الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودلالة النصوص قد تكون خفية، فخص الله بفهمهما بعض الناس. كما قال علي:(إلا فهما يؤتيه الله عبدا في كتابه).
وقد يكون النص بينا ويذهل المجتهد عنه كتيمم الجنب، فإنه بين في القرآن في آيتين.
ولما احتج أبو موسى على ابن مسعود بذلك قال الحاضر: ما درى عبد الله ما يقول إلا أنه قال: لو أرخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا وجد المرء البرد أن يتيمم.
وقد قال ابن عباس وفاطمة بنت قيس وجابر: إن المطلقة في القرآن هي الرجعية بدليل قوله تعالى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (1) وأي أمر يحدثه بعد الثلاثة؟.
وقد احتجت طائفة بوجوب العمرة بقوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (2) واحتج بهذه الآية على منع الفسخ: أي فسخ العمرة عن الحج.
وآخرون يقولون: إنما أمر بالإتمام فقط، أي إتمام الأركان والمناسك إذا دخل فيهما.
(1) سورة الطلاق الآية 1
(2)
سورة البقرة الآية 196
الأخذ بالآثار وهو موافق للأصول
:
قول القائل التوضؤ من لحوم الإبل على خلاف القياس فهذا إنما قاله لأنها لحم، واللحم لا يتوضأ منه.
وصاحب الشرع بين لحم الغنم، ولحم الإبل. كما فرق بين مطاعن هذه ومبارك هذه.
فأمر بالصلاة في هذا، ونهى عن الصلاة في هذا.
فدعوى المدعي أن القياس التسوية بينهما من جنس قول الذين قالوا {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (1)
والفرق بينهما ثابت في نفس الأمر.
كما فرق بين أصحاب الإبل وأصحاب الغنم.
(1) سورة البقرة الآية 275
فقال «الفخر والخيلاء في الفدادين أصحاب الإبل والسكينة في أهل الغنم (1)» .
وروى في الإبل «أنها جن خلقت من جن» .
فالإبل فيها قوة شيطانية، والغاذي شبيه بالمغتذي فإذا توضأ العبد من لحوم الإبل كان في ذلك من إطفاء القوة الشيطانية ما يزيل المفسدة. بخلاف من لم يتوضأ منها فإن الفساد حاصل معه.
وكذلك التوضؤ من مس الذكر ومس النساء هو من هذا الباب، لما فيه من تحريك الشهوة، فالتوضؤ مما يحرك الشهوة كالتوضؤ من الغضب، والغضب من الشيطان.
والإبل نهى الرسول عن الصلاة في أعطانها للزوم الشيطان لها. بخلاف الصلاة في مباركها في السفر، فإنه جائز، لأنه عارض، وكذلك الحمام بيت الشيطان (2).
وقد تنازع العلماء في الوضوء من النجاسة الخارجة من غير السبيلين كالفصاد والحجامة، والجرح، والقيء والوضوء من مس النساء لشهوة وغير شهوة، والتوضؤ من مس الذكر، والتوضؤ من القهقهة.
فبعض الصحابة كان يتوضأ من مس الذكر، كسعد، وابن عمر، وكثير منهم لم يتوضأ منه. والوضوء منه هل واجب أو مستحب؟
فيه عن مالك وأحمد، روايتان.
وإيجابه قول الشافعي.
وعدم الإيجاب مذهب أبي حنيفة.
ولا يقدر أحد قط أن ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر
(1) حديث " الفخر والخيلاء. . . " ورد بروايات متعددة في: البخاري (كتاب بدء الخلق 15)، (كتاب المغازي 74)، مسلم (كتاب الإيمان 81، 85، 87)، مسند الإمام أحمد 2/ 258، 270، 319، ومواضع كثيرة 3/ 42، 46، 323
(2)
أصول الفقه 2/ 524 - 525 (فتاوى)
أصحابه بالوضوء من مس النساء، ولا من النجاسات الخارجة، لعموم البلوى بذلك.
وقوله تعالى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1) المراد به الجماع كما فسره بذلك ابن عباس وغيره.
والمقصود هنا: التنبيه على فساد قول من يدعي التناقض في معاني الشريعة أو ألفاظها.
يقول ابن تيمية:
والأظهر أنه لا يجب الوضوء من مس الذكر ولا النساء ولا خروج النجاسات من غير السبيلين ولا القهقهة، ولا غسل الميت، فإنه ليس مع الموجبين دليل صحيح.
بل الأدلة الراجحة تدل على عدم الوجوب. لكن الاستحباب متوجه ظاهر فيستحب أن يتوضأ.
