الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمْرٌ اخْتُلِفَ فِيهِ (1) فَكِلْهُ إِلَى اللَّهِ عز وجل". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [لم نجده في "مسند أحمد"، ولكن رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/ 318، 10774)].
*
الْفَصْلُ الثَّالِثُ:
184 -
[45] عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الإِنْسَانِ كَذِئبِ الْغَنَمِ، يَأْخُذُ الشَّاذَّةَ وَالْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 5/ 243].
185 -
[46] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا. . . . .
ــ
الفصل الثالث
184 -
[45](معاذ بن جبل) قوله: (يأخذ الشاذة والقاصية والناحية) الشاذة النافرة، والقاصية البعيدة من غير تنفر، والناحية التي بقيت في جانب.
وقوله: (والشعاب) جمع شعب بكسر الشين، وهو ما انفرج بين الجبلين أو الطريق بينهما، والمقصود عدم الخروج والبعد عن الجماعة والجمهور كما قال:(وعليكم بالجماعة والعامة).
185 -
[46](أبو ذر) قوله: (شبرًا)(2) في (القاموس)(3): الشبر بالكسر ما بين
(1) قَالَ الطِّيبِيُّ: يحْتَملُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: اشْتَبَهَ وَخَفِيَ حُكْمُهُ، وَيَحْتَملُ أَنْ يُرَادَ بِهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَا لَمْ يُبَيِّنْهُ الشَّرْعُ مِثْلَ الْمُتَشَابِهَاتِ. "مرقاة المفاتيح"(1/ 268).
(2)
قَالَ الأَبْهَرِيُّ: مُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ تَرْكُ السُّنَّةِ وَاتِّبَاعُ الْبِدْعَةِ، اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُفَارَقَةَ الْجَمَاعَةِ مُتَارَكَةُ إِجْمَاعِهِمْ. "مرقاة المفاتيح"(1/ 269).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 385).
فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داوُدَ. [حم: 5/ 180، د: 4758].
186 -
[47] وَعَن مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مُرْسَلًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ". رَوَاهُ فِي "الْمُوَطَّأ". [ط: 2/ 899، رقم: 1594].
187 -
[48] وَعَنْ غُضَيْفِ بْنِ الْحَارِثِ الثُّمَالِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَحْدَثَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ،
ــ
أعلى الإبهام وأعلى الخنصر.
وقوله: (فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) الربق بالكسر: حبل فيه عدة عرى يشد به البهم، ويجعل في عنق كل واحد ربقة بالكسر والفتح.
186 -
[47](مالك بن أنس) قوله: (تركت فيكم أمرين، الحديث) معناه ظاهر، وسيجيء الكلام فيه في (مناقب أهل البيت) في آخر الكتاب إن شاء اللَّه تعالى.
187 -
[48](غضيف بن الحارث) قوله: (غضيف) بضم الغين وفتح الضاد المعجمتين، ويقال: غطيف بالطاء المهملة.
وقوله: (الثمالي) بمثلثة مضمومة وخِفَّةِ ميمٍ منسوب إلى ثمالة بن أسلم، كذا في (جامع الأصول)(1).
وقوله: (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة) لعل المراد بالمثلية: في
(1)(12/ 252).
فتَمَسُّكٌ بِسُنَّةٍ خَيْرٌ مِنْ إِحْدَاثِ بِدْعَةٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ. [حم: 4/ 105].
188 -
[49] وَعَنْ حَسَّانَ قَالَ: مَا ابْتَدَع قَوْمٌ بِدْعَةً فِي دِينِهِمْ إِلَّا نزَعَ اللَّهُ مِنْ سُنَّتِهِمْ مِثْلَهَا ثُمَّ لَا يُعِيدُهَا إِلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة. رَوَاهُ الدَّارمِيُّ. [دي: 1/ 58].
189 -
[50] وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الإِسْلَامِ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. . . . .
