المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الدرجة الثانية معرفة الذات] - مدارج السالكين - ط الكتاب العربي - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْهِمَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْهِمَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هِمَّةٌ تَصُونُ الْقَلْبَ عَنْ وَحْشَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْفَانِي]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هِمَّةٌ تُورِثُ أَنَفَةً مِنَ الْمُبَالَاةِ بِالْعِلَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هِمَّةٌ تَتَصَاعَدُ عَنِ الْأَحْوَالِ وَالْمُعَامَلَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُسُومٌ وَحُدُودٌ قِيلَتْ فِي الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فصل أسباب المحبة]

- ‌[فَصْلٌ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ تَعَلُّقُ الْقَلْبِ بَيْنَ الْهِمَّةِ وَالْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ أَوَّلُ أَوْدِيَةِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا دُونَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الْمَقَامَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَحَبَّةُ هِيَ سِمَةُ الطَّائِفَةِ وَعُنْوَانُ الطَّرِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَحَبَّةٌ تَقْطَعُ الْوَسَاوِسَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُ عَلَى إِيثَارِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَحَبَّةٌ خَاطِفَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ مَدَارُ شَأْنِ السَّالِكِينَ الْمُسَافِرِينَ إِلَى اللَّهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الثَّالِثَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَيْرَةُ سُقُوطُ الِاحْتِمَالِ ضَنًّا وَالضِّيقُ عَنِ الصَّبْرِ نَفَاسَةً]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْغَيْرَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْرَةُ الْعَابِدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرَةُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْرَةُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الشَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمَحَبَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ يُرَادُ بِهِ حَرَكَةُ الْقَلْبِ وَاهْتِيَاجُه لِلِقَاءِ الْمَحْبُوبِ]

- ‌[فَصْلٌ الشَّوْقُ هُبُوبُ الْقَلْبِ إِلَى غَائِبٍ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الشَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى شَوْقُ الْعَابِدِ إِلَى الْجَنَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ شَوْقٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الشَّوْقُ الْخَالِصُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَلَقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْقَلَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْقَلَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ قَلَقٌ يُغَالِبُ الْعَقْلَ وَيُخَلِّي السَّمْعَ وَيُطَاوِلُ الطَّاقَةَ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ قَلَقٌ لَا يَرْحَمُ أَبَدًا وَلَا يَقْبَلُ أَمَدًا وَلَا يُبْقِي أَحَدًا]

- ‌[فَصْلٌ الْعَطَشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْعَطَشِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْعَطَشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى عَطَشُ الْمُرِيدِ إِلَى شَاهِدٍ يَرْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ عَطَشُ السَّالِكِ إِلَى أَجَلٍ يَطْوِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ عَطَشُ الْمُحِبِّ إِلَى جَلْوَةٍ مَا دُونَهَا سَحَابُ عَلَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَجْدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْوَجْدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى وَجْدٌ عَارِضٌ يَسْتَفِيقُ لَهُ شَاهَدُ السَّمْعِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ وَجْدٌ تَسْتَفِيقُ لَهُ الرُّوحُ بِلَمْعِ نُورٍ أَزَلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ وَجْدٌ يَخْطِفُ الْعَبْدَ مِنْ يَدِ الْكَوْنَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّهْشُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الدَّهْشِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الدَّهْشِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى دَهْشَةُ الْمُرِيدِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْحَالِ عَلَى عِلْمِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ دَهْشَةُ السَّالِكِ عِنْدَ صَوْلَةِ الْجَمْعِ عَلَى رَسْمِهِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَهْشَةُ الْمُحِبِّ عِنْدَ صَوْلَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى لُطْفِ الْعَطِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَنْزِلَةِ الْهَيَمَانِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْهَيَمَانِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى هَيَمَانٌ فِي شِيَمِ أَوَائِلِ بَرْقِ اللُّطْفِ عِنْدَ قَصْدِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ هَيَمَانٌ فِي تَلَاطُمِ أَمْوَاجِ التَّحْقِيقِ عِنْدَ ظُهُورِ بَرَاهِينِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ هَيَمَانٌ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي عَيْنِ الْقِدَمِ وَمُعَايَنَةِ سُلْطَانِ الْأَزَلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَرْقُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْبَرْقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَرْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْعِدَةِ فِي عَيْنِ الرَّجَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ الْوَعِيدِ فِي عَيْنِ الْحَذَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ بَرْقٌ يَلْمَعُ مِنْ جَانِبِ اللُّطْفِ فِي عَيْنِ الِافْتِقَارِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الذَّوْقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ بَابُ الذَّوْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الذَّوْقُ أَبْقَى مِنَ الْوَجْدِ وَأَجْلَى مِنَ الْبَرْقِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الذَّوْقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى ذَوْقُ التَّصْدِيقِ طَعْمَ الْعِدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ ذَوْقُ الْإِرَادَةِ طَعْمَ الْأُنْسِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ ذَوْقُ الِانْقِطَاعِ طَعْمَ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[حَقِيقَةُ اللَّحْظِ]

