الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا وقد بعد المدى وتطاول ال
…
عهد الذي هو موجب الإحسان
ولذاك كان كقابض جمرا (1) فسل
…
أحشاءه (2) عن حر ذي النيران
والله أعلم بالذي في قلبه
…
يكفيه علم الواحد المنان
في القلب أمر ليس يقدر قدره
…
إلا الذي آتاه للإنسان
بر وتوحيد وصبر مع رضى
…
والشكر والتحكيم للقرآن
سبحان قاسم فضله بين العباد
…
فذاك مولى الفضل والإحسان (3)
(1) الأصل: جمر تحريف.
(2)
الأصل: أحشاؤه تحريف.
(3)
الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (ط التقديم العلمية) / 216 - 217.
فصل:
وقد ورد في
فضل القائم بالسنة ومضاعفة الأجر له عند فساد الزمان
غير ما تقدم.
فروى الطبراني في الأوسط (74) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المتمسك بسنتي عند اختلاف أمتي له أجر شهيد (1)»
(1) كما في مجمع الزوائد 1/ 172 وقال الهيثمي: وفيه محمد بن صالح العدوي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله ثقات، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 8/ 200 وقال: غريب من حديث عبد العزيز عن عطاء، ورواه ابن أبي نجيح عن ابن فارس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وقال:(له أجر مائة شهيد).
وروى مسلم في صحيحه عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العبادة في الهرج كهجرة إلي (1)» .
وعن الحسن البصري رحمه الله قال: لو أن رجلا من الصدر الأول بعث ما عرف من الإسلام شيئا إلا هذه الصلاة.
ثم قال: أما والله لئن عاش إلى (2) هذه المنكرات فرأى صاحب بدعة يدعو إلى بدعه، وصاحب دنيا يدعو إلى دنياه فعصمه الله. وقلبه يحن إلى ذلك السلف ويتبع آثارهم ويستن بسنتهم ويتبع سبيلهم كان له أجر عظيم) وروى المبارك بن فضالة (3) -أحد علماء الحديث بالبصرة - عن الحسن (4) البصري:(أنه ذكر الغني المترف الذي له سلطان يأخذ المال ويدعي أنه لا عقاب فيه، وذكر المبتدع الضال الذي خرج بسيفه (5) على المسلمين وتأول ما أنزل الله في الكفار على المسلمين.
ثم قال: سنتكم -والله الذي لا إله إلا هو- بينهما وبين (6) الغالي [3 / ب] والجافي والمترف والجاهل فاصبروا عليها؛ فإن أهل السنة كانوا أقل الناس الذين لم يأخذوا مع أهل الأتراف أترافهم (7)، ولا مع أهل البدع أهواءهم، وصبروا على سنتهم حتى أتوا ربهم فكذلك فكونوا إن شاء الله.
(1) صحيح مسلم رقم 2948 وأخرجه الترمذي في الجامع رقم 2202 وابن ماجه في السنن رقم 3985 وأخرجه أحمد في المسند 5/ 25، 27 وعبد بن حميد في المنتخب رقم 402 بلفظ (العبادة في الفتنة كالهجرة إلي).
(2)
الأصل و (ط): على.
(3)
أبو فضالة البصري، جالس الحسن ثلاث عشرة سنة، صدوق يدلس ت 166. تقريب / 519.
(4)
في كشف الكربه / 24: روى ابن المبارك عن الفضيل عن الحسن.
(5)
(ط): بسيفه. ساقطة.
(6)
(ط): بينها وبين. تحريف.
(7)
(ط): في أترافهم.
ثم قال: (والله لو أن رجلا أدرك هذه المنكرات يقول هذا: هلم إلي أو يقول هذا: هلم إلي!! فيقول لا أريد [إلا] (1) سنة محمد صلى الله عليه وسلم: يطلبها ويسأل عنها. إن هذا [ليعرض له](2) أجر (3) عظيم. فكذلك فكونوا إن شاء الله (4).
وعن مورق (5) رحمه الله قال: المتمسك بطاعة الله إذا جبب (6) الناس عنها كالكار بعد الفار.
