الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية صلاة المريض
(1)
أجمع أهل العلم على أن من لا يستطيع القيام، له أن يصلي جالسا، فإن عجز عن الصلاة جالسا فإنه يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه، والمستحب أن يكون على جنبه الأيمن، فإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيان لقوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين:«صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب (2) » ، رواه البخاري وزاد النسائي:«فإن لم تستطع فمستلقيا» .
ومن قدر على القيام وعجز عن الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام، بل يصلي قائما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود. لقوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (3) ولقوله صلى الله عليه وسلم: صل قائما، ولعموم قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (4) وإن كان بعينه مرض فقال
(1) نشرت في (كتاب الدعوة) ، الجزء الثاني، ص (58) .
(2)
رواه البخاري في (الجمعة) برقم (1050) ، وأبو داود في (الصلاة) برقم (815) .
(3)
سورة البقرة الآية 238
(4)
سورة التغابن الآية 16
ثقات من علماء الطب: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك وإلا فلا، فله أن يصلي مستلقيا.
ومن عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من الركوع، وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود، وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته، إن كان ظهره متقوسا فصار كأنه راكع فمتى أراد الركوع زاد في انحنائه قليلا، ويقرب وجهه إلى الأرض في السجود أكثر من الركوع ما أمكنه ذلك، وإن لم يقدر على الإيماء برأسه كفاه النية والقول.
ولا تسقط عنه الصلاة ما دام عقله ثابتا بأي حال من الأحوال للأدلة السابقة. ومتى قدر المريض في أثناء الصلاة على ما كان عاجزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود أو إيماء، انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلاته، وإذا نام المريض أو غيره عن صلاة أو نسيها وجب عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال ذكره لها، ولا يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها ليصليها فيه. لقوله صلى الله عليه وسلم:«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك، وتلا قوله تعالى (3) » .
(1) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (597) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (684) ، سنن الترمذي الصلاة (178) ، سنن النسائي المواقيت (614) ، سنن أبو داود الصلاة (442) ، سنن ابن ماجه الصلاة (695) ، مسند أحمد بن حنبل (3/269) .
(2)
رواه البخاري في مواقيت الصلاة برقم 562، ورواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة برقم (1102، 1104) . (1)
(3)
سورة طه الآية 14 (2){وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}
ولا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، بل يجب على المكلف أن يحرص على الصلاة أيام مرضه أكثر من حرصه عليها أيام صحته، فلا يجوز له ترك المفروضة حتى يفوت وقتها ولو كان مريضا ما دام عقله ثابتا، بل عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته، فإذا تركها عامدا وهو عاقل عالم بالحكم الشرعي مكلف يقوى على أدائها ولو إيماء فهو عالم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره بذلك. لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (1) » . ولقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (2) » .
وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما يتيسر له، إن شاء قدم العصر مع الظهر وإن شاء
(1) رواه ابن ماجه في (كتاب إقامة الصلاة) ، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، والترمذي في (الإيمان) برقم (2545) .
(2)
رواه الترمذي في (الإيمان) برقم (2541) ، وأحمد في (مسند الأنصار) برقم (21008، 21054) .
أخر الظهر مع العصر، وإن شاء قدم العشاء مع المغرب، وإن شاء أخر المغرب مع العشاء. أما الفجر فلا تجمع مع ما قبلها ولا مع ما بعدها؛ لأن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها. هذا بعض ما يتعلق بأحوال المريض في طهاراته وصلاته.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي مرضى المسلمين، ويكفر سيئاتهم، وأن يمن علينا جميعا بالعفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
س: الأخت التي رمزت لاسمها بأم عبد السلام من القصب تقول في سؤالها: الإنسان الذي يصلي على الكرسي لعجزه هل يجب أن يكون هناك فرق بين ركوعه وسجوده من ناحية وضع اليدين وانحناء الظهر، أم أن الأمر في هذا واسع. أرشدونا جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: الواجب على من صلى جالسا على الأرض، أو على الكرسي، أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه، والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع، أما في حال السجود
(1) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية) .
فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع، فإن لم يستطع جعلهما على ركبتيه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين (1) » .
ومن عجز عن ذلك وصلي على الكرسي فلا حرج في ذلك، لقول الله سبحانه:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (3) » متفق على صحته.
(1) رواه الإمام أحمد في (بداية مسند عبد الله بن عباس) برقم (2653) ، والبخاري في (الأذان) باب السجود على الأنف برقم (812) ، ومسلم في (الصلاة) باب أعضاء السجود برقم (490) .
(2)
سورة التغابن الآية 16
(3)
رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (9239) ، والبخاري في (الاعتصام بالكتاب والسنة) باب الاقتداء بسنن رسول الله برقم (7288) ، ومسلم في (الحج) باب فرض الحج مرة في العمر برقم (1337) .
س: الأخ ص. أ. ج. من ميسان يقول في سؤاله: بعض الناس وخاصة كبار السن لا يستطيعون السجود والجلوس للتشهد، ولذلك نراهم يصلون قائمين ثم عند السجود يجلسون على كرسي أو على الجدار الحاجز بين
الصفوف فما حكم فعلهم هذا؟ (1)
ج: لا أعلم حرجا فيما ذكره السائل، إذا كان لا يستطيع سوى ذلك، لقول الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وقوله سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (3) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي الله عنهما: «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب فإن لم تستطع فمستلقيا (4) » أخرجه البخاري في صحيحه، والنسائي في سننه، وهذا لفظ النسائي. والله ولي التوفيق.
(1) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية) .
(2)
سورة التغابن الآية 16
(3)
سورة البقرة الآية 286
(4)
أخرجه البخاري في (الجمعة) باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) ، بدون '' فإن لم تستطع فمستلقيا ''، وقد عزا هذه الزيادة للنسائي المجد ابن تيمية في '' المنتقى '' (1 \ 661) برقم (1507) .