- ‌[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُلَاحَظَةُ نُورِ الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُلَاحَظَةُ عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ مَنْزِلَةِ الْوَقْتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوَقْتِ]

- ‌[فَصْلٌ مَعَانِي الْوَقْتِ]

- ‌[الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَقْتُ وَجْدٍ صَادِقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّانِي اسْمٌ لِطَرِيقِ سَالِكٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَعْنَى الثَّالِثِ: الْوَقْتُ الْحَقُّ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الصَّفَاءِ]

- ‌[حَدُّ الصَّفَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الصَّفَاءِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى صَفَاءُ عِلْمٍ يُهَذِّبُ لِسُلُوكِ الطَّرِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ صَفَاءُ حَالٍ يُشَاهَدُ بِهِ شَوَاهِدُ التَّحْقِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ صَفَاءُ اتِّصَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السُّرُورِ]

- ‌[فَصْلٌ ذِكْرُ السُّرُورِ فِي الْقُرْآنِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ السُّرُورِ]

- ‌[دَرَجَاتُ السُّرُورِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى سُرُورُ ذَوْقٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ سُرُورُ شُهُودٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ سُرُورُ سَمَاعِ الْإِجَابَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ السِّرِّ]

- ‌[حَقِيقَةُ السِّرِّ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْحَابُ السِّرِّ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ]

- ‌[الْأُولَى طَائِفَةٌ عَلَتْ هِمَمُهُمْ وَصَفَتْ قُصُودُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِيَةُ طَائِفَةٌ أَشَارُوا عَنْ مَنْزِلٍ وَهُمْ فِي غَيْرِهِ وَوَرُّوا بِأَمْرٍ وَهُمْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثَةُ طَائِفَةٌ أَسَرَهُمُ الْحَقُّ عَنْهُمْ فَأَلَاحَ لَهُمْ لَائِحًا أَذْهَلَهُمْ عَنْ إِدْرَاكِ مَا هُمْ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْزِلَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ النَّفَسِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَنْفَاسُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌[الْأَوَّلُ نَفَسٌ فِي حِينِ اسْتِتَارٍ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي نَفَسٌ فِي حِينِ التَّجَلِّي]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ نَفَسٌ مُطَهَّرٌ بِمَاءِ الْقُدْسِ]

- ‌[فَصْلُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغُرْبَةِ]

- ‌[الْأَوَّلُ غُرْبَةُ أَهْلِ اللَّهِ وَأَهْلِ سُنَةِ رَسُولِهِ بَيْنَ هَذَا الْخَلْقِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي غُرْبَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّالِثُ غُرْبَةٌ مُشْتَرَكَةٌ لَا تُحْمَدُ وَلَا تُذَمُّ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الِاغْتِرَابِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الْغُرْبَةُ عَنِ الْأَوْطَانِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غُرْبَةُ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غُرْبَةُ الْهِمَّةِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَرَقِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَرَقِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَرَقِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْعِلْمِ فِي عَيْنِ الْحَالِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِغْرَاقُ الْإِشَارَةِ فِي الْكَشْفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ اسْتِغْرَاقُ الشَّوَاهِدِ فِي الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْغَيْبَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى غَيْبَةُ الْمُرِيدِ فِي تَخَلُّصِ الْقَصْدِ عَنْ أَيْدِي الْعَلَائِقِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ غَيْبَةُ السَّالِكِ عَنْ رُسُومِ الْعِلْمِ وَعِلَلِ السَّعْيِ وَرُخَصِ الْفُتُورِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ غَيْبَةُ الْعَارِفِ عَنْ عُيُونِ الْأَحْوَالِ وَالشَّوَاهِدِ وَالدَّرَجَاتِ فِي عَيْنِ الْجَمْعِ]

- ‌[فَصْلُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[دَرَجَاتُ التَّمَكُّنِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَمَكُّنُ الْمُرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَمَكُّنُ السَّالِكِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَمَكُّنُ الْعَارِفِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُكَاشَفَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[مَنْ يَنْتَفِعُ بِكَلَامِ اللَّهِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْمُشَاهَدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُشَاهَدَةُ مَعْرِفَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مُشَاهَدَةُ مُعَايَنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مُشَاهَدَةُ جَمْعٍ]

- ‌[فَصْلُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الْمُعَايَنَةِ]

- ‌[فَصْلُ الْحَيَاةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ]

- ‌[الْحَيَاةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الْأُولَى حَيَاةُ الْعِلْمِ مِنْ مَوْتِ الْجَهْلِ وَهِيَ عَشْرُ مَرَاتِبَ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ حَيَاةُ الْجَمْعِ مِنْ مَوْتِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَيَاةُ الثَّالِثَةُ حَيَاةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلُ الْقَبْضِ]