قال أبو السعادات ابن الأثير في النهاية: أي إذا ترك الناس الطاعات ورغبوا عنها (7). كان المتسمك بها له ثواب كثواب الكار في الغزو بعد أن فر الناس عنه.
(1) ساقط من الأصل.
(2)
إضافة من كشف الكربه.
(3)
الأصل: لأجر. (ط): له أجر.
(4)
ذكره الحافظ ابن رجب في كشف الكربة / 24.
(5)
مورق بن مشمرج بن عبد الله العجلي، ثقة عابد ت بعد المائة. تقريب / 549.
(6)
الأصل: أجنب (ط): جنب. تصحيف.
(7)
النهاية 1/ 234.
فصل:
ولنذكر طرفا مما ورد (1) في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ إذ له تعلق بما تقدم.
قال الله تعالى {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2) وقال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3) وقال تعالى
(1)(ط): ورد. ساقطة.
(2)
سورة آل عمران الآية 104
(3)
سورة آل عمران الآية 110
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) وقال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (2){كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (3) وقال تعالى {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (4). والآيات في هذا الباب كثيرة.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: [4 / أ] سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (5)» .
وروى مسلم أيضا عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي، إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل (6)» .
وروى (7) الإمام أحمد عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله تعالى بعذاب
(1) سورة التوبة الآية 71
(2)
سورة المائدة الآية 78
(3)
سورة المائدة الآية 79
(4)
سورة الأعراف الآية 165
(5)
مسلم في الصحيح رقم 49 وأخرجه أبو داود في السنن رقم 1140، 4340 والترمذي في الجامع رقم2173 والنسائي في المجتبى 8/ 111 وابن ماجه في السنن رقم 4013 وأحمد في المسند 3/ 20، 49.
(6)
مسلم في الصحيح رقم 50 وأخرجه أحمد في المسند 1/ 458، 461.
(7)
(ط) وقد.
من عنده) فقلت: يا رسول الله! أما فيهم يومئذ صالحون! قال: (بلى!) قلت: فكيف يصنع بأولئك؟ قال: (يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان (2)».
وروى البخاري ومسلم (3)«عن زينب بنت جحش قالت: قلت يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: (نعم! إذا كثر الخبث (4)» وروى الترمذي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابا من عنده، ثم تدعون فلا يستجاب لكم (5)» .
وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي عبيدة بن عبد الله بن (6) مسعود عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من كان قبلكم كان إذا عمل العامل فيهم بالخطيئة، جاءه الناهي تعذيرا فإذا كان
(1) مسند أحمد 6/ 294 - 295، 304، قال الهيثمي في المجمع 7/ 268: رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح وأخرجه الطبراني في الكبير كما في الكنز 3/ 80 ويشهد له ما أخرجه البخاري في الصحيح رقم 7108 ومسلم في الصحيح رقم 2879 وأحمد في المسند 2/ 40، 110، 136 عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم).
(2)
الأصل: قال. تحريف. (1)
(3)
(ط): ومسلم. ساقطة.
(4)
قطعة من حديث طويل أخرجه البخاري في الصحيح رقم 7135 ومسلم في الصحيح رقم 2880 وأحمد في المسند 6/ 428، 429 ومالك في الموطأ كتاب الجامع رقم 204.
(5)
الترمذي في الجامع رقم 2170 وقال: هذا الحديث حسن. وأخرجه أحمد في المسند 5/ 389 والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 93 والجوهري في الجعديات رقم 2786 وأخرجه ابن ماجه في السنن رقم 4052 وابن حبان في الصحيح رقم 1841 (موارد) وابن أبي شيبة في مسنده كما في مصباح الزجاجة 3/ 241 من حديث عائشة وأخرجه البزار والطبراني في الأوسط كما في الكنز 3/ 68 من حديث أبي هريرة.
(6)
الأصل: عن. تحريف.