والصحابة نقل عنهم فعل الوضوء، لا إيجاب الوضوء، وكذلك القهقهة في الصلاة ذنب، ويشرع لكل من أذنب أن يتوضأ.
وفي استحباب الوضوء من القهقهة وجهان لمذهب أحمد وغيره وأما الوضوء من الحدث الدائم لكل صلاة فيه أحاديث متعددة، وهو قول الجمهور وهو عندهم أظهر وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي وأحمد والله أعلم (2).
وأما المتنازع فيه فمثل ما يأتي حديث بخلاف أمر فيقول القائلون: هذا بخلاف القياس، أو بخلاف قياس الأصول.
وهذا له أمثلة من أشهرها: المصراة.
(1) سورة النساء الآية 43
(2)
فتاوى أصول الفقه 2/ 526 - 527، فتاوى أصول الفقه 2/ 556 - 557
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تصروا الإبل ولا الغنم (1)» .
فمن ابتاع مصراة، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، «إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر (2)» وهو حديث صحيح.
فقال قائلون: هذا يخالف قياس الأصول من وجوه، وذكروا وجوها خمسة أوردها ابن تيمية ورد عليها ثم قال:
فقال المتبعون للحديث: بل ما ذكرتموه خطأ والحديث موافق للأصول. .
ولهذا كان من موارد الاجتهاد أن جميع الأمصار يضمنون ذلك بصاع من تمر.
وقصة داود وسليمان عليهما السلام من هذا الباب فإن الماشية كانت قد أتلفت حرث القوم، وهو بستانهم.
قالوا: وكان عينا، والحرث اسم للشجر والزرع، فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث كأنه ضمنهم ذلك بالقيمة، ولم يكن لهم مال إلا الغنم، فأعطاهم الغنم بالقيمة.
وأما سليمان فحكم بأن أصحاب الماشية يقومون على الحرث حتى يعود كما كان فضمنهم إياه بالمثل وأعطاهم الماشية، يأخذون منفعتها عوضا عن المنفعة التي فاتت من حين تلف الحرث إلى أن يعود.
وبذلك أفتى الزهري لعمر بن عبد العزيز فيمن كان أتلف له شجرا، فقال يغرسه حتى يعود كما كان.
وهذا موجب الأدلة، فإن الواجب ضمان المتلف بالمثل بحسب الإمكان قال تعالى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (3)
وقال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (4)
(1) حديث " لا تصروا الإبل. . . " في البخاري (كتاب البيوع 64)؛ مسلم (كتاب البيوع 11) سنن أبي داود (كتاب البيوع 46)، النسائي (كتاب البيوع 14)، الموطأ (البيوع 96)، المسن 2/ 243، 410 ومواضع أخرى
(2)
صحيح البخاري البيوع (2150)، صحيح مسلم البيوع (1515)، سنن الترمذي البيوع (1221)، سنن النسائي البيوع (4489)، سنن أبو داود البيوع (3443)، سنن ابن ماجه التجارات (2239)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 465)، سنن الدارمي البيوع (2553).
(3)
سورة الشورى الآية 40
(4)
سورة البقرة الآية 194
ونظير هذا ما ثبت بالسنة اتفاق الصحابة من القصاص في اللطمة والضربة، وهو قول كثير من السلف.
فقال طائفة من الفقهاء: المساواة متعذرة في ذلك فيرجع إلى التعزير.
فيقال لهم: ما جاءت به الآثار هو موجب القياس.
ومن المعلوم الأمر بضرب يقاربه ضربه أقرب إلى العدل والمماثلة من عقوبة التعزير (1).
يقول ابن تيمية:
وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها. . . وكان القياس مع قولهم، لا ضده. واعتبر هذا بمسائل الأيمان بالنذر، والعتق والطلاق.
وكذلك مثل مسألة ابن الملاعنة، ومسألة ميراث المرتد.