- ‌[فَصْلُ الْبَسْطِ]

- ‌[فَصْلُ السُّكْرِ]

- ‌[حَدُّ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ أَسْبَابُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلٌ عَلَامَاتُ السُّكْرِ]

- ‌[فَصْلُ الصَّحْوِ]

- ‌[فَصْلُ الِاتِّصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلٌ وُجُوهُ الِانْفِصَالِ]

- ‌[فَصْلُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ الْمَعْرِفَةِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مَعْرِفَةُ الصِّفَاتِ وَالنُّعُوتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ مَعْرِفَةٌ مُسْتَغْرِقَةٌ فِي مَحْضِ التَّعْرِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَنَاءُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْفَنَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الْأُولَى فَنَاءُ الْمَعْرِفَةِ فِي الْمَعْرُوفِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ فَنَاءُ شُهُودِ الطَّلَبِ لِإِسْقَاطِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ الْفَنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبَقَاءُ]

- ‌[حَدُّ الْبَقَاءِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْبَقَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ]

- ‌[عَدَمُ مُنَاسَبَةِ اسْمِ الْبَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَقِيقَةُ التَّلْبِيسِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيسُ اسْمٌ لِثَلَاثَةِ مَعَانٍ]

- ‌[الْأَوَّلُ تَلْبِيسُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ بِالْكَوْنِ عَلَى أَهْلِ التَّفْرِقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الثَّانِي تَلْبِيسُ أَهِلَ الْغَيْرَةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ بِإِخْفَائِهَا]

- ‌[الثَّالِثُ تَلْبِيسُ أَهْلِ التَّمْكِينِ عَلَى الْعَالَمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَبْنَى الْبَابِ عَلَى مَحْوِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوُجُودُ]

- ‌[حَقِيقَةُ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ تَكَلَّمَ الْفَلَاسِفَةُ وَالْمُتَكَلِّمُونَ وَالِاتِّحَادِيَّةُ فِي الْوُجُودِ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنِ الصَّوَابِ]

- ‌[فَصْلٌ حَدُّ الْوُجُودِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّجْرِيدُ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ دَرَجَاتُ التَّجْرِيدِ]

- ‌[الدَّرَجَةُ الْأُولَى تَجْرِيدُ عَيْنِ الْكَشْفِ عَنْ كَسْبِ الْيَقِينِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ تَجْرِيدُ عَيْنِ الْجَمْعِ عَنْ دَرْكِ الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ تَجْرِيدُ الْخَلَاصِ مِنْ شُهُودِ التَّجْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّفْرِيدُ]

- ‌[حَدُّ التَّفْرِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَقِّ]

- ‌[تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ بِالْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْرِيدُ الْإِشَارَةِ عَنِ الْحَقِّ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ]

- ‌[حَدُّ الْجَمْعِ]

- ‌[دَرَجَاتُ الْجَمْعِ]

- ‌[الْجَمْعُ غَايَةُ مَقَامَاتِ السَّالِكِينَ]

- ‌[فَصْلٌ نِهَايَةُ السَّالِكِينَ تَكْمِيلُ مَرْتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ صَرْفًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ]

- ‌[التَّوْحِيدُ أَوَّلُ دَعْوَةِ الرُّسُلِ]

- ‌[فَصْلٌ الْإِفْرَادُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الطَّوَائِفِ فِي التَّوْحِيدِ وَتَسْمِيَةُ كُلِّ طَائِفَةٍ بَاطِلَهُمْ تَوْحِيدًا]

- ‌[فَصْلٌ أَنْوَاعُ التَّوْحِيدِ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّوْحِيدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى " قَائِمًا بِالْقِسْطِ]

- ‌[فَصْلٌ مَزَاعِمُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شَهَادَتُهُ سُبْحَانَهُ تَتَضَمَّنُ بَيَانَهُ لِلْعِبَادِ وَدَلَالَتَهُمْ وَتَعْرِيفَهُمْ بِمَا شَهِدَ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاسْتِشْهَادُ عَلَى الرِّسَالَةِ بِشَهَادَةِ اللَّهِ لَهُ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ شَهَادَتِهِ سُبْحَانَهُ مَا أَوْدَعَهُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مِنَ التَّصْدِيقِ الْجَازِمِ بِكَلَامِهِ وَوَحْيِهِ]

- ‌[فَصْلٌ ضِمْنُ الشَّهَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ الشَّاهِدِينَ بِهَا وَتَعْدِيلِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْسِيرُ شَهَادَةِ أُولِي الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْعَامَّةِ الَّذِي يَصِحُّ بِالشَّوَاهِدِ]

