المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ١٢

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌التهاون بأداء صلاة الجماعة منكر عظيم

- ‌حكم الصلاة في المنزل إذا كان المسجد بعيدا

- ‌حديث «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»

- ‌هل تجب صلاة الجماعة على المسافر

- ‌جواز التخلف عن صلاة الجماعة لمن كان له عذر شرعي

- ‌هل ترك الجماعة سبب في نزع البركة

- ‌الواجب على كل مسلم أنيجيب النداء للصلاة إذا كان يسمعه

- ‌الصلاة في مقر العمل

- ‌التأخر عن صلاة الفجر منكر عظيم

- ‌الخوف من النظر إلى النساءليس عذرا لترك صلاة الجماعة

- ‌النساء ليس عليهن أن يصلين جماعة

- ‌صلاة المرأة في المسجد

- ‌هل للمرأة أن تصليجميع الأوقات في المسجد

- ‌حكم قول من قال إن صلاةالجماعة مع الإمام الراتب فقط

- ‌كراهة حضور صلاة الجماعة في المسجد لمن وجدت منه رائحة تؤذي من حوله

- ‌أحكام الإمامة

- ‌الحث على التخفيف لمن كان إماما يصلي بالناس

- ‌لا حرج في ارتفاعالإمام على بعض المأمومين

- ‌حكم إمامة من يسقط عليه بعض الأحرف للثغة في لسانه

- ‌حكم إمامة ضعيف القراءة والتجويد

- ‌حكم الصلاة خلف من يلحن في القرآن

- ‌إذا كان الإمام يلحن فيالفاتحة فما حكم صلاة من خلفه

- ‌إذا أخطأ الإمام في الصلاةالجهرية فهل يفتح عليه المأموم

- ‌حكم إمامة من قطعت رجله

- ‌حكم سكوت الإمامبعد الفاتحة حتى يقرأها المأموم

- ‌الواجب على الأئمةالطمأنينة والخشوع في الصلاة

- ‌حكم الصلاة خلف من عرف بالغلو في الأنبياء والصالحين

- ‌حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

- ‌حكم الصلاة خلف ومع المتمسكين بالبدعة

- ‌حكم الصلاة خلف صاحب عقيدةمخالفة لأهل السنة كالأشعري ونحوه

- ‌الصلاة خلف المبتدع والمسبل إزاره

- ‌حكم الصلاة خلف الصوفي

- ‌حكم الصلاة خلف العاصي كحالق اللحية وشارب الدخان

- ‌حكم إمامة من يشرب الدخان

- ‌الواجب على الإمام عدم التخلف عن الصلاة بالجماعة

- ‌ما يفعله الإمام إذا أخطأ ولم يفتح عليه

- ‌إمامة المرأة للنساء

- ‌جهر المرأة بالقراءة في الصلاة

- ‌إمامة المرأة للرجل

- ‌الاستخلاف أثناء الصلاة

- ‌حكم صلاة من تقدم للإمامة أثناء الصلاة بدون استخلاف

- ‌من صلى إماما ولم يتوضأ ناسيا

- ‌من صلى إماما بغير وضوء وذكر أثناء الصلاة

- ‌الصلاة من غير إذن الإمام الراتب

- ‌قراءة القرآن متتابعا في صلوات المغرب والعشاء والفجر

- ‌إمامة المسبوق

- ‌النية شرط في الإمامة

- ‌حكم التبليغ خلف الإمام بالتكبير في الصلاة

- ‌حكم جمع السجناء على إمام واحدفي صلاة الجمعة والجماعة وهم داخل العنابر

- ‌الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة

- ‌الجماعة الثانية مشروعةلمن فاتته الجماعة الأولى

- ‌حكم إقامة جماعة أخرىفي المسجد بعد انتهاء جماعة المصلين

- ‌المشروع لمن دخل المسجدوالإمام في الصلاة أن يدخل معه

- ‌المشروع لمن فاتتهم الصلاة في جماعة أن يصلوا جميعا

- ‌صفة صلاة المغرب لمن أدرك الإمام في التشهد الأخير

- ‌المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدةإذا تبين له أن الإمام صلى خمسا

