الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث، لأن الأحاديث لم تكن حينئذ بينهم مدونة إنما كانت تتلقى من أفواه الرجال وهم متفرقون في البلاد (أي لم تكن مدونة منهجيا، بل كانت مكتوبة في صحف متفرقة).
فلهذا كان الشافعي بالعراق يقول لأحمد بن حنبل " أعلموني بالحديث الصحيح أصر عليه " وفي رواية: إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا لي حتى أذهب إليه.
ثم جمع الحفاظ الأحاديث المحتج بها في الكتاب، ونوعوها وقسموها، وسهلوا الطريق إليها فبوبوها، وترجموها وبينوا ضعف كثير منها وصحته، وتكلموا في عدالة الرجال وجرح المجروح منهم وفي علل الأحاديث. ولم يدعوا للمشتغل شيئا يتعلل به خاصة في زماننا هذا إذا أراد الإنسان أن يعرف الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل باب من أبواب الفقه وغيره أمكن له ذلك بكل سهولة، وذلك لتوافر دواوين السنة المشهورة في كل مكان، وهي مخدومة بفهارس متنوعة تسهل للباحث الوقوف على المطلوب بأسرع وقت ممكن ولله الحمد.
الاستدلال بالإجماع والقياس
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح في خطبة يوم الجمعة «خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (1)» .
ولم يقل وكل ضلالة في النار: يقول ابن تيمية (2).
بل يضل عن الحق من قصد الحق، وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه فلا يعاقب وخطؤه مغفور له.
(1) الحديث في: صحيح البخاري (كتاب الاعتصام 2)، صحيح مسلم (كتاب الجمعة 43) سنن ابن ماجه (المقدمة 7)
(2)
أصول الفقه جـ1/ 191 وما بعدها (فتاوى 19)
وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد فعلوا ما هو بدعة، ولم يعلموا أنه بدعة إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها.
والمقصود هنا أن الرسول بين جميع الدين بالكتاب والسنة وأن الإجماع - إجماع الأمة - حق، فإنها لا تجتمع على ضلالة وكذلك القياس الصحيح حق يوافق الكتاب والسنة.
والآية المشهورة التي نستدل بها على الإجماع قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} (1)
ومن الناس من يقول: إنها لا تدل على مورد النزاع.
وآخرون يقولون بل تدل على اتباع المؤمنين مطلقا، وتكلفوا لذلك ما تكلفوه.
والقول الثالث الوسط أنها تدل على وجوب اتباع سبيل المؤمنين مع تحريم مشاقة الرسول من بعد ما تبين له الهدى.
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس.
فثبت أن بعض المجتهدين قد يفتي بعموم أو قياس ويكون في الحادثة نص خاص لم يعلمه.
فلما تنازعوا في (الحرام) احتج من جعله يمينا بقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2){قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (3)
وكذلك لما تنازعوا في المبتوتة: هل لها نفقة أو سكنى؟ (4).
احتج هؤلاء بحديث فاطمة، وبأن السكنى التي في القرآن للرجعية.
وأولئك قالوا: بل هي لهما.
(1) سورة النساء الآية 115
(2)
سورة التحريم الآية 1
(3)
سورة التحريم الآية 2
(4)
السابق ص198