المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الثانية طائفة أشاروا عن منزل وهم في غيره ووروا بأمر وهم لغيره] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: ‌[فصل الثانية طائفة أشاروا عن منزل وهم في غيره ووروا بأمر وهم لغيره]

قَوْلُهُ " أُولَئِكَ ذَخَائِرُ اللَّهِ حَيْثُ كَانُوا " ذَخَائِرُ الْمَلِكِ: مَا يُخَبَّأُ عِنْدَهُ، وَيَذْخُرُهُ لِمُهِمَّاتِهِ، وَلَا يَبْذُلُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَذَلِكَ ذَخِيرَةُ الرَّجُلِ: مَا يَذْخُرُهُ لِحَوَائِجِهِ وَمُهِمَّاتِهِ، وَهَؤُلَاءِ لَمَّا كَانُوا مَسْتُورِينَ عَنِ النَّاسِ بِأَسْبَابِهِمْ، غَيْرَ مُشَارٍ إِلَيْهِمْ وَلَا مُتَمَيِّزِينَ بِرَسْمٍ دُونَ النَّاسِ، وَلَا مُنْتَسِبِينَ إِلَى اسْمِ طَرِيقٍ أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ شَيْخٍ أَوْ زِيٍّ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ الذَّخَائِرِ الْمَخْبُوءَةِ، وَهَؤُلَاءِ أَبْعَدُ الْخَلْقِ عَنِ الْآفَاتِ، فَإِنَّ الْآفَاتِ كُلَّهَا تَحْتَ الرُّسُومِ وَالتَّقَيُّدِ بِهَا، وَلُزُومِ الطُّرُقِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ، وَالْأَوْضَاعِ الْمُتَدَاوَلَةِ الْحَادِثَةِ؛ هَذِهِ هِيَ الَّتِي قَطَعْتَ أَكْثَرَ الْخَلْقِ عَنِ اللَّهِ، وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. وَالْعَجَبُ أَنَّ أَهْلَهَا: هُمُ الْمَعْرُوفُونَ بِالطَّلَبِ وَالْإِرَادَةِ، وَالسَّيْرِ إِلَى اللَّهِ. وَهُمْ إِلَّا الْوَاحِدَ بَعْدَ الْوَاحِدِ الْمَقْطُوعُونَ عَنِ اللَّهِ بِتِلْكَ الرُّسُومِ وَالْقُيُودِ.

وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَنِ السُّنَّةِ؟ فَقَالَ: مَا لَا اسْمَ لَهُ سِوَى السُّنَّةِ

يَعْنِي: أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لَيْسَ لَهُمُ اسْمٌ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ سِوَاهَا.

فَمِنَ النَّاسِ: مَنْ يَتَقَيَّدُ بِلِبَاسٍ لَا يَلْبِسُ غَيْرَهُ، أَوْ بِالْجُلُوسِ فِي مَكَانٍ لَا يَجْلِسُ فِي غَيْرِهِ، أَوْ مِشْيَةٍ لَا يَمْشِي غَيْرَهَا، أَوْ بِزِيٍّ وَهَيْئَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا، أَوْ عِبَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَتَعَبَّدُ بِغَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى مِنْهَا، أَوْ شَيْخٍ مُعَيَّنٍ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْهُ، فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنِ الظَّفَرِ بِالْمَطْلُوبِ الْأَعْلَى مَصْدُودُونَ عَنْهُ، قَدْ قَيَّدَتْهُمُ الْعَوَائِدُ وَالرُّسُومُ وَالْأَوْضَاعُ وَالِاصْطِلَاحَاتُ عَنْ تَجْرِيدِ الْمُتَابَعَةِ. فَأَضْحَوْا عَنْهُمَا بِمَعْزِلٍ، وَمَنْزِلَتُهُمْ مِنْهَا أَبْعَدَ مَنْزِلٍ، فَتَرَى أَحَدَهُمْ يَتَعَبَّدُ بِالرِّيَاضَةِ وَالْخُلْوَةِ، وَتَفْرِيغِ الْقَلْبِ، وَيَعُدُّ الْعِلْمَ قَاطِعًا لَهُ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِذَا ذُكِرَ لَهُ الْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ وَالْمُعَادَاةُ فِيهِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ عَدَّ ذَلِكَ فُضُولًا وَشَرًّا، وَإِذَا رَأَوْا بَيْنَهُمْ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ أَخْرَجُوهُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَعَدُّوهُ غَيْرًا عَلَيْهِمْ، فَهَؤُلَاءِ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ إِشَارَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

فَصْلٌ

قَالَ: الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ: طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ، وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ، وَنَادَوْا عَلَى شَأْنٍ وَهُمْ عَلَى غَيْرِهِ فَهُمْ بَيْنَ غَيْرَةٍ عَلَيْهِمْ تَسْتُرُهُمْ وَأَدَبٍ فِيهِمْ يَصُونُهُمْ وَظَرْفٍ يُهَذِّبُهُمْ.

أَهْلُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ اسْتَسَرُّوا اخْتِيَارًا وَإِرَادَةً لِذَلِكَ، صِيَانَةً لِأَحْوَالِهِمْ، وَكَمَالًا فِي

ص: 167

تَمَكُّنِهِمْ، فَمَقَامَاتُهُمْ عَالِيَةٌ لَا تَرْمُقُهَا الْعُيُونُ وَلَا تُخَالِطُهَا الظُّنُونُ، يُشِيرُونَ إِلَى مَا يَعْرِفُهُ الْمُخَاطَبُ مِنْ مَقَامَاتِ الْمُرِيدِينَ السَّالِكِينَ، وَبِدَايَاتِ السُّلُوكِ، وَيُخْفُونَ مَا مَكَّنَهُمْ فِيهِ الْحَقُّ سبحانه وتعالى مِنْ أَحْوَالِ الْمَحَبَّةِ وَمَوَاجِيدِهَا، وَآثَارِ الْمَعْرِفَةِ وَتَوْحِيدِهَا، فَهَذِهِ هِيَ التَّوْرِيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا.

فَكَأَنَّهُمْ يُظْهِرُونَ لِلْمُخَاطَبِ: أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَايَاتِ، وَهُمْ فِي أَعْلَى الْمَقَامَاتِ، يَتَكَلَّمُونَ مَعَهُمْ فِي الْبِدَايَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالسُّلُوكِ، وَمَقَامُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَهُمْ مُحِقُّونَ فِي الْحَالَتَيْنِ، لَكِنَّهُمْ يَسْتُرُونَ أَشْرَفَ أَحْوَالِهِمْ وَمَقَامَاتِهِمْ عَنِ النَّاسِ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَهُمْ مَعَ النَّاسِ بِظَوَاهِرِهِمْ، يُخَاطِبُونَهُمْ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ، وَلَا يُخَاطِبُونَهُمْ بِمَا لَا تَصِلُ إِلَيْهِ عُقُولُهُمْ، فَيُنْكِرُونَ عَلَيْهِمْ فَيَحْسَبُهُمُ الْمُخَاطَبُ مِثْلَهُ، فَالنَّاسُ عِنْدَهُمْ وَلَيْسُوا هُمْ عِنْدَ أَحَدٍ.

قَوْلُهُ: " أَشَارُوا إِلَى مَنْزِلٍ، وَهُمْ فِي غَيْرِهِ " يَعْنِي: يُشِيرُونَ إِلَى مَنْزِلِ التَّوْبَةِ، وَالْمُحَاسَبَةِ وَهُمْ فِي مَنْزِلِ الْمَحَبَّةِ، وَالْوَجْدِ، وَالذَّوْقِ وَنَحْوِهَا.

وَقَدْ يُرِيدُ: أَنَّهُمْ يُشِيرُونَ إِلَى أَنَّهُمْ عَامَّةٌ، وَهُمْ خَاصَّةُ الْخَاصَّةِ، وَإِلَى أَنَّهُمْ جُهَّالٌ، وَهُمُ الْعَارِفُونَ بِاللَّهِ، وَأَنَّهُمْ مُسِيئُونَ، وَهُمْ مُحْسِنُونَ.

وَعَلَى هَذَا: فَيَكُونُونَ مِنَ الطَّائِفَةِ الْمَلَامَتِيَّةِ، الَّذِينَ يُظْهِرُونَ مَا لَا يُمْدَحُونَ عَلَيْهِ، وَيُسِرُّونَ مَا يَحْمَدُهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ، عَكْسُ الْمُرَائِينَ الْمُنَافِقِينَ، وَهَؤُلَاءِ طَائِفَةٌ مَعْرُوفَةٌ. لَهُمْ طَرِيقَةٌ مَعْرُوفَةٌ، تُسَمَّى طَرِيقَةَ أَهْلِ الْمَلَامَةِ وَهُمُ الطَّائِفَةُ الْمَلَامَتِيَّةُ يَزْعُمُونَ: أَنَّهُمْ يَحْتَمِلُونَ مَلَامَ النَّاسِ لَهُمْ عَلَى مَا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْأَعْمَالِ. لِيَخْلُصَ لَهُمْ مَا يُبْطِنُونَهُ مِنَ الْأَحْوَالِ. وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54]

