الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَحِيحِهِ وَقَالَ: هُوَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الشَّيْخَ اسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي بَابِ اللَّحْظِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْجَبَلِ حِينَ تَجَلَّى لَهُ رَبُّهُ. فَرَأَى أَثَرَ التَّجَلِّي فِي الْجَبَلِ دَكًّا. فَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا.
قَالَ الشَّيْخُ: " اللَّحْظُ: لَمْحٌمُسْتَرِقٌ " الصَّوَابُ قِرَاءَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى الصِّفَةِ بِالتَّخْفِيفِ. فَوَصَفَ اللَّمْحَ بِأَنَّهُمُسْتَرِقٌ كَمَا يُقَالُ: سَارَقْتُهُ النَّظَرَ. وَهُوَ لَمْحٌ بِخُفْيَةٍ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ الْمَلْمُوحُ.
وَلِهَذَاالِاسْتِرَاقِ أَسْبَابٌ. مِنْهَا: تَعْظِيمُ الْمَلْمُوحِ وَإِجْلَالُهُ. فَالنَّاظِرُيُسَارِقُهُ النَّظَرَ. وَلَا يُحِدُّ نَظَرَهُ إِلَيْهِ إِجْلَالًا لَهُ. كَمَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ إِجْلَالًا لَهُ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ. وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ لَكُمْ لَمَا قَدَرْتُ. لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ.
وَمِنْهَا: خَوْفُ اللَّامِحِ سَطْوَتَهُ. وَمِنْهَا مَحَبَّتُهُ. وَمِنْهَا الْحَيَاءُ مِنْهُ. وَمِنْهَا ضَعْفُ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ عَنِ التَّحْدِيقِ فِيهِ. وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ السَّبَبُ الْغَالِبُ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تُقْرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ. أَيْ نَظَرًا يَسْتَرِقُّ صَاحِبَهُ. أَيْ يَأْسِرُ قَلْبَهُ وَيَجْعَلُهُ رَقِيقًا - أَيْ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِلْمَنْظُورِ إِلَيْهِ - لِمَا شَاهَدَ مِنْ جَمَالِهِ وَكَمَالِهِ، فَاسْتَرَقَّ قَلْبَهُ. فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِقِّهِ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ وُقُوعِ لَحْظِهِ عَلَيْهِ.
فَهَكَذَا صَاحِبُ هَذِهِ الْحَالِ إِذَا لَاحَظَ بِقَلْبِهِ جَلَالَ الرُّبُوبِيَّةِ. وَكَمَالَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، وَكَمَالَ نُعُوتِهِ، وَمَوَاقِعَ لُطْفِهِ وَفَضْلِهِ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ: اسْتَرَقَّ قَلْبَهُ لَهُ وَصَارَتْ لَهُ عُبُودِيَّةٌ خَاصَّةٌ.
[دَرَجَاتُ اللَّحْظِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا]
قَالَ: وَهُوَ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ. الدَّرَجَةُ الْأُولَى: مُلَاحَظَةُ الْفَضْلِ سَبْقًا. وَهِيَ تَقْطَعُ طَرِيقَ السُّؤَالِ، إِلَّا مَا اسْتَحَقَّتْهُ الرُّبُوبِيَّةُ مِنْ إِظْهَارِ التَّذَلُّلِ لَهَا. وَتُنْبِتُ السُّرُورَ، إِلَّا مَا يَشُوبُهُ مِنْ حَذَرِ الْمَكْرِ. وَتَبْعَثُ عَلَى الشُّكْرِ إِلَّا مَا قَامَ بِهِ الْحَقُّ عز وجل مِنْ حَقِّ الصِّفَةِ.