المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: السفر بالمرأة الأجنبية: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الخلاصة

- ‌قتل الغيلة

- ‌الخلاف بين الفقهاء فيما يوجبه قتل الغيلة:

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم الله فيمن يستغيث بالأولياء عند نزول حادث به

- ‌ هل يجوز لمسلم أن يقول في دعائه: " أجيبوا وتوكلوا يا خدام هذه الأسماء الحسنى بقضاء حاجتي

- ‌ شخص عبد غير الله أو دعا غير الله أو ذبح لشيخ، هل يعذر بجهله أم لا يعذر

- ‌ هل هناك أحد غير الله يستطيع تفريج الهم والغم ودفع المصائب

- ‌ هل الدعاء يرد القضاء

- ‌ النذر لغير الله تعالى

- ‌ حكم النذر لغير الله

- ‌ حكم الإسلام في وقوف الطلبة لمدرسيهم أثناء دخولهم الفصول

- ‌ حكم الذبح للميت الذي يدعى أنه ولي لله ويبنى عليه الجدران

- ‌ الذبح لمن مات من الأنبياء والأولياء رجاء بركتهم

- ‌ حكم الله فيمن يذبح على الأضرحة، ويطلب منها الغوث والعون في النفع والضر

- ‌ حكم الطواف حول أضرحة الأولياء

- ‌(الذبح على عتبة المنزل الجديد)

- ‌ حكم ذبح الذبيحة للضيف

- ‌ حكم الصلاة خلف رجل يأكل ما ذبح لغير الله

- ‌حكم إقامة الولائم عند موت الميت

- ‌حكم قراءة الفاتحة للميت

- ‌حكم أخذ أجرة قراءة القرآن على الأموات

- ‌حكم الصلاة خلف المتمسك بالبدعة، وحكم صلاةالجمعة لاثني عشر رجلا

- ‌حكم الكتابة على القبور

- ‌زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال التوسل

- ‌حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌عدم جواز الطلب إلى الميت

- ‌جهاد الفلسطينين

- ‌لا يجوز التبرك بالأموات

- ‌مع النبي صلى الله عليه وسلم المهاجر المجاهد:

- ‌السفير النبوي

- ‌الثقة

- ‌جهاده

- ‌الإنسان

- ‌ العالم:

- ‌ القاضي

- ‌ الحكم

- ‌الإداري

- ‌الورع

- ‌الرجل

- ‌القائد

- ‌السفير

- ‌أبو موسى في التاريخ

- ‌فصل الجوابعن استحقاق المتأخرفضل الصحاب

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌أسرته:

- ‌شيوخه:

- ‌أعماله:

- ‌وفاته:

- ‌أولاده:

- ‌آثاره العلمية:

- ‌وصف النسخ:

- ‌عنوان الرسالة:

- ‌التوثيق:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌ فضل القائم بالسنة ومضاعفة الأجر له عند فساد الزمان

- ‌الخلوةوما يترتب عليهامن أحكام فقهية

- ‌مقدمةفي أهمية المحافظة على أعراض المسلمين وسد باب الفساد الموصل إليها

- ‌الفصل الأول: تعريف الخلوة وبيان المراد بها

- ‌الفصل الثاني: أحكام الخلوة والسفر بالمرأة الأجنبية

- ‌المطلب الأول: الخلوة بالأجنبية

- ‌المبحث الأول: المراد بالمرأة الأجنبية

- ‌المبحث الثاني: في حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية

- ‌المطلب الثاني: السفر بالمرأة الأجنبية:

- ‌الفصل الثالث: الخلوة بالأمرد

- ‌الفصل الرابع: الخلوة بالخنثى المشكل والسفر به

- ‌الفصل الخامس: خلوة المرأة بمملوكها والسفر معه

- ‌الفصل السادس: الخلوة بإماء الغير:

- ‌الفصل السابع: الخلوة بالمطلقة ثلاثا

- ‌الفصل الثامن: الخلوة والسفر بالزوجة وذوات المحارم

- ‌المطلب الأول: في حكم الخلوة والسفر بالزوجة وذوات المحارم

- ‌المطلب الثاني: حكم مباشرة الزوجة من غير خلوة

- ‌المطلب الثالث: أثر الخلوة بالزوجة على المهر والعدة

- ‌المطلب الرابع: أثر الخلوة بالمطلقة طلاقا رجعيا على الرجعة

- ‌الخاتمة

- ‌كشاف المراجع

- ‌الدفاع عن السنة النبويةوطرق الاستدلال

- ‌جهود العلماء لصيانة السنة ومقاومة حركة الوضع

- ‌أئمة الحديث والفقه واختلاف ميولهم

- ‌الاستدلال بالإجماع والقياس

- ‌الأخذ بالآثار وهو موافق للأصول

- ‌تصويب واعتذار

الفصل: ‌المطلب الثاني: السفر بالمرأة الأجنبية:

يفضي إلى موت الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى التهم، كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة، لأن موقع امتناع الرجل من النظر بشهوة لامرأة أبيه ليس كموقعة منه لأمه، هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس الشهوانية، والحمو أخو الزوج وقريبه (1) والخوف من الحمو بهذا النهي جاء لأن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر، لتمكنه من الوصول إلى المرأة، والخلوة بها من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي (2).

3 -

لأن الأصل كلما كان سببا للفتنة ينبغي حسم مادته، وسد ذريعته، ودفع ما يفضي إليه إذا لم يكن منه مصلحة راجحة (3)، مما يدل على حرمة الخلوة بالأجنبية.

(1) فيض القدير 3/ 124.

(2)

صحيح مسلم بشرح النووي 14/ 154.

(3)

انظر مجموع فتاوى ابن تيميه ج28/ 370 وج15/ 419 وانظر بدائع الصنائع ج 5/ 125.

ص: 251

‌المطلب الثاني: السفر بالمرأة الأجنبية:

سفر المرأة بدون محرم لها لا بد أن يقتضي خلوة الغير بها إما أثناء السفر أو بعده فالسفر مظنة الخلوة وإن سافرت مع عدد من النساء أو الرجال في الطائرة أو القطار أو السيارة لذا يحسن بنا أن نعرف مدى حكم سفر المرأة بدون محرم لها فأقول وبالله التوفيق:

ذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز للحرة أن تسافر بغير محرم، فسفرها مع غير المحرم خلوة محرمة (1).

(1) انظر نصاب الاحتساب للسنامي 132/ 241 والفتاوى الهندية 5/ 366.

ص: 251

وبذلك قال المالكية (1) وقيدوا التحريم بالمرأة الشابة أما المتجالة فيجوز لها السفر بدون محرم.

ومنع الشافعية سفر المرأة بدون محرم لها (2) وبذلك قال الحنابلة (3) حتى مع الأمن فقالوا: يحرم على الرجل السفر بأخت زوجته ولو كانت أختها برفقتها مع زوجها (4).

ويرى الحنفية حرمة سفر المرأة ثلاثة أيام فما فوقها بدون محرم واختلفت الروايات عندهم فيما دون ذلك.

قال أبو يوسف رحمه الله: كره لها أن تسافر يوما بغير محرم وهكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله. قال الفقيه أبو جعفر واتفقت الروايات في الثلاث أما ما دون الثلاث فهو أهون من ذلك (5).

قلت: الأولى منع السفر بدون محرم ولو دون الثلاث، لأن الأزمان تتغير فيكثر الفساق وتنتشر الذئاب الآدمية، والمرأة لا بد لها من حصن يحفظها، وكيف لها ذلك بدون محرم يمنع عنها الردى وتعدي الفساق.

ولذلك قال الحنفية: لا يجوز للمرأة أن تسافر مع نساء ثقات لخشية وقوع الفتنة معهم لعدم إمكان استعانتهن بالمفازة بأحد من جماعة المسلمين (6) فما دون الثلاث مفازة.

(1) انظر الكافي في فقه أهل المدينة 2/ 1134 وكفاية الطالب الرباني 4/ 164.

(2)

فتح الجواد 1/ 315.

(3)

مجموع فتاوى ابن تيميه 28/ 370.

(4)

انظر الإنصاف 9/ 314.

(5)

انظر تبيين الحقائق للزيلعي 3/ 37 وحاشية ابن عابدين 6/ 368.

(6)

معالم السنن 2/ 144.

ص: 252

أما سفر المرأة للحج بدون محرم.

فبعض الحنفية يرى جواز سفر المرأة مع رجال صالحين (1).

وأجاز المالكية سفرها بدون محرم للحج خاصة وقالوا: إذا لم يكن محرم فتخرج مع جماعة النساء (2) وقيد بعضهم الجواز أن تكون الرفقة مأمونة وإلا لم يجز (3).

وبهذا قال الشافعية فيصح للمرأة أن تسافر للحج مع نساء ثقات، بأن بلغن وجمعن صفات العدالة وإن كن إماء، لانقطاع الأطماع باجتماعهن، فلا تكفي المراهقات إلا أن جعل معهن الأمن، وغير الثقات لا يصح أن تسافر معهن للحج، لأن الفاسقة لا تأنف من منع محرمها بخلاف الرجل وقيل: لا بد من ثلاث نسوة. وقيل: يكفي اثنتان غيرها (4) والقول الأخير لا يصح، لأنه بذهاب واحدة منهن يخشى على الباقية (5).

