المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ١

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمات

- ‌تقديم بقلم: أ. د. عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُحْسِنِ التُّرْكِيِّ (الأمِيْنِ العَامِّ لِرَابِطَةِ العَالَمِ الإسْلَامِيِّ)

- ‌تَقْدِيْمٌ بِقَلَمِ: سَمَاحَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الرَّابِعِ الحَسَنِيِّ النَّدْوِيِّ رَئِيْسِ نَدْوَةِ العُلَمَاءِ بِالهِنْدِ

- ‌تَقدِيْمٌ بِقَلَمِ: أ. د. موَفَّقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ مَكَّةُ المُكَرَّمَةُ - جَامِعَةُ أُمِّ القُرَى

- ‌تَقْدِيمٌ بِقَلَمِ: فَضِيلَةِ الأُسْتَاذِ المُحَدِّثِ الفَقِيْهِ الشَّيْخِ مُحَمَّد تَقِي العُثْمَانِيِّ شَيْخِ الحَدِيثِ بِجَامِعَةِ دَارِ العُلُومِ كراتشي في باكستان

- ‌مُقَدِّمَةُ المُحَقّقْ

- ‌عَمَلي في هَذا الكِتَاب

- ‌تَرْجَمَةُ الإمَامِ المُحَدِّثِ عَبْدِ الحَقِّ البُخَارِيِّ الدِّهْلَوِيِّ

- ‌ كيف دخل الإسلام الهند:

- ‌ علم الحديث في القرن العاشر الهجري:

- ‌ اسمه ولقبه وأسرته ومولده ونشأته:

- ‌ تدريسه قبل سفره إلى الحجاز:

- ‌ ارتحاله لطلب العلم:

- ‌ ارتحاله إلى الحرمين الشريفين:

- ‌ عودة الشيخ المحدث من الحجاز إلى الهند:

- ‌ منهج الشيخ المحدث في الدعوة في هذه الظروف:

- ‌ شيوخه:

- ‌ اختيار الشيخ المحدث إسنادًا خاصًّا لرواية الحديث:

- ‌ اعتراف شيوخه برسوخه في العلم:

- ‌ الفرق بين منهج المحدث عبد الحق الدهلوي وبين منهج الإمام ولي اللَّه الدهلوي:

- ‌ وصايا الشيخ عبد الوهاب للشيخ المحدث:

- ‌ وصايا الشيخ أبي المعالي للشيخ المحدث:

- ‌ استكمال التربية والسلوك من الشيخ الكبير عبد الباقي النقشبندي المعروف بخواجه باقي باللَّه:

- ‌ الشيخ المحدث وعلاقته بالربانية:

- ‌ البركة في أعمال الشيخ المحدث:

- ‌ الشيخ المحدث بين التصنيف والتأليف:

- ‌ الشيخ المحدث ومآثره:

- ‌ علاقة الشيخ المحدث مع الإمام السرهندي:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ خلفه:

- ‌ وفاته:

- ‌ وصول إسناده إلى الحرمين الشريفين:

- ‌ مؤلفاته

- ‌ أشعة اللمعات في شرح المشكاة:

- ‌ لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح:

- ‌ مصابيح السنة:

- ‌تَرْجَمَةُ صَاحِبِ المِشْكَاةِ

- ‌ مشكاة المصابيح:

- ‌ عدد أحاديثه:

- ‌ وصف النسخ المخطوطة:

- ‌ النسخة الأولى:

- ‌ النسخة الثانية:

- ‌ النسخة الثالثة:

- ‌ النسخة الرابعة:

- ‌ النسخة الخامسة:

- ‌ النسخة السادسة:

- ‌صور المخطوطات

- ‌مُقَدِّمَةُ اللّمَعَات

- ‌مُقَدِّمَةٌ فِي بَيَانِ بَعْضِ مُصْطَلَحَاتِ عِلْمِ الحدِيثِ مِمَّا يَكْفِيْ فِي شَرْحِ الكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيْلٍ وإِطْنَابٍ

- ‌[تَعْرِيف الحَدِيث]:

- ‌[الْمَرْفُوع]:

- ‌[الْمَوْقُوف]:

- ‌[الْمَقْطُوع]:

- ‌[الحَدِيث والأثر]:

- ‌[الْخَبَر والحَدِيث]:

- ‌[الرّفْع قِسْمَانِ صَرِيح وحكمي]:

- ‌[القولي الصَّرِيح]:

- ‌[الفِعْلِيّ الصَّرِيح]:

- ‌[التقريري الصَّرِيح]:

- ‌[القولي الْحكمِي]:

- ‌[الْفعْلِيّ الْحكمِي]:

- ‌[التقريري الْحكمِي]:

- ‌فصل

- ‌[السَّنَد]:

- ‌[الإِسْنَاد]:

- ‌ المتن

- ‌[الْمُتَّصِل]:

- ‌[الْمُنْقَطع]:

- ‌[الْمُعَلق]:

- ‌[تعليقات البُخَارِيّ]:

- ‌[حكم التَّعْلِيق بِصِيغَة الْمَعْلُوم والمجهول]:

- ‌[الْمُرْسل]:

- ‌[حكم الْمُرْسل]:

- ‌[المعضل]:

- ‌[الْمُنْقَطع]:

- ‌[طَرِيق معرفَة الانْقِطَاع]:

- ‌[المدلس]:

- ‌[تَعْرِيف التَّدْلِيس اصْطِلاحًا]:

- ‌[تَعْرِيف التَّدْلِيس لُغَة]:

- ‌[وَجه التَّسْمِيَة بِهِ]:

- ‌[حكم المدلِّس]:

- ‌[حكم التَّدْلِيس]:

- ‌[حكم رِوَايَة المدلس]:

- ‌[أَسبَاب التَّدْلِيس]:

- ‌[تَدْلِيس الأكابر]:

- ‌[المضطرب]:

- ‌[حكم المضطرب من الرِّوَايَات]:

- ‌[المدرج]:

- ‌ تَنْبِيه:

- ‌[الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى]:

- ‌[رِوَايَة اللَّفْظ أولى]:

- ‌[العنعنة]:

- ‌[المعنعَن]:

- ‌[شُرُوط العنعنة]:

- ‌[الْمسند]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌المنكر

- ‌[الشاذ لُغَة]:

- ‌[الشاذ اصْطِلَاحًا]:

- ‌[الْمَعْرُوف]:

- ‌[حكم الْمَعْرُوف وَالْمُنكر والشاذ وَالْمَحْفُوظ]:

- ‌[تَعْرِيف آخر للشاذ]:

- ‌[تَعْرِيف ثَالِث للشاذ]:

- ‌[الْمُعَلل]:

- ‌[المتابع]:

- ‌[فَائِدَة الْمُتَابَعَة]:

- ‌[دَرَجَات الْمُتَابَعَة]:

- ‌[مَتى يسْتَعْمل "مثله" و"نحوه

- ‌[شَرط الْمُتَابَعَة]:

- ‌[الشَّاهِد]:

- ‌[تَعْرِيف آخر للمتابع وَالشَّاهِد]:

- ‌[الاعْتِبَار]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌الصحيح

- ‌[الصَّحِيح لذاته]:

- ‌[الصَّحِيح لغيره]:

- ‌[الْحسن لذاته]:

- ‌[الضَّعِيف]:

- ‌[الْحسن لغيره]:

- ‌[النُّقْصَان المُعْتَبر فِي الْحسن]:

- ‌[الْعَدَالَة]:

- ‌ التقوى

- ‌المروءة

- ‌[عدل الرِّوَايَة أَعم من عدل الشَّهَادَة]:

- ‌[الضَّبْط]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[وُجُوه الطعْن الْمُتَعَلّقَة بِالْعَدَالَةِ]:

- ‌[1 - الْكَذِب]:

- ‌[الْمَوْضُوع]:

- ‌[حكم متعمد الْكَذِب]:

- ‌[المُرَاد بالموضوع]:

- ‌[مَسْأَلَة الحكم بِالْوَضْعِ ظنية]:

- ‌[2 - اتهام الرَّاوِي بِالْكَذِبِ]:

- ‌[الْمَتْرُوك]:

- ‌[حكم الْمُتَّهم بِالْكَذِبِ]:

- ‌[حكم من يكذب نَادرًا]:

- ‌[3 - الْفسق]:

- ‌[4 - جَهَالَة الرَّاوِي]:

- ‌[حكم الْمُبْهم]:

- ‌[5 - الْبِدْعَة]:

- ‌[حكم حَدِيث المبتدع]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[وُجُوه الطعْن الْمُتَعَلّقَة بالضبط]:

- ‌[1 - و 2 - فرط الْغَفْلَة وَكَثْرَة الْغَلَط]:

- ‌[3 - مُخَالفَة الثِّقَات]:

- ‌[4 - الْوَهم]:

- ‌[غموض علم الْعلَّة ودقته]:

- ‌[5 - سوء الْحِفْظ]:

- ‌[حكم سيئ الحِفْظ]:

- ‌[الْمُخْتَلِط]:

- ‌[حكم الْمُخْتَلط]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[الْغَرِيب]:

- ‌[الْعَزِيز]:

- ‌[الْمَشْهُور]:

- ‌[الْمُتَوَاتر]:

- ‌[الْفَرد]:

- ‌[الْفَرد النسبي]:

- ‌[الْفَرد الْمُطلق]:

- ‌[المُرَاد بِكَوْن الرَّاوِي اثْنَيْنِ أَو أَكثر]:

- ‌[لَا تنَافِي بَين الغرابة وَالصِّحَّة]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[الضَّعِيف]:

- ‌[مَرَاتِب الصَّحِيح وَالْحسن]:

- ‌[أصح الأَسَانِيد]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[اصْطِلَاحَات التِّرْمِذِيّ]:

- ‌[إِشْكَال اجْتِمَاع الغرابة وَالْحسن]:

- ‌[جَوَاب الإِشْكَال]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[الاحْتِجَاج بِالصَّحِيحِ وَالْحسن]:

- ‌[الاحْتِجَاج بالضعيف]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[صَحِيح البُخَارِيّ أَعلَى الصِّحَاح]:

- ‌[وَجه تَرْجِيح صَحِيح مُسلم عِنْد بعض المغاربة]:

- ‌[الْمُتَّفق عَلَيْهِ]:

- ‌[عدد الأَحَادِيث الْمُتَّفق عَلَيهَا]:

- ‌[دَرَجَات الصِّحَاح]:

- ‌[معنى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[البُخَارِيّ وَمُسلم لم يستوعبا الصِّحَاح]:

- ‌[مُسْتَدْرك الْحَاكِم]:

- ‌[صَحِيح ابْن خُزَيْمَة]:

- ‌[صَحِيح ابْن حبَان]:

- ‌[صَحِيح الْحَاكِم (الْمُسْتَدْرك)]:

- ‌[المختارة للمقدسي]:

- ‌[صِحَاح أُخْرَى]:

- ‌فَصْلٌ

- ‌[الْكتب السِّتَّة]:

- ‌[أَحَادِيث الْكتب الأَرْبَعَة]:

- ‌[اصْطِلَاح الْبَغَوِيّ]:

- ‌[كتاب الدَّارمِيّ]:

- ‌[مصَادر السُّيُوطِيّ فِي جمع الْجَوَامِع]:

- ‌[جمَاعَة من الأَئِمَّة المتقنين]:

- ‌مُقَدِّمَةُ المِشْكَاةِ

- ‌1 - كتاب الإيمان

- ‌ الفصل الأول:

- ‌ الفصل الثاني:

- ‌ الفصل الثالث:

- ‌1 - باب الكبائر وعلامات النفاق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّل:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الوسوسة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب الإيمان بالقدر

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب إثبات عذاب القبر

- ‌ الْفَصْل الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(2) كِتَابُ العِلْمِ

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

58 -

[10] عَنْ صَفوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ: نَبِيٌّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ لَكَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَعْيُنٍ، فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَاهُ عَنْ [تِسْعِ] آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ،

ــ

ولا إلى هؤلاء معينًا، في (الصراح) (1): عير بيك كَوشه بيرون شدن ناقه بطلب فحل، وخص العائرة بالذكر؛ لأن المنافق يمشي إلى الطائفتين بشهوة نفسه واستيفائها منهم.

