الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عدم صحة الصلاة خلف العاصي لضعف إيمانه وأمانته، وذهب جمع كبير من أهل العلم إلى صحتها، ولكن لا ينبغي لولاة الأمر أن يجعلوا العصاة أئمة للناس مع وجود غيرهم وهذا هو الصواب؛ لأنه مسلم يعلم أن الصلاة واجبة عليه ويؤديها على هذا الأساس فصحت صلاة من خلفه، والحجة في ذلك ما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصلاة خلف الأمراء الفسقة:«يصلون لكم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم (1) » ، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أحاديث أخرى ترشد إلى هذا المعنى، وصلى بعض الصحابة خلف الحجاج وهو من أفسق الناس، ولأن الجماعة مطلوبة في الصلاة فينبغي للمؤمن أن يحرص عليها وأن يحافظ عليها ولو كان الإمام فاسقا، لكن إذا أمكنه أن يصلي خلف إمام عدل فهو أولى وأفضل وأحوط للدين.
(1) صحيح البخاري الأذان (694) ، مسند أحمد بن حنبل (2/355) .
حكم إمامة من يشرب الدخان
س: ما حكم شرب الدخان وحكم إمامة من يجاهر بذلك؟
ج: قد دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعا، وذلك لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة، والله سبحانه لم يبح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيبا نافعا، أما ما كان ضارا لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيرا لعقولهم، فإن الله سبحانه قد حرمه عليهم، وهو عز وجل أرحم بهم من أنفسهم، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، فلا يحرم شيئا عبثا، ولا يخلق شيئا باطلا، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة؛ لأنه سبحانه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين، وهو العالم بما يصلح العباد وينفعهم في العاجل والآجل، كما قال سبحانه:{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (1) وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (2)
والآيات في هذا المعنى كثيرة، ومن الدلائل القرآنية على تحريم شرب الدخان قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (3) وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (4) الآية.
(1) سورة الأنعام الآية 83
(2)
سورة النساء الآية 11
(3)
سورة المائدة الآية 4
(4)
سورة الأعراف الآية 157
فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات؛ وهي الأطعمة والأشربة النافعة، أما الأطعمة والأشربة الضارة كالمسكرات والمخدرات وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل فهي من الخبائث المحرمة.
وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضررا كبيرا، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض كالسرطان وموت السكتة وغير ذلك، فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يشربه، فقد قال الله تعالى في كتابه المبين:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} (1) وقال عز وجل: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (2)
أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماما، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين المعروفين بالدين والاستقامة؛ لأن
(1) سورة الأنعام الآية 116
(2)
سورة الفرقان الآية 44
الإمامة شأنها عظيم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (1) » الحديث رواه مسلم في صحيحه.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم (2) » لكن اختلف العلماء رحمهم الله هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه، فقال بعضهم: لا تصح الصلاة خلفه؛ لضعف دينه ونقص إيمانه، وقال آخرون من أهل العلم: تصح إمامته والصلاة خلفه؛ لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه فتصح صلاة من خلفه؛ ولأن كثيرا من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج وهو من أظلم الناس، وهذا هو القول الراجح وهو صحة إمامته والصلاة خلفه.
لكن لا ينبغي أن يتخذ إماما مع القدرة على
(1) رواه مسلم في كتاب (المساجد ومواضع الصلاة) باب (من أحق بالإمامة) برقم (673) .
(2)
رواه البخاري في (الأذان) برقم (592) ، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (1080) .
إمامة غيره من أهل الخير والصلاح، وهذا جواب مختصر أردنا منه التنبيه على أصل الحكم في هاتين المسألتين وبيان بعض الأدلة على ذلك وقد أوضح العلماء حكم هاتين المسألتين فمن أراد بسط ذلك وجده.
والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين ويوفقهم جميعا للاستقامة على دينه، والحذر مما يخالف شرعه إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
س: إذا كان الرجل معلنا لشرب الدخان أو يتشبه بالكفرة في لباس أو غيره، هل يصلى خلفه أم لا؟
ج: تصح الصلاة خلف المذكور إذا كان مسلما في أصح قولي العلماء، لكن إذا تيسرت الصلاة جماعة في المساجد خلف من هو خير منه فهو أولى وأحوط.
س: ما حكم إمامة من يفعل شيئا من المعاصي كشرب الدخان أو حلق اللحية أو إسبال الثياب أو نحو ذلك؟ (1)
ج: صلاته صحيحة إذا أداها كما شرع الله بإجماع أهل العلم، وهكذا صلاة من خلفه؛ إذا كان إماما في أصح قولي
(1) نشرت في (جريدة البلاد) ، العدد (10935) ، الأربعاء 13 \ 1 \ 1415 هـ.