وقرر الشافعية أن الواجب عليها الخروج مع واحدة لغرض الحج أو العمرة، بل أجازوا خروجها لوحدها إذا تيقنت الأمن وهو محمل الأخبار الدالة على حل سفرها.

(1) انظر الفتاوى الهندية 5/ 366.

(2)

انظر الكافي في فقه أهل المدينة 2/ 1134 وكفاية الطالب الرباني 4/ 164.

(3)

انظر كفاية الطالب الرباني 4/ 165.

(4)

انظر فتح الجواد 1/ 315.

(5)

انظر إعانة الطالبين 2/ 283.

ص: 253

أما سفرها لغير فرض الحج فحرام مع النسوة مطلقا، وإن قصر السفر أو كانت شوهاء، إذ لا واجب هنا حتى يغتفر لمصلحة تحصيله الاكتفاء بأدنى مراتب الأمن (1).

وجعلوا في حكم المحرم جواز سفرها مع الممسوح ذكره وأنثياه ولم يبق فيه ميل للنساء، لانتفاء مظنة الفتنة، لكن بشرط أن يكون مسلما عفيفا (2).

أما الحنابلة فيرون حرمة سفر المرأة مع غير محرمها مطلقا للحج وغيره، فلا يحل للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم (3).

ومن يرى أن المرأة يجوز لها السفر للحج بلا محرم فقد استدل بما يلي:

أولا: بما روي عن ابن عمر رضي الله عنه قال «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ما يوجب الحج قال:) الزاد والراحلة (4)» .

قالوا: فإذا قدرت المرأة على هذه الاستطاعة وجب أن يلزمها الحج ولو بدون محرم ويتأولون خبر النهي على الأسفار التي هي متطوعة بها دون السفر الواجب إذ لا يشترط له محرم.

(1) انظر فتح الجواد 1/ 315 وإعانة الطالبين 2/ 283.

(2)

انظر نهاية المحتاج 6/ 190.

(3)

مسائل الإمام أحمد 1/ 142.

(4)

رواه الترمذي واللفظ له في كتاب الحج باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه / الجامع الصحيح 3/ 177 ورواه ابن ماجه في كتابه المناسك باب ما يوجب الحج ورواه عن ابن عباس قال الألباني عنه في إرواء الغليل: حديث رقم 988 ضعيف.

ص: 254

ويجاب عن ذلك بما يلي:

1 -

هذا الحديث قد تكلم فيه فإبراهيم الخوزي -وهو أحد رواته- متروك الحديث وقد روى ذلك عن طريق الحسن مرسلا وهو لا يحتج به عند الشافعي وهو ممن لا يرى اشتراط المحرمية في الحج (1).

2 -

أن الحديث في اشتراط الزاد والراحلة خاص بالرجل دون المرأة إذ يشترط للمرأة خروج غيرها معها وهذا لا يشترط في الرجل. فجعل ذلك الغير محرما للمرأة وبينه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المشترطة للمحرمية.

3 -

يحتمل أنه أراد اشتراط الزاد والراحلة لوجوب الحج مع كمال بقية الشروط الأخرى، ولذلك اشترطوا تخلية الطريق، وإمكان السير، وقضاء الدين، ونفقة العيال.

واشترط المالكية إمكان الثبوت على الراحلة، وهو غير مذكور في الحديث، وهذه الشروط ليست واردة لا في الكتاب ولا في السنة وإنما شرط المحرمية وارد في السنة فهو أولى بالاشتراط.

3 -

لو قدر التعارض فاشتراط الزاد والراحلة عام بما خصص من اشتراط المحرمية (2) ثانيا: بما روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتوشكن الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله (4)» ففي هذا الحديث إخبار بأن المرأة تسافر للحج من الحيرة إلى البيت ولا محرم معها مما يدل على عدم اشتراطه للحج.

(1) معالم السنن 2/ 144.

(2)

المغني لابن قدامه3/ 238.

(3)

رواه أحمد في مسنده 4/ 257، 378.

(4)

المغني لابن قدامة 3/ 237. (3)

ص: 255

ويجاب عن ذلك:

بأن حديث عدي يدل على وجود السفر لا على جوازه، ولذلك لم يجز في غير الحج المفروض ولم يذكر فيه خروج غيرها معها، وقد اشترطوا ها هنا خروج غيرها معها (1).