الفصل الثاني

58 -

[10] قوله: (صفوان بن عسال) بفتح العين وتشديد السين المهملتين.

وقوله: (إلى هذا النبي) أي: الذي يقال: إنه نبي، أو قاله استهزاء يشعر به لفظ (هذا)، أو لأنهم كانوا قائلين بنبوته صلى الله عليه وسلم إلى الأميين.

وقوله: (لكان له أربع أعين) قالوا: هذا كناية عن مضاعفة السرور، فإن السرور يمد القوة الباصرة، وسمعت من بعض المشايخ أن المراد عينا القلب وعينا الرأس؛ يعني أنه يفرح ظاهرًا وباطنًا، ويمكن أن يقال: إنه إذا سمع يترقب وينتظر ظهور صدقه وشيوع أمره وكثرة أتباعه من أهل ديننا؛ لأن من ينتظر شيئًا ويترقبه يفتح عينيه في طريق وصوله، فكأنه يصير عيناه أربعًا لكثرة الترقب والانتظار، واللَّه أعلم.

وقوله: (فسألاه عن تسع آيات بينات) المتبادر إلى الفهم بالنظر إلى قوله تعالى:

(1)"الصراح"(ص: 201).

ص: 304

وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تَوَلَّوا لِلْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ،

ــ

{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] وسؤال اليهود أن يكون المراد معجزات ظهرت على يد موسى عليه السلام من اليد والعصا والدم وأخواتها (1) على ما ذكرت في التفاسير مع اختلاف فيما ذكروا، فعلى هذا قوله:(لا تشركوا) أحكام ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لهم بعد ذكر جوابهم، ولم يذكر الراوي الجواب لشهرتها، قالوا: ويجوز أن يراد بالآيات الأحكام العامة للملل الثابتة لكل الشرائح، سميت بالآيات لأنها تدل على حال المكلف بها من السعادة والشقاوة، ثم استأنف بذكر ما يخص اليهود زائدًا على الجواب.

قال الطيبي (2): إنه كان عندهم عشر آيات، تسع منها متفق عليها، والعاشر مختص بهم، فسألوا عن التسع وأضمروا العاشر، فلما بينه صلى الله عليه وسلم قبّلا يديه ورجليه وشهدا بنبوته.

أقول: بل ذكر هذه الأحكام كلها دليل على نبوته؛ لأنها مذكورة في التوراة، فذكره صلى الله عليه وسلم إياه إنما يكون بالوحي؛ لعدم قراءته التوراة، فهي في حكم الإخبار بالغيب كما لا يخفى، فافهم، ويحتمل أن يكون الجواب على طريقة الأسلوب الحكيم.

وقوله: (ببريء) أي: بريء مما يتهم به.

وقوله: (ولا تولوا) بضم التاء من التولية في أكثر النسخ، وبلام الجر على الفرار،

(1) وهي: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والسنون، ونقص الثمرات. انظر:"المرقاة"(1/ 129).

(2)

"شرح الطيبي"(1/ 194).

ص: 305

وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ أَنْ لَا تَعْتَدَوا فِي السَّبْتِ". قَالَ: فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ،

ــ

وفي بعضها بفتح التاء من التولي بحذف إحدى التائين ونصب الفرار بدون لام الجر، فالمعنى واحد، قال في (القاموس) (1): وَلّى تولية كتولى: أدبر.

وقوله: (عليكم خاصة اليهود): (خاصةً) بالتنوين، و (اليهود) بالنصب على الاختصاص، قال التُّورِبِشْتِي: ووجدت في كثير من طرق هذا الحديث (يهود) بغير حرف التعريف، وهو المنادى المفرد المعرفة حذف منه حرف النداء، قال: وذلك أفصح لفظًا، وأحسن معنًى، وقال أيضًا: ولقد أدركت جماعة ممن لا دربة لهم بهذا العلم يتلفظون بقوله: (خاصة اليهود) على صيغة المنادى المضاف، وهم لم يأخذوا العلم من أفواه الرجال، ولم يتفكروا في انحراف المعنى، وذلك لأن الاعتداء في السبت لم يكن مختصًّا بخاصة اليهود دون عامتهم، وليس المعنى كذلك، وإنما المعنى: وفرض عليكم يا يهود وخصّ بكم خاصة أن لا تعتدوا في السبت.