(1) أصول الفقه 2/ 565 ابن تيمية
صفحة فارغة
من قرارات المجمع الفقهي
القرار الأول
بشأن العمل بالرؤية في إثبات الأهلة لا بالحساب الفلكي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في دورته الرابعة المنعقدة بمقر الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة ما بين السابع والسابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة 1401هـ. على صورة خطاب الدعوة الإسلامية في سنغافورة المؤرخ في 16 شوال 1399هـ الموافق 8 أغسطس 1979م الموجه لسعادة القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية هناك والذي يتضمن أنه حصل خلاف بين هذه الجمعية وبين المجلس الإسلامي في سنغافورة في بداية شهر رمضان ونهايته سنة 1399هـ - الموافق 1979م حيث رأت الجمعية ابتداء شهر رمضان وانتهاءه على أساس الرؤية الشرعية وفقا لعموم الأدلة الشرعية بينما رأى المجلس الإسلامي في سنغافورة ابتداء ونهاية رمضان المذكور بالحساب الفكلي معللا ذلك بقوله (بالنسبة لدول منطقة آسيا حيث كانت سماؤها محجبة بالغمام وعلى وجه الخصوص سنغافورة فالأماكن لرؤية الهلال أكثرها محجوبة عن الرؤية وهذا يعتبر من المعذورات التي لا بد منها لذا يجب التقدير عن طريق الحساب).
وبعد أن قام أعضاء مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بدراسة وافية لهذا الموضوع على ضوء النصوص الشرعية قرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي
تأييده لجمعية الدعوة الإسلامية فيما ذهبت إليها لوضوح الأدلة الشرعية في ذلك.
كما يقرر أنه بالنسبة لهذا الوضع الذي يوجد في أماكن مثل سنغافورة وبعض مناطق آسيا وغيرها، حيث تكون سماؤها محجوبة بما يمنع الرؤية فإن للمسلمين في تلك المناطق وما شابهها أن يأخذوا برؤية من يثقون به من البلاد الإسلامية التي تعتمد على الرؤية البصرية للهلال دون الحساب بأي شكل من الأشكال عملا بقوله صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم «لا تصوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ولا تفطروا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة (2)» وما جاء في معناهما من الأحاديث.
[توقيع]
…
-
…
[توقيع]
نائب الرئيس
…
-
…
رئيس مجلس المجمع الفقهي
محمد علي الحركان
…
-
…
عبد الله بن حميد
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
…
مصطفى الزرقاء
…
محمد محمود الصواف
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
صالح بن عثيمين
…
محمد بن عبد الله بن السبيل
…
مبروك العوادي
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد الشاذلي النيفر
…
عبد القدوس الهاشمي
…
محمد رشيدي
[غائب عن التوقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
أبو الحسن علي الحسني الندوي
…
أبو بكر محمود جومي
…
حسنين محمد مخلوف
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد رشيد قباني
…
محمود شيت خطاب
…
محمد سالم عدود
(1) سنن الترمذي الصوم (688)، سنن النسائي الصيام (2124)، سنن أبو داود الصوم (2327)، موطأ مالك الصيام (635)، سنن الدارمي الصوم (1686).
(2)
سنن النسائي الصيام (2127)، سنن أبو داود الصوم (2326)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 314).
قرار هيئة كبار العلماء
رقم 2 وتاريخ 13/ 8 / 1392
في مسألة اعتبار اختلاف مطالع الأهلة من عدمه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فبناء على خطاب المقام السامي رقم 22451 وتاريخ 6/ 11 / 1391هـ المتضمن إحالة موضوع الأهلة إلى هيئة كبار العلماء نظرا إلى أن الموضوع عند دراسة مجلس رابطة العالم الإسلامي في جلسته المنعقدة في 15 شعبان عام 1391هـ واطلاعها على قرار اللجنة الفقهية المنبثقة من المجلس قررت الموافقة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع إلا أن بعض أعضاء المجلس التأسيسي رأى التريث في الأمر وزيادة البحث والتقصي في هذا الموضوع.
بناء على ذلك عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية المنعقدة في شهر شعبان 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع إثبات الأهلة المشتمل على الفقرتين التاليتين:
أ) حكم اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ب) حكم إثبات الهلال بالحساب.
وكذا قرار رابطة العالم الإسلامي الصادر منها في دورتها الثالثة عشرة المنعقدة في شهر شعبان عام 1391هـ، ومرفقه بحث اللجنة الفقهية المشكلة من بعض أعضاء مجلس الرابطة في الموضوع وبعد دراسة المجلس للموضوع وتداول الرأي فيه قرر ما يلي:
أولا - اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسا وعقلا ولم يختلف فيها أحد وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع من عدمه.
