الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من صور البورصة
(القسم الأول)
بحث من إعداد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فبناء على ما رآه مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الحادية والعشرين في شهر ربيع الأول عام 1453 هـ بمدينة الرياض، من إعداد بحث يشتمل على ما تيسرت معرفته من صور البورصة، وبيان حكمها تفصيلا مع الأدلة، ونقل ما تيسر من كلام أهل العلم في الموضوع بعد ظهور هذه المعاملة؛ بناء على ذلك أعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا يشتمل على ما يلي:
1 -
مقدمة
في أن كل مطلب شرعي لا بد في إثباته من دليل شرعي، وتحقيق مناطه فيه.
2 -
نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالربا عند التطبيق في الجزئيات، وتحقيق المناط فيها.
3 -
نقول عن بعض فقهاء المذاهب يستنار بها في التطبيق وفهم الحكم في المسائل الربوية.
4 -
نص ما جاء من مؤسسة النقد السعودي بالرياض في بيان معنى البورصة، وبيان صورها مع التعليق عليه.
5 -
نقول عن العلماء المعاصرين: في بيان معنى البورصة، ونشأتها، وصورها، والحكم فيها مع التعليق عليها.
6 -
خلاصة لما تقدم.
وفيما يلي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى:
أولا: المقدمة:
كل مسألة يراد إثبات حكمها لا بد لها من دليل مشتمل على مقدمتين: إحداهما: كلية مسلمة، سواء كانت؛ شرعية، أم لغوية، أم طبية أم غير ذلك، وذلك لقيام ما يوجب تسليمها؛ شرعا، أو عقلا، أو لغة. . إلى آخره، والمقدمة الأخرى: تتضمن تحقيق المناط وذلك بإثبات مناط حكم الكلية في المسألة الجزئية المطلوب إثبات الحكم فيها، وقد أفاض الشاطبي القول في ذلك مع التوضيح بالأمثلة، فاستحسنا نقله بنصه:
قال رحمه الله تعالى: (المسألة السادسة) كل دليل شرعي مبني على مقدمتين إحداهما راجعة إلى تحقيق مناط الحكم، والأخرى ترجع إلى نفس الحكم الشرعي، فالأولى: نظرية وأعني بالنظرية هاهنا ما سوى النقلية سواء علينا أثبتت بالضرورة أم بالفكر والتدبر، ولا أعني بالنظرية مقابل الضرورية، والثانية: نقلية، وبيان ذلك ظاهر في كل مطلب شرعي، بل هذا جاء في
كل مطلب عقلي أو نقلي، فيصح أن نقول: الأولى: راجعة إلى تحقيق المناط، والثانية: راجعة إلى الحكم. ولكن المقصود هنا بيان المطالب الشرعية، فإذا قلت: إن كل مسكر حرام. فلا يتم القضاء عليه حتى يكون بحيث يشار إلى المقصود منه ليستعمل أو لا يستعمل؛ لأن الشرائع إنما جاءت لتحكم على الفاعلين من جهة ما هم فاعلون، فإذا شرع المكلف في تناول الخمر مثلا قيل له: أهذا خمر أم لا؟ فلا بد من النظر في كونه خمرا أم غير خمر، وهو معنى تحقيق المناط، فإذا وجد فيه أمارة الخمر أو حقيقتها بنظر معتبر قال: نعم هذا خمر، فيقال له: كل خمر حرام الاستعمال، فيجتنبه. وكذلك إذا أراد أن يتوضأ بماء فلا بد من النظر إليه: هل هو مطلق أم لا؟ وذلك برؤية اللون، وبذوق الطعم، وشم الرائحة، فإذا تبين أنه على أصل خلقته فقد تحقق مناطه عنده وأنه مطلق، وهي المقدمة النظرية، ثم يضيف إلى هذه المقدمة ثانية نقلية، وهي أن كل ماء مطلق فالوضوء به جائز.
وكذلك إذا نظر هل هو مخاطب بالوضوء أم لا؟ فينظر هل هو محدث أم لا؟ فإن تحقق الحدث فقد حقق مناط الحكم، فيرد عليه أنه مطلوب بالوضوء، وإن تحقق فقده فكذلك فيرد عليه أنه غير مطلوب بالوضوء، وهي المقدمة النقلية.
فالحاصل أن الشارع حكم على أفعال المكلفين مطلقة ومقيدة، وذلك مقتضى إحدى المقدمتين وهي النقلية، ولا ينزل الحكم بها إلا على ما تحقق أنه مناط ذلك الحكم على الإطلاق أو التقييد، وهو مقتضى المقدمة النظرية. والمسألة ظاهرة في
الشرعيات، وفي اللغويات والعقليات، فإنا إذا قلنا:(ضرب زيد عمرا) وأردنا أن نعرف الذي يرفع من الاسمين وما الذي ينصب، فلا بد من معرفة الفاعل من المفعول، فإذا حققنا الفاعل وميزناه حكمنا عليه بمقتضى المقدمة النقلية وهي أن كل فاعل مرفوع، ونصبنا المفعول كذلك؛ لأن كل مفعول منصوب، وإذا أردنا أن نصغر عقربا حققنا أنه رباعي فيستحق من أبنية التصغير بنية فعيعل؛ لأن كل رباعي على هذه الشاكلة تصغيره على هذه البنية، وهكذا في سائر علوم اللغة. وأما العقليات فكما إذا نظرنا في العالم هل هو حادث أو لا؟ فلا بد من تحقيق مناط الحكم وهو العالم، فنجده متغيرا وهي المقدمة الأولى، ثم نأتي بمقدمة مسلمة وهو قولنا:(كل متغير حادث).
لكنا قلنا في الشرعيات وسائر النقليات: أنه لا بد أن تكون إحدى المقدمتين نظرية، وهي المفيدة لتحقيق المناط، وذلك مطرد في العقليات أيضا، والأخرى نقلية، فما الذي يجري في العقليات مجرى النقليات؛ هذا لا بد من تأمله، والذي يقال فيه: أن خاصية المقدمة النقلية أن تكون مسلمة إذا تحقق أنها نقلية فلا تفتقر إلى نظر وتأمل إلا من جهة تصحيحها نقلا، ونظير هذا في العقليات المقدمات المسلمة، وهي الضروريات وما تنزل منزلتها مما يقع معلما عند الخصم، فهذه خاصة إحدى المقدمتين، وهي أن تكون مسلمة، وخاصية الأخرى أن تكون تحقيق مناط الأمر المحكوم عليه، ولا حاجة إلى البسط هنا فإن التأمل يبين حقيقة الأمر فيه، وأيضا في فصل السؤال والجواب له بيان آخر