الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد لام النبي صلى الله عليه وسلم أبا سعيد بن المعلى حينما لم يعمل بعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (1).
وذلك حين ناداه وهو يصلي فلم يجب حتى قضى صلاته، فلامه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: ألم تسمع قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (2) الآية (3). ووقع مثل ذلك لأبي بن كعب (4).
(1) سورة الأنفال الآية 24
(2)
سورة الأنفال الآية 24
(3)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 412، 413) والترمذي في سننه - كتاب ثواب القرآن.
(4)
((8/ 91 - 92) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
المطلب الأول
تحرير محل النزاع
لا خلاف بين أرباب العموم في أن العام المراد به العموم قطعا، يجب اعتماد عمومه والعمل به من غير توقف ولا انتظار، يقول الشاطبي (ت 790هـ) رحمه الله تعالى: العمومات إذا اتحد معناها، وانتشرت في أبواب الشريعة، أو تكررت في مواطن بحسب الحاجة، من غير تخصيص، فهي مجراة على عمومها على كل حال، وإن قلنا بجواز التخصيص بالمنفصل. . إلى أن قال: وعلى هذا ينبني القول في العمل بالعموم، وهل يصح من غير المخصص أم لا؟ فإنه إذا عرض على هذا التقسيم أفاد أن القسم الأول غير محتاج فيه إلى بحث؛ إذ لا يصح تخصيصه إلا حيث تخصص القواعد بعضها بعضا. فإن قيل: قد حكي الإجماع في أنه يمنع العمل بالعموم حتى يبحث هل له مخصص أم لا؟ وكذلك كل دليل مع معارضه، فكيف يصح القول بالتفصيل؟ فالجواب أن الإجماع إن صح فمحمول على غير القسم المتقدم؛ جمعا بين الأدلة (1).
(1) الموافقات: (3/ 306 - 308).
ولا خلاف بين العلماء في أن العام المراد به الخصوص لا يجوز العمل به في عمومه. وإنما اختلفوا في العام المطلق الذي لم يعلم له مخصص أصلا أو علم تخصيص بعض أفراده، فهل يجوز العمل بعمومه في الأفراد التي لم يعلم تخصيصها قبل البحث عن المخصص؟
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) في تحرير محل النزاع: "وإنما اختلف العلماء في العموم الذي لم يعلم تخصيصه، أو علم تخصيص صور معينة منه، هل يجوز استعماله فيما عدا ذلك قبل البحث عن المخصص المعارض له؟ "(1).
وهذا هو الذي عليه المحققون، وإن كان من الأصوليين من نقل الإجماع على عدم جواز العمل بالعام قبل البحث عن المخصص، كالغزالي وغيره (2).
ومنهم من نقل الإجماع على التمسك بالعموم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البحث عن المخصص. ونقل الإجماع في هذه المسألة وهم كبير، لما سنعرف من كثرة الأقوال فيها، إلا إذا فسر البحث عن المخصص بأنه مجرد التروي واسترجاع ما في الذاكرة.
(1) مجموع الفتاوى (29/ 166).
(2)
راجع المستصفى (2/ 157)، وتيسير التحرير (1/ 203).
المطلب الثاني
ذكر الأقوال إجمالا
اختلف العلماء في المسألة السابقة على أقوال:
1 -
أنه يجب العمل بالعام قبل البحث عن المخصص.
2 -
أنه لا يجوز العمل به قبل البحث عن المخصص.
3 -
أنه يجوز العمل به لمن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير بحث عن