- ‌حكم صلاة من يصلي فرضا خلف من يصلي نافلة

- ‌حكم صلاة التراويح بنية العشاء

- ‌اختلاف النية بين الإمام والمأموم

- ‌حكم صلاة من يصلي المغرب مع من يصلي العشاء

- ‌من لم يصل المغرب والعشاء حاضرة

- ‌من دخل المسجد والإمام يصلي العصر وهو لم يصل الظهر

- ‌من دخل مع الإمام وهو يصلي صلاة الجنازة ظانا أنه يصلي الفريضة

- ‌حكم صلاة من صلى ظهر عرفة بنية الجمعة

- ‌المرأة تكون خلف الرجل عند الصلاة جماعة

- ‌صلاة الرجال والنساء من العائلة الواحدة جماعة

- ‌بوجود ساتر خير صفوف النساء أولها

- ‌موقف الصبي في الصلاة مع الإمام وهل البلوغ شرط لمصافة الصبي

- ‌المشروع للمأموم إذا كان منفردا أن يقف عن يمين الإمام مساويا له

- ‌حكم تقدم الإمام إذا لم يكن هناك متسع لرجوع المأمومين

- ‌تسوية الصفوف في الصلاة

- ‌هل الحركة لسد الفرج تؤثر على الصلاة

- ‌المشروع للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصل الصف الأول فالأول

- ‌الصف يبدأ من الوسط مما يلي الإمام ويمين كل صف أفضل من يساره

- ‌المشروع للمسلم الحرص على الصف الأول والقرب من الإمام

- ‌لا يجوز لأحد أن يحجز مكانا في المسجد

- ‌حكم الصلاة في حوش المسجد والجماعة بداخله والدعاء عقب الإقامة

- ‌حكم الصلاة في الشوارع والطرقات خارج المسجد مؤتمين بالإمام

- ‌حكم الصلاة في قبو المسجد

- ‌حكم الاقتداء بالإمام لمن كان خارج المسجد وهو لا يرى الإمام أو المأمومين

- ‌مشروعية اتخاذ المساجد في العمائر

- ‌حكم صلاة المنفرد خلف الصف

- ‌مضاعفة الصلاة يعم الحرم كله

- ‌كيفية صلاة المريض

- ‌من توفيت ولم تستطعالصوم والصلاة وقت مرضها

- ‌هل يصلي المريض قبل العملية أم بعدها

- ‌كيف يصلي من وافقوقت غسيل الكلى له وقت الصلاة

- ‌أحكام جمع وقصر الصلاة

- ‌مقدار المدة والمسافة التي يجوز فيها الجمع والقصر

- ‌هل الأفضل في الجمع بين الصلاتين التقديم أو التأخير

- ‌المسافر إذا كان وحده فإنه يصلي مع الإمام بالإتمام

- ‌حكم الجمع والقصر لمن دخل الوقت وهو لم يرتحل بعد

- ‌حكم الجمع عند المطر

- ‌هل النية شرط للجمع

- ‌الموالاة بين الصلاتين عند الجمع

- ‌حكم جمع المسافر الصلاة في آخر يوم

- ‌قصر الصلاة وجمعهاللمسافر داخل المدينة

- ‌المسافر له أن يصلي صلاة السفر إذا فارق عامر البلد

- ‌من سافر إلى بلد له فيها قريب مسافة قصر فيعتبر مسافرا

- ‌حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

- ‌حكم الجمع للمقيم

- ‌حكم الجمع والقصر للوحداتالعسكرية في الخطوط الأمامية

- ‌جمع وقصر الصلاة للحاج

- ‌صلاة الجمعة

- ‌أقل عدد يشترط لإقامة صلاة الجمعة

- ‌الجمعة تدرك بركعة

- ‌من لم يتمكن من إكمال متابعةالإمام في الجمعة بسبب انقطاع الكهرباء

- ‌من فاتته صلاة الجمعة صلاها ظهرا

- ‌الجمعة ليست واجبة على المرأة

- ‌حكم وصل الصلاة بصلاة أخرى

- ‌الإنصات أثناء الخطبة

- ‌مشروعية الصلاة على النبيصلى الله عليه وسلم إذا مر ذكره أثناء الخطبة

- ‌تشميت العاطس أثناء الخطبة

- ‌من حدثه دائميتوضأ بعد دخول الوقت

- ‌حكم صلاة الجمعةإذا صادفت يوم العيد

- ‌ليس من شرط إقامة صلاةالجمعة أن يكون الإمام عدلا ولا معصوما

- ‌حكم صلاة السجناء جمعةوجماعة خلف إمام واحد وهم في عنابرهم

- ‌مشروعية الأذان الأول يوم الجمعة

- ‌حكم إقامة الجمعةفي موضعين أو أكثر في بلد واحد

- ‌حكم إقامة صلاة الجمعة في القرى

- ‌حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة

- ‌حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى اللغة التي يفهمها المستمعون