وفي (كتاب أبي عيسى): وعليكم اليهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت، وهذا كلام الشيخ توربشتي يوجب أن يؤخذ هذا العلم عن المشايخ ويتمرن برهة من الزمان في خدمته وتصحيحه عليهم، ولا يكتفى فيه بعلم العربية كما فعله بعض العلماء فأخطؤوا، وأما في زماننا فقد شاع بين الطلبة الاشتغال بهذا العلم الشريف كيف شاؤوا وبما شاؤوا، فضلوا وأضلوا، ومن الأدب أن لا يتكلم فيه أحد ما دام في البلد أعلم منه، عافانا اللَّه من ذلك.

وقوله: (وقالا: نشهد أنك نبي) أي: نعرفه ونعلمه، ولكن لا نذعن به ولا نؤمن

(1)"القاموس المحيط"(ص: 1233).

ص: 306

قَالَ: "فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي؟ ". قَالَ: إِنَّ دَاوُدَ عليه السلام دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرَّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ (1) وَالنَّسَائِيُّ. [ت: 3144، س: 4078].

59 -

[11] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الإِيْمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا تُكَفِّرْهُ بِذَنْبٍ، وَلَا تُخْرِجْهُ مِنَ الإِسْلَام بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُذْ بَعَثَنِي اللَّهُ. . . . .

ــ

للمانع المذكور، فافهم.

وقوله: (قالا: إن داود عليه السلام دعا ربه) افتروا على داود أنه دعا هذا الدعاء؛ لأن داود عليه السلام قرأ في التوراة نعت محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبين، وأنه ينسخ به جميع الأديان، فكيف يدعو بخلافه؟

59 -

[11](أنس) قوله: (لا تكفره بذنب ولا تخرجه من الإسلام) بيان لعدم التكفير وتأكيد له، والأولى أن الأولى رد على الخوارج، والثانية على المعتزلة القائلين بالواسطة.

وقوله: (ماض) أي: باق مستمر، وفيه رد على المنافقين الزاعمين أن دولة الإيمان تنقرض بعد أيام.

قال الطيبي (2): ولعل محيي السنة أورد هذا الحديث في باب النفاق لهذا المعنى،

(1) لم أجده في "سننه"، قال الحافظ في "الدراية" (2/ 232): رواه الأربعة إلا أبا داود. وقال في "التلخيص الحبير"(4/ 173): رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ.

نعم رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده"(ح: 1260).

(2)

"شرح الطيبي"(1/ 196).

ص: 307

إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالإِيمَانُ بالأقْدَارِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. [د: 2532].

60 -

[12] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا زَنَى الْعَبْدُ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ،

ــ

ولا يخفى أن عدم التكفير بالذنب المراد منه الكبيرة أظهر مناسبة لباب الكبائر وبيان حكمها، فلهذا الحديث مناسبة أيضًا بباب الإيمان بالقدر، لكنه اعتبر الجزء الأول منه فأورده في هذا الباب.

وقوله: (إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال) غاية لشرعية الجهاد؛ لأن بعد قتله وخروج يأجوج ومأجوج بعده وقتالهم لم يبق كافر.

وقوله: (لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل) يعني يجب إمضاؤه مع إمام عادل محب وظالم، فلا يجوز تركه وإن كان ظالمًا، والمراد استواء الحالتين وعدم إبطال الجور، وأيضًا العدول قد يتوهم إبطال الجهاد لوجود الأمن، وعدم الفساد حتى يحتاج به إلى الجهاد، فقال: يجب إقامة الجهاد في الحالتين، كذا قيل، فافهم.

60 -

[12](أبو هريرة) قوله: (خرج منه الإيمان) هذا أيضًا تغليظ وتشديد كالحكم بسلبه عنه في الحديث الآخر، ومع ذلك فيه إشارة إلى أنه وإن خالف حكم الإيمان فإنه تحت ظله لا يزول عنه حكمه، وتأويل الإيمان بالحياء لا يوافق سياق الحديث.