ثالثا: أنه سفر واجب فلم يشترط له المحرمية كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار. وكذا الكافرة إذا أسلمت في دار الحرب فإنه يجب السفر إلى بلاد الإسلام بلا محرم فكذلك الحج (2) ويجاب على ذلك: بأن سفر المسلمة والكافرة إذا أسلمت في بلاد الكفر سفر ضرورة لا يقاس عليها حالة الاختيار ولذلك تخرج فيه وحدها. ولأنها تدفع ضررا متيقنا يتحمل الضرر المتوهم لذا لا يلزم تحمل ذلك من غير ضرر أصلا (3).

ثم لو سلمنا بمساواة جواز سفرها للحج بما ذكروه لجاز لها أن تحج وحدها كما تفعل المسلمة أو الأسيرة. فإذن لم اشترطوا وجود امرأة ثقة للحج أو جماعة صالحة؟ فلما لم يبح لها في الحج أن تخرج وحدها دل على الفرق بين الأمرين، مما يدل على عدم جواز سفر المرأة وحدها لا في حج ولا في غيره (4).

قلت: إن سفر المرأة لوحدها عرضة لفساد دينها وخلقها بما قد تتعرض له أثناء الطريق أو الإقامة في البلدان التي تمر عليها ففي السفر مظنة حصول الخلوة فالطائرة قد يحصل بها بعض العطل فتضطر للنزول ومن هنا لا محرم مما قد يجر الرجل إلى الخلوة بها في الفندق المهيأ لانتظار الركاب وفي السفينة قد يدعوها قبطانها أو أحد الركاب في غرفته فتحصل الخلوة. لهذا فإن عين المحرمية متابعة دائمة، والذئب إنما يأكل القصية من

(1) انظر المغني لابن قدامة 3/ 238.

(2)

انظر المغني لابن قدامة 3/ 237 وانظر معالم السنن 2/ 145.

(3)

انظر المغني لابن قدامة 3/ 238.

(4)

معالم السنن 2/ 145.

ص: 256

الغنم التي لا حارس يحرسها ولا حامي يحميها.

وإذا سقط الحج عن المريض والعاجز عن الزاد والراحلة فلئن يسقط عن المرأة التي لم تجد محرما من باب أولى.

ولو نظرنا إلى واقعنا اليوم لرأينا أن النساء المصاحبات لمحارمهن أكثر حشمة ووقارا، بل تمتنع نظرات الغير من متابعتهن، فضلا عن ملاحقتهن ومطاردتهن، بخلاف النساء اللاتي يتجولن في الأسواق والشوارع بدون محارم، أو مع سائقين لا محرمية لهم، فقد تكون الحشمة لدى بعضهن أقل، وقد يضايقن من أصحاب الشهوات والقلوب المريضة.

واجتماع النسوة لا يمنع الغير من مضايقتهن ومحاولة تدنيس خلقهن وإيقاعهن فيما منعن منه، وإذا كان هذا في الحضر فكيف بالسفر لوحدهن مما يؤكد عدم حل المرأة مع غير محرمها من زوج أو قريب مهما كان نوع السفر ومدته.

ويؤيد ما ذهب إليه الحنابلة من الحرمة المطلقة عموم الأدلة الواردة في منع سفر المرأة وحدها سواء كان لحج أم غيره ومنها:

1 -

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت أربعا من النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبتني قال: «لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم (2)»

2 -

عن ابن عباس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم (3)» .

(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب صوم يوم النحر 2/ 249 ومسلم في كتاب الحج -باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره / صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 106.

(2)

انظر مجموع فتاوى ابن تيميه 28/ 370. (1)

(3)

رواه مسلم في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، 3 - صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 109.

ص: 257

4 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم (1)» .

6 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم من أهلها (2)» .

وفي رواية: «لا تسافر امرأة مسيرة يوم تام إلا مع ذي محرم (3)» وفي رواية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها (4)» .

ففي هذه الأدلة نهي عن سفر المرأة بدون محرم، والنهي يقتضي التحريم مما يدل على عدم حل سفر المرأة وحدها مهما كانت مدة السفر، قال النووي (5): (قوله لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم. . وفي رواية لأبي داود ولا تسافر بريدا والبريد مسيرة نصف يوم. قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد. قال البيهقي: كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال: لا. وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال: لا وسئل عن سفرها يوما فقال: لا وكذلك

(1) رواه مسلم في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، 5 - صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 103.