ــ
المقدار والمرتبة، وإذا كان إحداث بدعة رافعًا للسنة كانت إقامة السنة لعل أيضًا قامعة للبدعة، فالتمسك بالسنة ولو كانت قليلة خير من إحداث بدعة وإن كانت حسنة، فبالأول يزيد النور، وبالثاني تشيع الظلمة، وهذا مبالغة في قمع البدعة وآثارها، وإلا فقد عرفت أن من البدع ما هو واجب كتعلم النحو وتعليمه وحفظ غريب الكتاب والسنة ونحوهما، أو مندوب كبناء الربط والمدارس، ولعل الظاهر أن تحمل البدعة على البدعة المغيرة للسنة، واللَّه أعلم.
188 -
[49](حسان) قوله: (وعن حسان) حسان يجيء منصرفًا وغير منصرف، فعلى الأول من الحُسْنِ، فالألف والنون أصليتان، وعلى الثاني من الحَسِّ، فهما زائدتان.
وقوله: (ما ابتدع قوم. . . إلخ) مضمونه مضمون الحديث السابق مع زيادة عدم إعادتها إلى يوم القيمة.
189 -
[50](إبراهيم بن ميسرة) قوله: (من وقر صاحب بدعة) في (القاموس)(1): التوقير التبجيل (فقد أعان على هدم الإسلام) لأن توقيره وتبجيله
(1)"القاموس المحيط"(ص: 459).
فِي "شُعَبِ الإيمانِ" مُرْسَلًا. [هب: 9464].
190 -
[51] وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَنْ تَعَلَّمَ كتَابَ اللَّهِ ثُمَّ اتَّبَعَ مَا فِيهِ هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ فِي الدُّنْيَا، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: مَنِ اقْتَدَى بِكِتَابِ اللَّهِ لَا يَضِلُّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى فِي الآخِرَةِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123]. رَوَاهُ رَزِينٌ. [أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 120)].
191 -
[52] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَنْ جَنَبَتَي الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفتَّحَةٌ، وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرَخَاةٌ، وَعِنْدَ رَأْسِ الصِّراطِ دَاعٍ يَقُولُ: اسْتَقِيمُوا عَلَى الصِّرَاطِ وَلَا تعْوَجُّوا، وَفَوْقَ ذَلِكَ دَاعٍ يَدْعُو،
ــ
تأييد وإعانة له، وهو يفضي إلى استخفافٍ لسنَّةٍ عليها مدار قوة الإسلام ورواجه.
190 -
[51](ابن عباس) قوله: (هداه من الضلالة) عدّي بمن لتضمين هدى معنى أمِنَ وعصم.
191 -
[52](ابن مسعود) قوله: (ضرب اللَّه مثلًا صراطًا) أي: جعل اللَّه مثلًا لدين الإسلام وما فيه من المحارم والحدود وأحكام القرآن صراطًا مستقيمًا، فقوله:(صراطًا) مفعول أول لجعل، و (مثلًا) مفعول ثان له، كقوله:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} [يس: 13]، والسور حائط المدينة، وأرخى الستر أسدله.
وقوله: (فوق ذلك) أي: فوق الصراط، ويجوز أن يكون إشارة إلى الداعي الذي عند رأس الصراط.
كُلَّمَا هَمَّ عَبْدٌ أَنْ يَفْتَحِ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ: وَيْحَكَ! لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ" ثُمَّ فَسَّرَهُ فَأَخْبَرَ: أَنَّ الصِّرَاطَ هُوَ الإِسْلَامُ، وَأَنَّ الأَبْوَابَ الْمُفتَّحَةَ مَحَارِمُ اللَّهِ، وَأَنَّ السُّتُورَ الْمُرَخَاةَ حُدُودُ اللَّهِ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَأَنَّ الدَّاعِيَ مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤمِنٍ". رَوَاهُ رَزِينٌ وَأَحْمَدُ. [حم: 4/ 182، 183].
ــ
وقوله: (ويحك) كلمة ترحم وتوجع، وويل كلمة عذاب.
وقوله: (لا تفتحه) يدل على أن تلك الأبواب مردودة، فمعنى قوله سابقًا (أبواب مفتحة): غير مغلقة، كذا في بعض الشروح، ويمكن أن يكون إطلاق لا تفتحه باعتبار الستور، فليست الأبواب مردودة ولا مغلقة بل مفتوحة عليها ستور مرخاة، وكذلك أبواب المحارم ليست مغلقة ولا مردودة على الناس، وإنما بينهم وبينها ستور، وهي ستور النهي، فإذا رفعوا تلك الستور ولجوها.