ثانيا: مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال والاختلاف فيها وفي أمثالها واقع ممن لهم الشأن في العلم
والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع ومنهم من لم ير اعتباره واستدل كل فريق بأدلته من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (1) وبقوله صلى الله عليه وسلم «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (2)» . الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقا في الاستدلال به. وعند بحث هذه المسألة في مجلس الهيئة، ونظرا لاعتبارات قدرتها الهيئة، ولأن هذا الخلاف في مسألة اعتبار اختلاف المطالع من عدمه ليس له آثار تخشى عواقبها. وقد مضى على ظهور هذا الدين مدة أربعة عشر قرنا لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة. . فإن أعضاء الهيئة يرون بقاء الأمر على ما كان عليه وعدم إثارة هذا الموضوع وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
ثالثا: أما ما يتعلق بإثبات الأهلة بالحساب فبعد دراسة ما أعدته اللجنة الدائمة في ذلك، وبعد الرجوع إلى ما ذكره أهل العلم فقد أجمع أعضاء الهيئة على عدم اعتباره لقوله صلى الله عليه وسلم:«صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته (3)» . الحديث. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه (4)» . . الحديث.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،،.
(1) سورة البقرة الآية 189
(2)
صحيح البخاري الصوم (1909)، صحيح مسلم الصيام (1081)، سنن الترمذي الصوم (684)، سنن النسائي الصيام (2117)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 497)، سنن الدارمي الصوم (1685).
(3)
صحيح البخاري الصوم (1909)، صحيح مسلم الصيام (1081)، سنن الترمذي الصوم (684)، سنن النسائي الصيام (2117)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 497)، سنن الدارمي الصوم (1685).
(4)
صحيح البخاري الصوم (1906)، صحيح مسلم الصيام (1080)، سنن النسائي الصيام (2121)، سنن أبو داود الصوم (2320)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 5)، موطأ مالك الصيام (634)، سنن الدارمي الصوم (1684).
صفحة فارغة
نداء وتذكير لمساعدة المجاهدين
الأفغان والمجاهدين في فلسطين
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد قال سبحانه في محكم كتابه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1){تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2){يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (3){وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (4).
وقال عز وجل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (5).
(1) سورة الصف الآية 10
(2)
سورة الصف الآية 11
(3)
سورة الصف الآية 12
(4)
سورة الصف الآية 13
(5)
سورة التوبة الآية 41
(6)
سورة التوبة الآية 111
وثبت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر (1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه (2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من جهز غازيا فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا (3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم (4)» .
والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والإنفاق فيه والتشجيع على ذلك كثيرة معلومة. فمساعدة المجاهدين والمهاجرين الأفغان والمجاهدين داخل فلسطين بالمال والنفس من أفضل القربات ومن أعظم الأعمال الصالحات وهم من أحق الناس بالمساعدة من الزكاة وغيرها. ومن حكمة الزكاة في الإسلام والصدقات أن يشعر المسلم برابطة تجذبه نحو أخيه لأنه يشعر بما يؤلمه. ويحس بما يقع عليه من كوارث ومصائب. فيرق له قلبه ويعطف عليه. ليدفع مما آتاه الله بنفس راضية وقلب مطمئن بالإيمان.
والمجاهدون الأفغان والمهاجرون منهم والمجاهدون في داخل فلسطين وفقهم الله جميعا يعانون مشكلات عظيمة في جهادهم لأعداء الإسلام فيصبرون عليها رغم أن عدوهم وعدو الدين الإسلامي يضربهم بقوته وأسلحته.
ولكل ما يستطيع من صنوف الدمار وهم بحمد الله صامدون وصابرون على مواصلة الجهاد في سبيل الله كما تتحدث عنهم الأخبار والصحف ومن شاركهم في الجهاد من الثقات، لم يضعفوا ولم تلن شكيمتهم ولكنهم في أشد الضرورة إلى دعم إخوانهم المسلمين ومساعدتهم بالنفوس والأموال في قتال عدوهم عدو الإسلام والمسلمين وتطهير بلادهم من رجس الكفرة وأذنابهم من الشيوعيين واليهود.
وقد من الله عليهم بالاجتماع وجمع الشمل على التصميم في مواصلة الجهاد. فالواجب على إخوانهم المسلمين من الحكام والأثرياء أن يدعموهم ويعينوهم ويشدوا أزرهم حتى يكملوا مسيرة الجهاد ويفوزوا إن شاء الله بالنصر المؤزر على أعدائهم أعداء الإسلام.
(1) صحيح البخاري الأدب (6011)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2586)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270).
(2)
صحيح البخاري الصلاة (481)، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585)، سنن الترمذي البر والصلة (1928)، سنن النسائي الزكاة (2560)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 405).
(3)
صحيح البخاري الجهاد والسير (2843)، صحيح مسلم الإمارة (1895)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1628)، سنن النسائي الجهاد (3180)، سنن أبو داود الجهاد (2509)، سنن ابن ماجه الجهاد (2759)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 116)، سنن الدارمي الجهاد (2419).