- ‌الاستيطان شرط لصحة صلاة الجمعة

- ‌لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة

- ‌ليس للجمعة سنة راتبة قبلها

- ‌حكم تحية المسجد أثناء الخطبة

- ‌حكم صلاة ركعتين بعد الأذان الأول

- ‌وقت صلاة الجمعة

- ‌قراءة القرآن بصوت مرتفع في المسجد

- ‌قراءة سورتي السجدة والدهر فجر الجمعة سنة

- ‌حكم الاقتصار على إحدى سورتي السجدة والدهر فجر الجمعة

- ‌قراءة سورة السجدةوسجدة التلاوة فجر الجمعة

- ‌إذا سبق الصبيان من هم أكبرمنهم إلى الصف الأول فهم أولى به

- ‌وقت تحري ساعة الإجابة من يوم الجمعة

- ‌غسل الجمعة سنة عند التهيؤ للصلاة

- ‌غسل الجنابة يكفي عن غسل الجمعة إذا نوى الغسلين

- ‌فضل التبكير لصلاة الجمعة

- ‌المرور بين يدي المصلي في صلاة الجمعة

- ‌كيفية رد السلام على من مد يده للسلام أثناء الخطبة

- ‌حكم السلام بعد السنة

- ‌قراءة القرآن في مكبرات الصوت قبل الجمعة

- ‌قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌حكم من يقتصر على صلاة الجمعة وأوقات رمضان فقط

- ‌خطب ابن نباتة فيها بعض الأخطاء

الفصل: ‌حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة

‌حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة

س: بلدة فيها نحو من خمسة وثلاثين مسجدا تؤدى فيها صلاة الجمعة فإذا فرغ المصلون من الجمعة صلوا بعدها الظهر، فهل هذا الفعل جائز أم لا؟ (1) .

ج: قد علم من الدين بالضرورة وبالأدلة الشرعية أن الله سبحانه لم يشرع يوم الجمعة في وقت الظهر إلا فريضة واحدة في حق الرجال المقيمين المستوطنين الأحرار المكلفين وهي صلاة الجمعة، فإذا فعل المسلمون ذلك فليس عليهم فريضة أخرى لا الظهر ولا غيرها بل صلاة الجمعة هي فرض الوقت، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم والسلف الصالح بعدهم لا يصلون بعد الجمعة فريضة أخرى، وإنما حدث هذا الفعل الذي أشرتم إليه بعدهم بقرون كثيرة، ولا شك أنه من البدع المحدثة التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام:«إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (2) » .

(1) أجاب سماحته على هذا السؤال عندما كان رئيسا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

(2)

رواه أبو داود في (السنة) برقم (3991)

ص: 363

وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1) » رواه البخاري ومسلم، ولا شك أن صلاة الظهر بعد الجمعة أمر محدث ليس عليه أمره صلى الله عليه وسلم فيكون مردودا ويدخل في البدع والضلالات التي حذر منها المصطفي صلى الله عليه وسلم، وقد نبه أهل العلم على ذلك وممن نبه عليه الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه:(إصلاح المساجد من البدع والعوائد) والشيخ العلامة محمد أحمد عبد السلام في كتابه: (السنن والمبتدعات) ، فإن قال قائل إنما نفعل ذلك احتياطا وخوفا من عدم صحة الجمعة، فالجواب أن يقال لهذا القائل: إن الأصل هو صحة الجمعة وسلامتها وعدم وجوب الظهر بل وعدم جوازها في وقت الجمعة لمن عليه فرض الجمعة، والاحتياط إنما يشرع عند خفاء السنة ووجود الشك والريب، أما في مثل هذا فليس المقام مقام شك بل نعلم بالأدلة أن الواجب هو صلاة الجمعة فقط فلا يجوز غيرها بدلا منها ولا مضموما إليها على أنه عمل يقصد منه الاحتياط لصحتها، وإيجاد شرع جديد لم يأذن به الله، وصلاة الظهر في هذا الوقت مخالف للأدلة الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة فوجب أن يترك ويحذر، وليس لفعله وجه يعتمد عليه؛ بل ذلك من وساوس الشيطان التي يمليها على الناس حتى يصدهم بها عن الهدى، ويشرع لهم

(1) صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

ص: 364

دينا لم يأذن به الله كما زين لبعضهم الاحتياط في الوضوء حتى عذبه في الطهارة وجعله لا يستطيع الفراغ منها كلما كاد أن يفرغ منها وسوس له أنها لم تصح وأنه لم يفعل كذا ولم يفعل كذا، وهكذا فعل ببعضهم في الصلاة إذا كبر للصلاة وسوس إليه أنه لم يكبر فلا يزال يوسوس له أنه لم يكبر ولا يزال الرجل يكبر التكبيرة بعد التكبيرة حتى تفوت الركعة الأولى أو القراءة فيها أو غالبها وهذا من كيد الشيطان ومكره وحرصه على إبطال عمل المسلم وتلبيس دينه عليه نسأل الله السلامة لنا ولسائر المسلمين والعافية من مكائده ووساوسه إنه سميع قريب.