ص: 168

فَهُمْ عَامِلُونَ عَلَى إِسْقَاطِ جَاهِهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ فِي قُلُوبِ النَّاسِ. لَمَّا رَأَوُا الْمُغْتَرِّينَ - الْمُغْتَرَّ بِهِمْ - مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّلُوكِ يَعْمَلُونَ عَلَى تَزْكِيَةِ نُفُوسِهِمْ، وَتَوْفِيرِ جَاهِهِمْ فِي قُلُوبِ النَّاسِ. فَعَاكَسَهُمْ هَؤُلَاءِ وَأَظْهَرُوا بَطَالَةً وَأَبْطَنُوا أَعْمَالًا. وَكَتَمُوا أَحْوَالَهُمْ جُهْدَهُمْ. وَيَنْشُدُونَ فِي هَذِهِ الْحَالِ:

فَلَيْتَكَ تَحْلُو وَالْحَيَاةُ مَرِيرَةُ

وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالْأَنَامُ غِضَابُ

وَلَيْتَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ عَامِرٌ

وَبَيْنِي وَبَيْنَ الْعَالَمِينَ خَرَابُ

إِذَا صَحَّ مِنْكَ الْوُدُّ يَا غَايَةَ الْمُنَى

فَكُلُّ الَّذِي فَوْقَ التُّرَابِ تُرَابُ

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: كَانَ عِيسَى عليه السلام يَقُولُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلْيَدْهِنْ لِحْيَتَهُ وَيَمْسَحْ شَفَتَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ، فَيَقُولُونَ: لَيْسَ بِصَائِمٍ.

وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: التَّصَوُّفُ تَرْكُ الدَّعَاوَى، وَكِتْمَانُ الْمَعَانِي، وَسُئِلَ الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ عَنْ عَلَامَاتِ الصَّادِقِ؟ فَقَالَ: أَنْ لَا يُبَالِيَ أَنْ يُخْرِجَ كُلَّ قَدْرٍ لَهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ مِنْ أَجْلِ صَلَاحِ قَلْبِهِ، وَلَا يُحِبُّ اطِّلَاعَ النَّاسِ عَلَى الْيَسِيرِ مِنْ عَمَلِهِ.

وَهَذَا يُحْمَدُ فِي حَالٍ، وَيُذَمُّ فِي حَالٍ، وَيَحْسُنُ مِنْ رَجُلٍ وَيَقْبُحُ مِنْ آخَرَ، فَيُحْمَدُ إِذَا أَظْهَرَ مَا يَجُوزُ إِظْهَارُهُ، وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا ذَمَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ لِيَكْتُمَ بِهِ حَالَهُ وَعَمَلَهُ، كَمَا إِذَا أَظْهَرَ الْغِنَى وَكَتَمَ الْفَقْرَ وَالْفَاقَةَ، وَأَظْهَرَ الصِّحَّةَ وَكَتَمَ الْمَرَضَ، وَأَظْهَرَ النِّعْمَةَ وَكَتَمَ الْبَلِيَّةَ.

فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ كُنُوزِ السِّتْرِ، وَلَهُ فِي الْقَلْبِ تَأْثِيرٌ عَجِيبٌ يَعْرِفُهُ مَنْ ذَاقَهُ، وَشَكَا رَجُلٌ إِلَى الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ شَكَاةً فَقَالَ: يَا ابْنِ أَخِي قَدْ ذَهَبَ ضَوْءُ بَصَرِي مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحْدًا.

وَأَمَّا الْحَالُ الَّتِي يُذَمُّ فِيهَا: فَأَنْ يُظْهِرَ مَا لَا يَجُوزُ إِظْهَارُهُ، لِيُسِيءَ بِهِ النَّاسُ الظَّنَّ، فَلَا يُعَظِّمُوهُ كَمَا يُذْكَرُ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ دَخَلَ الْحَمَّامَ، ثُمَّ خَرَجَ وَسَرَقَ ثِيَابَ رَجُلٍ، وَمَشَى رُوَيْدًا حَتَّى أَدْرَكُوهُ، فَأَخَذُوهَا مِنْهُ وَسَبُّوهُ فَهَذَا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ تَعَاطِيهِ، وَيَقْبُحُ أَيْضًا مِنَ الْمَتْبُوعِ الْمُقْتَدَى بِهِ ذَلِكَ، بَلْ وَمَا هُوَ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يُغِرُّ النَّاسَ، وَيُوقِعُهُمْ فِي التَّأَسِّي بِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ سُوءٍ.

