المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السنة النبوية: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ مقدمة

- ‌ نصوص من القرآن والسنة يرجع إليها في الحكم بالربا عند تحقيق المناط، والتطبيق على الجزئيات:

- ‌ نصوص من القرآن معها تفسيرها:

- ‌ابن العربي في كتابه أحكام القرآن:

- ‌ أبو الفداء إسماعيل بن كثير في تفسيره:

- ‌ نصوص من أحاديث أحكام الربا مع شرحها

- ‌ نصوص من صحيح البخاري مع شرحها لابن حجر

- ‌الفتاوى

- ‌ حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية

- ‌ إذا مر القارئ على آية سجدة فهل يلزمه أن يكون على طهارة أثناء السجود أم لا

- ‌ هل يجوز كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) في بداية كتابة أي شيء

- ‌شرح الآيات من الآية رقم 115 إلى 119 من سورة المائدة

- ‌ من هو أبو سيدنا إبراهيم عليه السلام

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}

- ‌ لماذا لم تبدأ سورة التوبة بـ بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌ على من أنزل الله سورة التوبة، وما أسباب نزولها

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌ وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم

- ‌ تقدم الإمام وصلى بعض الصلاة ثم ذكر بأنه لم يتوضأ وانصرف هل يبني المأمومون على ما مضى أو يستأنفون الصلاة

- ‌ يدخل والصلاة تقام ولكنه يعرف من الإمام أنه يطيل في الركعة الأولى فيصلي ركعتي الفجر قبل أن يدخل مع الإمام

- ‌ صحة حديث: ما رفع مسلم منزله فوق سبعة أذرع إلا قيل له: إلى أين يا فاسق

- ‌ هل سجود السهو مشروع في صلاة النفل والسنن الرواتب كالفرض

- ‌ الدعاء في الصلاة

- ‌ الأذان لصلاة الفجر قبل دخول الوقت

- ‌ صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌بحث في الربا والصرف

- ‌معنى الربا في اللغة والاصطلاح الشرعي:

- ‌معنى الصرف في اللغة والاصطلاح الشرعي:

- ‌حكم الربا:

- ‌علة الربا في الأموال الربوية:

- ‌نقاش هذه الآراء:

- ‌تقرير عن المنجد في اللغة والأعلام

- ‌من أخطر مساوئ المنجد:

- ‌أمثلة مما جاء في المنجد:

- ‌مصادر العقيدة الإسلامية ودور العقل

- ‌تمهيد:

- ‌ القرآن الكريم:

- ‌ السنة النبوية:

- ‌الأدلة على صحة هذا المنهج:

- ‌آثار هذا المنهج وفوائده:

- ‌دور العقل ومكانته:

- ‌إطلاقات كلمة العقل:

- ‌فروق لغوية في أسماء العقل:

- ‌عناية الإسلام بالعقل:

- ‌العلاقة بين الوحي والعقل:

- ‌المؤلف والرسالة

- ‌بين يدي الرسالة:

- ‌مخطوطات الرسالة:

- ‌النص المحقق

- ‌الاختلاف في أصول الدين وأسبابه وأحكامه

- ‌تعريف الاختلاف في الدين

- ‌الاختلاف في الكتاب والسنة النبوية

- ‌ الاختلاف في القرآن الكريم

- ‌ الاختلاف في السنة النبوية:

- ‌نشأة الخلاف العقدي:

- ‌نشأة الفرق في الأمة المحمدية:

- ‌أنواع المختلفين في العقائد وأحكامهم:

- ‌أسباب الاختلاف في الدين:

- ‌أنواع الاختلاف في الدين من حيث الرتبة:

- ‌أحاديث الافتراق:

- ‌الخاتمة

- ‌الفرقة الناجية صفاتها وخصائصها:

- ‌صفات الفرقة الناجية:

- ‌خصائص الفرقة الناجية:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ السنة النبوية:

ومن هنا، فإن الحديث عن العقيدة (لم ينقطع في المدينة، لأنه ليس حديثا يذكر في مبدأ الطريق ثم ينتقل منه إلى موضوع آخر، إنما يذكر في مبدأ الطريق ثم ينتقل معه إلى كل موضوع آخر).

ص: 255

ثانيا:‌

‌ السنة النبوية:

وإذا كان القرآن الكريم هو مصدر الدين، عقيدة وشريعة، فإن السنة النبوية مثل القرآن في ذلك؛ لأنها وحي من الله تعالى، فقد وصف الله سبحانه ما يصدر عن نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه وحي، فقال:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (1){إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (2).

وعن حسان بن عطية، قال:«كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة فيعلمه إياها كما يعلمه القرآن (3)» .

وأخرج البيهقي في (المدخل) عن طاوس: أن عنده كتابا من العقول (الديات)، وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدقة وعقول فإنما نزل به الوحي)

(1) سورة النجم الآية 3

(2)

سورة النجم الآية 4

(3)

أخرجه الدارمي: 1/ 145، واللالكائي في أصول الاعتقاد: 1/ 84، وابن بطة في الإبانة: 1/ 255، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ص (563)، والخطيب في الفقيه والمتفقه: 1/ 99، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": 13/ 291: "أخرجه البيهقي بسند صحيح".

