المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الجمع للمقيم - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌التهاون بأداء صلاة الجماعة منكر عظيم

- ‌حكم الصلاة في المنزل إذا كان المسجد بعيدا

- ‌حديث «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»

- ‌هل تجب صلاة الجماعة على المسافر

- ‌جواز التخلف عن صلاة الجماعة لمن كان له عذر شرعي

- ‌هل ترك الجماعة سبب في نزع البركة

- ‌الواجب على كل مسلم أنيجيب النداء للصلاة إذا كان يسمعه

- ‌الصلاة في مقر العمل

- ‌التأخر عن صلاة الفجر منكر عظيم

- ‌الخوف من النظر إلى النساءليس عذرا لترك صلاة الجماعة

- ‌النساء ليس عليهن أن يصلين جماعة

- ‌صلاة المرأة في المسجد

- ‌هل للمرأة أن تصليجميع الأوقات في المسجد

- ‌حكم قول من قال إن صلاةالجماعة مع الإمام الراتب فقط

- ‌كراهة حضور صلاة الجماعة في المسجد لمن وجدت منه رائحة تؤذي من حوله

- ‌أحكام الإمامة

- ‌الحث على التخفيف لمن كان إماما يصلي بالناس

- ‌لا حرج في ارتفاعالإمام على بعض المأمومين

- ‌حكم إمامة من يسقط عليه بعض الأحرف للثغة في لسانه

- ‌حكم إمامة ضعيف القراءة والتجويد

- ‌حكم الصلاة خلف من يلحن في القرآن

- ‌إذا كان الإمام يلحن فيالفاتحة فما حكم صلاة من خلفه

- ‌إذا أخطأ الإمام في الصلاةالجهرية فهل يفتح عليه المأموم

- ‌حكم إمامة من قطعت رجله

- ‌حكم سكوت الإمامبعد الفاتحة حتى يقرأها المأموم

- ‌الواجب على الأئمةالطمأنينة والخشوع في الصلاة

- ‌حكم الصلاة خلف من عرف بالغلو في الأنبياء والصالحين

- ‌حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌حكم الصلاة خلف ومع المتمسكين بالبدعة

- ‌حكم الصلاة خلف صاحب عقيدةمخالفة لأهل السنة كالأشعري ونحوه

- ‌الصلاة خلف المبتدع والمسبل إزاره

- ‌حكم الصلاة خلف الصوفي

- ‌حكم الصلاة خلف العاصي كحالق اللحية وشارب الدخان

- ‌حكم إمامة من يشرب الدخان

- ‌الواجب على الإمام عدم التخلف عن الصلاة بالجماعة

- ‌ما يفعله الإمام إذا أخطأ ولم يفتح عليه

- ‌إمامة المرأة للنساء

- ‌جهر المرأة بالقراءة في الصلاة

- ‌إمامة المرأة للرجل

- ‌الاستخلاف أثناء الصلاة

- ‌حكم صلاة من تقدم للإمامة أثناء الصلاة بدون استخلاف

- ‌من صلى إماما ولم يتوضأ ناسيا

- ‌من صلى إماما بغير وضوء وذكر أثناء الصلاة

- ‌الصلاة من غير إذن الإمام الراتب

- ‌قراءة القرآن متتابعا في صلوات المغرب والعشاء والفجر

- ‌إمامة المسبوق

- ‌النية شرط في الإمامة

- ‌حكم التبليغ خلف الإمام بالتكبير في الصلاة

- ‌حكم جمع السجناء على إمام واحدفي صلاة الجمعة والجماعة وهم داخل العنابر

- ‌الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة

- ‌الجماعة الثانية مشروعةلمن فاتته الجماعة الأولى

- ‌حكم إقامة جماعة أخرىفي المسجد بعد انتهاء جماعة المصلين

- ‌المشروع لمن دخل المسجدوالإمام في الصلاة أن يدخل معه

- ‌المشروع لمن فاتتهم الصلاة في جماعة أن يصلوا جميعا

- ‌صفة صلاة المغرب لمن أدرك الإمام في التشهد الأخير

- ‌المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدةإذا تبين له أن الإمام صلى خمسا