ص: 169

فَالْمَلَامَتِيَّةُ نَوْعَانِ: مَمْدُوحُونَ أَبْرَارٌ، وَمَذْمُومُونَ جُهَّالٌ. وَإِنْ كَانُوا فِي خِفَارَةِ صِدْقِهِمْ.

فَالْأَوَّلُونَ: الَّذِينَ لَا يُبَالُونَ بِلَوْمِ اللَّوْمِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ:{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [المائدة: 54] فَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ: مَنْ لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ..

وَالنَّوْعُ الثَّانِي الْمَذْمُومُ: هُوَ الَّذِي يُظْهِرُ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ. لِيَكْتُمَ بِذَلِكَ حَالَهُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» .

فَلْنَرْجِعْ إِلَى شَرْحِ كَلَامِ الشَّيْخِ.

قَوْلُهُ: أَشَارُوا إِلَى مَنْزِلٍ. وَهُمْ فِي غَيْرِهِ.

مِثَالُهُ: أَنَّهُمْ يَتَكَلَّمُونَ فِي التَّوْبَةِ وَالْمُحَاسَبَةِ وَهُمْ فِي مَنْزِلِ الْمَحَبَّةِ وَالْفَنَاءِ.

قَوْلُهُ " وَوَرُّوا بِأَمْرٍ. وَهُمْ لِغَيْرِهِ " التَّوْرِيَةُ: أَنْ يَذْكُرَ لَفْظًا يَفْهَمُ بِهِ الْمُخَاطَبُ مَعْنًى، وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهُ، مِثَالُهُ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ: أَنَا غَنِيٌّ. فَيُوهِمُ الْمُخَاطَبَ لَهُ أَنَّهُ غَنِيٌّ بِالشَّيْءِ. وَمُرَادُهُ: غَنِيٌّ بِاللَّهِ عَنْهُ. كَمَا قِيلَ:

غَنِيتُ بِلَا مَالٍ عَنِ النَّاسِ كُلِّهِمْ

وَإِنَّ الْغِنَى الْعَالِي عَنِ الشَّيْءِ لَا بِهِ

وَأَنْ يَقُولَ: مَا صَحَّ لِي مَقَامُ التَّوْبَةِ بَعْدُ. وَيُرِيدُ: مَا صَحَّتْ لِيَ التَّوْبَةُ عَنْ رُؤْيَةِ التَّوْبَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ " وَنَادَوْا عَلَى شَأْنٍ. وَهُمْ عَلَى غَيْرِهِ " أَيْ: عَظَّمُوا شَأْنًا مِنْ شِئُونِ الْقَوْمِ، وَدَعُوا النَّاسَ إِلَيْهِ، وَهُمْ فِي أَعْلَى مِنْهُ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: " فَهُمْ بَيْنَ غَيْرَةٍ عَلَيْهِمْ تَسْتُرُهُمْ " أَيْ: يَغَارُ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ، فَيَسْتُرُهُمْ عَنِ الْخَلْقِ، وَيَغَارُونَ عَلَى أَحْوَالِهِمْ وَمَقَامَاتِهِمْ، فَيَسْتُرُونَ أَحْوَالَهُمْ عَنْ رُؤْيَةِ الْخَلْقِ لَهَا، كَمَا قِيلَ:

ص: 170

أَلِفَ الْخُمُولَ صِيَانَةً وَتَسَتُّرًا

فَكَأَنَّمَا تَعْرِيفَهُ أَنْ يُنْكَرَا

وَكَأَنَّهُ كَلِفُ الْفُؤَادِ بِنَفْسِهِ

فَحَمَتْهُ غَيْرَتُهُ عَلَيْهَا أَنْ تَرَى

قَوْلُهُ: وَأَدَبٌ فِيهِمْ يَصُونُهُمْ، بِهَذَا يَتِمُّ أَمْرُهُمْ،

وَهُوَ أَنْ يَقُومَ بِهِمْ أَدَبٌ يَصُونُهُمْ عَنْ ظَنِّ السَّوْءِ بِهِمْ، وَيَصُونُهُمْ عَنْ دَنَاءَةِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ، فَأَدَبُهُمْ صِوَانٌ عَلَى أَحْوَالِهِمْ، فَهِمَّتُهُ الْعَلِيَّةُ تَرْتَفِعُ بِهِ، وَأَدَبُهُ يَرْسُو بِهِ إِلَى التُّرَابِ، كَمَا قِيلَ:

أَبْلَجُ سَهْلُ الْأَخْلَاقِ مُمْتَنِعٌ

يُبْرِزُهُ الدَّهْرُ وَهْوَ يَحْتَجِبُ

إِذَا تَرَقَّتْ بِهِ عَزَائِمُهُ

إِلَى الثُّرَيَّا رَسَا بِهِ الْأَدَبُ

فَأَدَبُ الْمُرِيدِ وَالسَّالِكِ: صِوَانٌ لَهُ، وَتَاجٌ عَلَى رَأْسِهِ.

