الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيم لا تتأثر بزمان معين ومكان محدد، وإنما هي الموازين والقيم الثابتة التي تتلقاها من الوحي، وتتكيف بها وتصبغ حياتها بمقتضاها، فلا تتوزعها الأهواء ولا الأفكار البشرية الضالة، التي تتقلب فيها، لا تستقر على قرار، لأنها لا تستقر على منهج واحد.
وعندئذ تكون هذه الأمة- حقا- أمة واحدة كما أراد الله تعالى لها: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (1)، {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (2).
فهي الأمة الواحدة: عقيدة وفكرا ومنهجا وسلوكا. وعندئذ تتحقق لها الريادة والشهادة على الأمم الأخرى، بما تملك من الحق والهدى الذي تتلقاه من الوحي الذي أنزله الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة المؤمنون الآية 52
(2)
سورة الأنبياء الآية 92
دور العقل ومكانته:
وبعد أن تعرفنا على المصدر الرئيس للعقيدة الإسلامية (وهو الوحي)، نلمع إلماعات سريعة إلى دور العقل ومكانته ومجاله في الإسلام، وأنه مؤيد لا يستقل بمعرفة أصول العقيدة
على وجه التفصيل.
والعقل في اللغة العربية: يطلق على القيد الذي يقيد به البعير، لئلا يند، وسميت الملكة التي يتميز بها الإنسان " عقلا " تشبيها لها بالقيد، على عادة العرب في استعارة أسماء المحسات للأمور المعنوية (1).
وتستخدم كلمة " عقل " ومشتقاتها في اللغة بمعان متعددة أصلها واحد، وهو حبسة في الشيء أو ما يقارب الحبسة، أو الإمساك والاستمساك.
ونستطيع أن نخرج من الاستعمال اللغوي لكلمة " العقل " بملاحظات ونتائج نوجز أهمها فيما يلي:
1 -
إن العقل ملكة معنوية، وليست شيئا حسيا، وبها يتميز الإنسان عن سائر المخلوقات.
2 -
هذه الملكة تمنع صاحبها عما لا يليق، وتزجره عنه، فكأنها تقوم بعملية إيجابية وأخرى سلبية، وكلتاهما تطلقان أحكاما قيمية على الفعل.
3 -
هذه الملكة كاشفة لصاحبها عما ينبغي أن يفعله، وعندئذ كأنه يتحصن بها.
(1) الذريعة إلى مكارم الشريعة، للراغب الأصفهاني، ص (59)، وانظر: لسان العرب: 11/ 459.