(7)
أخرجه من هذا الطريق أبو داود في السنن رقم 4337 وابن وضاح في البدع / 90 وأخرجه من طريق علي بن خذيمة عن أبي عبيدة أبو داود في السنن رقم 4336 والترمذي في الجامع رقم 3050، 3051 وقال: حسن الغريب وابن ماجه في السنن رقم 4054 وأحمد في المسند 1/ 391 وعبد بن حميد وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه كما في الدر المنثور 3/ 124. وأخرجه الطبراني في الكبير كما في المصدر السابق 3/ 127 من حديث أبي موسى الأشعري واللفظ له ولم أجده عند النسائي.
الغد: جالسه وواكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس، فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض، ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم؛ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا. أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم (1)».
وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمر قال: كنت عاشر عشرة -رهط من المهاجرين- عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علينا بوجهه فقال: «يا معشر المهاجرين. خمس خصال! وأعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها، إلا ابتلاهم الله بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم من المكيال والميزان، إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان. وما منع قوم زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيدهم. وما لم يعمل أئمتهم بما أنزل الله عز وجل في كتابه، إلا جعل بأسهم بينهم (2)»
(1)(ط) تعزيرا. تحريف. (7)
(2)
ابن ماجه في السنن رقم 4068 وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/ 540 وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في الشعب كما في الكنز 16/ 81 والبزار كما في مصباح الزجاجة 3/ 246 وأخرجه الطبراني في الكبير كما في المصدر السابق من حديث ابن عباس وقال البوصيري: هذا حديث صالح للعمل به. وقال ابن كثير في النهاية 1/ 22: تفرد به ابن ماجه وفيه غرابة.
وروى البخاري عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا في سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا!. فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا (1)» قال النووي: القائم في حدود الله معناه: المنكر لها، القائم في [5 / أ] دفعها وإزالتها والمراد بالحدود: ما نهى الله عنه (2). انتهى والأحاديث في هذا كثيرة، قد أفردنا لها رسالة مستقلة (3) وجمعنا فيها جميع ما ورد، وتقنصنا (4) سائر ما شرد ولله الحمد فلتراجع.
(1) البخاري في الصحيح رقم 2493، 2686 وأخرجه الترمذي في الجامع رقم 2174 وأحمد في المسند 4/ 269، 270، 274.
(2)
رياض الصالحين / 102.
(3)
(ط): مستقلة. ساقطة.
(4)
(ط) ونقصنا. تحريف.
المسألة الثانية: سألت عن قول الجد (1) رحمه الله في ثماني الحالات: كما جرى لسعد مع أمه! ما الذي جرى لسعد مع أمه؟؟
فالجواب: سعد: هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة رضي الله عنه. وأمه حمنة بنت أبي سفيان بن أبي أمية وقصته معروفة.
قال الحافظ الطبراني: حدثنا أحمد بن أيوب بن راشد حدثنا مسلمة بن علقمة عن داود بن أبي هند عن سعد رضي الله عنه قال: كنت بارا
(1) العلامة المجدد محمد بن عبد الوهاب (ت 1206).
بوالدتي، فقالت لي أمي: يا سعد! ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟! لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب [ولا أستظل](1) حتى أموت. فتعير بي. ويقال: قاتل أمه. فقلت لا تفعلي يا أمه؛ فإني لا أدع ديني هذا لشيء. فمكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب ولم تستظل. فأصبحت وقد اشتد جهدها، فمكثت يوما آخر وليلة لا تأكل فأصبحت وقد اشتد جهدها. فقلت: يا أمه، والله لو كان لك مائة نفس! فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء. فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فأكلت.
ورواه مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبه وزهير بن حرب حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني مصعب بن سعد عن أبيه فذكره بنحو هذا السياق وفيه: فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجروا (2) فاها بعصا، ثم أوجروها (3) فنزلت {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (4) الآية.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
(1) إضافة من (ط).
(2)
أي: أدخلوا في شجره (مفتح الفم) عودا حتى يفتحوه به نهاية 2/ 446.
(3)
الوجور: الدواء يوجر في وسط الفم. الصحاح 2/ 844.
(4)
سورة العنكبوت الآية 8