والخلاصة: أن صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة وضلالة وإيجاد شرع لم يأذن به الله فالواجب تركه والحذر منه وتحذير الناس منه والاكتفاء بصلاة الجمعة، كما درج على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقد قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه:(لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) . وهكذا قال الأئمة بعده وقبله. والله الموفق.

ص: 365

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ ع. ج. وفقه الله لما فيه رضاه ونصر به الحق آمين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فقد وصلتني رسالتكم المتضمنة الإفادة بأن جماعة من شعب تنزانيا المنتسبين إلى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله قد انشقوا عن إخوانهم في إقامتهم صلاة الظهر بعد الجمعة والمتضمنة أيضا رغبتكم في إصدار الفتوى في ذلك وبناء على ذلك فقد تأملت الموضوع وراجعت الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم في ذلك فاتضح من ذلك ما يلي (1) :

لا ريب أن الله عز وجل وله الحمد والمنة قد أكمل لهذه الأمة دينها وأتم عليها نعمته على يد رسوله وحبيبه وخليله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه كما قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (2) الآية.

وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة عشر سنين يجمع بأصحابه في مسجده الشريف ويصلي معه سكان

(1) صدر من مكتب سماحته برقم 3364\ 1 وتاريخ 22\ 12\ 1397 هـ.

(2)

سورة المائدة الآية 3

ص: 366

المدينة من المسلمين، وليس هناك جمعة أخرى، وهكذا خلفاؤه الراشدون ساروا على نهجه القويم يصلون جمعة واحدة، ثم لما كثر المسلمون وانتشروا في الجزيرة العربية وغيرها دعت الحاجة إلى تعدد الجمع في المدن والعواصم فرأى جمهور أهل العلم أنه لا حرج في ذلك عند دعاء الحاجة إليه، وأجاز بعض أهل العلم تعددها مطلقا، والصواب قول الجمهور لما في توحيد الجمعة من جمع الكلمة على الحق، فإذا دعت الحاجة إلى تعددها لضيق مسجد البلد عن السكان أو تباعد أطرافها أو وجود شحناء بين السكان يخشى من جمعهم في مسجد واحد أن تقع بينهم فتنة جاز التعدد لهذه الحاجات وأشباهها؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.

ومتى جاز التعدد لمسوغه الشرعي صحت جميع الجمع ولم يجز أن يقام مع شيء منها صلاة الظهر؛ لأن في ذلك إيجاب صلاة سادسة ما أنزل الله بها من سلطان، بل ذلك مخالف للنص والإجماع ومن البدع المحدثة.

وقد مضت القرون المفضلة وقرون بعدها والمسلمون لا يعرفون هذه الصلاة المحدثة، وإنما أحدثها بعض المتأخرين من الشافعية وبعض الحنفية لشبه وقعت لهم لا يجوز أن تكون مستندا لهذه البدعة.

لأنها كلها عند التمحيص لا وجه لها وليست مسوغة لإحداث هذه البدعة، وقد أنكر هذه البدعة لما

ص: 367

حدثت جم غفير من العلماء من الشافعية وغيرهم وأوضحوا أن الواجب على علماء الإسلام إنكارها والتحذير منها، كما أن الواجب على من أحدثها أو استحسن فعلها أن يتهم رأيه وأن يرجع إلى الحق لأن الرجوع إلى الحق هو الواجب وهو خير من التمادي في الخطأ، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1) » متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، ورواه مسلم في صحيحه بلفظ:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2) » وخرج مسلم أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (3) » .

وفي السنن بإسناد حسن عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي

(1) صحيح البخاري الصلح (2697) ، صحيح مسلم الأقضية (1718) ، سنن أبو داود السنة (4606) ، سنن ابن ماجه المقدمة (14) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(2)

صحيح مسلم الأقضية (1718) ، مسند أحمد بن حنبل (6/256) .

(3)

رواه الإمام مسلم في (الجمعة) برقم (1435) .

ص: 368

تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1) » .

وقد قال الله في كتابه الكريم ذاما أهل البدع ومحذرا من سبيلهم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (2) الآية.

والآيات والأحاديث في ذم البدع والتحذير منها كثيرة معلومة وأرجو أن يكون فيما ذكرته كفاية ومقنع لطالب الحق.

وأسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعا وأن يجمع كلمتهم على الحق أينما كانوا، وأن يبارك في أعمالكم وأن يجزيكم عن اهتمامكم بأحوال إخوانكم وحرصكم على جمع الكلمة وإبطال البدعة جزاء حسنا وأن يجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق إنه سميع قريب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرئيس العام لإدارات البحوث

العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

(1) رواه أبو داود في (السنة) برقم (3991) ، وأحمد في (مسند الشاميين) برقم (16521، 16522) .

(2)

سورة الشورى الآية 21

ص: 369