- ‌[فَصْلٌ تَوْحِيدُ الْخَاصَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الصُّعُودُ عَنْ مُنَازَعَاتِ الْعُقُولِ حَقٌّ لَا يَتِمُّ التَّوْحِيدُ وَالْإِيمَانُ إِلَّا بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَرْقُ الْإِيمَانِيُّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجَمْعُ الصَّحِيحُ هُوَ جَمْعُ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَجَمْعُ تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّوْحِيدُ الَّذِي اخْتَصَّهُ الْحَقُّ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحَقَّهُ لِقَدْرِهِ]

الفصل: ‌[فصل الدرجة الثانية معرفة الذات]

فَرَّتْ إِلَى إِنْكَارِ حَقَائِقِهَا، وَابْتِغَاءِ تَحْرِيفِهَا، وَسَمَّتْهُ تَأْوِيلًا، فَشَبَّهَتْ أَوَّلًا، وَعَطَّلَتْ ثَانِيًا، وَأَسَاءَتِ الظَّنَّ بِرَبِّهَا وَبِكِتَابِهِ وَبِنَبِيِّهِ وَبِأَتْبَاعِهِ.

أَمَّا إِسَاءَةُ الظَّنِّ بِالرَّبِّ: فَإِنَّهَا عَطَّلَتْ صِفَاتِ كَمَالِهِ، وَنِسْبَتِهِ إِلَى أَنَّهُ أَنْزَلَ كِتَابًا مُشْتَمِلًا عَلَى مَا ظَاهِرُهُ كُفْرٌ وَبَاطِلٌ، وَأَنَّ ظَاهِرَهُ وَحَقَائِقَهُ غَيْرُ مُرَادَةٍ.

وَأَمَّا إِسَاءَةُ ظَنِّهَا بِالرَّسُولِ: فَلِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِذَلِكَ وَقَرَّرَهُ وَأَكَّدَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لِلْأُمَّةِ أَنَّ الْحَقَّ فِي خِلَافِهِ وَتَأْوِيلِهِ.

وَأَمَّا إِسَاءَةُ ظَنِّهَا بِأَتْبَاعِهِ: فَبِنِسْبَتِهِمْ لَهُمْ إِلَى التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَالْجَهْلِ وَالْحَشْوِ، وَهُمْ عِنْدَ أَتْبَاعِهِ أَجْهَلُ مِنْ أَنْ يُكَفِّرُوهُمْ، إِلَّا مَنْ عَانَدَ الرَّسُولَ، وَقَصَدَ نَفْيَ مَا جَاءَ بِهِ، وَالْقَوْمُ عِنْدَهُمْ فِي خِفَارَةِ جَهْلِهِمْ، قَدْ حُجِبَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَإِثْبَاتِ حَقَائِقِ أَسْمَائِهِ، وَأَوْصَافِ كَمَالِهِ.

[فَصْلٌ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ مَعْرِفَةُ الذَّاتِ]

فَصْلٌ

قَالَ: " الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ: مَعْرِفَةُ الذَّاتِ، مَعَ إِسْقَاطِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصِّفَاتِ وَالذَّاتِ، وَهِيَ تَثْبُتُ بِعِلْمِ الْجَمْعِ، وَتَصْفُو فِي مَيْدَانِ الْفَنَاءِ، وَتُسْتَكْمَلُ بِعِلْمِ الْبَقَاءِ، وَتُشَارِفُ عَيْنَ الْجَمْعِ ".

نَشْرَحُ كَلَامَهُ وَمُرَادَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ نُبَيِّنُ مَا لَهُ وَعَلَيْهِ فِيهِ.

فَكَانَتْ هَذِهِ الدَّرَجَةُ عِنْدَهُ أَرْفَعَ مِمَّا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا نَظَرٌ فِي الصِّفَاتِ، وَهَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالذَّاتِ بِالْجَامِعَةِ لِلصِّفَاتِ، وَإِنْ كَانَتِ الذَّاتُ لَا تَخْلُو عَنِ الصِّفَاتِ، فَهِيَ قَائِمَةٌ بِهَا، وَلَا نَقُولُ: إِنَّ صِفَاتِهَا عَيْنُهَا وَلَا غَيْرُهَا، لِمَا فِي لَفْظِ الْغَيْرِ مِنَ الْإِجْمَالِ وَالِاشْتِبَاهِ، فَإِنَّ الْغَيْرَيْنِ قَدْ يُرَادُ بِهِمَا مَا جَازَ افْتِرَاقُهُمَا ذَاتًا أَوْ زَمَانًا، أَوْ مَكَانًا، وَعَلَى هَذَا: فَلَيْسَتِ الصِّفَاتُ مُغَايِرَةً لِلذَّاتِ، وَقَدْ يُرَادُ بِالْغَيْرَيْنِ: مَا جَازَ الْعِلْمُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَيَفْتَرِقَانِ فِي الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ، لَا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، فَالصِّفَاتُ غَيْرُ الذَّاتِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ الشُّعُورُ بِالذَّاتِ حَالَ مَا يُغْفَلُ عَنْ صِفَاتِهَا، فَتَتَجَرَّدُ عَنْ صِفَاتِهَا فِي شُعُورِ الْعَبْدِ، لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