ص: 255

فجعل ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مما نزل به الوحي، مع أنه لم ينزل بلفظه في القرآن الكريم الذي هو وحي متلو.

وذلك أن الوحي نوعان:

أحدها: وحي متلو، وهو القرآن المنزل على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، وهو المتعبد بتلاوته.

والثاني: وحي غير متلو، وهو المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم المبين عن الله عز وجل (1).

فقد قلد الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أمانة التبليغ والبيان فقال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (2)، وقال تعالى:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (3).

ومما يدل على أن السنة بمثابة القرآن في هذا: أن الله تعالى امتن على المؤمنين ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ليعلم الناس الكتاب والحكمة فقال:{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (4).

(1) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم: 1/ 87 - 93، حجية السنة ص (334 - 341).

(2)

سورة النحل الآية 44

(3)

سورة النحل الآية 64

(4)

سورة آل عمران الآية 164

ص: 256

وقال تعالى مخاطبا أمهات المؤمنين: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} (1).

فقال غير واحد من السلف: الحكمة هي السنة؛ لأن الذي كان يتلى في بيوت أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم ورضي عنهن، سوى القرآن هو السنة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (2)»

وقال الإمام الشافعي رحمه الله بعد أن ساق الآيات الكريمة التي يأمر الله تعالى فيها باتباع الكتاب والحكمة، ويمتن بهما علينا، قال:(ذكر الله تعالى الكتاب، وهو القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سنة رسول الله. وهذا يشبه ما قال، والله أعلم، لأن القرآن ذكر وأتبعته الحكمة، فلم يجز- والله أعلم- أن يقال: الحكمة هاهنا إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنها مقرونة مع كتاب الله، وأن الله افترض طاعة رسوله، وحتم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقولي: فرض، إلا لكتاب الله ثم سنة رسوله، لما وصفنا من أن الله جعل الإيمان برسوله مقرونا بالإيمان به، وسنة رسوله مبينة عن الله معنى ما أراد (3).

(1) سورة الأحزاب الآية 34

(2)

أخرجه أبو داود: 7/ 7، 8، والترمذي: 7/ 426، وابن ماجه: 1/ 6، والإمام أحمد في المسند: 14/ 131، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: 1/ 89. وصححه الألباني في المشكاة برقم (163).

(3)

الرسالة، للإمام الشافعي ص (78، 79)، وانظر: أحكام القرآن للشافعي، جمعه البيهقي: 1/ 28 - 39.

ص: 257

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أصول الدين والعقيدة أحسن بيان،

ودل الناس وهداهم إلى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية التي بها يعلمون المطالب الإلهية، وبها يعلمون إثبات ربوبية الله، ووحدانيته وصفاته، وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته بالأدلة العقلية. بل وما يمكن بيانه بالأدلة العقلية- وإن كان لا يحتاج إليها، فإن كثيرا من الأمور يعرف بالخبر الصادق- ومع هذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأدلة العقلية الدالة عليها، فجمع بين الطريقين: السمعي (الشرعي) و (العقلي).

وبذلك يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على كل ما يعصم الأمة من المهالك نصا قاطعا للعذر، ولا يمكن أن يبين للناس أمور حياتهم وما يحتاجونه في الشريعة ثم يترك الجانب الرئيسي وهو العقيدة.

قال أبو ذر رضي الله عنه: «لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما (1)»

وقيل لسلمان الفارسي رضي الله عنه: «قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شي حتى الخراءة؟ فقال: أجل. . . (2)» .

وقال صلى الله عليه وسلم «تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ

(1) مسند الإماء أحمد: 5/ 153، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.

(2)

صحيح مسلم، كتاب الطهارة: 1/ 223.

ص: 258

عنها بعدي إلا هالك (1)»

في أحاديث كثيرة وآثار- غير هذه - تبين أن مسائل العقيدة من أول ما يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته. وفي سنته ما يقطع الحجة، ويوضح المحجة، ويوفي على الغاية، هداية وشفاء للصدور، وبيانا للحق.

هذا، وقد سبقت الإشارة إلى أن السنة هي الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويندرج فيها الأحاديث الحسنة التي لم تبلغ رتبة الصحيح، ولذلك ينبغي التوثق والتثبت من صحة الحديث وقبوله عند الاستشهاد به والاحتجاج وبخاصة في قضايا الاعتقاد، فإن العقيدة لا تبنى على الأحاديث الضعيفة.

وقد يكون هذا الحديث الصحيح متواترا قطعي الثبوت، وقد يكون حديثا مشهورا مستفيضا يأخذ حكم المتواتر، وقد يكون حديث آحاد. وكلها في أصل الاحتجاج بها سواء عند صحتها، ينبغي الخضوع لها وقبولها على الرأس والعين، دون تمحل ولا تكلف، ودون التماس الأعذار لردها وعدم العمل بها، فإن (جميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق)(2)، وإنما ينبغي- بعد ذلك - النظر في المنهج الصحيح للفهم والاستدلال وإعمال قواعد الاستنباط وضوابط

(1) أخرجه ابن ماجه: 1/ 4، وابن عاصم في السنة: 1/ 26 وصححه الألباني.

(2)

شرح العقيدة الطحاوية ص (354 - 357).

ص: 259