وقوله: (كالظلة) بالضم: كل ما أظلك، وفي (القاموس) (1): الظل بالضم:

(1)"القاموس المحيط"(ص: 946).

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أول سحابة تظل، وفي (مجمع البحار) (1): وهي ما بقي من الشمس؛ كسحاب أو سقف أو بيت أو غيرها، والظلة صورة الإيمان تمثل بها.

قال السيوطي في رسالته المسماة بـ (المعاني الدقيقة في إدراك الحقيقة): التحقيق أن جميع المعاني المعقولة في هيئة الأجسام المشخصة، والأحاديث النبوية ناطقة به وشاهدة له، وذكر أن المنام من ذلك، فإن الرائي في منامه يرى أجسامًا فتؤول بأعراض، فتلك الأجسام المرئية هي صورة لتلك الأعراض المعبر عنها في عالم الملكوت.

ثم سرد الأحاديث في الإيمان، منها هذا الحديث الناطق بكونه في صورة ظلة، وقال: فحمله على الاستعارة من جملة التأويلات البعيدة التي حكمها الرد، وفي السكينة مثل الضبابة أو مثل الغمامة، وفي الصلاة:(أنها تخرج بيضاء مسفرة تقول للعبد: حفظك اللَّه كما حفظتني)(2)، وكذا في الصيام والإسلام وسائر الأعمال الحسنة والسيئة، وفي الرحم تقوم عند اللَّه وتقول:(هذا مقام العائذ بك من القطيعة)(3)، وفي الأذكار والدعوات قال اللَّه تعالى:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، والصعود والرفع من صفات الأجسام.

وأخرج الترمذي (4) وحسنه عن ابن عمرو رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا إله إلا اللَّه ليس لها دون اللَّه حجاب حتى تخلص إليه)، وأمثال هذا كثيرة.

(1)"مجمع بحار الأنوار"(3/ 497).

(2)

أخرجه الطبراني في "الأوسط"(3095)، والبيهقي في "الشعب"(3140).

(3)

أخرجه البخاري (483)، ومسلم (2554).

(4)

"سنن الترمذي"(3518)، وقال: وليس إسناده بالقوي.

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وفي اللعنة (أنها إذا وجهت إلى من وجهت، فإن أصابت إليه سبيلًا أو وجدت فيه مسلكًا وإلا قالت: يا رب وُجِّهْتُ إلى فلان فلم أجد فيه مسلكا ولم أجد عليه سبيلًا فيقال لها: ارجعي من حيث جئت)(1).

وفي المعروف والمنكر ينصبان للناس يوم القيامة، وفي الأيام والليالي، وفي الدنيا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أتتني الدنيا خضرة حلوة، ورفعت رأسَها (2)، وتزينت لي فقلت: إني لا أريدك، فقالت: إن انفلتَّ مني لم ينفلت مني غيرك) (3)، وفي حديث آخر: يؤتى بالدنيا يوم القيامة في صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها) (4) الحديث، وورد (أنه تحشر الأيام على هيئاتها، وتحشر الجمعة زهراء منيرة أهلها، يحفون بها كالعروس، تضيء لهم يمشون في ضوئها)(5)، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:(أتاني جبرئيل وفي يده مرآة بيضاء، وفيها نكتة سوداء)(6) الحديث، وأمثال هذا كثير.

وفي الموت: (يؤتى في صورة كبش فيذبح)(7)، وقد ورد (أن العبد إذا قال: لا إله إلا اللَّه خرج من فيه طائر أبيض يرفرف تحت العرش) الحديث.

(1) أخرجه أحمد (1/ 408).

(2)

في المخطوطة: "رفعت لي رأيتها"، وهو تحريف.

(3)

أخرجه أحمد في "الزهد"(2399).

(4)

أخرجه البيهقي في "الشعب"(10671)، وابن الأعرابي في "الزهد"(69).

(5)

أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1730)، والحاكم في "المستدرك"(1027)، والطبراني في "مسند الشاميين"(1557).

(6)

أخرجه الدارمي في "الرد على الجهمية"(76) وفيه: "كهيئة المرآة البيضاء".

(7)

أخرجه النسائي في "الكبرى"(11317)، والطبراني في "الكبير"(13346).

ص: 310