وقوله: (ثم فسره فأخبر) من عطف المفصل على المجمل، و (حدود اللَّه): الأحكام التي نهى عن قربانها كقوله: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] قال البيضاوي (1): {تِلْكَ} إشارة إلى ما حد من الأحكام.
وقوله: (هو واعظ اللَّه) قال الطيبي (2): هو لَمَّةُ المَلَك في قلب المؤمن، وقال: وإنما جعل لمة الملك فوق داعي القرآن؛ لأنه إنما ينتفع بالقرآن إذا كان محلًا له، وعبارته هذه تدل على أن المشار إليه بذلك في قوله:(وفوق ذلك داع) هو الداعي الذي عند الصراط كما ذكرنا.
(1)"تفسير البيضاوي"(1/ 261).
(2)
"شرح الطيبي"(1/ 350).
192 -
[53] وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيْمَانِ" عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أخْصَرَ مِنْهُ. [هب: 7216، ت: 2859].
193 -
[54] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ كانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَيَّ. . . . .
ــ
192 -
[53](النواس بن سمعان) قوله: (النواس) بفتح النون وتشديد الواو. (سمعان) بكسر السين وفتحها، كذا في (المغني)(1) عن النووي، وفي (جامع الأصول) (2): بكسرها.
193 -
[54](ابن مسعود) قوله: (من كان مستنًّا فليستن)(3) سنن الطريق واستنها: سارها، أي: من كان يريد أن يسلك طريق الهدى فيسلك طريق الصحابة، ويقتدي بهم، قاله ابن مسعود في زمانه نصيحة للتابعين.
وقوله: (فإن الحي) أي: الذين هم أحياء من أهل زماننا ما عدا الصحابة، ويحتمل أن يكون عبارة عن سيرة الشيخين: الصديق والفاروق رضي الله عنهما، فإن ابن مسعود مات في
(1)"المغني"(ص: 157، 281).
(2)
(12/ 158).
(3)
وفي "التقرير": قال الآلوسي في "جلاء العينين"(ص: 204): اختلف في جواز تقليد الميت على أقوال: أحدها: -وبه قال الجمهور- جوازه، وعبر عنه الشافعي رحمه اللَّه تعالى بقوله: المذاهب لا تموت بموت أربابها. الثاني: منعه مطلقًا. وعزاه الإمام الغزالي في "المنخول" لإجماع الأصوليين. وقال القاري: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُوصِي التَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ بِالإِقْتِدَاءِ بِالصَّحَابَةِ، لَكِنْ خَصَّ أَمْوَاتَهُمْ لأَنَّهُ عَلِمَ اسْتِقَامَتَهُمْ عَلَى الدِّينِ وَاسْتِدَامَتَهُمْ عَلَى الْيَقِينِ بِخِلَافِ مَن بَقِيَ مِنْهُمْ حَيًّا فَإِنَّهُ يُمْكِنُ مِنْهُمُ الإِفْتِتَانُ وَوُقُوعُ الْمَعْصِيَةِ وَالطُّغْيَانِ، بَلِ الرِّدَّةُ وَالْكُفْرَانُ لأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَاتِمَةِ، وَهَذَا تَوَاضُعٌ مِنْهُ فِي حَقِّهِ رضي الله عنه لِكَمَالِ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ. "مرقاة المفاتيح"(1/ 274).
لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ. أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كَانُوا أَفْضَلَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبه نَبِيِّهِ وَلإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَسِيَرِهِمْ، فَإِنُّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَي الْمُسْتَقِيم. رَوَاهُ رَزِينٌ. [أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2/ 97)].
194 -
[55] وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَسَكَتَ، فَجَعَلَ يقْرَأ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَغَيَّرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ! . . . . .
ــ
أواخر زمن عثمان سنة اثنين وثلاثين، ولكن قوله:(أولئك أصحاب محمد) يدل على تعميم الصحابة، واللَّه أعلم.
وقوله: (وأعمقها علمًا) عمَّق النظر في الأمور: بالَغَ وتأمل.
