الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم إقامة الولائم عند موت الميت
السؤال: يقيم بعض الناس ولائم وذبائح عند موت أقاربهم، وتصرف قيمة هذه الولائم من مال المتوفى، ما حكم ذلك؟ وإذا وصى الميت بإقامة مثل هذه الولائم بعد موته، هل يلزم الشرع الورثة بإنفاذ هذه الوصية؟
الجواب: الوصية بإقامة الولائم بعد الموت بدعة، ومن عمل الجاهلية، وهكذا عمل أهل الميت للولائم المذكورة- ولو بدون وصية - منكر لا يجوز؛ لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:" كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة". خرجه الإمام أحمد بإسناد حسن، ولأن ذلك خلاف ما شرعه الله من إسعاف أهل الميت بصنعة الطعام لهم؛ لكونهم مشغولين بالمصيبة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة قال لأهله:«اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (1)» .
(1) سنن الترمذي الجنائز (998)، سنن أبو داود الجنائز (3132)، سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1610).
حكم قراءة الفاتحة للميت
السؤال: ما حكم قراءة الفاتحة للميت وذبح المواشي ودفع الفلوس إلى أهل الميت؟
الجواب: التقرب إلى الأموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور وغير ذلك من العبادات؛ كطلب الشفاء منهم أو الغوث أو المدد شرك أكبر، لا يجوز لأحد فعله؛ لأن الشرك أعظم الذنوب وأكبر الجرائم؛ لقول الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) ولقوله
(1) سورة النساء الآية 48
سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} (1) الآية، وقوله تعالى:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالواجب إخلاص العبادة لله وحده، سواء كانت ذبحا أو نذرا أو دعاء أو صلاة أو صوما أو غير ذلك من العبادات، ومن التقرب إلى أصحاب القبور بالنذور أو بالطعام، للآيات السابقة، ولقوله سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (4) أما إهداء الفاتحة أو غيرها من القرآن إلى الأموات فليس عليه دليل، فالواجب تركه؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ما يدل على ذلك، لكن يشرع الدعاء للأموات المسلمين والصدقة عنهم، وذلك بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، يتقرب العبد بذلك إلى الله سبحانه، ويسأله أن يجعل ثواب ذلك لأبيه أو أمه أو غيرهما من الأموات أو الأحياء؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام:«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (5)» ، ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أن رجلا قال له: يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم (6)». متفق على صحته.
وهكذا الحج عن الميت والعمرة عنه وقضاء دينه، كل ذلك ينفعه حسب ما ورد في الأدلة الشرعية، أما إذا كان السائل يقصد الإحسان إلى أهل الميت والصدقة بالنقود والذبائح، فهذا لا بأس به إذا كانوا فقراء، والأفضل أن يصنع الجيران والأقارب الطعام في بيوتهم ثم يهدوه إلى أهل الميت؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «لما بلغه موت ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة أمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاما، وقال: لأنه قد
(1) سورة المائدة الآية 72
(2)
سورة الأنعام الآية 88
(3)
سورة الأنعام الآية 162
(4)
سورة الأنعام الآية 163
(5)
صحيح مسلم الوصية (1631)، سنن الترمذي الأحكام (1376)، سنن النسائي الوصايا (3651)، سنن أبو داود الوصايا (2880)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 372)، سنن الدارمي المقدمة (559).
(6)
صحيح البخاري الجنائز (1388)، صحيح مسلم الزكاة (1004)، سنن النسائي الوصايا (3649)، سنن أبو داود الوصايا (2881)، سنن ابن ماجه الوصايا (2717)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 51)، موطأ مالك الأقضية (1490).