- ‌حكم صلاة من يصلي فرضا خلف من يصلي نافلة

- ‌حكم صلاة التراويح بنية العشاء

- ‌اختلاف النية بين الإمام والمأموم

- ‌حكم صلاة من يصلي المغرب مع من يصلي العشاء

- ‌من لم يصل المغرب والعشاء حاضرة

- ‌من دخل المسجد والإمام يصلي العصر وهو لم يصل الظهر

- ‌من دخل مع الإمام وهو يصلي صلاة الجنازة ظانا أنه يصلي الفريضة

- ‌حكم صلاة من صلى ظهر عرفة بنية الجمعة

- ‌المرأة تكون خلف الرجل عند الصلاة جماعة

- ‌صلاة الرجال والنساء من العائلة الواحدة جماعة

- ‌بوجود ساتر خير صفوف النساء أولها

- ‌موقف الصبي في الصلاة مع الإمام وهل البلوغ شرط لمصافة الصبي

- ‌المشروع للمأموم إذا كان منفردا أن يقف عن يمين الإمام مساويا له

- ‌حكم تقدم الإمام إذا لم يكن هناك متسع لرجوع المأمومين

- ‌تسوية الصفوف في الصلاة

- ‌هل الحركة لسد الفرج تؤثر على الصلاة

- ‌المشروع للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصل الصف الأول فالأول

- ‌الصف يبدأ من الوسط مما يلي الإمام ويمين كل صف أفضل من يساره

- ‌المشروع للمسلم الحرص على الصف الأول والقرب من الإمام

- ‌لا يجوز لأحد أن يحجز مكانا في المسجد

- ‌حكم الصلاة في حوش المسجد والجماعة بداخله والدعاء عقب الإقامة

- ‌حكم الصلاة في الشوارع والطرقات خارج المسجد مؤتمين بالإمام

- ‌حكم الصلاة في قبو المسجد

- ‌حكم الاقتداء بالإمام لمن كان خارج المسجد وهو لا يرى الإمام أو المأمومين

- ‌مشروعية اتخاذ المساجد في العمائر

- ‌حكم صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌مضاعفة الصلاة يعم الحرم كله