ص: 336

وَقَوْلُهُ " مَعَ إِسْقَاطِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصِّفَاتِ وَالذَّاتِ " التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصِّفَاتِ وَالذَّاتِ فِي الْوُجُودِ مُسْتَحِيلٌ، وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الشُّهُودِ بِأَنْ يَشْهَدَ الصِّفَةَ وَيَذْهَلَ عَنْ شُهُودِ الْمَوْصُوفِ، أَوْ يَشْهَدَ الْمَوْصُوفَ وَيَذْهَلَ عَنْ شُهُودِ الصِّفَةِ، فَتَجْرِيدُ الذَّاتِ أَوِ الصِّفَاتِ إِنَّمَا يُمْكِنُ فِي الذِّهْنِ، فَالْمَعْرِفَةُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ تَعَلَّقَتْ بِالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ جَمِيعًا، فَلَمْ يُفَرِّقِ الْعِلْمُ وَالشُّهُودُ بَيْنَهُمَا، وَلَا رَيْبَ أَنَّ ذَلِكَ أَكْمَلُ مِنْ شُهُودِ مُجَرَّدِ الصِّفَةِ، أَوْ مُجَرَّدِ الذَّاتِ.

وَلَا يُرِيدُ الشَّيْخُ أَنَّكَ تُسْقِطُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ فِي الْخَارِجِ وَالْعِلْمِ.

بِحَيْثُ تَكُونُ الصِّفَاتُ هِيَ نَفْسَ الذَّاتِ، فَهَذَا لَا يَقُولُهُ الشَّيْخُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ الْكَلَامِ يَقُولُونَ: إِنَّ الصِّفَاتِ هِيَ الذَّاتُ، فَلَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّ الذَّاتَ نَفْسَهَا صِفَةٌ، فَهَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنَّ صِفَاتِهَا لَيْسَتْ شَيْئًا غَيْرَهَا.

فَإِنْ أَرَادَ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَفْهُومَ الصِّفَةِ هُوَ مَفْهُومُ الذَّاتِ: فَهَذَا مُكَابَرَةٌ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا أَشْيَاءُ غَيْرُ الذَّاتِ انْضَمَّتْ إِلَيْهَا وَقَامَتْ بِهَا فَهَذَا حَقٌّ.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ صِفَاتِ الرَّبِّ جل جلاله دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ، فَلَيْسَ اسْمُهُ اللَّهُ، وَالرَّبُّ، وَالْإِلَهُ أَسْمَاءً لِذَاتٍ مُجَرَّدَةٍ، لَا صِفَةً لَهَا الْبَتَّةَ، فَإِنَّ هَذِهِ الذَّاتَ الْمُجَرَّدَةِ وُجُودُهَا مُسْتَحِيلٌ، وَإِنَّمَا يَفْرِضُهَا الذِّهْنُ فَرْضَ الْمُمْتَنِعَاتِ، ثُمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهَا، وَاسْمُ " اللَّهِ " سُبْحَانَهُ، " وَالرَّبِّ، وَالْإِلَهِ " - اسْمٌ لِذَاتٍ لَهَا جَمِيعُ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنُعُوتِ الْجَلَالِ، كَالْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ، وَالْحَيَاةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْكَلَامِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالْبَقَاءِ، وَالْقِدَمِ، وَسَائِرِ الْكَمَالِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ لِذَاتِهِ، فَصِفَاتُهُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ، فَتَجْرِيدُ الصِّفَاتِ عَنِ الذَّاتِ، وَالذَّاتِ عَنِ الصِّفَاتِ فَرْضٌ وَخَيَالٌ ذِهْنِيٌّ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَهُوَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةٌ، وَلَا إِيمَانٌ، وَلَا هُوَ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ، وَبِهَذَا أَجَابَ السَّلَفُ الْجَهْمِيَّةَ لَمَّا اسْتَدَلُّوا عَلَى خَلْقِ الْقُرْآنِ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] قَالُوا: وَالْقُرْآنُ شَيْءٌ.

فَأَجَابَهُمُ السَّلَفُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُهُ، وَكَلَامُهُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَاتُهُ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ - كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَيَاتِهِ، وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ - فَلَيْسَ اللَّهُ اسْمًا لِذَاتٍ لَا نَعْتَ لَهَا، وَلَا صِفَةَ، وَلَا فِعْلَ، وَلَا وَجْهَ، وَلَا يَدَيْنِ، ذَلِكَ إِلَهٌ مَعْدُومٌ مَفْرُوضٌ فِي الْأَذْهَانِ، لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْأَعِيَانِ، كَإِلَهِ الْجَهْمِيَّةِ، الَّذِي فَرَضُوهُ غَيْرِ خَارِجٍ عَنِ الْعَالَمِ وَلَا دَاخِلٍ فِيهِ، وَلَا مُتَّصِلٍ بِهِ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْهُ، وَلَا مُحَايِثٍ لَهُ وَلَا مُبَايِنٍ، وَكَإِلَهِ الْفَلَاسِفَةِ