قَوْلُهُ: " وَظَرْفٌ يُهَذِّبُهُمْ " التَّهْذِيبُ: هُوَ التَّأْدِيبُ وَالتَّصْفِيَةُ. وَ " الظَّرْفُ " فِي هَذِهِ الطَّائِفَةِ: أَحْلَى مِنْ كُلِّ حُلْوٍ. وَأَزْيَنُ مِنْ كُلِّ زَيْنٍ. فَمَا قُرِنَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْ ظَرْفٍ إِلَى صِدْقٍ وَإِخْلَاصٍ، وَسِرٍّ مَعَ اللَّهِ وَجَمْعِيَّةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ مَنْ عُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ تَضِيقُ نَفْسُهُ وَأَخْلَاقُهُ عَنْ سِوَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ، فَتَثْقُلُ وَطْأَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ وَجَلِيسِهِ، وَيَضْمَنُ عَلَيْهِ بِبِشْرِهِ، وَالتَّبَسُّطِ إِلَيْهِ، وَلِينِ الْجَانِبِ لَهُ. وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَعْذُورٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بِمَشْكُورٍ، فَإِنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ أَغْيَارٌ، إِلَّا مَنْ أَعَانَكَ عَلَى شَأْنِكَ وَسَاعَدَكَ عَلَى مَطْلُوبِكَ.

فَإِذَا تَمَكَّنَ الْعَبْدُ فِي حَالِهِ وَصَارَ لَهُ إِقْبَالٌ عَلَى اللَّهِ وَجَمْعِيَّةٌ عَلَيْهِ مَلَكَةً وَمَقَامًا رَاسِخًا أَنِسَ بِالْخَلْقِ وَأَنِسُوا بِهِ، وَانْبَسَطَ إِلَيْهِمْ وَحَمَلَهُمْ عَلَى ضَلَعِهِمْ وَبُطْءِ سَيْرِهِمْ، فَعَكَفَتِ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ لِلُطْفِهِ وَظَرْفِهِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَنْفِرُونَ مِنَ الْكَثِيفِ وَلَوْ بَلَغَ فِي الدِّينِ مَا بَلَغَ، وَلِلَّهِ مَا يَجْلِبُ اللُّطْفُ وَالظَّرْفُ مِنَ الْقُلُوبِ، وَيَدْفَعُ عَنْ صَاحِبِهِ مِنَ الشَّرِّ، وَيُسَهِّلُ لَهُ مَا تَوَعَّرَ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَيْسَ الثُّقَلَاءُ بِخَوَاصِّ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَا ثَقُلَ أَحَدٌ عَلَى قُلُوبِ الصَّادِقِينَ الْمُخْلِصِينَ إِلَّا مِنْ آفَةٍ هُنَاكَ، وَإِلَّا فَهَذِهِ الطَّرِيقُ تَكْسُو الْعَبْدَ حَلَاوَةً وَلَطَافَةً وَظَرْفًا، فَتَرَى الصَّادِقَ فِيهَا مِنْ أَحْلَى النَّاسِ وَأَلْطَفِهِمْ وَأَظْرَفِهِمْ، قَدْ زَالَتْ عَنْهُ ثَقَالَةُ النَّفْسِ وَكُدُورَةُ الطَّبْعِ، وَصَارَ رُوحَانِيًّا سَمَائِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ حَيَوَانِيًّا أَرْضِيًّا، فَتَرَاهُ أَكْرَمَ النَّاسِ عِشْرَةً، وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً، وَأَلْطَفَهُمْ قَلْبًا وَرُوحًا، وَهَذِهِ خَاصَّةُ الْمَحَبَّةِ، فَإِنَّهَا تَلْطُفُ وَتَظْرُفُ وَتَنْظُفُ.

وَمِنْ ظَرْفِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ: أَنْ لَا يَظْهَرَ أَحَدُهُمْ عَلَى جَلِيسِهِ بِحَالٍ وَلَا مَقَامٍ.

ص: 171