- ‌كيفية صلاة المريض

- ‌من توفيت ولم تستطعالصوم والصلاة وقت مرضها

- ‌هل يصلي المريض قبل العملية أم بعدها

- ‌كيف يصلي من وافقوقت غسيل الكلى له وقت الصلاة

- ‌أحكام جمع وقصر الصلاة

- ‌مقدار المدة والمسافة التي يجوز فيها الجمع والقصر

- ‌هل الأفضل في الجمع بين الصلاتين التقديم أو التأخير

- ‌المسافر إذا كان وحده فإنه يصلي مع الإمام بالإتمام

- ‌حكم الجمع والقصر لمن دخل الوقت وهو لم يرتحل بعد

- ‌حكم الجمع عند المطر

- ‌هل النية شرط للجمع

- ‌الموالاة بين الصلاتين عند الجمع

- ‌حكم جمع المسافر الصلاة في آخر يوم

- ‌قصر الصلاة وجمعهاللمسافر داخل المدينة

- ‌المسافر له أن يصلي صلاة السفر إذا فارق عامر البلد

- ‌من سافر إلى بلد له فيها قريب مسافة قصر فيعتبر مسافرا

- ‌حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

- ‌حكم الجمع للمقيم

- ‌حكم الجمع والقصر للوحداتالعسكرية في الخطوط الأمامية

- ‌جمع وقصر الصلاة للحاج

- ‌صلاة الجمعة

- ‌أقل عدد يشترط لإقامة صلاة الجمعة

- ‌الجمعة تدرك بركعة

- ‌من لم يتمكن من إكمال متابعةالإمام في الجمعة بسبب انقطاع الكهرباء

- ‌من فاتته صلاة الجمعة صلاها ظهرا

- ‌الجمعة ليست واجبة على المرأة

- ‌حكم وصل الصلاة بصلاة أخرى

- ‌الإنصات أثناء الخطبة

- ‌مشروعية الصلاة على النبيصلى الله عليه وسلم إذا مر ذكره أثناء الخطبة

- ‌تشميت العاطس أثناء الخطبة

- ‌من حدثه دائميتوضأ بعد دخول الوقت

- ‌حكم صلاة الجمعةإذا صادفت يوم العيد

- ‌ليس من شرط إقامة صلاةالجمعة أن يكون الإمام عدلا ولا معصوما

- ‌حكم صلاة السجناء جمعةوجماعة خلف إمام واحد وهم في عنابرهم

- ‌مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة

- ‌حكم إقامة الجمعةفي موضعين أو أكثر في بلد واحد

- ‌حكم إقامة صلاة الجمعة في القرى

- ‌حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى اللغة التي يفهمها المستمعون

- ‌الاستيطان شرط لصحة صلاة الجمعة

- ‌لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة

- ‌ليس للجمعة سنة راتبة قبلها

- ‌حكم تحية المسجد أثناء الخطبة

- ‌حكم صلاة ركعتين بعد الأذان الأول

- ‌وقت صلاة الجمعة

- ‌قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد

- ‌قراءة سورتي السجدة والدهر فجر الجمعة سنة

- ‌حكم الاقتصار على إحدى سورتي السجدة والدهر فجر الجمعة

- ‌قراءة سورة السجدةوسجدة التلاوة فجر الجمعة

- ‌إذا سبق الصبيان من هم أكبرمنهم إلى الصف الأول فهم أولى به

- ‌وقت تحري ساعة الإجابة من يوم الجمعة

- ‌غسل الجمعة سنة عند التهيؤ للصلاة

- ‌غسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة إذا نوى الغسلين

- ‌فضل التبكير لصلاة الجمعة

- ‌المرور بين يدي المصلي في صلاة الجمعة

- ‌كيفية رد السلام على من مد يده للسلام أثناء الخطبة

- ‌حكم السلام بعد السنة

- ‌قراءة القرآن في مكبرات الصوت قبل الجمعة

- ‌قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌حكم من يقتصر على صلاة الجمعة وأوقات رمضان فقط

- ‌خطب ابن نباتة فيها بعض الأخطاء

الفصل: ‌حكم الجمع للمقيم

ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما نعلم؛ ولأن الجمعة لا تقاس على الظهر، بل هي عبادة مستقلة، والعبادات توقيفية لا يجوز إحداث شيء فيها بمجرد الرأي. وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه إنه سميع قريب.

ص: 303

‌حكم الجمع للمقيم

(1)

س: ما حكم الله ورسوله في قوم يجمعون بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء دائما وهم مقيمون؟

ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله أن الواجب أن تصلى الصلوات الخمس في أوقاتها الخمسة، وأنه لا يجوز أن يجمع بين الظهر والعصر ولا بين المغرب والعشاء إلا لعذر كالمرض والسفر والمطر ونحوها مما يشق معه المجيء إلى المساجد لكل صلاة في وقتها من الصلوات الأربع المذكورة، وقد وقت الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم في أوقاتها الخمسة جبرائيل عليه السلام فصلى به في وقت كل واحدة في أوله وآخره في يومين، ثم قال له عليه الصلاة والسلام بعد ما صلى به الظهر في وقتيها

(1) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من الشيخ ص. ب.

ص: 303

والعصر في وقتيها: الصلاة بين هذين الوقتين، وهكذا لما صلى به المغرب في وقتيها والعشاء في وقتيها قال: الصلاة بين هذين الوقتين.

«وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فأجاب السائل بالفعل، فصلى الصلوات الخمس في اليوم الأول بعد السؤال في أول وقتها وصلى في اليوم الثاني الصلوات الخمس في آخر وقتها ثم قال: الصلاة فيما بين هذين الوقتين (1) » .