ص: 337

الَّذِي فَرَضُوهُ وُجُودًا مُطْلَقًا لَا يَتَخَصَّصُ بِصِفَةٍ وَلَا نَعْتٍ، وَلَا لَهُ مَشِيئَةٌ وَلَا قُدْرَةٌ، وَلَا إِرَادَةٌ وَلَا كَلَامٌ، وَكَإِلَهِ الِاتِّحَادِيَّةِ الَّذِي فَرَضُوهُ وُجُودًا سَارِيًا فِي الْمَوْجُودَاتِ ظَاهِرًا فِيهَا، هُوَ عَيْنُ وُجُودِهَا، وَكَإِلَهِ النَّصَارَى الَّذِي فَرَضُوهُ قَدِ اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَوَلَدًا، وَتَدَرَّعَ بِنَاسُوتِ وَلَدِهِ، وَاتَّخَذَ مِنْهُ حِجَابًا، فَكُلُّ هَذِهِ الْآلِهَةِ مِمَّا عَمِلَتْهُ أَيْدِي أَفْكَارِهَا، وَإِلَهُ الْعَالَمِينَ الْحَقُّ: هُوَ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ وَعَرَّفُوهُ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ، مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ، لَا مِثَالَ لَهُ، وَلَا شَرِيكَ، وَلَا ظَهِيرَ، وَلَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] غَنِيٌ بِذَاتِهِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ بِذَاتِهِ.

قَوْلُهُ " وَهِيَ تَثْبُتُ بِعِلْمِ الْجَمْعِ، وَتَصْفُو فِي مَيْدَانِ الْفَنَاءِ " يَعْنِي: أَنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ الْخَاصَّةَ تَثْبُتُ بِعِلْمِ الْجَمْعِ، وَلَمْ يَقُلْ بِحَالِ الْجَمْعِ، وَلَا بِعَيْنِهِ، وَلَا مَقَامِهِ فَإِنَّ عِلْمَهُ أَوَّلًا: هُوَ سَبَبُ ثُبُوتِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْعِلْمِ، فَهُوَ شَرْطٌ فِيهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَمْعِ عَنْ قَرِيبٍ.

فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ انْفِرَادَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ بِالْأَزَلِ وَالْبَقَاءِ وَالْفِعْلِ، وَعَجَزَ مَنْ سِوَاهُ عَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى إِيجَادِ ذَرَّةٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْ ذَرَّةٍ، وَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ، فَوُجُودُهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا بِهِ وَلَا مِنْهُ، وَتَوَالِى هَذَا الْعِلْمِ عَنِ الْقَلْبِ يُسْقِطُ ذِكْرَ غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ عَنِ الْبَالِ وَالذِّكْرِ، كَمَا سَقَطَ غِنَاهُ وَرُبُوبِيَّتُهُ وَمُلْكُهُ وَقُدْرَتُهُ، فَصَارَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَحْدَهُ هُوَ الْمَعْبُودَ وَالْمَشْهُودَ وَالْمَذْكُورَ، كَمَا كَانَ وَحْدَهُ هُوَ الْخَالِقَ الْمَالِكَ، الْغَنِيَّ الْمَوْجُودَ بِنَفْسِهِ أَزَلًا وَأَبَدًا، وَأَمَّا مَا سِوَاهُ فَوُجُودُهُ - وَتَوَابِعُ وَجُودِهِ - عَارِيَةٌ لَيْسَتْ لَهُ، وَكُلَّمَا فَنِيَ الْعَبْدُ عَنْ ذِكْرِ غَيْرِهِ وَشُهُودِهِ صَفَتْ هَذِهِ الْمَعْرِفَةُ فِي قَلْبِهِ، فَلِهَذَا قَالَ:" وَتَصْفُو فِي مَيْدَانِ الْفَنَاءِ " اسْتَعَارَ الشَّيْخُ لِلْفَنَاءِ مَيْدَانًا وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ لِاتِّسَاعِ مَجَالِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدِ انْقَطَعَ الْتِفَاتُهُ إِلَى ضِيقِ الْأَغْيَارِ، وَانْجَذَبَتْ رُوحُهُ وَقَلْبُهُ إِلَى الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، فَهِيَ تَجُولُ فِي مَيْدَانٍ أَوْسَعَ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَسْجُونَةً فِي سُجُونِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ لَهُ عُكُوفُ قَلَبِهِ عَلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ، وَنَظَرُ قَلْبِهِ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَرُؤْيَةُ تَفَرُّدِهِ بِالْخَلْقِ وَالْأَمْرِ، وَالنَّفْعِ وَالضُّرِّ، وَالْعَطَاءِ وَالْمَنْعِ - كَمُلَتْ وَتَمَّتْ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ مَعْرِفَتُهُ، وَاسْتُكْمِلَتْ بِهَذَا الْبَقَاءِ الَّذِي أَوْصَلَهُ إِلَيْهِ الْفَنَاءُ، وَشَارَفَتْ عَيْنُ الْجَمْعِ بَعْدَ عِلْمِهِ، فَغَابَ الْعَارِفُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ بِمَعْرُوفِهِ، وَعَنْ ذِكْرِهِ بِمَذْكُورِهِ، وَعَنْ مَحَبَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ بِمُرَادِهِ وَمَحْبُوبِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ:

ص: 338

" وَتُسْتَكْمَلُ بِعِلْمِ الْبَقَاءِ، وَتُشَارِفُ عَيْنَ الْجَمْعِ ".

وَلِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ، أَشَارَ إِلَيْهَا الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: إِرْسَالُ الصِّفَاتِ عَلَى الشَّوَاهِدِ، وَإِرْسَالُ الْوَسَائِطِ عَلَى الْمَدَارِجِ، وَإِرْسَالُ الْعِبَارَاتِ عَلَى الْمَعَالِمِ.

شَوَاهِدُ الصِّفَاتِ هِيَ الَّتِي تَشْهَدُ بِهَا، وَتَدُلُّ عَلَيْهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَشَهَادَةِ الْعَقْلِ وَالْفِكْرَةِ وَآثَارِ الصَّنْعَةِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ الْعَبْدُ فِي التَّوْحِيدِ عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ صِفَاتِ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، لَمْ يَعْرِفْهَا الْعَبْدُ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَا بِغَيْرِ تَعْرِيفِ الْحَقِّ لَهُ، بِمَا أَجْرَاهُ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الشَّوَاهِدِ، وَالِانْتِقَالِ مِنْهَا إِلَى الْمَشْهُودِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الَّذِي شَهِدَ لِنَفْسِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، إِذْ تِلْكَ الشَّوَاهِدُ مَصْدَرُهُا مِنْهُ، فَشَهِدَ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، بِمَا قَالَهُ وَفَعَلَهُ وَجَعَلَهُ شَاهِدًا لِمَعْرِفَتِهِ، فَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالْعَبْدُ آلَةٌ مَحْضَةٌ، وَمُنْفَعَلٌ وَمُحَلٌّ لِجَرَيَانِ الشَّوَاهِدِ، وَآثَارِهَا وَأَحْكَامِهَا عَلَيْهِ، لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَهَذَا مَعْنَى إِرْسَالِ الصِّفَاتِ عَلَى الشَّوَاهِدِ فَإِذَا أَرْسَلَهَا عَلَيْهَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْحُكْمَ لِلصِّفَاتِ دُونَ الشَّوَاهِدِ، بَلِ الشَّوَاهِدُ هِيَ آثَارُ الصِّفَاتِ، فَهَذَا وَجْهٌ.

وَوَجْهٌ ثَانٍ، أَيْضًا وَهُوَ: أَنَّ الشَّوَاهِدَ بَوَارِقٌ وَتَجَلِّيَاتٌ تَبْدُو لِلشَّاهِدِ، فَإِذَا أَرْسَلَ الصِّفَاتِ عَلَى تِلْكَ الشَّوَاهِدِ تَوَارَى حُكْمُ تِلْكَ الْبَوَارِقِ وَالتَّجَلِّيَّاتِ فِي الصِّفَاتِ، وَكَانَ الْحُكْمُ لِلصِّفَاتِ، فَحِينَئِذٍ يَتَرَقَّى الْعَبْدُ إِلَى شُهُودِ الذَّاتِ شُهُودًا عِلْمِيًا عِرْفَانِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ " وَإِرْسَالُ الْوَسَائِطِ عَلَى الْمَدَارِجِ "" الْوَسَائِطُ ": هِيَ الْأَسْبَابُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ الَّتِي بِهَا تَظْهَرُ الْمَعْرِفَةُ وَتَوَابِعُهَا، " وَالْمَدَارِجُ ": هِيَ الْمَنَازِلُ وَالْمَقَامَاتُ الَّتِي يَتَرَقَّى الْعَبْدُ فِيهَا إِلَى الْمَقْصُودِ، وَقَدْ تَكُونُ الْمَدَارِجُ الطُّرُقَ الَّتِي يَسْلُكُهَا إِلَيْهِ وَيُدْرَجُ فِيهَا، فَإِرْسَالُ الْوَسَائِطِ الَّتِي مِنَ الرَّبِّ عَلَى الْمَدَارِجِ الَّتِي هِيَ مَنَازِلُ السَّيْرِ وَطُرُقُهُ تُوجِبُ كَوْنَ الحُكْمِ لَهَا دُونَ الْمَدَارِجِ، فَيَغِيبُ عَنْ شُهُودِ الْمَدَارِجِ بِالْوَسَائِطِ، وَقَدْ غَابَ عَنْ شُهُودِ الْوَسَائِطِ بِالصِّفَاتِ، فَيَتَرَقَّى حِينَئِذٍ إِلَى شُهُودِ الذَّاتِ.

