَدِيثِ بِجَامِعَةِ دَارِ العُلُومِ كراتشي في باكستان
الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
فإن علماء شبه القارة الهندية لهم خدمات جليلة في جميع العلوم الإسلاميّة والعربيّة، دراسة وتدريسًا وتأليفًا. واهتمامهم بعلوم القرآن والسنة أنشأ من المؤلفات في علم التفسير والحديث ما يملأ المكتبات، ولكنّ معظم هذه المؤلفات لم تزل مقتصرة على البلاد الهندية، ومختفية عن أنظار أهل العلم خارجها، ولم يبلغ إليهم إلا عدد قليل. وذلك أوّلًا لقلّة وسائل الاتصال في الماضي، وثانيًا لأن مستوى الطباعة والنشر في بلاد شبه القارة كان ضعيفًا -ولا يزال- بالنسبة إلى البلاد العربيّة.
وجزى اللَّه سبحانه وتعالى فضيلة العلامة الشيخ تقي الدين الندوي حفظه اللَّه تعالى أنّه أولى اهتمامه البالغ لإخراج هذه الكنوز المخبوءة إلى حيّز النشر مراعيًا في ذلك المذاق المعاصر لإخراجها في حُلّة قشيبة من الطّباعة بعد تحقيق واف لضبط نصوصها. فقد وفّقه اللَّه تعالى لنشر (بذل المجهود) و (أوجز المسالك) و (إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء) وعدّة كتب أخرى.
وهو الآن في سبيل كتاب قيّم آخر من تراثنا الثّمين، ألا وهو (لمعات التنقيح،
شرح مشكاة المصابيح) للعلاّمة المحدّث الكبير الشّيخ عبد الحقّ المحدث الدهلويّ رحمه اللَّه تعالى من علماء القرن العاشر والمتوفّى في بداية القرن الحادي عشر. وهو الّذي حصل على علم الحديث من مشايخه في مكة المكرمة، ثمّ جاء به إلى الهند، واشتهر بأنّه أول من أتى بعلم الحديث إلى هذه البلاد. والحقّ أن علم الحديث كان متداولًا في الهند بفضل علماء المسند والكَجرات منذ قديم، ولكن الشيخ رحمه اللَّه تعالى جاء به في المناطق الشمالية من الهند، وفى عاصمتها دلهي، فالظّاهر أنه أول من شرع بتدريس الحديث فيها، بعد ما كان النّاس فيها مُكبّين على العلوم العقلية فقط، ولم تكن لهم بضاعة في علم الحديث. فوفق اللَّه تعالى الشيخ رحمه اللَّه تعالى لملء هذه الدّيار بالسنّة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام.
وإنّ كتاب (مشكاة المصابيح) للخطيب التبريزي رحمه اللَّه تعالى كما يعرفه أهل العلم من أحسن مجموعات الحديث فإنّ دراسته تُمِدّ طلبة العلم بمعرفة مضمون معظم الأحاديث النبوية التي تتعلق بحياة الإنسان العملية. ولذاك تصدى جمع كبير من العلماء لشرحه، ومنهم معاصر مؤلف المشكاة العلاّمة الطّيبيّ، والعلامة الشيخ المنلا علي القاري وغيرهما.
وإنّ (مشكاة المصابيح) لم تزل من المقررات الدراسية في المدارس الدينية في شبه القارة الهندية.
وإن الشيخ عبد الحق المحدث الدهلويّ رحمه اللَّه تعالى ألّف شرحه أولًا باللغة الفارسية باسم (أشعة اللمعات) ثم ألّف شرحًا عربيًا باسم (لمعات التنقيح) وذكر بنفسه أنّه أتى في شرحه العربيّ بمضامين لم يستطع أن يأتي بها في الشرح الفارسيّ، لكونها فوق إدراك العامّة. وكنت أثناء تدريسي لـ (مشكاة المصابيح) أنتفع بشرحيه جميعًا،
فوجدتهما نافعين للغاية، وشارحين للبّ الحديث بعبارة موجزة دون إطناب مملّ. فجزاه اللَّه سبحانه خيرًا.
وإن فضيلة العلامة الشيخ تقي الدين الندوي حفظه اللَّه تعالى قام بإخراج هذا الكتاب على طراز ما أخرجه من قبل، وأضاف في بدايته مقدمة ضافية في تعريف (مشكاة المصابيح) ومؤلفه، ثمّ بالشيخ عبد الحق رحمه اللَّه تعالى وبمؤلفاته، وبشرحيه لـ (مشكاة المصابيح)، كما أنه ذكر خلاصة تاريخ رواية علم الحديث في البلاد الهندية.
وأدعو اللَّه سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا الجهد المشكور وأن ينفع به العباد والبلاد. وصلى اللَّه تعالى على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد تقي العثماني
22/ 08/ 1435 هـ = 20/ 06/ 2014 م
يوم الجمعة
* * *