الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مُقَدِّمَةُ المُحَقّقْ
الحمد للَّه ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيد المرسلين محمد وآله وأتباعه أجمعين.
وبعد:
فإن كتاب (مشكاة المصابيح) هو أجمع كتاب للأحاديث النبوية، لذا عُني بشرحه والتعليق والتخريج عليه منذ ظهور هذا الكتاب إلى عصرنا هذا كثيرٌ من المحدثين والعلماء، وكلٌّ عَمِلَ على حسب اجتهاده، وأوفى شرحٍ لهذا الكتاب هو للعلامة علي بن سلطان المعروف بالقاري المتوفى سنة 1014 هـ، وكذلك من مؤلفات الشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي البخاري كتابه (لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح) هو شرح نفيس قد أورد فيه بعض التحقيقات والنكات والفرائد والفوائد ربما لا توجد في كتاب آخر، فقد اعتنى فيه بتحقيق المفردات من الألفاظ لغةً ونحوًا وفقهًا، وأدّى حق شرح الحديث والجمع بين حديثين متعارضين مع الإنصاف، ولم يخرج عن دائرة الاعتدال، وهذا الكتاب دليل بيّن على أن الشيخ المحدث له رسوخ في فن الحديث الشريف.
ولا شك أن لشرح علي القاري ترجيحًا على هذا الكتاب، ولكن الشارح اختار في هذا الكتاب حُسْنَ الاختيار والانتخاب من شروح الحديث، والظاهر أنه شرح لـ (مشكاة المصابيح) يغني عن جملة من شروح الكتب الستة، يقول الشيخ المحدث: وهو أجلُّ وأعظمُ وأطولُ وأكبرُ تصنيفاته، وقد جاء بتوفيق اللَّه وتأييده كتابًا حافلًا شاملًا
مفيدًا نافعًا في شرح الأحاديث النبوية، على صاحبها الصلاة والسلام، مشتملةً على تحقيقات مفيدة، وتدقيقات بديعة، وفوائد شريفة، ونكات لطيفة. (تأليف القلب الأليف) (ص: 30).
ولذا فقد عُني علماء الحديث في الهند بهذا الكتاب منهم الإمام المحدث الشيخ أحمد علي السهارنفوري (ت: 1297 هـ) أخذ منه في حاشية (مشكاة المصابيح) وفي هوامش (جامع الترمذي) و (الجامع الصحيح) للبخاري، وكذلك استفاد منه الإمام المحدث الفقيه الشيخ خليل أحمد السهارنفوري (ت: 1346 هـ) في (بذل المجهود) وصاحب (عون المعبود) وصاحب (تحفة الأحوذي) وغيرهم في شروحهم.
فكان من أماني كثير من العلماء تحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى العالم الإسلامي، فلما تمت طباعة كتاب (إزالة الخفاء) ألقى اللَّه في رُوعي تحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى النور. وأصر على ذلك أيضًا ولدي العزيز الدكتور ولي الدين الندوي فبدأنا هذا الأمر منذ سنتين بمساعدة الباحثين الذين يشتغلون معي في مركز الشيخ أبي الحسن الندوي، أخص منهم بالذكر الأخ الكريم شمس الرحمن المظاهري والعزيز محمد حسان أختر الندوي وكان لهما سهم بارز في هذا العمل، وساعدهما الأعزة: عبيد اللَّه القاسمي ومحمد هاشم القاسمي وأبو ثاقب الندوي ومحمد حمزة وغيرهم من الباحثين والطباعين من مركز الشيخ أبي الحسن الندوي.
وبحثنا عن مخطوطات هذا الكتاب وبذلنا جهودًا جبّارة في تحصيلها، وكذلك حصلنا على النسخة المخطوطة لكتاب (الإكمال في أسماء الرجال) للشيخ المحدث عبد الحق بمساعدة نائب الرئيس الهندي السيد حامد الأنصاري، جزاهم اللَّه خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
وفي الأخير عرضنا هذا المشروع على حضرة سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان -حفظه اللَّه- ممثل صاحب السمو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فوافق سموه على طباعة ثلاثة آلاف نسخة على نفقته وتوزيعها في العالم الإسلامي، ولسُمُوّه مكارمُ كثيرةٌ وخدماتٌ جليلةٌ عديدةٌ لميراث النبوة، فقد أذن بطباعة عَدَدٍ من كتب الحديث والفقه بتحقيقنا. واللَّه يطوّل حياته ويبارك في أمواله وأولاده، آمين.
* * *