(2)

رواه مسلم في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، 7 - صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 107 ورواه أحمد، 8 - الفتح الرباني 5/ 86 ورواه الترمذي في الكتاب الرضاع، 9 - باب ما جاء في كراهية المرأة أن تسافر وحدها وقال: هذا حديث حسن صحيح / سنن الترمذي 3/ 473.

(3)

لمسلم في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره. صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 107. وأحمد، الفتح الرباني 5/ 87.

(4)

لمسلم في كتاب الحج باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 107. وأبي داود في كتاب المناسك باب المرأة تحج بغير محرم، معالم السنن 2/ 144.

(5)

في شرحه على صحيح مسلم 9/ 103.

ص: 258

البريد فأدى كل منهم ما سمعه. وما جاء منها مختلفا عن رواية واحدة فسمعه في مواطن فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح، وليس كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغير زوج أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو بريدا أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم (1)» وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا).

ولا ينبغي التفريق بين نوع السفر فالحرمة واحدة سواء أكان السفر للحج أم لغيره. فالمرأة إذا لم تجد المحرم سقط عنها الحج، لأنه من السبيل الذي ذكره الله في قوله سبحانه {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (2) فإذا لم يكن لها محرم، فلا تستطيع إلى هذا السبيل (3).

قال الخطابي: (قلت: في هذا بيان أن المرأة لا يلزمها الحج إذا لم تجد رجلا ذا محرم يخرج معها. . وقال الشافعي: تخرج مع امرأة حرة مسلمة ثقة من النساء. قلت: المرأة الحرة المسلمة الثقة التي وصفها الشافعي لا تكون ذا حرمة منها، وقد حظر النبي صلى الله عليه وسلم أن تسافر إلا ومعها ذو محرم منها، فإباحة الخروج لها في سفر الحج مع عدم الشريطة التي أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم خلاف السنة، فإذا كان خروجها مع غير ذي محرم معصية، لم يجز إلزامها الحج وهو طاعة. بأمر يؤدي إلى معصية)(4) خاصة وأنه مع وجود غير المحرم قد تتعرض المرأة أثناء سفرها لما لا ينبغي لها لعدم وجود من يمنع عنها الردى، أو يشفق عليها لو حصل لها مكروه، ولذلك، نرى الإمام مالكا يكره خروج المرأة للحج مع ابن زوجها وإن كان ذا محرم منها (5).

(1) صحيح البخاري الحج (1862)، صحيح مسلم الحج (1341)، سنن ابن ماجه المناسك (2900)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 222).

(2)

سورة آل عمران الآية 97

(3)

الجامع الصحيح للترمذي 3/ 473.

(4)

معالم السنن 2/ 144.

(5)

شرح الزرقاني على موطأ مالك ج 2/ 402 طبع دار الفكر.

ص: 259

وإذا كان مالك يكره ذلك مع ابن الزوج وهو محرم، فالقول بالحرمة مع غير المحرم أولى.

ولا حاجة للتفريق بين المرأة الشابة والمتجالة، لأن مناط النهي للتحريم كما في الأحاديث كونها امرأة وهو وصف منضبط يصلح لأن يكون علة للتحريم، بخلاف كونها شابة أو متجالة، خاصة وأن بعض النفوس قد تتعلق بالمرأة المتجالة أيضا فكل ساقطة في الحي لها لاقطة، وقد رد النووي على هذا بقوله (وهذا الذي قاله الباجي لا يوافق عليه؛ لأن المرأة مظنة الطمع فيها، ومظنة الشهوة، ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة. ويجتمع في الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها. لغلبة شهوته، وقلة دينه ومروءته وخيانته، ونحو ذلك)(1).

ومما يؤيد حرمة سفر المرأة بدون محرم للحج ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني كتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة قال ارجع وحج مع امرأتك (2)» ففي هذا الحديث دلالة على تقديم الأهم من الأمور المتعارضة، لأنه لما تعارض سفره في الغزو وفي الحج معها رجح الحج معها، لأن الغزو يقوم غيره مقامه بخلاف الحج معها (3) وهذا يدل على أن المحرم لا ينوب عنه جماعة المسلمين الصالحين أو النساء الثقات، وإلا لما أمره صلى الله عليه وسلم بالرجوع عن الجهاد والتخلف عنه لا سيما وأن من يتخلف عنه منافق معلوم النفاق.

(1) صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 104، 105.

(2)

رواه البخاري في كتاب الجهاد باب كتابة الإمام الناس 3/ 34 واللفظ له ورواه مسلم في كتاب الحج آخر باب سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره، صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 109، 110.

(3)

صحيح مسلم بشرح النووي 9/ 110.

ص: 260