وأما ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة ثمانا جميعا وسبعا جميعا (2) » ، وجاء في رواية مسلم في صحيحه أن المراد بذلك: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. وقال في روايته:«من غير خوف ولا مطر (3) » ، وفي لفظ آخر:«من غير خوف ولا سفر (4) » .

فالجواب أن يقال: قد سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك فقال: لئلا يحرج أمته، قال أهل العلم: معنى ذلك لئلا يوقعهم في الحرج.

وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة لسبب يقتضي

(1) رواه أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (10819) .

(2)

صحيح البخاري الجمعة (1174) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (705) ، سنن النسائي المواقيت (589) ، سنن أبو داود الصلاة (1214) ، مسند أحمد بن حنبل (1/349) .

(3)

صحيح البخاري مواقيت الصلاة (543) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (705) ، سنن الترمذي الصلاة (187) ، سنن النسائي المواقيت (602) ، سنن أبو داود الصلاة (1211) ، موطأ مالك النداء للصلاة (332) .

(4)

صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (705) ، سنن الترمذي الصلاة (187) ، سنن النسائي المواقيت (601) ، سنن أبو داود الصلاة (1210) ، موطأ مالك النداء للصلاة (332) .

ص: 304

رفع الحرج والمشقة عن الصحابة في ذلك اليوم، إما لمرض عام، وإما لدحض وإما لغير ذلك من الأعذار التي يحصل بها المشقة على الصحابة ذلك اليوم، وقال بعضهم: إنه جمع صوري وهو أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها، وقدم العصر في أول وقتها، وأخر المغرب إلى آخر وقتها، وقدم العشاء في أول وقتها.

وقد روى ذلك النسائي عن ابن عباس راوي الحديث كما قاله الشوكاني في (النيل) وهو محتمل ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث أن هذا العمل تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم بل ظاهره أنه إنما وقع منه مرة واحدة، قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله ما معناه: إنه ليس في كتابه - يعني الجامع - حديث أجمع العلماء على ترك العمل به سوى هذا الحديث، وحديث آخر في قتل شارب المسكر في الرابعة، ومراده أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الجمع إلا بعذر شرعي.

وأنهم قد أجمعوا على أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في هذا الحديث محمول على أنه وقع لعذر جمعا بينه وبين بقية الأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي كل صلاة في وقتها ولا يجمع بين الصلاتين إلا لعذر وهكذا خلفاؤه الراشدون وأصحابه جميعا رضي الله عنهم والعلماء بعدهم ساروا على هذا السبيل ومنعوا من الجمع إلا من عذر، سوى

ص: 305

جماعة نقل عنهم صاحب النيل جواز الجمع إذا لم يتخذ خلقا ولا عادة وهو قول مردود للأدلة السابقة وبإجماع من قبلهم.

وبهذا يعلم السائل أن هذا الحديث ليس فيه ما يخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الجمع بين الصلاتين بدون عذر شرعي، بل هو محمول على ما يوافقها ولا يخالفها؛ لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية يصدق بعضها بعضا ويفسر بعضها بعضا ويحمل مطلقها على مقيدها ويخص عامها بخاصها، وهكذا كتاب الله المبين يصدق بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا، قال الله سبحانه:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (1) وقال عز وجل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} (2) الآية.

والمعنى أنه مع إحكامه وتفصيله يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا، وهكذا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم سواء بسواء كما تقدم. والله ولي التوفيق.

(1) سورة هود الآية 1

(2)

سورة الزمر الآية 23

ص: 306

س: الأخ م. س. أ. - من أسيوط في مصر، يقول في رسالته: إذا أراد الإنسان أن يسافر إلى مكان يبعد عن مقر إقامته مدة ساعة بالطائرة، فهل يجوز له أن يجمع

ص: 306

ويقصر الصلاة وهو مقيم في فندقه أو مقر إقامته، وهل له الفطر في رمضان؟ نرجو الإجابة (1) .