(4)
سنن النسائي الجهاد (3096)، سنن أبو داود الجهاد (2504)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 153)، سنن الدارمي الجهاد (2431).
وإني أهيب بجميع إخواني المسلمين من رؤساء الحكومات الإسلامية وغيرهم من الأثرياء في كل مكان بأن يقدموا لإخوانهم المجاهدين الأفغان والمجاهدين في فلسطين مما أتاهم الله من فضله ومن الزكاة التي فرضها الله في أموالهم حقا لمن حددهم الله جل وعلا في سورة التوبة وهم ثمانية. قد دخل إخواننا المجاهدون والمهاجرون الأفغان والمجاهدون في فلسطين من ضمنهم.
والله تبارك وتعالى قد فرض حقا في مال الغني لأخيه المسلم في آيات كثيرة من كتابه الكريم كقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (1){لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (2) وقوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (3).
وقوله سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (4) وقوله سبحانه: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (5). وهو سبحانه يثيب المسلم على ما يقدم لإخوانه ثوابا عاجلا وثوابا أخرويا يجد جزاءه عنده في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، كما أنه يدفع عنه في الدنيا بعض المصائب التي لولا الله سبحانه ثم الصدقات والإحسان لحلت به أو بماله فدفع الله شرها بصدقته الطيبة وعمله الصالح. يقول الله عز وجل:{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (6). ويقول عز وجل: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (7).
(1) سورة المعارج الآية 24
(2)
سورة المعارج الآية 25
(3)
سورة الحديد الآية 7
(4)
سورة البقرة الآية 261
(5)
سورة البقرة الآية 195
(6)
سورة المزمل الآية 20
(7)
سورة سبأ الآية 39
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة (1)» ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار (2)» .
ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «اتقوا النار ولو بشق تمرة (3)» .
وإخوانكم المجاهدون الأفغان والمجاهدون في داخل فلسطين أيها المسلمون يقاسون آلام الجوع والجراح والقتل والتشريد فهم في أشد الضرورة إلى الكساء والطعام. وفي أشد الضرورة إلى الدواء كما أنهم في أشد الضرورة إلى هذه الأشياء وإلى السلاح الذي يقاتلون به أعداء الله وأعداءهم. فجودوا عليهم أيها المسلمون مما أعطاكم الله واعطفوا عليهم يبارك الله لكم ويخلف عليكم ويضاعف لكم الأجور كما جاء في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر. فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى. ثم خطب فقال: والآية التي في الحشر تصدق رجل من ديناره من درهمه. من ثوبه من صاع بره. من صاع تمره. حتى قال: ولو بشق تمرة. فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت عنها. ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده
(1) صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2588)، سنن الترمذي البر والصلة (2029)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 386)، موطأ مالك الجامع (1885)، سنن الدارمي الزكاة (1676).
(2)
سنن الترمذي الجمعة (614).
(3)
صحيح البخاري الزكاة (1417)، صحيح مسلم الزكاة (1016)، سنن النسائي الزكاة (2553)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 256).
(4)
صحيح مسلم الزكاة (1017)، سنن الترمذي العلم (2675)، سنن النسائي الزكاة (2554)، سنن ابن ماجه المقدمة (203)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 359)، سنن الدارمي المقدمة (514).
(5)
من غير أن ينقص من أوزارهم شيء (1)» رواه مسلم في صحيحه. ثم هذه النفقة أيها المسلمون تؤجرون عليها وتخلف عليكم كما تقدم في قوله سبحانه: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (2).
وفي قوله سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (3).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: «يقول الله عز وجل يا ابن آدم أنفق ننفق عليك (4)» . ونسأل الله عز وجل أن يضاعف أجر من ساهم في مساعدة إخوانه المجاهدين ويتقبل منه وأن يعين المجاهدين الأفغان والمجاهدين في فلسطين وسائر المجاهدين في سبيله في كل مكان على كل خير ويثبت أقدامهم في جهادهم ويمنحهم الفقه في الدين والصدق والإخلاص وأن ينصرهم على أعداء الإسلام أينما كانوا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
(1) سورة الحشر الآية 18 (5){يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}
(2)
سورة المزمل الآية 20
(3)
سورة سبأ الآية 39
(4)
صحيح البخاري النفقات (5352)، صحيح مسلم الزكاة (993)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3045)، سنن ابن ماجه المقدمة (197)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 313).