وَحَقِيقَةُ الْأَمْرِ: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الرَّبَّ سُبْحَانَهُ مَا أَطْلَعَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ إِلَّا بِشَوَاهِدَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَبِوَسَائِطَ لَيْسَتْ مِنَ الْعَبْدِ، فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى قَبْضِ تِلْكَ الشَّوَاهِدِ وَالْوَسَائِطِ، وَعَلَى إِجْرَائِهَا عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لَهُ، وَتِلْكَ الْوَسَائِطُ لَا تُوجِبُ بِنَفْسِهَا شَيْئًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ:{وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا - إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [الإسراء: 86 - 87]

ص: 339

وَقَالَ لِلْأُمَّةِ عَلَى لِسَانِهِ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: 46] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: 16] وَيَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّبُّ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مِنْ شَوَاهِدِ مَعْرِفَتِهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ: هِيَ مَعَالِمُ يَهْتَدِي بِهَا عِبَادُهُ إِلَيْهِ، وَيَعْرِفُونَ بِهَا كَمَالَهُ وَجَلَالَهُ وَعَظَمَتَهُ، فَإِذَا تَيَقَّنُوا صِدْقَهُ وَلَمْ يَشُكُّوا فِيهِ، وَتَفَطَّنُوا لِآثَارِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي سِوَاهُمُ؛ انْضَمَّ شَاهِدُ الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ إِلَى شَاهِدِ الْوَحْيِ وَالشَّرْعِ، فَانْتَقَلُوا حِينَئِذٍ مِنَ الْخَبَرِ إِلَى الْعِيَانِ، فَالْعِبَارَاتُ مَعَالِمُ عَلَى الْحَقَائِقِ الْمَطْلُوبَةِ، وَالْمَعَالِمُ هِيَ الْأَمَارَاتُ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا الْمَطْلُوبُ، فَإِذَا أَوْصَلَ الْعَارِفُ كُلَّ مَعْنًى مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى مَقْصُودِهِ، وَصَرَفَ هِمَّتَهُ إِلَى مُجْرِيهِ وَنَاصِبِهِ وَمَصْدَرِهِ؛ اجْتَمَعَ هَمُّهُ عَلَيْهِ، وَتَمَكَّنَ فِي مَعْرِفَةِ الذَّاتِ الَّتِي لَهَا صِفَاتُ الْكَمَالِ، وَنُعُوتُ الْجَلَالِ.

وَمَقْصُودُهُ: أَنْ يُبَيِّنَ فِي هَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ حَالَ صَاحِبِ مَعْرِفَةِ الذَّاتِ، وَكَيْفَ تَتَرَتَّبُ الْأَشْيَاءُ فِي نَظَرِهِ، وَيَتَرَقَّى فِيهَا إِلَى الْمَقْصُودِ؟

مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ الشَّوَاهِدَ أَرْسَلَتْهُ إِلَى الصِّفَاتِ بِإِرْسَالِهَا عَلَيْهَا، فَانْتَقَلَ مِنْ مُشَاهَدَتِهَا إِلَى مُشَاهَدَةِ الصِّفَاتِ، وَالْوَسَائِطُ الَّتِي كَانَ يَرَاهَا آيَةً عَلَى الْمَدَارِجِ، انْتَقَلَ فَانْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى الْمَدَارِجِ وَلَمْ يَلْقَهَا، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمَا هِيَ آيَةٌ لَهُ، وَالْعِبَارَاتُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ أَلْفَاظًا خَارِجَةً عَنِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ صَارَتْ أَمَارَاتٍ تَوَصِّلُهُ إِلَى الْحَقِيقَةِ الْمُعَبِّرِ عَنْهَا، فَبِهَذِهِ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ يَصِيرُ بِهَا مِنْ أَهْلِ مَعْرِفَةِ الذَّاتِ عِنْدَهُ.

قَوْلُهُ " وَهَذِهِ مَعْرِفَةُ الْخَاصَّةِ الَّتِي تُؤْنَسُ مِنْ أُفُقِ الْحَقِيقَةِ " أَيْ تُدْرَكُ وَتُحَسُّ مِنْ نَاحِيَةِ الْحَقِيقَةِ، وَ " الْإِينَاسُ " الْإِدْرَاكُ وَالْإِحْسَاسُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] وَقَالَ مُوسَى: {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} [طه: 10] وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الْعَارِفَ إِذَا عَلَّقَ هَمَّهُ بِأُفُقِ الْحَقِيقَةِ، وَأَعْرَضَ عَنِ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِطِ - لَا إِعْرَاضَ جُحُودٍ وَإِنْكَارٍ، بَلْ إِعْرَاضَ اشْتِغَالٍ، وَنَظَرٍ إِلَى عَيْنِ الْمَقْصُودِ - أَوْصَلَهُ ذَلِكَ إِلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ الْجَامِعَةِ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

ص: 340