وقوله: (تكلفًا) أي: تصنعًا ومراياةً للخلق ومراعاةً للرسوم والعادات المتعارفة فيما بين الناس.
وقوله: (اختارهم اللَّه لصحبة نبيه) يعني: لما جعلهم اللَّه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واصطفاهم من بين الخلائق بهذه الفضيلة عُلم أنهم أفضل الناس وأخيار الخلق ممن بعدهم تلميحًا إلى قوله تعالى: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الفتح: 26].
194 -
[55](جابر) قوله: (بنسخة من التوراة) نسخ الكتاب: كتبه عن معارضةٍ، كانتسخه واستنسخه، والمنتسخ منه النسخة.
وقوله: (ثكلتك الثواكل) جمع ثاكلة، وهي المرأة التي مات ولدها، وقد سبق
مَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسىَ فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَركتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي لَاتَّبَعَنِي". رَوَاهُ الدَّارمِيُّ.
195 -
[56] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَلَامِي لَا يَنْسَخُ كَلَامَ اللَّهِ، وَكَلَامُ اللَّهِ يَنْسَخُ كَلَامِي، وَكَلَامُ اللَّهِ يَنْسَخُ بَعْضُهُ بَعْضًا".
196 -
[57] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَادِيثَنَا يَنْسَخُ بَعْضُهَا بَعْضًا كَنَسْخِ الْقُرْآنِ".
197 -
[58] وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: . . . .
ــ
تحقيق معناه في (كتاب الإيمان)[برقم: 29].
وقوله: (ما ترى)(ما) نافية بحذف حرف الاستفهام، وفي قوله:(ما بوجه) موصولة أو موصوفة.
195، 196 - [56، 57](جابر، ابن عمر) قوله: (كلامي لا ينسخ كلام اللَّه) قد ثبت عند الحنفية أن الحديث يكون ناسخًا للكتاب، فالمراد بـ (كلامي) ههنا: أي: ما أقوله اجتهادًا ورأيًا، أو المراد نسخ تلاوة الكتاب، أو يكون هذا الحديث منسوخًا، ولو حمل قوله:(كنسخ القرآن) في حديث ابن عمر الآتي على معنى نسخ الأحاديث القرآنَ بإضافة المصدر إلى المفعول لكان ناسخًا لهذا الحديث، واللَّه أعلم.
197 -
[58](أبو ثعلبة الخشني) قوله: (الخشني) بضم الخاء وفتح الشين
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا". رَوَى الأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ الدَّارَقُطْنِيُّ. [قط: 4/ 145، 184].
ــ
المعجمتين بعدهما نون منسوب إلى خشن بطن من قضاعة.
وقوله: (فلا تنتهكوها) انتهاك الحرمة: تناولها بما لا يحل، والنَّهْكُ مبالغة في كل شيء، يقال: نَهَكْتُ الدابة حلبًا: إذا لم تُبق في ضرعها لبنًا، وفي الحديث:(لينتهك الرجل بين أصابعه أو لتنتهكنّه النار)(1) أي: ليبالِغْ في غسل ما بينهما في الوضوء أو لتبالغن النار في إحراقه، وحديث:(انهكوا أعقابكم أو لتنهكنّها النار)(2)، أي: بالغوا في غسلها وتنظيفها، و (انهكوا وجوه القوم) (3) أي: ابلغوا جهدكم في قتالهم، وحديث:(انهكوا الشوارب)(4) أراد الاستئصال في قص الشوارب، وحديث:(تنتهك ذمة اللَّه وذمة رسوله)(5) يريد نقض العهد والغدر بالمعاهدة، وغير ذلك من المواضع.
تم كتاب الإيمان بعون الملك المنان، ويتلوه كتاب العلم، وباللَّه التوفيق.
* * *
(1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(68)، والطبراني في "الكبير"(9211، 9212)، وانظر:"النهاية"(5/ 288).
(2)
انظر: "النهاية"(5/ 288).
(3)
"النهاية"(5/ 288).
(4)
أخرجه البخاري (5893).
(5)
أخرجه البخاري (3180).
(2)
كِتَابُ العِلْمِ