الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ رَجَعَ إِلَيْهِ الإيمَانُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبَو دَاوُدَ. [ت: 2625، د: 4690].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
61 -
[13] عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ، قَالَ: "لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ، وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا،
ــ
وقال: وأخبرني فقير كان به سُعلة فسأل اللَّه تعالى يريه تلك السعلة، قال: فكنت أراها مثل الجرادة تأتي إلي وتعرض بين كتفي وأنا أنظر إليها حتى تنتهي الرئة، فأسعل عند ذلك، فإذا خرجت أنظر إليها حين تخرج وتطير، فيسكن عني السعال، انتهى.
وقوله: (فإذا خرج) أي: فرغ منه.
الفصل الثالث
61 -
[13](معاذ) قوله: (وإن قتلت وحرقت) بلفظ المجهول فيهما وتشديد الثاني أي: عرضت لها، فإنه بعد وقوع القتل والتحريق لا معنى للنهي لعدم تصور الإشراك بعد وقوعهما، حمله على اختيار العزيمة لعلو قدره وارتفاع مقامه، وإلا ففي التلفظ بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان رخصة في الشرع، ولذلك قال لعمار ابن ياسر رضي الله عنه: وإن يعودوا فعد، ويمكن أن المراد لا تعتقد الشرك لخوف القتل والإحراق، ولا ينبغي أن يتطرق الشك في الإيمان إلى قلبك بعارض الخوف، لكنه بعيد كما لا يخفى.
وقوله: (وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك) قالوا: هذا شرط للمبالغة وليس بواجب.
فَإِنَّ مَن تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا؛ فَإِنَّهُ رَأَسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصيَةَ؛ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ، وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ، وَإِذا أصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ وَأَنت فيهم فَاثْبتْ،
ــ
وقوله: (وإياك والمعصية) وإن كانت صغيرة.
وقوله: (فإن بالمعصية) اسم (إن) ضمير الشأن محذوف، وحكم النحاة بضعف حذفه مع (إن) المكسورة مردود؛ لوقوعه في الأحاديث.
وقوله: (فإذا أصاب الناس موت) أي: طاعون ووباء، (فاثبت) الأصل أن الطاعون إذا دخل في بلد لا يجوز الخروج عنه، وإذا كان خارجًا لا يجوز الدخول فيه، أما الدخول فيه فلأنه تعرّض للبلاء، وإلقاء للنفس في التهلكة، وهو منهي عنه في الشرع، ومخالف لمقتضى العقل.
وأما الخروج عنه فلأن الطاعون والوباء يكون في الغالب عامًّا وشاملًا لعامة أهل البلد، فإذا وقع علم أنه سرت في نفوسهم عامة فلم يفد الخروج؛ لأنه إذا صار وجود المفسدة والعلة تيقنًا والانفكاك عنه غير متوقع؛ كان الاحتراز والفرار عنه عبثًا؛ ولأنهم إذا توافقوا على الخروج ضاع الذين عجزوا عن الخروج بالمرض المذكور أو بغيره، ويفقد من يتعهد ويتفقد أحوالهم في الحياة وبعد الممات، وأيضًا فيه كسر قلوب الضعفاء، وهذا هو الحكمة في ورود الوعيد على الفرار من الزحف.
هذا، وفي ذكر الثبوت عند إصابة الناس الموت مع التبعيد عن الفرار يوم الزحف إشارة إلى أنه في حكمه، وقد وقع ذلك صريحًا في حديث روته عائشة رضي الله عنها أن الفرار عن الطاعون كالفرار عن الزحف، ويستلزم كونه كبيرة.
وَأنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ، وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَبًا وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 5/ 238].
62 -
[14] وَعَن حُذَيْفَةَ قَالَ: إِنَّمَا النِّفَاقُ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ أَوِ الإِيمَانُ. رَوَاهُ البُخارِيُّ. [خ: 7114].
* * *
ــ
وقد يقال. إن في النهي عن الخروج إشارة من الشارع إلى علاج هذا المرض، وذلك أن الأطباء منعوا صاحب هذه العلة من الرياضة والحركة، وأوصوا بالدعة والسكون حتى يسلم من هيجان الأخلاط، ولا شك أن الخروج من أرض الوباء والسفر إلى أرض أخرى لا يحصل غالبًا إلا بحركة عنيفة، وضرره ظاهر، ففي النهي عنه جمع بين العلاج الجسماني والعلاج الروحاني الذي يحصل من التوكل والصبر والرضاء، وقد ذكرنا حقيقة الطاعون والوباء والفرق بينهما طِبًّا وشرعًا في (شرح سفر السعادة) فعليك به، وسنذكر تتمة هذا البحث في الفصل الثاني من باب الفأل والطيرة في حديث (1)(إن من القرف التلف) إن شاء اللَّه تعالى.
وقوله: (من طولك) الطول بالفتح: الفضل والقدرة، والغنى والسعة.
وقوله: (أدبًا) مفعول له لما يتضمنه (لا ترفع عصاك) من معنى الضرب.
62 -
[14](حذيفة) قوله: (إنما النفاق) أي حكمه بعدم التعرض لأهله والستر عليهم كان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمصالح كانت مقتصرة على ذلك الزمان، أما اليوم فلم تبق تلك المصالح، فنحن إن علمنا أنه كافر سرًّا قتلناه حتى يؤمن.
(1) وهي تحت الحديث (4590) عن يحيى بن عبد اللَّه بن بحير.