ج: ليس لأحد أن يقصر الصلاة أو يفطر وهو مقيم إلا إذا كان مريضا يشق عليه الصوم أو مسافرا في أثناء سفره. أما من أراد السفر وهو في بلده فليس له أن يقصر حتى يسافر ويغادر عامر البلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا لم يقصر حتى يغادر المدينة وليس لأحد أن يصلي وحده سواء كان مسافرا أو مقيما في محل تقام فيه الجماعة، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم معهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (2) » أخرجه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم بإسناده على شرط مسلم. وقد قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ فقال: خوف أو مرض.

«وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المساجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم قال: فأجب (3) » أخرجه مسلم في صحيحه.

(1) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية) .

(2)

سنن أبو داود الصلاة (551) ، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (793) .

(3)

صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (653) ، سنن النسائي الإمامة (850) .

ص: 307

وقال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (1) » متفق على صحته.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (2) أخرجه مسلم في صحيحه.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فالواجب على كل مسلم مسافر أو مقيم أن يصلي في الجماعة، وأن يحذر الصلاة وحده إذا كان يسمع النداء للصلاة. والله ولي التوفيق.

(1) رواه البخاري في (الأحكام) برقم (6683) ، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (1040) .

(2)

رواه مسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (1046) .

ص: 308

س: هناك مكان نعمل فيه ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية:

أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما بدون سبب وأيضا المغرب والعشاء ولا يمسكون بأيديهم أسفل الصدر، فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (1) .

ج: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة كالمرض، أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة لوقتها الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا يعني الظهر والعصر والمغرب والعشاء فهذا عند أهل العلم لعلة قال بعضهم: إنه كان هناك وباء (أي مرض عام) شق على المسلمين فجمع بهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه ذلك إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام للعذر المذكور، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا دائما أو مرات متعددة، إنما جاء هذا مرة واحدة عن ابن عباس

(1) من برنامج (نور على الدرب) شريط رقم (19) .

ص: 309

رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام.

وقال آخرون: إن الجمع صوري وليس بحقيقي وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله، وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس أنه صلى الظهر في آخر وقتها وقدم العصر، وصلى المغرب في آخر وقتها وقدم العشاء فسمي جمعا والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها.

وهذا جمع منصوص عليه في الرواية الصحيحة عن ابن عباس فيتعين القول به، وأنه جمع صوري. فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع من غير عذر.

أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، فقط وليس لك أن تصلي معهم العصر والعشاء، بل عليك أن تؤخرها إلى وقتها.

ص: 310

للمسجد بنفسه ليجلس فيه ينتظر صلاة الجمعة بعد أن يصلي ما قدر الله له، ثم يشتغل بقراءة القرآن أو بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والدعاء حتى يخرج الإمام، أما ما يفعله بعض الناس من حجز أماكن بوضع نعال أو بشت أو شيء آخر ويذهب فهذا لا يجوز، فالمسجد لمن تقدم، وهكذا الصف الأول وما بعده للمتقدم، فمن تقدم فهو أولى به، أما أن يحجزه بنعال أو بأشياء غير ذلك أو سجادة فهذا لا يجوز.

ص: 307

‌المرور بين يدي المصلي في صلاة الجمعة

س: ما حكم الذي يقطع صلاة الذي يصلي، ويمشي أمام من يتنفل في صلاة الجمعة لازدحام الناس؟

ج: لا يجوز للداخل أن يقطع صلاة أحد، بل يتحرى الطرق التي ليس فيها مرور بين يدي المصلي، فإذا اضطر إلى ذلك ولم يجد مسارا فنرجو أن يعفو الله عنه، لكن عليه أن يتحرى، ولهذا لا يحرم المرور بين أيدي المصلين في المسجد الحرام؛ لأنه مظنة الزحام وعدم القدرة على رد المار بين يدي

ص: 307